اعلان

Collapse
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أمير الشعراء

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
إضافات جديدة

  • أمير الشعراء



    " ياسيداتى .. يا أميراتى الحسان ..
    وصرخت يا ( دانتى) أغثنى ! .. جاءنى شيخ وضىء كالمسيح ،
    اكليل قديسين يشرق فوق جبهته العريضة
    - يا أيها الشيخ الجليل ..
    الغابه السوداء تعرفها اذا عز الدليل ،
    التيه .. لانجم هنالك أو فتيل
    والهول .. وحش بعد وحش بعد وحش
    باللّه كن أنت الدليل !
    - الحب .. ليس سواه في الغابات درب .
    - يا شيخ قل شيئاً يرد الروح .. حب .. أى حب ؟ !
    الحب في الأسواق قنطار بقرش !
    - في أي قرن أنت ؟
    - في قرن له قرنان ..
    - في العشرين ؟
    كان اللّه في عون الجميع !
    أرجو لك التوفيق .. دعنى أنصرف ..
    - باللّه قف ..
    - لافائده ..
    ما عملتى ( الكلحاء ) في السوق الجديد ؟
    هل قلت " قنطار بقرش " ؟
    - قبل الفصال ..
    - اذن وداعا يا بُنَى
    - خذنى معك
    - لا أستطيع
    - رحماك خذنى لو تشاء من الجحيم
    إلى الجحيم ،
    فلقد مللت الضرب في هذا السديم !
    ما كذب الشيخ الخبر
    فتبعته ، لكننى قبل الجحيم ،
    قابلت أشباحا تهوم في الفراغ بلا هدف .
    - لكأنها يا شيخ ذوات الغبار ،
    عمياء .. تسبح فى ضياء الشمس .. حيرى ..
    لاتسير ولا تقف .
    فأشار شيخي باحتقار :
    - أللامكان
    لا بالجحيم ولا النعيم .
    هذا مقر التافهين الجوف والمتنطعين ،
    عاشوا وماتوا في الهوامش قابعين .
    - لامنتمين !
    - مثل القواقع والقنافذ والسلاحف ،
    ( من كان يطرب للقوافى فليضف لفظ الزعانف ) !
    كانت فلورنسا كما المركب نهبا للعواصف ،
    كانت كما أم تفتش عن بنيها ..
    مجنونة .. في ليل زلزال رهيب.
    كانت كما طير يعود مع المغيب ،
    فيرى الأفاعى تسكن العش الحبيب ،
    آها .. فلورنسا التعيسة !
    كانوا عليها يزحفون .
    ( السود ) كانوا يزحفون كما خنافس ،
    - كانوا كما الجاموس يقتحم الكنيسة ،
    والتافهون الجوف من أبراجهم يتفرجون ،
    هيا بنا هيا .. فما للفارغين سوى الفراغ :
    - مهلا .. فثمة لى سؤال .
    ماذا على الشعراء لو لزموا الحياد ..
    في زحمة الألوان .. ظلوا كالرماد ،
    كالماء .. لا لون لهم ،
    وليذهب الشيطان بالألوان طرا .
    فالشعر شىء والسياسة ..
    شىء سواه .
    كالماء والقطران من حيث الكثافة !
    - يا للسخافة !
    من قال هذا ؟
    - هم يقولون الكثير
    - فليذكروا من عصر " هوميروس " حتى عصركم هذا الحقير ،
    إسما لعملاق من الشعراء كان بغير لون !
    - ملأوا من الأسماء آلاف الفهارس .
    - هذي خنافس ..
    في الليل تزحف بالألوف .
    لتعود في ضوء النهار إلى الجحور !
    - ما الشعر ؟ .. هلا قلت يا دانتى لهم ،
    فحسمت بيني في الخلاف وبينهم .
    البعض قال بأنه فن التلاعب بالصور ،
    والبعض قال بأنه فن التلاعب بالنغم ،
    وأقول قانون الدراما سره المكنون في كل العصور .
    - أنا لا أحب الخوض في هذي الأمور .
    بالرغم من أني أميل لما تقول ،
    فاكتب ودعك من الذين يثرثرون !
    - ما زال لغز في الجراب بلا جواب
    في أى شىء تنظم الأشعار ؟
    - ما هذا السؤال ؟
    في كل شىء بالبداهة !
    - ويظل شعرا ؟
    - ان يكن من خلق شاعر !
    قالوا : لغَزَّلٍ صَنَّعٍ ؛ يمكن الغزل الرفيع ..
    حتى بسـاقٍ للحمار !
    من أرضكم هذا المثل ..
    فيما أظن .
    - ياسيدى كم دوخونا بالجدل ،
    قالوا بأن الشعر مثل الحلم أضغاث بلا معنى .. رموز ،
    هذيان محموم ، تعاويذ لساحر ،
    ورؤى بدائى يرى الأشياء من أحداق طفل ..
    بحرا هَيُوليا يموج بغير شكل ،
    فمعارك الطبقات شأن الاجتماع ،
    ومعارك الأحزاب من شأن " السياسة "
    والفكر والأفكار شـأن " الفلسفة "
    وهلم جرا .. ثم جرا .. ثم جرا !
    - هل بينهم من قال أنى لست شاعراً ؟
    - حاشاك .. ليسوا يجرؤون !
    بل هم لذكرك يسجدون ،
    ويزخرفون بك المقالات الطويلة ..
    في غير داع - أغلب الأحيان - بل ويقدمونك ..
    واللّه في تبت المراجع والفهارس !
    - مهذبون
    حسنا أراهم يفعلون .
    والآن قل لي : حاقد أنت عليهم أم على ؟ !
    - ياشيخ صبرك ..
    - لم يعد في الطوق صبر !
    - صنفان هم : لايقرأون ،
    أو يقرأون ولا يعون .
    - الفارغون !
    فليقرأوا لي المأدبه ..
    اقرأتها ؟
    - لا والذي حرم الحمير الجنزبيل !
    - انى طهوت بها صنوف المعرفة ،
    ودعوت كل الجائعين :
    " خبزى ويكفي للألوف ،
    ولدى مازال الكثير ،
    هذا هو الضوء الجديد ،
    هذي هي الشمس الجديدة ،
    اليوم تبزغ للوجود ..
    من حيث غابت في الدجى الشمس العجوز "
    لا .. لا يضير الشعر أن يصبح خبزاً للجياع ،
    لكن يضار الشعر أن أصبح فأراً في المجاعة !
    هيا بنا ..
    ونزلت والشيخ الجحيم ،
    حتى وصلنا تاسع الأدوار فانعقدت على الوجه الوضىء ،
    سحب من الحزن العميق ،
    ومن المرارة والغضب ،
    - هذا مقر الخائنين !
    - كم كنت تكرههم ..
    - كما تكره لصا يسرق القرية في ليل الحريق !
    منكوبة كانت فلورنسا بهم .. بالخائنين .
    يا ليت كانت للخيانة ..
    رأس .. اذن لقطعتها .
    اضرب معي .. اضرب على هذي الرؤوس .
    دس فوقها بالنعل ، دس فوق المجوس !
    ( فليلعن اللّه الخيانة والقوافي ..
    لابد من لفظ على وزن الرؤوس ! .. )
    رحنا ندوس .
    - إنى لأعجب .. كيف للقلب السماوى الرهيف ،
    أن يعرف الكره العنيف !
    - بل ليس يعرف كيف يعشق
    من ليس يعرف كيف يكره .
    ولقد عرفت الكره في المنفى .. وذقت مرارة " الخبز الغريب " (6)
    وضربت في الآفاق من غير اتجاه ،
    " كسفينة حيرى تسير بغير دفة ..
    وبلا شراع …" (7)
    - يا للضياع !
    - الشمس كانت يابُنَىّ تروح ثم تعود في عرس الصباح ،
    والطبر كان يعود للأعشاش في ركب المغيب ،
    وتعود للأشجار أفراح الربيع ،
    والموج يوغل في البعيد ،
    ويعود للشطآن لهثا من جديد ،
    إلا أنا ..
    إلا أنا .. كالطفل يرقب أمه تغرق لايملك إلا أن ينوح ،
    ويدق رمل الشط بالقدمين ، بالكفين ، يرفع للسما عينيه ،
    يسأل معجزة ،
    والموج يُغْلق فجأة فكيه ، ثم يخيم الصمت العميق ،
    ويطول .. طال الصمت .. طال بلا نهاية ،
    والطفل مصلوب .. يحدق .. ينتظر !
    - بل كنت أنت الطفل يغرق بينما أم تنوح .
    - كم تعشقون " اللت والعجن " الكثير !
    - ما الفرق ؟
    - ثمة ها هنا فرق كبير
    الأم كات لاتبالي ، كنت منها قيد شعرة ،
    ولكم مددت ذراعى ، كم صرخت ، فلم تجد حتى بنظرة ،
    مارق يوما قلبها .. كانت كهرة ،
    من قال فيكم ذات مرة :
    " فيالك هرة أكلت بنيها * وما ولدوا وتنتظر الجنينا " ؟!
    - هذا أمير الشعراء ..
    شوقى ..
    - أفيكم أمراء ؟ !
    - فينا الخطايا السبع ، فينا ما تشاء ..
    حتى أمير الرقعاء !
    لكن هذا ليس موضوع الحديث .
    - عن أى شيىء يا ترى كان الحديث ؟
    - عن هرة أكلت بنيها !
    - رباه .. كم أحببت عينيها ..
    - بياتريس ؟
    فلورنسا الحبيبة !
    كم لاعنى المنفى ، كما لو كان مصهور الحديد في جوفى ..
    أتدرى ما الجحيم ؟ !
    - ها نحن فيه من الصباح !
    - لا .. ليس هذا .. فالجحيم ،
    هو أن تعيش بلا وطن ،
    وتموت في المنفى ، وتدفن في تراب الآخرين !
    - الآن اذكر أغنية ،
    كانت تُـغَـنَّى في المآتم عندنا ،
    " ودا قبر مين اللي ما حَدْ يروح لُه
    قبر الغريب اللي ما جُولُه أهلُه
    ودا قبر مين اللي البقر داسُـه
    قبر الغريب اللي هَجَرْ ناسه
    ودا قبر مين اللي البقر هَـدُّه
    قبر الغريب اللي هجر أرضه "
    - من قال هذا الشعر ؟
    - لايدرى أحد
    هذا يسميه " الثقاة " الفولكلور !
    - الشعر عندكم بخير ،
    ما دام هذا بينكم :
    " ودا قبر مين اللي البقر هده
    قبر الغريب اللي هجر أرضه "
    هذا كبيركم وما فيها مرية ،
    هذا أمير الشعراء ،
    أَبْلِـغْـهُ إعجابى وأَقرِئْه التحية !
تشغيل...
X