يعتمد ثبات الموقف الثقافي لأي أمة على قوة ثبات لغتهاوقوتها إذ ان اللغة هي الرافد الثقافي الاول والشريان الحيوي لاية امة والرابط الاجتماعي الأقوى بين مستعمليها والمتحدثين بها، وتبدأ الثقافة في الضعف و ببداية ضعف اللغة وهزالها وتفريط أصحابها فيهاوجهلهم بها ومع استبدال هذه اللغة بغيرها تحدث حالة من التنافر أو ما يمكن تسميته بالشرخ الثقافي بين الثقافة الأصلية صاحبة اللغة الأم، وبين الثقافة الوافدة صاحبة اللغة الجديدة. ولا شك أن اتساع هذا الشرخ يمثل في النهاية تراجعًا وانحطاطًا للثقافة الأولى ويهدد الهوية الثقافية (الفكرية والأدبية والعقدية) لتلك الأمة المهزومة لغويًا.
والمستقرئ لتاريخ الأمم لا يكاد يرى دولة تغلبت على دولة أخرى إلا وكان أول قرار أو مرسوم هو إلغاء استعمال لغة المهزوم واستبدالها بلغة الغالب المحتل كبداية لتحطيم الثوابت وتحويل المواقف والذوبان في ثقافة المستعمر.
واكبر مثال على ذلك هو احتلال العثمانين للوطن العربي حيث عمل على فرض سياسة التتريك ثم جاء الاستعمار الفرنسي الذي عمل على طمس معالم اللغة العربية ومنع تدريسها في المدارس
وقد تضعف اللغة ايضا بسبب الهجرة إلى بلاد تختلف لغتها عن لغة المنشأ.. ورغم أن هذا الاستبدال لم يكن بسبب استعماري وإنما غالبًا بمحض الاختيار الاضطراري لإمكانية المعيشة، إلا أن النتيجة في الحالتين متقاربة، بل تكاد تكون متطابقة. فبعد جيل واحد أو جيلين يكاد يكون المهاجرون العرب قد انفصلوا تمامًا عن لغتهم، وأيضًا ثقافتهم، ولا يكاد يسمع في حديثهم كلمة واحدة من العربية لغة المنشأ.
اضافة الى ما نراه من ارتداء البعض ثوب اللغة حيث اننا نجد العديد ممن لا يتقنون اللغة الانكليزية يعملون على التكلم ببعض الكلمات اخذوها ممن حولهم وجعلوها فيكل مقولة لهم تحت شعار التقدم وضرورة الاتقان
وكثيرا ما نرى من العرب الكثرة الذين يعيشون في الخارج يخجلون من اللغة العربية ويفتخرون بجهلهم بها ومعرفتهم بغيرها، ثم يسعون للزج بالأولاد في مدارس أجنبية لمجاراة العصر ومواكبة الواقع. كما قالت إحداهن: "اللغة العربية لا تمثل حاجة ضرورية لمستقبل أولادي، لكنهم إن تعلموا لغة أجنبية يستطيعوا أن يتأقلموا وأن يعملوا إينما كانوا".
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ان كان راي العربية هكذا فلا عتب على الاستعمار عندما يحارب لغتنا
والنتيجة الطبيعية لهذا الفكر هو أن يخرج إلينا في النهاية جيل ذو ثقافة أجنبية كاملة وعقل غربي، ولسان أعجمي، في بدن وجسد عربي وتبقى لغة الضاد لغة الانتماء فقط لا تعني اية اهمية
من خلال نظرة للمجتمعات المهاجرة أو المغتربة يكاد المرء يلحظ اهتمام كثير من الجاليات بلغاتها الأصلية. فالفرنسيون ـ على سبيل المثال ـ يصرون على تعليم الفرنسية لأطفالهم مهما كانت الظروف، فقضية اللغة مصيرية بالنسبة لهم، وهم لا يفكرون بالتحدث بغير لغتهم الأم داخل الأسرة. إضافة أنهم لا يتوانون عن السعي لإنشاء مدارس خاصة بهم عند عدم توافرها في بلد الإقامة..
حتى انهم في كثير من الاحيان يرفضون التحدث معك بالانكليزية ليس بسبب جهلهم بها انما حفاظا على لغتهم وهذا ما توصلت اليه فعلا فعندما تكون في وسط باريس تجد العديد منالمتعصبين للغتهم الام وهي الفرنسية ويسالونك كونك موجود في الارض الفرنسية لما لاتتكلم بلغتنا ؟
لماذا لا يتخذ العرب ذات الموقف عند اغترابهم لحماية لثقافتهم وصيانة لهويتهم؟!.. لماذا يبقى النفور من التكلم بلغتنا الجميلة.. ومعاملتها على أنها أقل قيمة من الإنجليزية أو الفرنسية مع أنها لغة قومنا وقبل ذلك لغة ديننا وقرآننا؟!
اليس من المحزن ان تجد العرب في الغرب ينفرون من لغتهم وهي لغة القران؟
ام اننا تحت شعار التقدم وتعدد اللغات نسير؟
لا ينكر احد بضرورة اتقان اللغات الاجنبية ولكن اي مكان اللغة العربية؟
موقف غريب يملا بالحسرة قلب كل محبي العربية، ويحتاج إلى إعادة نظر لأمة تريد أن تنبعث من جديد.
تعليق