سلام الله تعالى عليكم و رحمته و بركاته
هناك قاعدة سحرية رائعة في التعامل مع الناس ، من أخذ بها كانت سببا في راحته هو ، فضلا عن كونها سببا في كسبه لود الناس و تقديرهم . احفظها نظريا ثم طبقها عمليا وستجني الثمار يانعة بإذن الله ، هذه القاعدة تقول :
(( انظر إلى الطفل على أنه رجل صغير ، و انظر إلى الرجل على أنه طفل كبير )) ، والأمر كذلك بالنسبة للأنثى .
جملة قصيرة لو تحدثت عن فلسفتهاالنفسية و الشعورية والسلوكية لطال بي الحديث وملني الحاضرون ، لكن المهم أن نفهم القاعدة ونعرف فوائدها و هذا ما سأوجز فيه الحديث إن شاء الله .
إخوتي وأخواتي : حينما أنظر للطفل على أنه رجل صغير ، فإن نظرتي هذه ستؤثر على شعوري تجاهه ، سوف لن أنظر إليه من عل ، لأراه ذلك المخلوق الضعيف الذي يستحق مني فقط الشفقة واللطف والتدليل ، بل سأراه أقوى مما هو عليه و أعلى ، سأراه جديرا بالثقة فاهما لما يقال له ، و هذا الشعور الذي تولد من هذه النظرة سينعكس على سلوكي معه ، فسأتحدث إليه بأسلوب أرقى وأتعامل معه بموضوعية أعلى و سيقل خوفي عليه و حذري من تكليفه ببعض الأشياء .
فما مردود ذلك يا ترى ؟؟ إن أول مردود لذلك يعود على الطفل نفسه ، فتزيد ثقته بنفسه وسيرقى مستوى تفكيره وأدائه ، وسينشأ صلب العود قوي الشخصية ، ولا شك أن ذلك مطلوب ، ونحن أحوج ما نكون إلى أطفال أقوياء يكونون رجالا أقوياء فيما بعد . و إن من مردود ذلك حبه لك واحترامه لك وتقديره لما يأتي من قبلك ، لأنك قدرته هو حق قدره و أظهرت احترامه و أشبعت رغبته في أن يحقق ذاته ويفتخر بمنجزاته .
هذا هو الجانب الأول من القاعدة فماذا عن الجانب الآخر ؟؟
إخوتي و أخواتي : حينما أنظر إلى الرجل على أنه طفل كبير ، فإن نظرتي هذه ستؤثر على شعوري تجاهه ، فلن أراه معصوما لا يأتيه الخلل و الخطأ و الزلل من بين يديه و لا من خلفه ، بل سأراه بشرا ضعيفا ، يتعرض للحظات ضعف و يتوقع منه الخطأ وسوء التقدير والتصرف .
وهذا الشعور النابع من هذه النظرة سينعكس على سلوكي معه ، حيث سألتمس له المعاذير في كل أخطائه و زلاته ، وأحمله دائما على أحسن المحامل ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، ولن أمل من محاولة إرشاده ومناصحته و إصلاحه بأسلوب رحيم رقيق وحكمة مفيدة مثمرة ، و أبقي بيني و بينه أواصر الود و الرحمة التي تمحو كل سوء أو زلل .
ما أرقى هذا و ما أجمله ، و ما أحوجنا إليه .
ولا شك أن مردود ذلك على شعوره و نفسه عظيم ، و لكن مردوده عليك أنت ود أكبر و احترام أعلى و تقدير يفوق الوصف .
لكن تعالوا بنا نناقش الموضوع من جانب آخر ، هو جانب الذات .
إنني حينما أنظر لنفسي و أنا في الثلاثينات مثلا نظرة الرجل الكامل العاقل الذي ينبغي أن يكون له سمت معين و هيأة خاصة وسلوك محسوب ، فإني لن أسامح نفسي أبدا حينما أقع عفوا في خطأ أو زلة أو مخالفة ، وسيبقى أثر ذلك عذابا واستياء يأكل راحة نفسي ويذهب تقديري لذاتي ، بل ربما تحول إلى عقدة نفسية تلاحقني طيلة أيام عمري الباقية .
لكنني حينما أنظر لنفسي بالمنظار الذي تدعو إليه القاعدة فسأعذر نفسي و أخذ الأمور بشيء من البساطة المريحة ، و أبقى عزيز النفس هانئ البال ، مرتاح القلب ، غير يائس ولا قَنوط ولا مستوحش .
إخوتي الكرام و أخواتي الفاضلات : أرجو أن تتخيلوا أن عالمنا اليوم سادته هذه النظرة ، و تتأملوا في تلك الصورة الإيجابية الرائعة من التلاحم و التراحم التي يمكن أن تسود مجتمعنا صغارا وكبارا رجالا ونساء .
إن كثيرا من مشاكلنا اليوم ، بل كثيرا من أسباب القطيعة الحاصلة حتى بين ذوي الأرحام سببها غياب هذا المفهوم من حياتنا اليوم .
و إن شواهد هذه القاعدة من شرعنا الإسلامي و سيرة رسولنا الكريم عديدة ، أدع لإخواني و أخواتي فرصة تذكرها وتدبرها .
لكني أنبه إلى أن كل ذلك ينبغي أن يؤخذ بميزان الاعتدال فهما وتطبيقا .
لكم جميعا تحياتي وتقديري .
------------------
شاعر ، و ممارس معتمد في البرمجة اللغوية للذهن NLP
Jareer2000@yahoo.com & Jareer2000@hotmail.com
تعليق