كتب أحدُ الصينيين في بداية القرن الماضي: ״النّاس يموتون ويذهبون ولكنّ الأرض لا تموتُ ولا تذهبُ، بل تبقى إلى الأبد״. قد تستحضرُ كلماتٍ شبيهة بهذه وأنت تُفكّرُ في وضعنا العربيّ الرّاهن، وقد تسألُ نفسك: ما الّذي جعلنا نتدنّى إلى القاع، إلى مرتبةٍ ليس ثمّة أدنى منها؟
هذه الكلماتُ وجّهها صاحبُها إلى الحُكّام والقادةِ ولوردات الحرب الصّينيين اللّذين قبِلوا بتواجُدِ القوى الأجنبيّة في الصّين وراحوا يحتمون بها وينشدون الخلاص من التّخلّف على يدها. وهذا ما يحدُثُ اليومَ في بلادنا العربيّه وما نشاهده من حكّامنا اللذين يعملون ما في وُسعهم من أجل كسب رضى أمريكا ويتسابقون إلى مُغازلة العدوّ الصّهيوني ومُجرم الحرب شارون ويُطلقون مُبادرات السّلام ودعوات للتّطبيع وهو ماض في إبادة الفلسطنيين هازئا باقتراحاتهم ولا يبدي أيّ اعتبار أو أدنى احترام لهم.
إنّ البُلدانَ العربيّة قد بلغت حالةً من التّشرذم والإنحطاطِ جعلتها عاجزه تماما عن خدمة مصالحها وتحرير أراضيها و لعب أيّ دور على السّاحة الجهويّة أو العالميّة، إلى جانب هذا تتفشّى ظواهر الرّشوه والمحسوبيّه والفساد الإداريّ وقمع الحرّيّات والتّعذيب والحبس الإعتباطيّ للأفراد
وعندما راحت الولايات المتّحده الأمريكيه تطلق الدّعوات إلى ضرورة الإصلاح والتّغيير في الأقطار العربيّه – ولم تكن صادقه في ذلك بل إخفاء لنواياها الحقيقيه في المنطقه العربيّه – إنقلب الحُكام العرب فجأة إلى مصلحين، ولكنّهم لا يقصدون بالإصلاح سوى تغييرات طفيفه تُسكتُ المنتقدين للنّظام العربي وتُهدّئ بها الغليان المُتنامي وتُوطّدُ بها أنظمتها المُتهالكه. وأمّـا أمريكا والأروبيون فقد استشعروا مدى الهوّة التي تفصل بين الحُكّام وشعوبهم وتوجّسوا خيفة من أن تتسبّب الأوضاع المُزريه وشدّة القمع والإضطهاد في استفاقة الشّعوب العربيّه وتوحّدها وإطاحتها بالأنظمه؛ وحينئذ تكون الكارثه الكبرى التي تقصم ظهر أمريكا وأروبا معا. ولذا يجب منع ما لا يحمد عقباه.
لقد بات من الواضح اليوم أنّ أمريكا لا تسعى إلاّ إلى بسط هيمنتها على المنطقه العربيّه والسّيطره على مُقدّراتها وخيراتها ولم يكن احتلال العراق سوى الخطوه الأولى من مخطّط متكامل معدّ منذ سنين سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وليست الحرب المُعلنه على الإرهاب سوى الغطاء الدّعائي والذّريعه لتنفيذ ذلك المشروع المتمثّل في تكوين إمبراطوريه عالميّه تسيّر العالم وتسيطر على منابع النّفط وكلّ المناطق الإستراتجيّه.
وأمّا الوجه الآخر للمُـخطّط الأمريكي وللسّياسه الخارجيّه المُـعلنه صراحة فيتمثّل في جعل العدُوّ الصّهيوني قوّه إقليميّـه ضـاربه لا تنازعُها أيّة قوّه أخرى سواء على الصّعيد الإقتصادي أو السّياسي أو العسكري. وما مشروع ״الشّرق الأوسط الكبير״ الذي تنادي به أمريكا سوى محاولة لبسط الهيمنه الإسرائليّـه على كلّ البلدان العربيّه. لكن هناك ثلاث عقبات أساسيّه تحول دون تحقيق هذا المشروع وهي:
1) سوريا 2) لبنان و 3) الفلسطينيون.
تحياتي..........