اما هوميروس فهو شاعرالاغريق والاديب العالمي الخالد – انه الينبوع الذي تفجر فسالت منه الانهار ونهل منه كل من جاء من بعده وصارت اشعار هوميروس بمثابة كتابات مقدسة توجز جوهر المعرفة الانسانيه وتجسد التفوق البشري – يقول افلاطون – ان من يتسنى له فهم هوميروس فانه يهيمن على اساليب الفنون جميعا – ويعتبر هيروكليتيس ان اشعار هوميروس نبعا لا ينضب من الورع الديني والحكمة الفلسفيه –
****
كلا الشاعرين تأثربالبيئة التي عاش فيها فالشاعر مرآة عصره والناطق باسم مجتمعه بعد ان يضمن نتاجه الفكري عصارة افكاره ونوازع نفسه وفلسفته الخاصه وعبقريته وابداعاته --- ولد المتبي في الكوفه وخالط البداوة وتعلم منها وعاش في القرن الرابع الهجري في بيئة لا يسمع فيها الا صليل السيوف والحروب وحيث اخذت الدولة الاسلامية بالتفكك الى دويلات متناحره واضطرابات وفتن ( القرامطه والخوارج وغيرهم ) ناهيك عن الحروب على اطراف الدوله – طاف في الاقطار العربية الاسلاميه وشهد المعارك بين الروم والمسلمين وتغنى بالسيف والرمح والقرطاس والقلم =
ردي حياض الردى يا نفس واتركي ---- حياض خوف الردى للشاء والنعم
ان لم اذرك على الارماح سائلة ----- فلا دعيت ابن ام المجد والكرم
عاش كريم النفس معتدا بشجاعته وبلاغته حريصا على القيم العليا كالشرف والشجاعة وعلو الهمه وكان طموحا الى حد بعيد =
وما الدهر الا من رواة قصائدي --- اذا قلت شعرا اصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشمرا --- وغنى به من لم يغني مغردا
***
الخيل والليل والبيداء تعرفني ---- والسيف والرمح والقرطاس والقلم
ولعل نبوءته صدقت حين تكلم عن عهد كافور بمصر وكانه ينطق بمرحلة مصر في العهد البائد والتي شهدت من الفساد والافساد ما نسمع ونقرأ عنه فيما مضى حين قال :-
نامت نواطير مصر عن ثعالبها ---- فقد بشمن وما تفنى العنا قيد
ما كنت احسبني ابقى الى زمن ---- يسئ بي فيه كلب وهو محمود
ولقد دفع ثمن شجاعته واعتداده بنفسه حين قتل وهو في طريقه من شيراز الى بغداد بعد ان رفض الاستسلام للصوص القتله وقتل معه ابنه محسدا وخادمه ونهبت الاموال التي في حوزته وذلك سنة 354هجريه
اما هوميروس فقد عاش في بيئة ورثت الاساطير وتعاملت معها فكانت الاساطير اهم موضوعات الابداع الادبي شعرا ونثرا – فكان الشاعر الاغريقي يعتبر الارض ملتقى البشر والالهه على حد سواء يتحدان معا لخلق الفضيلة الاغريقيه – لقد تعمق هوميروس في النفس البشريه وسلط علىماهية الانسان وقيمه الانسانيه ومزج بين الالهة والبشر واعتبرهما شريكين على قدم المساواة في صنع عالم فريد من نوعه –
وكما هو الحال مع المتنبي فان هوميروس تعرض لحملات التشكيك والحسد حتى ان العديد من الادباء والشعراءانكروا وجوده في الاصل واعتبروه اسطوره من الاساطير والبعض الاخر شطره نصفين احدهما الف الالياذه والاخر الف الاوديسا ---- تلك الملاحم الخالده عبر الزمن ---
ان المتنبي وهوميروس يتفقان في امر آخر وهو انهم قدموا ما قدموه من شعر وفن وادب وتركوا للاخرين امرالجدل والخصومة والنقد والتحليل وقد عبر عن ذلك المتنبي وكأنه كان يتنبأ بما قد يحدث =
انام ملء جفوني عن شواردها ---- ويسهر الخلق جراها ويختصموا
تعليق