اعلان

Collapse
No announcement yet.

المبــادرة السعوديــة..(أم) المبـــــادرات

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
new posts

  • المبــادرة السعوديــة..(أم) المبـــــادرات

    ( 1 )

    عندما سمعت لأول مرة من أخبار قناة الجزيرة الكلام المنقول عن فريدمان حول لقائه بولي العهد .. الأمير عبد الله بن عبد العزيز .. وما صرح به سموه للرجل عن رؤيته للسلام مع دولة إسرائيل .. اصطخب في ذهني فورا أمران .. بدا كل منهما .. لحظتها .. دليلا بحد ذاته على وجود خطأ ما في أصل الخبر وأساسه :

    أولهما : عبارة (التطبيع الكامل) مع إسرائيل !!! وهي عبارة لا يحتاج من يعرف ويعترف بالوظيفة الأساسية للغة إلى أي إضافة أو تفسير لإدراك مراميها وأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ؛ لاسيما وأن لفظ (التطبيع) ذاته كان .. منذ زيارة السادات العتيدة للقدس .. قد انتقل في قاموس (المزايدات) العربية إلى قائمة الزندقة والمروق والإباحية والخيانة العظمى ونحو ذلك من الألفاظ الوبائية الجرباء التي أصبح يلزم كل مواطن عربي (صالح) .. ولو بالحد الأدنى (للصلاحية) .. تجديد إعلان براءته من مضمونها .. بلسان الحال فضلا عن المقال .. كلما جد في ظروف الصراع (الإسراطيني !) ما يقتضي هذا التجديد ؛ فكيف إذا اقترن لفظ (التطبيع) بلفظ تأكيدي جامع مانع صارم مثل لفظ (الكامل) ؟ ثم كيف وهولا يصدر أو ينقل عن القيادة السعودية فحسب .. وإنما عن عبد الله بن عبد العزيز شخصيا !!!

    والثاني : أن الناقل لهذا الكلام عن الأمير عبد الله هو توماس فريدمان , وما أدراك ما توماس فريدمان ؟ إنه ذلك الشخص الذي أصبح .. منذ أحداث سبتمبر 2001 .. يحتل في الإعلام العربي عموما .. والمحلي منه خصوصا .. رتبة الشقيق المخلص الوفي لإبليس ؛ تساءلت وقتها مذهولا : كيف تمكن شخص (كهذا !) من الحصول على تأشيرة الدخول إلى هنا أصلا ؟! أما أنه قد وصل فعلا .. ثم لم يعد سالما فحسب .. بل سالما وغانما بمقابلة ولي العهد شخصيا .. وفوق هذا كله ترتفع الغنيمة إلى مستوى هذه القذيفة الفجائية المدوية المجلجلة التي يفجرها هو شخصيا عن ولي العهد نفسه شخصيا !!! لا .. لا .. هذا أمر يحتاج مجرد التفكير باحتمالية وقوعه .. أكرر: مجرد التفكير باحتمالية وقوعه .. إلى التهيئة والتهدئة ببضع حبات من الفاليوم أو ما هو في حكمها من السوائل أو الجوامد !!!

    إلا أني .. وبحمد الله .. لم أحتج ليلتها إلى أي مقدار من الفاليوم أو ما في حكمه من السوائل أو الجوامد (علما بأني لو احتجت لم أجد .. إذ لم أتعود أن أجد) .. فما حان وقت النوم حتى كنت قد تمكنت .. أو هكذا بدا لي .. من التخلص من تأثير الخبر الذي تراجع في الذهن .. ليس فقط إلى ما هو دون ذلك المستوى الفوق فوق استثنائي الذي استقبلته به .. وإنما إلى كونه .. إن كان له أي أساس من الصحة أصلا .. مجرد (فقاعة) سياسية إعلامية سيتم التخلص منها بالطريقة والوقت المناسبين ؛ كنت أتباهى بنفسي أمام نفسي بسرعة الأوبة إلى الواقع باستدعاء حقائق (الخصوصية) و(التاريخ) و(الجغرافيا) و(الحساب) و(الهندسة) وبقية الجدول .. وأتنرجس : (علينا يا سمو الأمير هذه الألاعيب الاحتوائية ؟!!!) .

    إلا أن هذا المستوى من (الوعي) الذي بدا لي أنني كنت قد بلغته تلك الليلة لم يمنع من أن تكون (الفقاعة) إياها هي الحدث الأبرز في كل ما كانت تتحسسه حاستا السمع والبصر في وسائل الإعلام المختلفة .. ابتداء من برنامج (العالم هذا الصباح) في إذاعة BBC العربية صبيحة اليوم التالي .

    ولكن .. والحق يقال .. كل ما كنت أتوق إليه من ذلك هو مجرد التسلية بتتبع ما ستحظى به تلك (الفقاعة) من ردود الفعل (الساذجة) التي لن تلبث .. إيجابية كانت أم سلبية .. إلا قليلا قبل أن تتلقى (الدش الساقع) الذي سيعيدها إلى بلاعيم أصحابها مصحوبة بمرارة يعرفها جيدا أصحاب (السوابق) في ابتلاع أمثالها , وخاصة أمثالي ممن أكسبهم عمق الإحباط من تكرار (التصريحات) ثم (التوضيحات) .. على اختلاف ألوانها وأحجامها ومجالاتها ومصادرها .. حصانة أبدية من بناء الأحلام على الأوهام !!!

    وأقول .. وبمنتهى الصراحة .. لقد بقيت جل الأيام الفائتة .. ومنذ ليلتي المذكورة آنفا .. أشاهد وأسمع ردود الفعل .. في الصحافة والمحطات الفضائية الإذاعية والتلفزيونية والمنتديات الإنترنتية .. دون أن تفارقني (التبويزة) التهكمية الممزوجة بميل غير مخلص إلى الابتسام .. أو ما قد يسمى في اللغة الدارجة بالضحكة أو البسمة الصفراء .. وهي حالة تتلبسني أحيانا .. وبشكل قسري .. على الرغم من مقتي الشديد لها ولأهلها ولكل مستنقعات النفاق السياسي والتجاري والوظيفي والديني التي تمثل مستوطناتها الطبيعية .

    (حديث المبادرة سيتواصل)

    سابـل
    منتصب القامة أمشي
    مرتفع الهامة أمشي
    في كفي قصفة زيتون
    وعلى كتفي نعشي

  • #2
    المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

    ( 2 )

    لقد كنت أنتظر .. مع صباح كل يوم جديد .. صدور بيان (توضيحي واضح !) من سمو ولي العهد .. أو من مكتبه .. أو حتى من مصدر رسمي مسؤول (مجهول) .. يبدد فيه كل هذه (الأوهام) التي انفلت (الموهومون) بها من كل عقال (للمنطق) و(الخصوصية) و(الثوابت) , فطاروا يضربون أخماسا بأسداس .. رواية .. وتخمينا .. وتحليلا .. وموافقة .. ومعارضة .. ووعدا .. ووعيدا بلغ حد التهديد بدماء قد تبلغ (الركب) وقد تتجاوزها إلى مناطق أكثر حساسية (!) بل إني كنت لا أستبعد .. والحق يقال .. أن يبلغ البيان (التوضيحي) .. الذي كنت أراه لا محالة آت .. في حدة الصياغة والعبارة .. حد التهديد والوعيد .. ليتناسب مع كل هذا الصخب الذي انفجر لمجرد (رؤية !) لم يطلع أحد أصلا على مضمونها الحقيقي الذي لا يزال حبيس أوراق لازال (بطن) المكتب خير لها من (ظهره) !!!

    وكانت الأمثلة القديمة والحديثة لما كنت أتوقع تكراره عديدة , إلا أن المثال الأشهر والأحدث والأكثر حضورا في الذهن أثناء ذلك هو (ذلك التوضيح) الشهير (لذلك التصريح) الشهير حول الأوضاع الآسنة المخجلة المزمنة للمرأة في صحرائنا , حيث تعلق بعض المساكين بظاهر ذلك التصريح .. نعم (بظاهره فقط !) , فراحوا يهللون ويكبرون ويهتفون ويهزجون .. تهويلا وتعظيما وتمجيدا وتبشيرا وتبصيرا بمعالم (عهد) جديد ومشرق سيحرر (إناث البلد) من الغبن المتراكم عبر الدهور والعصور المتتالية , بل وقد يقفز بهما معا .. هن وهم .. إلى طور قد يتجاوز (طبعا إلى الأمام) حتى حركة الزمن !!!

    حينذاك استنفر (الحرس القديم الجديد المؤبد المتأبد) شيئا يسيرا فقط (!) من قواهم الخطابية في المساجد والمدارس والصحف .. تكفيرا .. وزندقة .. وتخوينا .. وتسفيها .. ولبرلة .. وعلمنة .. وطوبرة خامسة .. وخمسين .. وخمسمئة .. لكل أولئك (الموهومين) الذين دفعتهم (أوهامهم) إلى (التعسف) بحمل (ذلك التصريح) على معانيه (الظاهرية !) التي لا تبرأ منها (خصوصياتنا) فحسب .. وإنما تبرأ منها بالضرورة (الاضطرارية !) حناجر جميع (المخلصين) من أولي الأمر .. مهما صدر عنهم من (تصريحات) قد يوهم (ظاهرها) بخلاف حقيقتها التي لا يعلمها إلا (أولو العلم) المخولون ببيان معانيها حتى لأصحاب (التصريحات) أنفسهم !!!

    وكان هذا الاستنفار (المتواضع جدا جدا) أكثر من شاف وكاف ليمسي الناس ذات مساء وقتها على بيان (توضيحي واضح) أعاد الأمور إلى نصابها (المنتصب) منذ مئات السنين ؛ الأمر الذي جعل أولئك المساكين (الموهومين بالعهد الجديد لهن أو لهما معا) يلوذون بصمتهم وهم يبتلعون رجعيا كل ما تسرعت به بلاعيمهم من (هرج ومرج) حول (تصريح) كان عليهم .. قبل التفوه بكلمة واحدة عنه .. أن يسألوا (أهل الذكر) عن حقيقته ومشروعيته ومغزاه .. لما كانوا لا يعلمون !!!

    وكان أفدح أولئك المساكين (الموهومين) خسارة وأكبرهم خيبة وأعظمهم مصابا هم الذين لم يكن تكبيرهم وتهليلهم وتبشيرهم وهتافهم وتصفيقهم (لذلك التصريح) .. وبه .. وله .. ناشئا أصلا عن إيمان حقيقي بأي قيمة أو مبدأ أو شعور بما تعيشه المرأة من غبن في هذا البلد .. بقدر كون ذلك مبنيا عندهم على الظن بأن (ذلك التصريح) قد أتاح فرصة استثنائية ينبغي (انتهازها) قبل أن يتكاثر حولها الزملاء (المنتهزون) .. هؤلاء المساكين (الانتهازيون) .. الذين قد يسميهم البعض (تجاوزا !) بالمنافقين .. احتاجوا الكثير من الوقت والجهد لاحقا لتطبيب جراحهم الغائرة .. وترميم الأضرار البالغة التي أصابت صحائفهم (الناصعة !) نتيجة تسرعهم .. معاهدين الله ثم أنفسهم ثم (أهل الذكر) على أن لا تتكرر منهم خطيئة التسرع أبدا !!!

    هذا ونحوه هو ما استدعاه الذهن واستبقاه طيلة أيام الانتظار السابقة .. أي انتظار صدور (توضيح واضح) يدحض (أوهام الواهمين) ويعيد الأمور إلى نصابها (المنتصب) في العلاقة مع دولة إسرائيل منذ نشوئها قبل أكثر من خمسين سنة .

    (حديث المبادرة سيتواصل)

    سابــل
    منتصب القامة أمشي
    مرتفع الهامة أمشي
    في كفي قصفة زيتون
    وعلى كتفي نعشي

    تعليق


    • #3
      المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

      ( 3 )

      إلا أن المدهش .. يا أخي .. هو أن شيئا من ذلك لم يحدث (!) , مع أني كنت عندما أشاهد أحيانا .. أو أسمع أو أقرأ .. بعض التطرف المفرط (!) في التنبؤات والتحليلات و(الخيالات) عبر وسائل الإعلام المختلفة .. أتوقع أن سمو الأمير .. أو مكتبه على الأقل .. قد يقوم فورا .. لمجرد ذلك الذي أشاهد أو أسمع أو أقرأ .. بالرد ببيان شديد اللهجة و(الشفافية) والوضوح في دفع هذه (الترهات) التي لا تصدر إلا عن جاهل بحقائق (الخصوصية) و(التاريخ) وبقية مواد (الجدول التلقيني) التي ما فتئ يحفظها ويتناقلها الأحفاد عن الأجداد في بلدنا هذا خاصة وفي سائر بلاد العرب والمسلمين !!!

      طبعا هذا قد يكون أساسا ناتجا عن وهم أو سذاجة مني بأن سموه .. أو أحد كبار مستشاريه .. أو أحد كبار مستشاري أحدهم .. يشاهد أو يسمع أو يقرأ عين ما أشاهد أو أسمع أو أقرأ في حينه .

      وكان آخر شيء توقعت .. جديا .. أن يتم التدخل رسميا لتصحيح (التصريح) بسببه هو ذلك الخطاب الناري للأخ العقيد القائد (الجماهيري) مساء السبت 2/3/2002 .. بمناسبة مرور نحو ثلث قرن من حكم (الجماهير) العجيب والفذ و(الديموقراطي المباشر الكامل الخالص من تدجيل الانتخابات والنيابة والتمثيل) , والذي لا يعرف وجهه من قفاه إلا ذو (حظ عظيم) بامتلاك موهبة فطرية خاصة في شرح وتفسير وفك طلاسم (الكتاب الأخضر) , لأن البشرية اليوم .. وفي كل ما مضى من عمرها في هذا الكون .. لم تعرف لذلك النوع من الحكم .. مثيلا أو سابقة .. كما قد لا تعرف البشرية له نظيرا أو امتدادا في كل ما تبقى من عمرها على كويكب الأرض .. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها !!!

      إن ما ورد في خطاب الأخ القائد يمكن تلخيصه .. في ما يخص المملكة وكيانها السياسي .. بضرورة التنحي جملة وتفصيلا عن سياق الأحداث في العالم اكتفاء بوجود مكة والمدينة !!! وذلك صيانة لهما .. أي مكة والمدينة .. ثم لنا شعبا وحكومة تبعا لهما .. من (التلوث) الناشئ (ضرورة !) عن التفاعل مع العالم وما يجري فيه من أحداث , حيث تبرع فخامته .. استغفر الله !!! أعني (الأخ) القائد (الجماهيري) .. بالتضحية بنفسه و(جماهير يته) و(جماهيرها) لامتصاص جميع أنواع (التلوث) المشار إليه , وذلك صيانة لبلد الحرمين وأهله من هذه الأنواع (التلوثية) حتى وإن كان (لا يشرفه !) الانتماء إلى (العرب الجبناء الحقراء !) من المحيط إلى الخليج مرورا .. بطبيعة الحال .. ببلد الحرمين وأهله !!!

      لقد كنت .. بحق .. متلهفا للاطلاع على عناوين الصحف المحلية صباح اليوم التالي لمعرفة رد الفعل المحلي .. الإعلامي أو الرسمي أو كليهما .. على خطاب العقيد ولو بالصورة الأولية لرد الفعل ؛ وأقول .. والحق يقال وإن دل على (قصر) نظر سابل وأمثاله .. إني كنت أتوقع رد فعل تلطيفي استرضائي اعتذاري تعويمي استغفاري تراجعي .

      ولكن المفاجأة .. يا أخي .. كانت بأن الرد الإعلامي الأولي .. وما بعد الأولي .. جاء مشيرا إلى عكس ذلك تماما , حيث اتسم رد الفعل الإعلامي بوجه عام (ولم أسمع عن رد فعل رسمي حتى الآن) بالهجوم التهكمي المضاد على العقيد .. ومبادرة العقيد .. وعقدة وعقد العقيد ؛ وهو ما يعني بوضوح ما المضي قدما في تبني منطوق ومضمون (التصريح التطبيعي) الذي وصفه العقيد نفسه ليلتئذ (بالمبادرة) , وهو الوصف الذي شاع عالميا استعماله في كلام كثير من الإعلاميين والسياسيين .. ليتآكل تدريجيا .. تبعا لذلك .. أي تعبير آخر .. مثل (التصريح) أو (الرؤية) أو (المسودة الأولية المحفوظة في الأدراج) , وذلك على الرغم من مجاهدة (البعض) بتذكير الناس بهذه الألفاظ بين حين وآخر لأغراض تبدو غير معروفة (!) .

      ومنذئذ بدأت (تبويزة التهكم) أو (.. الصفراء) تخفت شيئا .. فشيئا .. حتى تلاشت نهائيا .. بل وصارت النفس تتأذى (جديا) بمجرد تذكر ذلك المسلك (المخجل) وغير (المهذب) وغير (المسؤول) في التعامل مع حدث سياسي اختراقي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى , الأمر الذي أحال ذكرى المسلك إياه .. والذي لم يكن أصلا سوى مسلكا شخصيا (سريا) في مبتدأه وغايته ومنتهاه .. إلى المنفى في أعماق اللاشعور أملا في محو ذكراه نهائيا ما لم يجد (لا قدر الله) ما يستدعيها ليعيدها جذعة تارة أخرى , وبدلا من ذلك فقد اكتسب مظهر الجدية كل ما يلزمه من قوة الدفع الذاتي نحو الثبات والرسوخ .. بعد أن ابتدأ انتقاله (أي مظهر الجدية) بالعدوى من أصوات ومشاهد المذيعين والمناقشين والمحللين والساسة .. سواء المعارضين منهم بهدوء أو صخب .. أو المؤيدين بحذر أو حماس .. وصولا إلى (زعيم) العالم جورج دبليو بوش الجنيار نفسه .

      (حديث المبادرة سيتواصل)

      سابـل
      منتصب القامة أمشي
      مرتفع الهامة أمشي
      في كفي قصفة زيتون
      وعلى كتفي نعشي

      تعليق


      • #4
        المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

        ( 4 )

        إذاً .. هاهي القصة قد أخذت أبعادا ربما (أقول ربما فقط !) لم تكن .. بادئ الأمر .. متوقعة لكثير من المعنيين (بالتصريح التطبيعي) أنفسهم , وقد تلاشى الآن .. أو يكاد .. استعمال ألفاظ (التصريح) و(الرؤية) و(الأفكار) وكل لفظ مشابه .. ليستقر بدلا من كل ذلك لفظ (المبادرة) الذي كان من أبرز مستعمليه من الشخصيات السياسية السعودية وزير الخارجية .. الأمير سعود الفيصل , ومن استعماله له ما سمعته .. أنا سابل .. بأذني الاثنتين .. ولأول مرة .. وبصوته مكررا .. من إذاعة BBC العربية صباح يوم السبت 9/3/2002 .

        بيد أن الأمير الوزير قد استعمل في تصريحه المشار إليه .. ولا أعرف أنه خالف ذلك في شيء من كلامه عن (المبادرة) لاحقا حتى كتابة هذا الجزء من الموضوع .. لفظ (السلام الشامل) بدلا من لفظ (التطبيع الكامل) , وغير خاف على من تابع ما قيل وما يقال عن الصراع العربي الإسرائيلي .. وخاصة ما تبثه وتتناقله وسائل الإعلام العربية .. أن الأمير سعود .. حين يجنح عن استخدام عبارة (التطبيع الكامل) إلى استخدام عبارة (السلام الشامل) .. لا يفعل ذلك صدفة أو عفو الخاطر , وإنما هو يتعمد .. ككثير من المسؤولين العرب المعنيين بالقضية .. استعمال عبارة شائعة عامة غائمة عائمة غير محددة المدلول والمعنى .

        ومع ذلك فإن هذا السلوك من الأمير سعود لا يعني بالضرورة أنه يريد النأي بنفسه عن عبارة (التطبيع الكامل) الواردة في (المبادرة) بقدر ما يمكن أن يفهم هذا منه بأنه هو ما تقتضيه اللباقة الدبلوماسية تجاه الدول العربية التي لا زال المسؤولون فيها يجفلون .. فعلا أو افتعالا .. من لفظ (التطبيع) , حيث جاء كلام الأمير عن (المبادرة) .. أي الكلام المشار إليه آنفا .. إبان اجتماع وزراء الخارجية العرب في آخر اجتماعاته و(انفضاضاته) المتلاحقة والتي لم يعد كثير من الناس يعيرها أي اعتبار .

        على أية حال فبهذا المقتضى المفترض للباقة الدبلوماسية وبدونه على حد سواء فإن المفترض الأولى بالاعتبار هو أن الأمير .. حين يتكلم عن (المبادرة السعودية) .. باعتباره وزير خارجية الدولة التي أطلقتها .. إنما يتكلم عنها بمعناها (التطبيعي) الذي عرفت به ما لم يصرح هو أو (مصدر مسؤول) بما ينفي ذلك .

        ومهما يكن الأمر فإنه لا جدل في أن عبارة (التطبيع الكامل) هي جوهر (المبادرة) .. وروحها .. وكل جدي وجديد حقيقي فيها , فبدون هذه العبارة .. وبنصها حرفيا .. لا يوجد .. في واقع الأمر .. شيء أصلا يصح أن يطلق عليه اسم (مبادرة ولي العهد السعودي) أو (مبادرة سعودية جديدة) لحل الصراع العربي الإسرائيلي ؛ ولا شك أن العالم الذي هب تفاعلا مع (المبادرة) على مختلف المستويات الإعلامية والسياسية .. لم يفعل ذلك لشيء لم يوجد أصلا !!!

        (حديث المبادرة سيتواصل)

        سابـل
        منتصب القامة أمشي
        مرتفع الهامة أمشي
        في كفي قصفة زيتون
        وعلى كتفي نعشي

        تعليق


        • #5
          المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

          ( 5 )

          والآن .. وبعد كل ما تقدم وبناء عليه مع كل ما سيأتي في الموضوع .. وباعتباري واحدا من مواطني هذا البلد (المملكة العربية السعودية) الذين افترشت القضية الفلسطينية مساحة أعمارهم بكاملها منذ أن أصبحت القضية قضية .. فإني .. وبكل ما أستطيع بلوغه وتبليغه من وضوح وتوضيح وإيضاح .. وبكل ما يمكن أن تعنيه ألفاظ الصدق والجدية والأمل .. ونيابة عن جمهور كبير متململ صامت يعرف الجميع وجوده وموافقته وإن غابت أو (غيبت) عن الأنظار النسبة الصحيحة لحجمه وامتداده في هذا البلد وعبر الوطن العربي ..

          .. بكل ذلك .. وبناء على كل ذلك .. ومراعاة لكل ذلك .. أقول : أرجو لهذه (المبادرة) .. الشجاعة والفريدة حقا .. والتي لن تنحشر تاليا بين قوسين .. النجاح التام والمطلق الذي تستحقه ونستحقه ويستحقه الجميع ؛ كما أتمنى من كل من يطلع على هذا الرجاء أن ينتهي .. ولو بعد أناة وتدبر وتفكير وحوقلة وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن كل أعوانه من الإنس والجان أجمعين .. إلى أن يردد معي : آمين يا رب العالمين .. جميع العالمين .. يهودا ونصارى ومسلمين .. ومن أية ملة وأي دين .. أو بلا أية ملة وأي دين .

          إن هذه المبادرة .. وبصرف النظر عن كل الظروف والدواعي والتطورات والضرورات التي قد تكون وراء إطلاقها .. تمثل قفزة .. هائلة وجسورة .. إلى الأمام قل أن يعرف العالم العربي لها مثيلا في تاريخه الحديث , وذلك ليس لتوقيتها كما زعم كثيرون .. جادون مجتهدون .. أو منافقون كاذبون مطبلون .. أو (كسور) منافقين كاذبين مطبلين , بل وليس لأي اعتبار آخر على الإطلاق سوى اعتبار واحد فرد متفرد , وهو أنها جاءت من قيادة محافظة في بلدٍ قضت الأقدار و(التقديرات) بأن يكون الصوت الأظهر والأقوى فيه اجتماعيا وثقافيا (!) هو الصوت الأشد محافظة وسلفية وانزوائية وعدوانية ولا عقلانية في العالم المعاصر كله , حيث جاءت المبادرة .. خلافا لأية توقعات واقعية ومنطقية .. من القيادة السعودية ممثلة بولي العهد .. الذي لم يكسبها القدر الأكبر من أهميتها وقيمتها بمكانته الرسمية فحسب .. بل والشخصية أيضا .

          (حديث المبادرة سيتواصل)

          سابـل
          منتصب القامة أمشي
          مرتفع الهامة أمشي
          في كفي قصفة زيتون
          وعلى كتفي نعشي

          تعليق


          • #6
            المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

            ( 6 )

            إن كل من يعرف الخلفية التأريخية لنشأة المملكة العربية السعودية .. وما كان ولا يزال يثقل كاهلها أو يحيط بها من إرث والتزامات وإلزامات وظروف واعتبارات وتعقيدات .. بما في ذلك ما تكرس بطول المكث والاعتياد فحسب وإن كان في أصل وجوده أو إيجاده مفتعلا ومصطنعا لأغراض هي بحد ذاتها تمثل اليوم .. كما هي بالأمس والغد وأبدا .. تناقضا مع بنية الدولة المدنية ..

            .. أقول .. كل من يعرف ذلك فضلا عمن عاشه أو يعيشه فعلا وواقعا .. يدرك أن مجرد تبني القيادة في المملكة لمبادرة بهذا الحجم والتحديد والوضوح ــ وبصرف النظر عن أية نتائج قريبة أو بعيدة لاحقة ــ يعتبر بحد ذاته جسارة استثنائية في الجنوح .. ولو بإعلان النوايا .. إلى خيار الواقعية السياسية غير المعروفة أو المألوفة جملة في عالم العرب .. وخاصة في تاريخهم المعاصر , ذلك الخيار الذي يعني .. في ما يعني ضرورة .. رفض الاستمرار في المتاجرة بما لا يزال .. للأسف .. هو الرائج المطلوب في سوق المزايدات (العرب عربية) , أي رفض الاستمرار بالمتاجرة بتلك اللعبة العتيدة البليدة في مخادعة الذات والسباحة العمياء في بحور الأوهام والظلمات .

            وهنا قد يكون بحاجة أخيرة إلى التكرار .. وإن لم يكن بحاجة إلى التطويل .. القول بأن المعني بالمبادرة إنما هي المبادرة بنصها المعلن الذي عرفها العالم كله به : (التطبيع الكامل مع دولة اسرائيل مقابل انسحابها الكامل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967) , فالمبادرة .. بهذا النص الجريء الواضح الصريح المحدد القاطع .. لا تتسع ولا تسمح بأي قدر أو نوع من المناورات أو المراوغات أو التأويلات أو التلاعب بالألفاظ .. ما لم يكن الهدف الصريح أو ما في حكمه هو التراجع عنها والتحلل منها ولو بصيغة التفسير و(التوضيح) المذكور مثاله الشهير في ما تقدم من هذا الموضوع .

            والحق إنه حتى لو حدثت هذه الحال (التوضيحية) التراجعية من القيادة السعودية .. وهي حالة لم تحدث حتى الآن ونرجو أن لا تحدث أبدا .. فإن المبادرة .. بعد كل هذا التفاعل معها على مستوى العالم .. بما في ذلك أغلبية الدول العربية نفسها .. تكون قد سجلت سابقة لم تكن متوقعة في كسر حاجز نفسي لم يكن من السهل .. حتى وقت إطلاق المبادرة .. مجرد التشكيك بمشروعيته في التعاطي العربي الجماعي مع القضية العربية الإسرائيلية , وهي سابقة سيكثر .. بلا أدنى ريب .. ويتتابع وينتصر المستثمرون لها في نهاية المطاف .

            والحق أيضا إنه منذ بداية القضية كان حري بالحاجز المشار إليه أن لا تقوم له قائمة لو كان العرب يتمتعون في التعامل الدولي بعقلية وشجاعة أمة كاليابان أو الصين أو غيرهما من الأمم التي ملكت من الشجاعة الأدبية والمنطقية ما جعلها تقفز عاليا فوق عداواتها ومراراتها وأحقادها وخسائرها التاريخية لتبني نفسها وتنقذ ما يمكن إنقاذه في الوقت المناسب وبوسائل قابلة للتصديق والتطبيق , وذلك مع ملاحظة أن من الخسائر البشرية والمادية التي رزئت بها في العصر الحديث بعض الأمم المشار إليها .. على أيدي من كانوا أعداء فحولتهم بعقلانيتها وواقعيتها إلى أصدقاء أو في حكم الأصدقاء .. ما قد يبلغ في حجمه وفداحته وآثاره النفسية ما لحق العرب في كل تأريخهم من خسائر على أيدي خصومهم .. لا ما حاق بهم على أيديهم هم أنفسهم بطبيعة الحال .

            (حديث المبادرة سيتواصل)

            سابـل
            منتصب القامة أمشي
            مرتفع الهامة أمشي
            في كفي قصفة زيتون
            وعلى كتفي نعشي

            تعليق


            • #7
              المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

              ( 7 )

              ما تقدم كان عن المبادرة في ذاتها , أما في ما يلي فسيتوجه الكلام إلى ما كشفه إطلاقها .. أو زاد في انكشافه وفضحه .. من دلالات على بؤس التعاطي العربي الجماعي مع القضية التي اعتاد العرب نعتها بأنها (قضيتهم الأولى) , وهو ما قد يعد .. بحد ذاته .. مؤشرا إلى تسلسل وكثرة قضاياهم الصراعية .. المعلنة أو المبيتة .. ضد العالم !!!

              الدلالة الأولى : عدم جدية العرب في خيار السلام :

              من سوريا .. أحد المحاضن الرئيسة للرفض والإعاقة في العالم العربي الحديث .. انطلق قبل أيام الرئيس السوري في زيارة للبنان غير مألوفة .. بل وغير مسبوقة منذ نحو ثلاثة عقود من الزمان .. بل ولا يوجد لها في تاريخ الدولتين المعاصر كله سوى سابقة واحدة , وذلك على الرغم من أن المسافة بين عاصمتي البلدين (العربيين العروبيين الشاميين الشقيقين) قد لا تتجاوز المسافة بين العاصمة السورية .. دمشق .. وأقرب منتجع يقضي فيه الرئيس السوري عادة إجازاته التي لا يعرف (كغيره من الحكام العرب) فاصل واضح بينها وبين (لا إجازاته) .

              وقد انتهى هذا الاجتماع (الخارق للعادة) بين فخامة الرئيس و(فخامة الرئيس !) إلى بيان لم يتضمن أي جديد لو أنه تقدم بثوان معدودة فقط على إعلان توماس فريدمان للمبادرة نقلا عن الأمير عبد الله بن عبد العزيز , أما وقد جاء البيان بعدها فإنه قد فهم .. على نطاق واسع بين جميع المهتمين بأحداث المنطقة في العالم .. بأنه في حكم إعلان التحفظ الصريح عليها , ولم يغير من ذلك كل التصريحات (الدبلوماسية) اللاحقة التي صدرت (نيابة) عن القيادة السورية , لكنها لم تصدر في سوريا كما لم (يصادق) عليها من القيادة السورية ذاتها ولو بنكهة (دبلوماسية) , وذلك حتى تحرير ونشر هذا الجزء من الموضوع .

              فلماذا وعلام حدث هذا ؟؟؟

              وما هو الجديد في المبادرة الذي هز مراكز السلطة البعثية (ويصح تقديم العين على الباء) في سوريا ودفع رجالها إلى هذا التحرك الخارق للعادة ؟؟؟

              (حديث المبادرة سيتواصل)

              سابـل
              منتصب القامة أمشي
              مرتفع الهامة أمشي
              في كفي قصفة زيتون
              وعلى كتفي نعشي

              تعليق


              • #8
                المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                ( 8 )


                وفي ليبيا .. المثال الشهير الآخر للتردي العربي .. والمثال الأشهر على الإطلاق للكاريكاتيرية السياسية على مستوى العالم كله منذ ما قبل عصر حمورابي .. انطلقت أجهزة (الإعلان) تهيئ الجماهير العربية لحدث (جلل) , حيث سيكشف (الأخ) العقيد (القائد الجماهيري) عن (مبادرة جماهيرية) بقيت .. منذ أن تفضل (الأخ) بعرضها في وقت سابق على (إخوانه) الحكام العرب .. سرا من أسرار السياسة العربية المتخمة (بالخفايا والأسرار) !!!

                وبعد نحو أربع وعشرين ساعة من التهيئة والترقب والانتظار انطلقت الحمم من فم العقيد القائد تجاه (العرب الحقراء الجبناء) الذين سبق أن وعده حكامهم بتشكيل لجنة لدراسة (مبادرته) لدمج الفلسطينيين والإسرائيليين معا في دولة (جماهيرية) سيتخلى لها عن (مقعده) في الأمم المتحدة إن هي قبلت (مبادرته) وخرجت إلى الوجود باسم (إسراطين) , ولكن (إخوانه) في الحكم والسلطة (وإن لم يكن هو .. في حقيقة وحقانية الأمر .. حاكما أو متسلطنا متسلطا !) خذلوه بعدم الوفاء بهذا الذي سبق أن وعدوه به كما قال , بل وبدلا من ذلك فقد تنكروا كليا (لمبادرته) وراحوا يتداولون الرأي حول مبادرة جديدة متأخرة جدا عن (مبادرته) من حيث الوقت .. و(متخلفة) عنها (جدا .. جدا .. جدا) من حيث (المضمون) !!!

                فلماذا وعلام حدث هذا ؟؟؟

                وما هو الجديد في المبادرة الذي أثار القائد (الجماهيري) (العربي) (القومي) ونقله إلى أقصى خطوة يبلغها حتى الآن في تحوله .. الذي ما فتئ يعبر عنه منذ سنوات .. عن الوحدة القومية العربية إلى الوحدة الأممية الإفريقية ؟؟؟

                (حديث المبادرة سيتواصل)

                سابـل
                منتصب القامة أمشي
                مرتفع الهامة أمشي
                في كفي قصفة زيتون
                وعلى كتفي نعشي

                تعليق


                • #9
                  المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                  ( 9 )

                  وفي مصر .. بلد (اللاءات) المزدوجة العجيبة (لا حرب ولا سلم .. لا تطبيع ولا عدم تطبيع .. لا سلفية ولا حداثة .. لا دينية ولا مدنية .. لا غربية ولا شرقية .. لا مع أحد إلا أن يدفع ولا ضد أحد إلا أن لا يدفع أكثر) .. جاء رد الفعل على المبادرة بالمنطق (اللاآتي) المزدوج ذاته .

                  فقد (حظيت) المبادرة .. منذ إطلاقها .. بكل ما يلزم من عبارات (البرود والتبريد) التي استقبلتها به هناك .. واستمرت عليه جل الوقت .. كل من الحكومة المصرية ووسائل الإعلام الرسمية .. وشبه الرسمية .. والأكثر رسمية من الرسمية , باعتبار أنه (لا جديد) فيها .

                  كتب الكاتب المحترم الدكتور علي الموسى في جريدة الوطن (الأحد 10/3/2002) كلاما عن المبادرة والمعترضين عليها جاء فيه ما نصه : "لقد أدهشني جدا أن تحدث الرئيس الأمريكي بلغة إيجابية عن المبادرة السعودية في مؤتمره الصحفي مع الرئيس مبارك في البيت الأبيض أخيرا , ثم يتكلم الأخير بعده مباشرة حول ضرورة تطبيق توصيات تينت وميتشل" .

                  وهنا يقتضي الإنصاف الاستدراك على الدكتور في ما ذكره عن التجاهل (المباركي) التام للمبادرة , ولكنه استدراك لن يخفف من دهشة الدكتور أو غيره وإنما سينقلها إلى منحى ومسار أبعد .

                  فالحق هو أن الرئيس حسني مبارك (اضطر!) لاحقا إلى كسر تجاهله المذكور للمبادرة بإعطاء تصريح (مبارك بمشيئة الله!) ينفي فيه كل ما سبق نفيه من أساسه , وذلك حين (اكتشف) أن المبادرة لا تتضمن الجديد فحسب وإنما هي مبادرة (فريدة حقا عندما تصدر من السعودية) , ولكن فخامته لم (يكتشف) هذه (الفرادة) في القاهرة ولا حتى في واشنطن بادئ الأمر .. وإنما في ختام زيارته إلى هناك , وتحديدا بعد أن (تباركت) الزيارة بتأكيد السيد جورج دبليو بوش الابن أنه سيجتهد في إقناع الكونجرس بعدم المساس بالمساعدات الأمريكية لمصر .. والتي تبلغ نحو مليارين من الدولارات تتمتع بها (أم الدنيا) سنويا ومنابرها .. السياسية والدينية والإعلامية .. تلهج بلعن الإمبريالية والإمبرياليين الذين يسعون إلى تركيع الشعوب بدولاراتهم !!!

                  إلا أن فخامة الرئيس حسني ما لبث أن عاد إلى (بروده) كليا تجاه المبادرة (الفريدة) سابقا .. والتي عادت إلى (لا جديد) .. بمجرد عودته إلى (أم الدنيا) أو ما كانت تسمى هكذا قبل أن تصبح .. بفضل سياسة (اللاءات) المزدوجة العجيبة و(الثمينة!) .. (لا دنيا ولا آخرة) !!!

                  فلماذا وعلام حدث هذا ؟؟؟

                  وما هو الجديد في المبادرة الذي أثار كل هذا الاضطراب والارتباك في (أم الدنيا) وجعلها (تثير) الدنيا تارة حول (فرادة) المبادرة السعودية وتقعدها تارات لأنه (لا جديد) فيها ؟؟؟

                  (حديث المبادرة سيتواصل)

                  سابـل
                  منتصب القامة أمشي
                  مرتفع الهامة أمشي
                  في كفي قصفة زيتون
                  وعلى كتفي نعشي

                  تعليق


                  • #10
                    المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                    ( 10 )

                    معلوم أن الدول العربية الثلاث المتقدم ذكرها (مصر .. سوريا .. ليبيا) تعد كلها من الدول (القيادية) في العالم العربي الحديث , بل إنه لا يوجد ما يساويها أو يدانيها أو يزاحمها في اعتلاء (ذرى) هذه (القيادية) سوى دولتين أخريين , إحداهما المملكة وهي صاحبة المبادرة , والثانية هي العراق التي لم تعد (عراقا) في الوقت الحاضر فعلقت .. لذلك .. رتبتها (القيادية) إلى أجل غير مسمى .

                    فلماذا وقفت حكومات هذه الدول العربية (القيادية) الثلاث من المبادرة تلك المواقف التي تراوحت بين التهوين والتحفظ والتعريض والشتم الصريح ؟؟؟

                    ألم تعلن جميع الدول العربية على أسماع العالم أجمع .. وبعد اجتماع (قممي مصيري) مشهود .. أنها قد اختارت (السلام الشامل) خيارا (استراتيجيا أبديا) لا بديل له ولا تحول عنه ؟؟؟

                    ألم يتوالى منذئذ وإلى اليوم تأكيد جميع الدول العربية .. بصورة فردية وثنائية وجماعية .. وبعد كل اجتماع عربي (قممي أو شبهه) (مصيري أو شبهه) .. على التزامها بذلك الخيار (السلمي الاستراتيجي الأبدي) في العلاقة مع إسرائيل ؟؟؟

                    وبتجاوز الصلح المصري الانفرادي (التطبيعي) الذي سجل السابقة الأولى للعلاقة السلمية بين أي من الدول العربية وإسرائيل .. والذي ما فتئت مصر تؤكد التزامها به كما لا تزال تجني عوائده العينية والنقدية تباعا .. أقول يتجاوز ذلك .. ألم تعلن كل من الدول الثلاث ذاتها .. ولا تزال تعلن تكرارا وجهارا .. التزامها بخيار (السلام الشامل الاستراتيجي) المذكور ؟؟؟

                    أليست أجهزة إعلامها وخطب حكامها ما فتئت .. كمثيلاتها في بقية الدول العربية .. تطالب دول العالم عموما .. والغرب خصوصا .. وأمريكا بصفة أخص .. بأن تلزم إسرائيل بقبول هذا الخيار العربي (الاستراتيجي الأبدي) في (السلام الشامل) معها .. لتتجه جميع دول المنطقة (!) إلى تنمية مجتمعاتها بعيدا عن أجواء الصراع والحروب ؟؟؟

                    فما هو الجديد في المبادرة الذي يتعارض مع ذلك حتى تحظى بكل هذا التردد والتوتر والارتباك والانفعال والافتعال في العواصم الثلاث ؟؟؟

                    الجواب سهل وميسور ومضحك .. بل ويميت من الضحك , ولكن المثير للضحك هنا ليس هو انعدام الجديد في المبادرة وإنما هو (التذاكي) أو اصطناع (الدهاء) الذي صار الآن مفضوحا بسببها :

                    إن الجديد هو ورود عبارة (التطبيع الكامل) في المبادرة بدلا من عبارة (السلام الشامل) التي كان الحكام العرب قاطبة يستخدمونها عادة للتعبير عن خيارهم (السلمي الاستراتيجي الأبدي) المزعوم !!!

                    طبعا لا ينتظر من المجامع العربية في دمشق والقاهرة التدخل لحل هذه (المعضلة) , وذلك ليس لعبثية مثل هذا المجهود كما قد يظن بعض (السذج) , وإنما لأن المجامع العربية .. كالشعوب العربية .. مطلوب منها (وفقا لأحد القرارات الاستراتيجية العربية المصيرية الأبدية) عدم التدخل في السياسة وكل ما يتعلق بها حتى الألفاظ والمصطلحات , والعبارتان قد أصبحتا (بوضع اليد) مصطلحين سياسيين (عربيين) لا يجوز الكلام في معنييهما إلا لأهل الاختصاص من الحكام العرب وبعض من قد يخصونهم بشيء مما (أنعم الله به) عليهم من الحكم أو ما يتعلق به من (أسرار ومعارف) !!!

                    (حديث المبادرة سيتواصل)

                    سابـل
                    منتصب القامة أمشي
                    مرتفع الهامة أمشي
                    في كفي قصفة زيتون
                    وعلى كتفي نعشي

                    تعليق


                    • #11
                      المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                      ( 11 )

                      وإذاً .. فها نحن قد وصلنا إلى طريق مسدود , فالفرق بين (التطبيع الكامل) و(السلام الشامل) أمر لا يمكن أن يعرفه إلا (أولو العلم) بالسياسة العربية أصالة أو تبعا , و(أولوا العلم) المذكورون لم يتفضلوا بمحض اختيارهم حتى الآن .. ولا يبدو أنهم سيفعلون ذلك قريبا أو بعيدا .. بكشف شيء يتعلق بما (خص) الله به الحكام العرب من (حق) السلطة والتسلط , ومن ذلك .. (العلم) بالفرق بين (المصطلحين) العتيدين المذكورين , وبطبيعة الحال فإنه لا يجوز لأي (مواطن) عربي حتى مجرد تقديم (التماس) إلى (أولي العلم) أو بعضهم للكشف عن أمر كهذا , لأن مثل هذا (الالتماس) سيكون بحد ذاته خرقا (للقرار الاستراتيجي العربي المصيري الأبدي) بعدم تدخل (المواطن) بالسياسة !!!

                      إلا أن من رحمة الله على العالم .. وعلى السلام الشامل الحقيقي .. وعلى جميع المتطلعين جديا إلى السلام الشامل الحقيقي من مواطني هذه المنطقة .. أن (أولي العلم) من رجال السلطة والسياسة العربية هم أنفسهم قد اختلفوا الآن , وعلى سبك المثل العربي المشهور فإذا اختلف (الساسة) انكشفت (السياسة) .

                      فقد كان العالم .. وكل ما سوى الله عالم .. (يظن!) .. وبعض الظن إثم .. أن كلا من (السلام الشامل) و(التطبيع الكامل) تعبير آخر عن التعبير الآخر عينه , أما وقد وضع(المصطلحان) الآن في مواجهة ومعارضة كل منهما للآخر .. بفضل هذه المبادرة .. فإن العالم كله قد أدرك أن في الأمر ما فيه من (خفايا وأسرار) الخطاب السياسي العربي .

                      ولذا فإنه .. أي العالم .. لن يقبل بعد الآن من العرب أي (خيار) بشأن الصراع في المنطقة .. مهما ترقى في الخطاب الرسمي العربي إلى أعلى الرتب (الاستراتيجية) .. ما لم يعلن الحكام العرب التزامهم الصريح .. قولا وممارسة .. ليس بنص ومضمون العبارتين (الاستراتيجيتين) معا فحسب .. بل وبكل تعبير ومعنى للسلام والتطبيع في جميع اللغات البشرية الحية , وإلا (فعلى المتضرر أن يلجأ إلى القضاء) !!!

                      (حديث المبادرة سيتواصل)

                      سابـل
                      منتصب القامة أمشي
                      مرتفع الهامة أمشي
                      في كفي قصفة زيتون
                      وعلى كتفي نعشي

                      تعليق


                      • #12
                        المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                        ( 12 )

                        ولكن ماذا عن عدم تضمن المبادرة أي كلام عن حق العودة ؟ ألا يمكن أن يكون هذا سببا حقيقيا للتحفظ عليها ؟

                        والجواب هو كلا ونعم .. باعتبارين مختلفين .

                        فأما كلا .. فباعتبار أن العرب .. أقصد الحكام العرب .. أقصد أغلبهم .. لم يبلغوا بعد من الغباء حد التعامل النصي الجدي مع مطلب كهذا , وإنما يقصد بكل كلام يثار حول حق العودة معاني أخرى .. كالتعويض والتوطين في البلدان التي هم فيها أو في بلدان بديلة , وبلا شك مع إمكانية عودة أعداد وفئات لا تتعارض مع مجمل التركيبة السكانية لدول المنطقة .. وخاصة إسرائيل والأردن ولبنان إلى جانب الضفة والقطاع باعتبارهما مشروع دولة فلسطين القادمة , وهذا كله ستتكفل به المفاوضات السلمية التفصيلية النهائية تلقائيا .. سواء بهذه المبادرة أم بدونها .

                        أما الجواب بنعم فإنما يتناسب فقط مع (المبادرة الجماهيرية) التي ربما لم يحملها على محمل الجد سوى صاحبها (الأخ) صاحب (النظرية الثالثة) , هذا إن كان (الأخ) نفسه قد حملها على محمل الجد أصلا , وذلك باعتبار أن عبارة (السلام الشامل) لا تختلف من حيث المعنى .. في هذه الحال .. عن عبارة (الحرب الشامل) أو(الدمار الشامل) , فهذا هو المقتضى الضروري الذي يدركه كل عاقل من تعليق (السلام الشامل المزعوم) على وجوب إعادة ما بين خمسة وسبعة ملايين عربي فلسطيني إلى دولة إسرائيلية الهوية بنحو ثلاثة ملايين مواطن يهودي يشاركهم في المواطنة الآن نحو مليون عربي فلسطيني .

                        فكل من يتحفظ على المبادرة أو يرفضها لأنها أغفلت حق العودة بهذا المعنى فإنه .. في واقع الأمر .. إنما يرفض مبدأ السلام الحقيقي مع دولة إسرائيل من أساسه , ومن ثم فإن كل كلام عن جدية الحكومات العربية في السعي إلى (السلام الشامل) والالتزام به .. ومهما وصف (بالخيار الاستراتيجي الأبدي) .. لا يمكن أن يكون أكثر من محاولة لذر الرماد في العيون , وهي اللعبة عينها التي كان ولا يزال يمارسها أولئك الذين يضعون الآن عبارة (السلام الشامل) في وضع المعارضة والتضاد مع عبارة (التطبيع الكامل) .

                        وبكل هذا الذي تقدم عرضه تكون المبادرة قد تجاوزت وفضحت (السر) أو (التذاكي) أو اصطناع (الدهاء) الذي قد يكون هو المسؤول أساسا عن إجهاض مفاوضات السلام السابقة كلما لاح في الأفق أمل بنجاحها ولو نسبيا أو تدريجيا ؛ وكفى بهذا الفضح والتجاوز والاختراق برهانا على قيمة المبادرة وأهميتها .. أو (فرادتها) وفقا (لعثرة) لسان فخامة الرئيس حسني ذات مرة .

                        (حديث المبادرة سيتواصل)

                        سابـل
                        منتصب القامة أمشي
                        مرتفع الهامة أمشي
                        في كفي قصفة زيتون
                        وعلى كتفي نعشي

                        تعليق


                        • #13
                          المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                          ( 13 )

                          الدلالة الثانية : السلام أقرب كلما أدرك العرب أنهم الأضعف :

                          في مستنقعات النفاق والدجل الاجتماعي والسياسي .. كالبيئة العربية عامة ومنها بيئتنا المحلية هنا في المملكة .. فإن الفرق بين صاحب الرأي المجتهد المخطئ ونظيره المنافق المطبل الكاذب كثيرا ما ينحصر في الهدف المضمر الذي لا يعلم حقيقته سوى الله وصاحب الرأي نفسه .

                          ولذا فإن من العسير جدا .. إن لم يكن من المستحيل .. التفريق الجازم بين الاثنين وفقا لظاهر الحال , فالمنافق لا يستهدف برأيه المعلن سوى بلوغ منطقة الرضى والإعجاب والنرجسية لدى الشخص المستهدف بنفاقه بصرف النظر عن مصداقية الرأي التي يجب أن تكون هي الهدف الوحيد للمجتهد وإن لم يوفق بالضرورة إليها , وهنا هيهات أن يستطيع أحد تمييز المجتهد الصادق المخطئ من المنافق الكاذب المطبل عندما يتفق الاثنان في تسويق رأي تنحصر (مصداقيته) في دغدغة المنطقة النرجسية الضعيفة المشار إليها أعلاه .

                          هذا هو بالضبط ما ينطبق على جميع المشتركين في تلك المباراة الاستعراضية اللفظية الصوتية والكتابية الجارية .. والتي لا تزال حامية الوطيس حتى الآن في أوعية الإعلام العربية عموما والمحلية خصوصا .. لإثبات (الإعجاز) في التوقيت (الرهيب) للمبادرة !!!

                          فبمجرد انصرام الوقت الكافي لامتصاص أثر المفاجأة والدهشة مما حكاه توماس فريدمان عن الأمير عبد الله .. ثم التريث المناسب للتحفظ الاحترازي الضروري بحكم (الخبرة) و(السوابق) .. انطلق جمع من الكتاب والمعلقين العرب والمحليين .. المؤيدين للمبادرة والمتمظهرين بتأييدها على حد سواء .. في استعراض قدراتهم الخطابية .. اللفظية والكتابية .. في إثبات أن الأمر (المعجز) في المبادرة هو (في واقع الأمر وحقيقته يا أخي!) دقة توقيتها !!!

                          وحتى هذه اللحظة فإن (الإجماع) على ذلك لا يزال (منعقدا) بين أولئك (الرفاق الأضداد) , وما استمرار هذه المباراة بينهم إلا لتقديم (المزيد) من (البراهين) في إثبات وتثبيت (محل الإجماع) و(تحريره) من (شبه) التهوين والتردد والتشكيك مهما اقتضى ذلك المنهج العلمي الذي قد يكثر بين أولئك (الرفاق الأضداد) أنفسهم التلمظ به عند (الحاجة) , وهو ما يشكك في قيمة أي (إجماع) لا يتمايز فيه الأضداد إلا بالنيات .

                          والحق .. أي بعيدا عن أجواء النفاق الصريح وكل ما يلتبس به .. هو أن أسوأ ما في المبادرة هو توقيتها بالذات , فقد جاءت في ظرف تأريخي تمرغت فيه أنوف العرب وسمعتهم في الوحل .. وتعروا أمام أنظار العالم .. أكثر من أي وقت مضى على الإطلاق , وذلك على كثرة ما عانوا في تاريخهم .. وخاصة المتأخر والحديث .. من ضروب العري والتمرغ والتمريغ .

                          هذا بالنسبة للعرب أنفسهم أما من الجهة المقابلة لهم في قضية الصراع .. أي دولة إسرائيل .. فإن المبادرة قد جاءت في حكم الهدية لواحد يعد من أقذر وأحقر السفلة المجرمين الذين أتاحت لهم الظروف اعتلاء قمة السلطة في بلد ينتمي إلى عالم ما بعد هتلر , ومما يزيد في سوء ذلك .. إن كان ثمة مكان للمزيد .. هو أن الظروف المشار إليها إنما هي .. بالنسبة لوصول الحقير المذكور إلى السلطة .. ظروف قد أسهم العرب أنفسهم .. وبشكل أساسي .. في تهيئتها وتكوينها .

                          فإذا كان الحال كذلك .. وهو قطعا كذلك .. فكيف يجسر من يملك أي قدر من احترام الذات .. حتى وإن لم ينتظر منه أي قدر من احترام المستهدف أو المستهدفين بخطابه .. أن يطلق لسانه في دعوى (الإعجاز) التوقيتي المذكور ؟

                          أفلا يجدر بمثل هذا الادعاء أن يوصف بين العقلاء الشرفاء .. مهما اختلفت جذريا منطلقاتهم وتوجهاتهم في أصل الموضوع .. بأنه مما يتدنى إلى أسفل الطبقات التي يمكن أن يبلغها اللسان من الفجور والعهر ؟؟؟

                          (حديث المبادرة سيتواصل)

                          سابـل
                          منتصب القامة أمشي
                          مرتفع الهامة أمشي
                          في كفي قصفة زيتون
                          وعلى كتفي نعشي

                          تعليق


                          • #14
                            المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                            ( 14 )

                            لقد اشتهر عن بنيامين نتنياهو .. رئيس وزراء إسرائيل الأسبق .. قوله أثناء حملته الانتخابية التي فاز فيها قبل سنوات معدودة بأغلبية كبيرة : (كلما شددت على أيدي العرب كلما كانت أيديهم أكثر طراوة ونعومة) , وكان بذلك يلخص السياسة التي مارسها فعلا عندما استلم السلطة في التعامل مع (أبناء عمومته) العرب , فقد كان طوال مدة وجوده بالسلطة يمارس الشد على (الأيدي) العربية (ليتلذذ) بالنعومة التي كان يتحسسها تزيد كلما زاد في الشد !!!

                            ولكن الشعب الإسرائيلي.. مع ذلك .. أسقط ذلك (النتن ياهو) بلطمة انتخابية مشهورة جعلته لا يترنح فقط عن السلطة لصالح غريمه العمالي .. إيهود باراك .. وإنما يعتزل العمل السياسي كله .. ولو على الأقل إلى حين لم يحن حتى الآن , وكانت تلك اللطمة مثالا رائعا لإحدى المعجزات الحقيقية للديموقراطية التي لا تزال (المعلقات) العربية الرسمية والشعبية .. القومية والدينية .. تتبارى في هجائها وسرد (معايبها) و(توضيح) وجوه (قصورها) نسبة إلى ما (تتميز!) به (خصوصياتنا!) النقية .. بحمد من لا يحمد على مكروه سواه .. من كل (شائبة) ديموقراطية !!!

                            فبصرف النظر عما يثيره عادة أولئك المنغمسون .. من قومنا .. حتى آذانهم في الاستبداد والطغيان .. ثقافة أو ممارسة أو هما معا .. من التفاهات حول جدية ومصداقية الديموقراطية في إسرائيل فإن الجمهور في المجتمع الديموقراطي قد ينخدع بعض الوقت في ما يتخذه من قرارات ومواقف ببعض الخدع الخطابية الاستعراضية أو ما هو في حكمها من الأفعال والممارسات , إلا أنه لا يحتاج إلى وقت طويل ليغير مساره وقراره متى ما تكشف الواقع عن أمر لم يكن هو المتوقع أو المرغوب عند أغلبيته .

                            لقد رفع الشعب الإسرائيلي حينذاك الزعيم العمالي المشار إليه .. باراك .. إلى سدة الحكم بنسبة عالية تجاوبا مع وعود انتخابية بتحقيق السلام بأسلوب مختلف .. نسبيا .. عن أسلوب (الشد على الأيدي) المعروف عن الليكود بوجه عام .. والذي عبر عنه واتبعه نتنياهو شخصيا , ولكن العرب ما إن استشعروا أن الضغط النتنياهوي الليكودي بدأ يتراخى .. ولو قليلا .. حتى انطلقوا .. بما يدخرونه عادة لمثل هذا الظرف من خطب وتصريحات وهدير وسائل إعلام .. في (بيان) أنه لا فرق (في الحقيقة العربية الحقانية الحقوقية المستحقة) بين (رأسي الأفعى) !!!

                            ولذا فلم يستمر التأزم المزمن فحسب .. بل اشتد , وأجهضت كل المحاولات التي كانت ستنتهي .. على الأقل .. إلى وضع أفضل مما آلت إليه الأمور بعد ذلك ولا تزال عليه , ولذا أيضا فإن الشعب الإسرائيلي ما لبث أن وجه إلى باراك العمالي لطمة أقسى من تلك التي ترنح لها سلفه الليكودي .. متحولا بذلك مرة أخرى إلى (نتن ليكودي يميني) آخر , ولكنه (النتن) الذي يعد هو الأكثر (نتانة) من أي (نتن) سابق في تاريخ رئاسة السلطة الإسرائيلية على الإطلاق , فقد كان (النتن) هذه المرة هو شارون الذي لم يكن سالف تاريخه .. ناهيك عن حاضره الماثل الآن .. سوى شاهد صدق على أن عالما لا يزال هذا الوغد وأمثاله .. من أي جنس أو عرق أو لون .. يجدون فيه ملاذا خارج حظائر الوحوش الضواري .. هو عالم لا يزال قصيا عن الحد الأدنى لما يتطلع إليه جميع الصادقين المخلصين من ذرية آدم في التطلع إلى السلام والحرية والكرامة والعدل والخير العام للجنس البشري كله .

                            ثم إن مما ضاعف المصاب العربي أضعافا مضاعفة أن يكون هذا الوقت (الشاروني القبيح) هو عينه الوقت الذي تدنت فيه كرامة العرب وجدارتهم بالاحترام .. في أنظار العالم كله .. إلى أدنى حد تم بلوغه حتى الآن .. إن لم يكن هو أدنى ما يمكن بلوغه في أي وقت على الإطلاق , وذلك .. كما هو معروف .. بسبب أحداث سبتمبر الماضي وما ترتب عليها من الفضح والإشهار الرسمي والإعلامي الشعبي في الدول العظمى .. وخاصة في أمريكا .. لما كان قبل تلك الأحداث مستورا .. أو كان (مبررا) و(مغفورا) .. من تخلف العرب وكل ما هو مخجل ومدان .. أخلاقيا ودينيا وإنسانيا .. في واقعهم وعلاقاتهم ببعضهم وبغيرهم .

                            فأي توقيت لمثل هذه المبادرة .. النبيلة حقا .. (أعني النبيلة في ذاتها بصرف النظر عن خفايا الحسابات والمقاصد إن وجدت) .. يمكن أن يكون أسوأ من مثل هذا التوقيت ؟!؟!؟!

                            أو قل .. فأي توقيت سابق أفضل من هذا التوقيت في إثبات أن العرب كلما تم فضحهم أكثر .. وإشهار عيوبهم وتخلفهم وضعفهم أكثر .. وكلما تم إشعارهم أكثر بالهوان والضعة وعدم الاحترام .. كلما كانوا أقرب إلى الاستجابة لما كان يجب عليهم أن يفعلوه .. لأنفسهم أساسا .. قبل ذلك ودونه ؟!؟!؟!

                            (حديث المبادرة سيتواصل في حلقته الأخيرة)

                            سابـل
                            منتصب القامة أمشي
                            مرتفع الهامة أمشي
                            في كفي قصفة زيتون
                            وعلى كتفي نعشي

                            تعليق


                            • #15
                              المبادرة السعودية .. (أم) المبادرات

                              ( 15 )


                              إن الوقت الأفضل والأمثل لهذه المبادرة وأمثالها من كل الأوقات التالية بعده .. كان وقت التقسيم قبل أكثر من خمسين سنة , وكل عاقل مدعو هنا إلى أن يتخيل مدى وحجم ما كان يمكن .. بذلك .. للمجتمعات العربية أن تتجنبه من التخبط في متاهات الاستقطاب الدولي والإقليمي والمحلي .. ومن التخلف والتنشئة الغوغائية السياسية والإعلامية والتعليمية والاجتماعية .. ومن المصائب والمزايدات والمؤامرات والانقلابات وإضاعة الوقت والجهد والمال .. إلى غير ذلك من ضروب الأضرار العامة الفادحة التي لو زالت القضية المسببة لها .. حالا الآن .. فإن التعافي منها يحتاج من الوقت والجهد والمال والأجيال ما الله وحده به عليم .

                              وأما إذ ضاع ذلك لأمور ليس من أبسطها افتقار العرب حينذاك إلى وجود كياني سياسي حقيقي .. ولو بالحد الأدنى في مناسبة الوجود المعني للعصر الذي كان العرب يعيشون فيه .. فإن الوقت الأمثل والأفضل لهذه المبادرة وأمثالها من كل ما أتى بعده هو السنوات السابقة لحرب 1967 .

                              وإذ ضاع ذلك لصالح الخطاب الناصري القومي المحتقن بالشعارات والوعود الغوغائية الزائفة بقذف الجسم الدخيل إلى البحر .. فإن الوقت الأمثل والأفضل لهذه المبادرة وأمثالها من كل ما أتى بعده كان وقت مبادرة السادات بعد حرب 1973 لو أحسن العرب استثمارها .

                              وإذ ضاع ذلك بمنطق اللاءات والمزايدات (الخرطومية) وما تلاها .. فإن الوقت الأمثل والأفضل لهذه المبادرة وأمثالها من كل ما أتى بعده هو أيام رئاسة إسحاق رابين .. التي أمضاها الخطاب الإعلامي الرسمي العربي باجترار الكلام عن التاريخ العسكري القمعي للرجل الذي .. بحق .. لم يعرف تاريخ الزعامات الإسرائيلية مثله جدية وجدارة بالثقة والتصديق , وكأن الحكام العرب .. بمسلكهم هذا .. كانوا يتطلعون إلى اليوم الذي يستطيعون فيه التعامل مع زعيم قومي عربي (كأحدهم) سيتمكن من اعتلاء قمة السلطة في دولة إسرائيل !!!

                              وإذ ضاع ذلك فإن الوقت الأفضل والأمثل لهذه المبادرة هو الوقت الدقيق الحرج الذي مضى قريبا في آخر عهد كل من الرئيس بيل كلينتون في أمريكا .. وإيهود باراك في إسرائيل , فبتجاوز ما قد يجادل فيه البعض في مدى صدق وموثوقية أحد الرجلين أو كليهما .. وهما على أية حال أفضل في ذلك قطعا ممن أتي بعدهما في الدولتين المذكورتين معا .. فإن من الأسباب الشخصية لكل منهما ما دفعه إلى تجنيد أقصى قواه وإمكاناته .. للوصول بالمفاوضات بين العرب وإسرائيل إلى السلام .. أو إلى بداياته الحقيقية على الأقل , ولكن ذلك الوقت قد ضاع أيضا لأسباب قد يطول شرحها , ولكنها لا تخرج إجمالا عن الأسباب التي أضاعت ما قبله .

                              أما وقد ضاع كل ذلك فإن مما لا شك أن العرب الآن يعيشون أسوأ وقت لتقديم مثل هذه المبادرة في كل ما مضى من تاريخ صراعهم مع دولة إسرائيل على الإطلاق .. أكرر .. كل ما مضى على الإطلاق .

                              ولكن مهلا ..

                              فقبل أن ينتهي بنا ذلك السرد للأوقات وفرصها الضائعة إلى الاستنتاج الخطأ .. فإن مقتضى هذا السرد نفسه يوجب الإشارة إلى وقت آخر لم يرد ذكره في كل ذلك , وهو وقت يقدر أنه سيكون هو الأسوأ لتقديم هذه المبادرة حتى من هذا الوقت الأسوأ الحالي الآني المعاش .

                              وهو وقت لم يذكره أولئك المتسابقون في (إثبات) التوقيت (الرهيب) للمبادرة .

                              إنه الوقت القادم ..

                              فبمجرد تحول ذلك (المستقبل) إلى (آن) سينضاف تلقائيا الوقت الحالي المعاش إلى ما سبقه في خبر كان من الأوقات الضائعة الخوالي .

                              فهذا الوقت الحالي المعاش .. إن ضاع هو أيضا بالمزايدات العربية المألوفة .. والتي أشار إليها الأمير سعود الفيصل في المؤتمر الصحفي المنعقد عصر اليوم في بيروت بعد انتهاء مؤتمر القمة هناك .. فإن العرب حينذاك سيتذكرون ذلك كما يتذكرون اليوم ما قبله من الأوقات السالفة الضائعة التي كانوا سيحصلون في كل منها على ما لا يمكن تحصيله في ما بعده , والتي كانوا سيحصلون في أقدمها على ما لا يمكن أن يحلم بحصولهم عليه الآن أي عاقل من العرب والعجم أجمعين .

                              هذا هو ما يقتضيه القياس عند العقلاء الذين يعملون بالقياس ..

                              وهذا .. مع أمور أخرى لا يتسع لها المقام .. هو ما قامت هذه المقالة الطويلة والمملة على اعتباره في تأييد هذه المبادرة النبيلة والفريدة .. والشجاعة في مواجهة الذات .. من الأمير عبد الله بن عبد العزيز , والتي لن تنفك في التاريخ عن اسمه وإن أصبحت ابتداء من ظهر هذا اليوم الخميس 28/3/2002 مبادرة عربية وفقا لأحد قرارات مؤتمر القمة المنعقد في بيروت , ولكنها قرارات أثبتت (السوابق) .. مع شديد الأسف .. أنها قد لا تعني صادق النوايا .

                              (وهنا يتوقف حديث المبادرة عن التواصل)

                              وعلى طريقة مقدم (سري للغاية) أقول لجميع المتابعين الكرام : طابت أوقاتكم .

                              سابـل
                              منتصب القامة أمشي
                              مرتفع الهامة أمشي
                              في كفي قصفة زيتون
                              وعلى كتفي نعشي

                              تعليق


                              • #16
                                ؟؟؟؟؟

                                هل صدقتم الآن ما التفت إليه الموضوع ؟؟؟
                                وبالذات ما جاء في آخره ؟؟؟
                                هل أجبركم شارون على ذلك ؟؟؟

                                إننا .. أيها السادة بلا أية سيادة .. في كل عام (نرذلون) أكثر .. فأكثر .. فأكثر !!!

                                سابــل
                                منتصب القامة أمشي
                                مرتفع الهامة أمشي
                                في كفي قصفة زيتون
                                وعلى كتفي نعشي

                                تعليق

                                Working...
                                X