اخوتي و أخواتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فكنت قبل زمن قصير أجوب أرض الله الواسعة وكانت لي في بعض البلدان الأجنبية دورات كانت إحداها بعنوان ( الحياة الطيبة ) ، و كان أهم العناصر التي ركزت عليها( الإيمان ) .
الإيمان أيها الإخوة أكبر نعم الله تعالى على العبد المؤمن ، و هو أهم أسباب تحقق الحياة الطيبة .
الإيمان بالله تعالى الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالجزاء والحساب الإيمان بالقضاء والقدر الإيمان بأن الأجل محسوب والرزق مكتوب ، كل ذلك يولد راحة واستقرارا نفسيا لا يجده فاقد الإيمان .
المؤمن لا يتكالب على الدنيا ولا يعتبرها أكبر همه و مبلغ علمه ، و بالتالي لا يجزع حينما يفوته منها شيء ولا يقنط حينما تصيبه فيها خسارة ، لأنه يعلم أنها جبلت على الكدر ظلها غير دائم ونعيمها إلى زوال .
نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة * * * فكيف آسى على شيء إذا ذهبا
والمؤمن يعتقد أن رزقه مكتوب لا يزيده شيء ولا ينقصه شيء من الأسباب الأرضية والبشرية ، فيعيش عزيز النفس قرير العين وفي السماء رزقكم وما توعدون .
و هو يعتقد أن أجله محسوب لا تقربه مغامرة ولا إقدام كما لا يرده حذر ولا إحجام ، فهو يمضي ثابت الخطى صادق العزم غير هياب ولا وجل .
والمؤمن يعتقد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه رفعت الأقلام وجفت الصحف .
أي يومي من الموت أفر * * * يوم لا قدر أم يوم قدر
يوم لا قدّر لا أرهـــبه * * * ومن المقدور لا ينجو الحذر
والمؤمن يعلم يقينا أن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن . فهو دائم الرضى دائم القناعة دائم الصبر ، يعلم أن الدنيا دار ابتلاء و أن الله تعالى يبتلي بالخير كما يبتلي بالشر ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة و إلينا ترجعون ) ، ويعلم أن أجر الصابرين عظيم و بشراهم حسنة .
يقول أحد العلماء : إن أصابتك المصيبة فاحمد الله تعالى على ثلاث ، أنها لم تكن في الدين ، و أنها لم تكن أكبر مما كانت عليه ، و أن الله آتاك الصبر عليها .
ما أجل الإيمان من نعمة ، و ما أجمل حياة المؤمن .

لقد بحث قوم عن السعادة بطرق شتى فلم يجدوها في المال ولم يجدوها في الجاه العريض ولم يجدوها في المنصب العالي ولا في الشهرة الكبيرة ، وقليل منهم من عرف طريقها الحق وذاق طعمها الرائق ، يقول أحد العلماء : و الله إنا بالإيمان لفي سعادة لو عرفها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف .

من أكبر من نظر للسعادة و تحدث عن أسبابها وعلم طرقها دائل كارنيجي صاحب كتاب ( دع القلق وابدأ الحياة ) ، لكن كلامه كان نظريا مجردا ، و كان هو نفسه يعيش خواء داخليا عظيما ساقة لأن يكون فريسة اليأس والقلق حتى مات منتحرا .

ولا شك أن العمل الصالح قرين الإيمان و به تتم السعادة و تتحقق الحياة الطيبة ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )

الكلام في هذا الموضوع كثير لكني أكتفي بهذه الإشارات وأسأل الله العظيم أن يجعلنا جميعا من عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، إنه سميع مجيب .

أكرر شكري و تقديري للجميع ، و تقبلوا تحياتي .