---
فى كثير من الاحيان تثار همسات مسكوتة ولمحات مقروءة من جانب البعض حول قدرات الحكومات على الوفاء بمسئولياتها المطلوبة على الوجه الاكمل، خاصة فى ظل التزايد المستمر فى دور الدولة بصفة عامة والسلطة التنفيذية على وجه الخصوص فى الاستجابة الى المطالب المتزايدة من جانب المواطنين، خاصة إذا كانت تلك الحكومة تعمل بكل جهدها من اجل المواطن ورفاهيته والسعى نحو تحقيق طموحاته وآماله وتطلعاته، وهو ما ينطبق بجلاء على ما تقوم به الحكومة البحرينية ليس فقط فى اعقاب الازمة الاخيرة التى عاشتها المملكة فى اوائل العام الماضى، وإنما يكشف سجل الانجازات ودفتر النجاحات عن ما بذلته الحكومة البحرينية وما زالت من اجل الوصول بالمملكة ومواطنيها الى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا والديمقراطية سياسيا وحقوقيا واعلاميا. وغنى عن القول ان ما يعيشه المواطن البحرينى بل والمقيم على ارض المملكة يلمس تلك الحقائق ويشهد بتلك النجاحات ويشيد بما يراه من منجزات قلما توجد فى بلاد عربية اخرى تملك المقدرات المالية والقدرات البشرية والموارد الطبيعية ولكن تظل شعوبها اسيرة حالة من الفقر والتهميش بسبب مواقف خاطئة لحكوماتها تعكس قراءة مغلوطة لحقائق الواقع الراهن ومتطلبات المستقبل المنظور كما هو الحال فى دولة مثل ليبيا وسوريا.
ومن هذا المنطلق، ليست مبالغة القول ان ما كشفه لقاء الوفد الممثل للجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة القاضي خالد أحمد محي الدين الذي يعمل ضمن فريق البروفيسور محمود شريف بسيوني رئيس اللجنة مع اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تلك اللجنة، حيث تم خلال اللقاء إطلاع الفريق بشكل شامل على آليات عمل اللجنة وما اتخذته من خطوات لضمان التنفيذ الكامل للتوصيات بما يراعي أفضل الممارسات والمعايير الدولية، ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك على الجهود الحكومية المتميزة بما تملكه من كفاءات وطنية قادرة على إيجاد الحلول لما مرت به المملكة من تحديات، مستفيدة من التجارب الدولية في رفد هذه الحلول بشكل إيجابي، اخذا فى الاعتبار الموقف المبدئى الذى اتخذته الحكومة منذ بدء تشكيل اللجنة، حيث حرصت على التجاوب المطلوب معها عبر تزويدها بشكل مستمر بآخر المستجدات المتعلقة بحقائق الامور كافة فضلا عن قيامها بتنفيذ التوصيات كافة الصادرة عن اللجنة.
وفى هذا الاطار، من الجدير بالاهمية القول أن مثل هذا النجاح يعكس ما ينتظر المملكة من مستقبل مشرق فى ظل قيادة حكيمة تقرأ الاحداث برؤية وطنية وتتخذ القرارات بحرفية ومهنية، ويؤازها فى ذلك حكومة وطنية آلت على نفسها منذ اليوم الاول لتحملها المسئولية ان تبذل الجهود المضنية من اجل تحقيق امال المواطن وتطلعاته نحو غد اكثر اتساعا وتطورا يجمع بين مختلف فئات الشعب فى اطار نسيج وطنى واحد يُعلى من المصلحة الوطنية فى مقابل المصالح الفئوية، ويعلى من الانتماء الوطنى فى مقابل الانتماءات الاولية والمذهبية والعقائدية. ولكن يظل ثمة ملاحظتين مهمتين واجبتى التسجيل تتعلقان بنجاح الحكومة البحرينية فى الوفاء بالتزاماتها الوطنية واعباءها المجتمعية وفق رؤية تنطلق من حاضر ملئ بالتحديات ومستقبل مفعم بالطموحات، هما:
أولا- يظل من الواضح للجميع ان نجاح اللجنة الوطنية لتقصى الحقائق فى تقريرها المتسم بالحرفية على أن تبتعد عن التدخل في خصوصية مملكة البحرين، احتراما للسيادة الوطنية للدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، مع حرصها فى الوقت ذاته على كشف كافة التجاوزات والخروقات من جانب جميع الاطراف اظهارا للحق وكشفا للاكاذيب والادعاءات، لذا جاءت توصيات اللجنة مرنة بالشكل الذي يسمح لحكومة مملكة البحرين بتنفيذها بما يتوافق مع المعايير الدولية المعروفة ويراعى الواقع البحرينى.
ثانيا- يظل من الواضح ايضا ان نجاح الحكومة البحرينية فى وضع تلك التوصيات محل التنفيذ والتطبيق إنما يؤكد على خطأ الرؤية وانحراف الرأى عن جادة الطريق فى المطالبات التى رفعها البعض باقالة الحكومة، فلا شك أن خطوات تنفيذ تلك التوصيات تعد علامة فارقة في تاريخ شعب البحرين، ويظهر المملكة كنموذج يحتذى به فى وجود حكومات قادرة على أخذ زمام المبادرة نحو الإصلاحات اللازمة، بما يفرغ تلك المطالبات الفئوية من مضمونها ويمثل ردا قاطعا على ما تملكه من اجندات واولويات غير وطنية تستهدف بها تحقيق مصالح فردية وطموحات مذهبية بعيدة عن مصلحة الوطن وآمال مواطنيه.