( 1 )
عندما سمعت لأول مرة من أخبار قناة الجزيرة الكلام المنقول عن فريدمان حول لقائه بولي العهد .. الأمير عبد الله بن عبد العزيز .. وما صرح به سموه للرجل عن رؤيته للسلام مع دولة إسرائيل .. اصطخب في ذهني فورا أمران .. بدا كل منهما .. لحظتها .. دليلا بحد ذاته على وجود خطأ ما في أصل الخبر وأساسه :
أولهما : عبارة (التطبيع الكامل) مع إسرائيل !!! وهي عبارة لا يحتاج من يعرف ويعترف بالوظيفة الأساسية للغة إلى أي إضافة أو تفسير لإدراك مراميها وأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ؛ لاسيما وأن لفظ (التطبيع) ذاته كان .. منذ زيارة السادات العتيدة للقدس .. قد انتقل في قاموس (المزايدات) العربية إلى قائمة الزندقة والمروق والإباحية والخيانة العظمى ونحو ذلك من الألفاظ الوبائية الجرباء التي أصبح يلزم كل مواطن عربي (صالح) .. ولو بالحد الأدنى (للصلاحية) .. تجديد إعلان براءته من مضمونها .. بلسان الحال فضلا عن المقال .. كلما جد في ظروف الصراع (الإسراطيني !) ما يقتضي هذا التجديد ؛ فكيف إذا اقترن لفظ (التطبيع) بلفظ تأكيدي جامع مانع صارم مثل لفظ (الكامل) ؟ ثم كيف وهولا يصدر أو ينقل عن القيادة السعودية فحسب .. وإنما عن عبد الله بن عبد العزيز شخصيا !!!
والثاني : أن الناقل لهذا الكلام عن الأمير عبد الله هو توماس فريدمان , وما أدراك ما توماس فريدمان ؟ إنه ذلك الشخص الذي أصبح .. منذ أحداث سبتمبر 2001 .. يحتل في الإعلام العربي عموما .. والمحلي منه خصوصا .. رتبة الشقيق المخلص الوفي لإبليس ؛ تساءلت وقتها مذهولا : كيف تمكن شخص (كهذا !) من الحصول على تأشيرة الدخول إلى هنا أصلا ؟! أما أنه قد وصل فعلا .. ثم لم يعد سالما فحسب .. بل سالما وغانما بمقابلة ولي العهد شخصيا .. وفوق هذا كله ترتفع الغنيمة إلى مستوى هذه القذيفة الفجائية المدوية المجلجلة التي يفجرها هو شخصيا عن ولي العهد نفسه شخصيا !!! لا .. لا .. هذا أمر يحتاج مجرد التفكير باحتمالية وقوعه .. أكرر: مجرد التفكير باحتمالية وقوعه .. إلى التهيئة والتهدئة ببضع حبات من الفاليوم أو ما هو في حكمها من السوائل أو الجوامد !!!
إلا أني .. وبحمد الله .. لم أحتج ليلتها إلى أي مقدار من الفاليوم أو ما في حكمه من السوائل أو الجوامد (علما بأني لو احتجت لم أجد .. إذ لم أتعود أن أجد) .. فما حان وقت النوم حتى كنت قد تمكنت .. أو هكذا بدا لي .. من التخلص من تأثير الخبر الذي تراجع في الذهن .. ليس فقط إلى ما هو دون ذلك المستوى الفوق فوق استثنائي الذي استقبلته به .. وإنما إلى كونه .. إن كان له أي أساس من الصحة أصلا .. مجرد (فقاعة) سياسية إعلامية سيتم التخلص منها بالطريقة والوقت المناسبين ؛ كنت أتباهى بنفسي أمام نفسي بسرعة الأوبة إلى الواقع باستدعاء حقائق (الخصوصية) و(التاريخ) و(الجغرافيا) و(الحساب) و(الهندسة) وبقية الجدول .. وأتنرجس : (علينا يا سمو الأمير هذه الألاعيب الاحتوائية ؟!!!) .
إلا أن هذا المستوى من (الوعي) الذي بدا لي أنني كنت قد بلغته تلك الليلة لم يمنع من أن تكون (الفقاعة) إياها هي الحدث الأبرز في كل ما كانت تتحسسه حاستا السمع والبصر في وسائل الإعلام المختلفة .. ابتداء من برنامج (العالم هذا الصباح) في إذاعة BBC العربية صبيحة اليوم التالي .
ولكن .. والحق يقال .. كل ما كنت أتوق إليه من ذلك هو مجرد التسلية بتتبع ما ستحظى به تلك (الفقاعة) من ردود الفعل (الساذجة) التي لن تلبث .. إيجابية كانت أم سلبية .. إلا قليلا قبل أن تتلقى (الدش الساقع) الذي سيعيدها إلى بلاعيم أصحابها مصحوبة بمرارة يعرفها جيدا أصحاب (السوابق) في ابتلاع أمثالها , وخاصة أمثالي ممن أكسبهم عمق الإحباط من تكرار (التصريحات) ثم (التوضيحات) .. على اختلاف ألوانها وأحجامها ومجالاتها ومصادرها .. حصانة أبدية من بناء الأحلام على الأوهام !!!
وأقول .. وبمنتهى الصراحة .. لقد بقيت جل الأيام الفائتة .. ومنذ ليلتي المذكورة آنفا .. أشاهد وأسمع ردود الفعل .. في الصحافة والمحطات الفضائية الإذاعية والتلفزيونية والمنتديات الإنترنتية .. دون أن تفارقني (التبويزة) التهكمية الممزوجة بميل غير مخلص إلى الابتسام .. أو ما قد يسمى في اللغة الدارجة بالضحكة أو البسمة الصفراء .. وهي حالة تتلبسني أحيانا .. وبشكل قسري .. على الرغم من مقتي الشديد لها ولأهلها ولكل مستنقعات النفاق السياسي والتجاري والوظيفي والديني التي تمثل مستوطناتها الطبيعية .
(حديث المبادرة سيتواصل)
سابـل
عندما سمعت لأول مرة من أخبار قناة الجزيرة الكلام المنقول عن فريدمان حول لقائه بولي العهد .. الأمير عبد الله بن عبد العزيز .. وما صرح به سموه للرجل عن رؤيته للسلام مع دولة إسرائيل .. اصطخب في ذهني فورا أمران .. بدا كل منهما .. لحظتها .. دليلا بحد ذاته على وجود خطأ ما في أصل الخبر وأساسه :
أولهما : عبارة (التطبيع الكامل) مع إسرائيل !!! وهي عبارة لا يحتاج من يعرف ويعترف بالوظيفة الأساسية للغة إلى أي إضافة أو تفسير لإدراك مراميها وأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ؛ لاسيما وأن لفظ (التطبيع) ذاته كان .. منذ زيارة السادات العتيدة للقدس .. قد انتقل في قاموس (المزايدات) العربية إلى قائمة الزندقة والمروق والإباحية والخيانة العظمى ونحو ذلك من الألفاظ الوبائية الجرباء التي أصبح يلزم كل مواطن عربي (صالح) .. ولو بالحد الأدنى (للصلاحية) .. تجديد إعلان براءته من مضمونها .. بلسان الحال فضلا عن المقال .. كلما جد في ظروف الصراع (الإسراطيني !) ما يقتضي هذا التجديد ؛ فكيف إذا اقترن لفظ (التطبيع) بلفظ تأكيدي جامع مانع صارم مثل لفظ (الكامل) ؟ ثم كيف وهولا يصدر أو ينقل عن القيادة السعودية فحسب .. وإنما عن عبد الله بن عبد العزيز شخصيا !!!
والثاني : أن الناقل لهذا الكلام عن الأمير عبد الله هو توماس فريدمان , وما أدراك ما توماس فريدمان ؟ إنه ذلك الشخص الذي أصبح .. منذ أحداث سبتمبر 2001 .. يحتل في الإعلام العربي عموما .. والمحلي منه خصوصا .. رتبة الشقيق المخلص الوفي لإبليس ؛ تساءلت وقتها مذهولا : كيف تمكن شخص (كهذا !) من الحصول على تأشيرة الدخول إلى هنا أصلا ؟! أما أنه قد وصل فعلا .. ثم لم يعد سالما فحسب .. بل سالما وغانما بمقابلة ولي العهد شخصيا .. وفوق هذا كله ترتفع الغنيمة إلى مستوى هذه القذيفة الفجائية المدوية المجلجلة التي يفجرها هو شخصيا عن ولي العهد نفسه شخصيا !!! لا .. لا .. هذا أمر يحتاج مجرد التفكير باحتمالية وقوعه .. أكرر: مجرد التفكير باحتمالية وقوعه .. إلى التهيئة والتهدئة ببضع حبات من الفاليوم أو ما هو في حكمها من السوائل أو الجوامد !!!
إلا أني .. وبحمد الله .. لم أحتج ليلتها إلى أي مقدار من الفاليوم أو ما في حكمه من السوائل أو الجوامد (علما بأني لو احتجت لم أجد .. إذ لم أتعود أن أجد) .. فما حان وقت النوم حتى كنت قد تمكنت .. أو هكذا بدا لي .. من التخلص من تأثير الخبر الذي تراجع في الذهن .. ليس فقط إلى ما هو دون ذلك المستوى الفوق فوق استثنائي الذي استقبلته به .. وإنما إلى كونه .. إن كان له أي أساس من الصحة أصلا .. مجرد (فقاعة) سياسية إعلامية سيتم التخلص منها بالطريقة والوقت المناسبين ؛ كنت أتباهى بنفسي أمام نفسي بسرعة الأوبة إلى الواقع باستدعاء حقائق (الخصوصية) و(التاريخ) و(الجغرافيا) و(الحساب) و(الهندسة) وبقية الجدول .. وأتنرجس : (علينا يا سمو الأمير هذه الألاعيب الاحتوائية ؟!!!) .
إلا أن هذا المستوى من (الوعي) الذي بدا لي أنني كنت قد بلغته تلك الليلة لم يمنع من أن تكون (الفقاعة) إياها هي الحدث الأبرز في كل ما كانت تتحسسه حاستا السمع والبصر في وسائل الإعلام المختلفة .. ابتداء من برنامج (العالم هذا الصباح) في إذاعة BBC العربية صبيحة اليوم التالي .
ولكن .. والحق يقال .. كل ما كنت أتوق إليه من ذلك هو مجرد التسلية بتتبع ما ستحظى به تلك (الفقاعة) من ردود الفعل (الساذجة) التي لن تلبث .. إيجابية كانت أم سلبية .. إلا قليلا قبل أن تتلقى (الدش الساقع) الذي سيعيدها إلى بلاعيم أصحابها مصحوبة بمرارة يعرفها جيدا أصحاب (السوابق) في ابتلاع أمثالها , وخاصة أمثالي ممن أكسبهم عمق الإحباط من تكرار (التصريحات) ثم (التوضيحات) .. على اختلاف ألوانها وأحجامها ومجالاتها ومصادرها .. حصانة أبدية من بناء الأحلام على الأوهام !!!
وأقول .. وبمنتهى الصراحة .. لقد بقيت جل الأيام الفائتة .. ومنذ ليلتي المذكورة آنفا .. أشاهد وأسمع ردود الفعل .. في الصحافة والمحطات الفضائية الإذاعية والتلفزيونية والمنتديات الإنترنتية .. دون أن تفارقني (التبويزة) التهكمية الممزوجة بميل غير مخلص إلى الابتسام .. أو ما قد يسمى في اللغة الدارجة بالضحكة أو البسمة الصفراء .. وهي حالة تتلبسني أحيانا .. وبشكل قسري .. على الرغم من مقتي الشديد لها ولأهلها ولكل مستنقعات النفاق السياسي والتجاري والوظيفي والديني التي تمثل مستوطناتها الطبيعية .
(حديث المبادرة سيتواصل)
سابـل
تعليق