===========
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دور الكلام البليغ في حياتنا
كليم الله موسى عليه السلام كان فصيح اللسان لكنه كان يقول
أن أخاه هارون أفصح منه لسانا ((وفوق ذوي كل علم عليم)) .
فصاحة موسى عليه السلام تجلت في أكثر من آية:
((وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)
قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)) (84)
وكذلك عندما دعا موسى ربه وأحسن الدعاء:
((قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29
هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33)
وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34)إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى)) (36)
البلاغة في الدعاء
الدعاء كلمات معبرة لكن هناك من الدعاء البليغ
ما يسموا بقلب صاحبه إلى عنان السماء.
ودعاء أبو نواس معروف ويردده كثير من
الناس في الحج وفي غيره:
ادعوك ربي كما أمرت تضرعاً فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد عملت بان عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم
مالي إليك وسيله إلا الرجا وجميل عفوك ثم أني مسلم
وكأن داعي آخر يوجز ما قاله أبو نواس بقوله:
الهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني ،،
ومالي حيلة إلا رجائي وعفوك إن عفوت وحسن ظني
والبعض يدعوا على شاكلته اقصد على "شاكلة لسانه" الذي تعود أن
يردد بعض الكلمات بعينها متأثرا ببيئته أو بمهنته, فيوظفها في أمر آخر
مثل هذا الداعي الذي كان يعمل مدرسا للرياضة وقد دعا يوما فقال:
اللهم اجعلني هدافا للخير, ومهاجما للشر, ومدافعا عن الحق,
وحارسا لكلمتك, وبعيدا عن المراوغين,
ولا تجعلني متسللا على الناس ولا معرقلا لسير الآخرين.
يا رب العالمين.
والمختص في الأرصاد الجوية ربما يميل إلى ترديد الدعاء التالي:
اللهم لا راد لقضائك, ولا سخط على بلائك, أمرت فاطعنا, ابتلت فرضينا,
فأمطرنا غيث إحسانك, وأذقنا برد رحمتك, وألهمنا جميل صبرك,
وثبت قلوبنا على طاعتك, فلا عون إلا بك, ولا ملجأ إلا إليك,
انك ارحم الراحمين واعدل الحاكمين. اللهم آمين
حتى إن بعض كلمات الدعاء ممن أحسن الدعاء
لم تعرف الملائكة كيف تكتبها فرفعت أمرها إلى الله!
الشعر في خدمة قواعد النحو
أما استخدام الشعر في خدمة قواعد النحو فقد كان ذلك بشكل واسع
وكتب العرب القديمة في هذا المجال شاهدة على ذلك.
والفية ابن مالك خير مثل.
الشعر والمجال الصحي
إن الشعر الجيد استخدم حديثا في بعض الشركات
للمساعدة في استرخاء العمال في أماكن العمل في
بريطانيا. فإن الاستماع للكلام البليغ والموزون
له تأثيرات ايجابية على الصحة.
وان بعض الأبيات الشعرية لبعض الشعراء القدامى (الأقدمون)
تغوص في النفس الإنسانية محللة بعض تعقيداتها بشكل
مبسط إلى درجة انك تعتقد أن من كتبها عالم نفس.
وبعض علماء المسلمين قديما استخدموا الشعر لحفظ معلومات طبية
وتوصيلها للناس بشكل منظوم. والأمثلة على ذلك كثيرة.
الشعر في خدمة التجارة
وربما كان العرب أول من تفرد باستخدام الشعر في الإعلام التجاري
(الدعاية) وهذا عندما اشتكى تاجرا من ركود بضاعته. وقصة ذلك أن تاجرا
من العراق جلب كمية كبيرة من خمار النساء وكانت ذات ألوان فباعها كلها
إلا اللون الأسود فلم يبع منه شيئا وكان أكثرها عددا فطلب من الدارمي
أن يعمل له دعاية, فنظم الدارمي الأبيات التالية:
قل للمليحة ذات الخمار الأسود *** ماذا فعلت بالراهب المتعبد
وشاع شعره الدعائي فتقاطرن النساء على محل التاجر من
كل صوب وحدب. فلم تبقى في المدينة حسناء إلا واشترت
خمارا اسود حتى نفذا ما كان مع التاجر.
وبغض النظر عن جواز هذه الطريقة من عدمها فان الشاعر
استطاع أن يوظف بلاغة لسانه في عمل تسويقي مربح.
دور الكلمة البليغة في مجال القضاء والمحاماة
من اختلط بمجتمع القضاء والمحاماة يعرف تأثير
الكلمة البليغة وكيف يتم استخدامها في الخير والشر.
رب بلاغة المحامي خففت حكما ونجت مجرما
ورب بلاغة أخرى أوقعت بريئا تحت حد السيف.
ولمن قرأ تراث العرب وأدبهم لا يمكن أن يجهل أبدا
قيمة البلاغة عندهم وتقديرهم لهذا العلم.
وقصة الشباب الأربعة مع الحجاج الذي أراد
قتلهم ثم عفي عنهم لبلاغة لسانهم معروفة.
دور الكلمة في الإعلام
أما دور الكلمة في الإعلام عامة لا يقل تأثيرا عن سحر الصورة في الإعلام المرئي.
فبالكلام المؤثر صار جل الإعلام المعاصر يجعل من المعروف منكرا ومن المنكر معروفا,
ويقوم بتزيين القبيح وتقبيح الجميل من القول أو الفعل وكل هذا بتوظيف سحر الكلمة.
والشيطان لا يجهل دور البلاغة في تزيين الكذب وجعله يبدو حقيقة ليوسوس به ضحيته:
((فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى)) (120)
وللحديث تتمة ان شاء الله
راجي
تعليق