السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد :
فإن موضوع القلق موضوع كبير و متشعب ، وهو مرض هذا العصر بتقلباته السريعة و معطياته المتناقضة ، و قل أن ينجو من دوامته أحد ، لذلك كان من الأهمية بمكان أن نفتح ملفه و نناقش أسبابه و أعراضه و علاجه ، و لذلك أقول ختصارا :
إن القلق حالة انفعالية مصحوبة بالخوف أو الفزع تحدث كردة فعل لتوقع خطر حقيقي خارجي ، و يعرف أيضا بأنه حالة نفسية مؤلمة تنتج عن شعور الإنسان بالعجز في مواقف الإحباط والصراع . فهو شعور عام غامض غير سار مبالغ فيه له أعراض نفسية وجسمية عديدة .
كما يعرفه البعض بأنه حالة توتر شامل ومستمر نتيجة توقع تهديد خطر فعلي أو احتمالي يصحبها خوف غامض وأعراض جسمية و نفسية .
وكل هذه التعاريف تدور في فلك واحد وتلتقي عند قواسم مشتركة عديدة .
أما أقسام القلق عند العلماء المحدثين فهي تختلف باختلاف اعتبار التقسيم ، فينقسم باعتبار من يصاب به إلى نوعين من القلق :
أ - القلق الاجتماعي : وهو الاحتكاك والإحباط في علاقات الجماعات ، و هو نوعان :
غير محدد السبب ، و يسفر عن الاضطرابات والتفكك الاجتماعي .
محدد السبب : و يظهر في أفعال مختلفة يتوقف اتجاهها على القيادة القائمة للمجتمع .
ب - القلق الشخصي : و هو ما يعرف عند الأوائل بالحَصَر ، و يقسمونه إلى ثلاثة أنواع :
الحصر الواقعي : وهو القلق الموضوعي الذي له واقع خارجي هو الدافع إليه .
الحصر العصابي : و هو الذي ينتج تحت وطأة الترفعات الغريزية من جانب ( الـ هو ) ( أي الغرائز الفطرية ) .
الحصر الأخلاقي : وهو الحادث نتيجة خطر داخلي من جانب ( الـ أنا الأعلى ) ( الضمير ) .
كما يقسم العلماء القلق باعتبار درجته إلى :
1-القلق الموضوعي أو العادي : ويطلق عليه أحيانا القلق السوي أو الواقعي ، و هو ما كان مصدره خارجيا وموجودا فعلا ، و ذلك مثل القلق المتعلق بالنجاح في عمل جديد أو في امتحان أو في إقدام على الزواج أو وجود خطر إقليمي أو عالمي مثلا .
2- القلق المرضي : و هو ماكان داخلي المصدر وأسبابه مكبوتة ولا شعورية و لا يتفق مع الظروف الداعية إليه ، و يتصف هذا النوع بأنه غامض وعام .
ولهذا النوع الأخير أسباب عديدة و أعراض متنوعة .
والذي يهمنا هنا بالدرجة الأولى هو علاج القلق ، ومن أهم وسائل علاج القلق النافعة ما يلي :
1 - العلاج النفسي و يكون ذلك بتحديد أسبابه ، ومشاركة المريض وجدانيا و إعادة ثقته بنفسه .
2 - العلاج البيئي : و ذلك بتعديل العوامل البيئية غير الملائمة بتخفيف الأعباء والضغوط ، ولا يتأتى ذلك إلا بالتعاون .
3 - الإرشاد والنصح و تقديم المشورة للمريض في الجوانب التي منها قلقه .
4 - وأهم أنواع العلاج هو اللجوء إلى الاستعاذة بالله من الهم والغم ، والإيمان التام بالقضاء والقدر ، والاستغفار والاستعانة بالله تعالى والتوبة النصوح و الإكثار من الذكر وتلاوة القرآن .
( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
و من الدعاء الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضَلَع الدين وغلبة الرجال )
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ) .
ولا شك أن العبد المؤمن أقل قلقا من غيره ، لأنه يعرف أن رزقه مقسوم و أجله محتوم ، فلا ينقص رزقه ولا أجله شيء ، ويعلم أن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، و يؤمن بأن الابتلاء يكون على قدر الإيمان ، و أنه ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم ـ حتى الشوكة يشاكها ـ إلا كفر الله بها خطاياه .
اللهم اجعلنا من المسلمين المؤمنين الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون .... آمين .
لكم جميعا تحياتي و تقديري .
------------------
شاعر ، و ممارس معتمد في البرمجة اللغوية للذهن NLP
Jareer2000@yahoo.com & Jareer2000@hotmail.com
تعليق