افتقدتكم كثيرا ولكن علمتني الحياة ان هناك محطات اما ان تعود لها او تعود هي اليك ، وكعادتي السيئة اغيب ثم اعود عندما يشتاق قلمي لسطر احرف وكلمات فلا اجد افضل من اجندة ساندروز تتلقاها وترحب بها دائما كما تعودت منه .
ان ساندروز بالنسبة لي محطة بداية ومحطة راحة ومحطة نقاهة ومحطة استجمام لابد ان اقف عنه يوما من ايامي الفانية لاضع بعض الاسطر التي تخبركم باني مازالت حيا يرزق ومازال الدم يسري بعروقي التي بدأت الشيخوخة تاخذ منها لتخط اسطر الشيب فيها ويظهرها شعر ابيض كثيف يقول يجب ان تبدء في العودة على ماضيك لتمحو اثار لم تكن يوما سوى نزوات او هفوات .
نحمد الله ان منحنا نعمة العقل والدين ونحمده على ان منحنا نعما كثيرة ابسطها الشكر له واعظمها .
عندما تسير بالشارع قد تسرح بعيدا في اي موضوع يخطر ببالك وان تقود سيارتك في الزحام المتراكم جراء التهافت على الحضارة بالمدن والتي اصبحت كمرض السرطان والعياذ بالله يستشري بقلوب وعقول البشر .
لم يعد الناس كما هم الناس الذين نعرفهم من قبل ولم تعد الحياة مثل الحياة السابقة الكل يجري هنا وهناك والكل يبحث عن ضالة له غير معروفة له والكل يلهث دون عطش كلهث الكلب اعز الله وكرم ابن ادم عنه .
واعتذر عن التشبية بلهاث الكلب لاني لم اجد شيئا يشبه لهاث البشر في وقتنا الراهن سواه ، نعم حقيقة فالكلب يلهث ويفتح فاهه ويمد لسانه ليس عطشا بل لتبيريد جسده الذي يفتقر الى الى خلايا التعرق لتبريد الجسد .
لا اخرج عادة من منزلي الا لسبب او اسباب اما لعمل او لقضاء غرض او لزيارة واترك النزهة دائما لاوقات فراغ اوضيق نفس شديد .
وكالعادة كلما خرجت لقضاء غرض اجد الزحام المعتاد والذي يزداد يوما عن يوم وكعادتي احب ان اتفرس في الوجوه اللاهثة والسيارات المتراكمة في الشوارع وانظر في وجيه السائقين وتذمري المعتاد منهم ومن طريقتهم في السير بالطرقات فتجد الكثير منهم يسير بدون هدف بدون وجهه بدون اي مبالاة يخرج من منزله ليسير بالطرقات ويتفرج على مشهد يكاد لايتغير يوميا ولا سنويا والطرقات كما هي .
يشكو من فراغ قاتل ليقتله بالسير بالشوارع دونما هدف دونما غاية ، يتجول بالاسواق او يتوجه للبحر ليفرغ ذلك الفراغ الغير منتهي والذي لن ينتهي لديه لانه لايعرف كيف يشغل وقته وكيف ينظمه وكيف يستغله فيما يعود بالنفع عليه .
كنت الوم الشباب ولكن اليوم وجدت ان الجميع بنفس الحال الا من رحم ربي الكل يجد لديه وقت فراغ الكل يعاني من الطفش (( الزهق )) مع ان كل الملهيات موجودة وقاتلات الفراغ موجودة ولكن الكل بدء يسأم منها ويمل .
كنت اقرأ في كتاب لطه حسين مع اني لا احب كتاباته ولكنه نهم القراءة لدي كان كثيرا مايتغزل بالسوربون وهي جامعة بفرنسا وكيف انها كانت هدفه وغايته وكيف انها غيرت مجرى حياته من اعمى لايعرف عنه احد شيئا الى كاتب شهير وفيلسوف ومفكر في الاوساط العربية والفرنسية ويقول ان السوربون يعتبرها جامعة للحياة وتلك فلسفته ، فانه يحق لي ان اقول ان شوارعنا اليوم افضل من السوربون اذا اردت ان تصبح فيلسوف او مفكر يكفيك ان تقف وتتامل وجيه البشر اللاهثة دونما هدف .
تعليق