Tweet
يقتلان فلاحا بالقرب من حقله
قصة جريمة تعرض الحسين للقتل في حقله حيث وجدت جثته مرمية هناك وقد تهشم رأسها... وكان على رجال الدرك الذين تكلفوا بهذه القضية أن يفكوا لغز هذه الجريمة، انطلاقا من شهادة أطفال شاهدوا عمر وعبد الكريم على مقربة من حقل الضحية قبل شيوع خبر مقتله، وشهادة عم عبد الكريم الذي سمعه يحكي لأمه عن الجريمة التي ارتكبها صديقه في حق الحسين... بعد جلسة سكر بكحول الحريق
أكادير: «الأحداث المغربية» رن الهاتف حوالي التاسعة صباحا في مقر الدرك الملكي ب«أقا»، وعلى الخط كان قائد ملحقة أقا الذي اتصل ليخبر بوقوع جريمة قتل بشعة بأحد الحقول المتواجدة غرب دوار «أكادير أزرو» ببلدية أقا إقليم طاطا... وعلى الفور انتقلت عناصر الدرك إلى "تسوكاتيشتين"، حيث كانت الجثة مرمية وسط حقل صغير به بعض أشجار النخيل المثمرة وبعض أشجار الرمان والبرتقال... كانت الجثة ملطخة بالدماء التي نزفت من الرأس الذي تهشم بواسطة حجر كبير، وجد بالقرب منها وهو مازال مليئا بآثار الدم العالقة به... ولاحظ الدركيون أن رأس جثة الحسين صاحب الحقل البالغ من العمر 55 عاما، كاد أن ينشطر إلى شطرين بفعل الضربة التي تلقاها، وكانت من القوة إلى درجة أنها أحدثت برأس الفلاح القتيل ثقبا كبيرا في الوسط... وعاين الدركيون ثقبا آخر صغير الحجم على مستوى الخد الأيمن، يحتمل أن تكون أحدثته آلة حادة... الحسين يحرس الثمر من صعاليك الدوار لم يرث «الحسين» شيئا من والديه، بل عاش فقيرا لغاية قيامه برهن حقل صغير من أحد الفلاحين، ومن محصوله كان يعيل أسرته المتكونة من أربعة أفراد... وفي يوم الواقعة، لم يتوجه الحسين إلى السوق الاسبوعي، مفضلا أن يحمل زاده، ويركب دابته ليقصد حقله من أجل القيام بمهمة الحراسة، خاصة وأن الموسم موسم جني الثمور... عرفت نساء الدار أنه ذاهب إلى الحقل، وأن ذلك علامة على مبيته هناك لحراسة الثمور من بعض المراهقين والشبان الذين كانوا يشكلون «صعاليك» الدوار... وكان الحسين يتصدى دائما لهؤلاء الصعاليك، طيلة سنوات مضت، فكلما حل موسم جني الثمور لم يكن هذا الفلاح الفقير يفارق حقله، بحيث يقضي ليله ونهاره به، حتى لا يعبث مراهقو الدوار بالثمور فيذهب تعب السنة في مهب الريح... عمر وعبد الكريم من صعاليك الدوار انقطع عبد الكريم المزداد سنة 1975عن الدراسة مبكرا بعد وفاة أبيه وأصبحت أسرته الفقيرة بدون معيل، ولم يكن عمر صديق عبد الكريم أكثر منه حظا، فقد عانى من الفقر والحرمان، وازداد تعاسة بعد وفاة أمه وزواج والده من إمرأة اخرى كانت تسيء معاملته... ولم يطل مقام عمر بالعاصمة العلمية لأنه رجع بصفة نهائية إلى الدوار حيث توطدت علاقته بعبدالكريم الذي كان يشاركه في جلسات الخمر والقيام بعملية سرقة الثمور ومختلف أنواع الغلة التي تنتجها حقول المنطقة، بل أكثر من ذلك كانا لا يترددان في الاعتداء على سكان الدوار... سر عمر عندما صادف صديقه عبدالكريم في السوق الأسبوعي لأنه كان بحاجة لمن يساعده في حمل بعض الخضر والفواكه واللحوم وقنينة صغيرة من كحول الحريق، التي شكلت مجموع الأشياء التي اقتناها بعد تسلمه لمبلغ عشرين درهما من أحد معارفه، ومبلغ خمسة دراهم الذي تسلمه من والده... حوالي الساعة الثانية عشرة، غادر عمر وعبد الكريم السوق الأسبوعي في اتجاه الدوار، ومن حسن حظهما أن أحد معارفهما الذي يقطن بدوار قريب لدوارهما، صادفهما في طريق عودتهما، فتطوع لحمل مقتنيات عمر على ظهر دابته إلى أن وصل إلى الدوار الذي كان يقصدة، فسلم لعمر مقتنايه... ساعد عبد الكريم عمر في حمل تلك المقتنيات إلى أن وصلا إلى دوار «أكادير أزرو»... ومباشرة بعد الوصول إلى منزل عمر، طلب هذا الأخير من عبدالكريم أن يإتيه بالماء من الساقية، ففعل ما طلبه منه، ثم أمره بطهي الطعام... وبعد تناول الطعام، فتح عمر قنينة كحول الحريق بأسنانه، وقام بمزجها بالماء، ثم شربا نصفها، وتوجها لشراء السجائر... مقتل فلاح ونظرا لموجة الحرارة التي كانت تجتاح المنطقة، فقد اقترح عمر على عبد الكريم أن يذهبا إلى السواقي للسباحة هناك، فوافق صديقه على الفور... قطع الاثنان واد «كورجين»، ثم عبرا الحقول إلى أن وصلا حقل "الحسين"، فجلسا ليستريحا جنب الحائط تحت ظل شجرة تين... وفي تلك اللحظة، مر بعض الاطفال فرأوهما جالسين هناك... لما وصل الأطفال إلى حقل الحسين، تحدثوا إليه قليلا فسألهم عن الشخصين الجالسين غير بعيد عن حقله، وكان هذا كافيا لإثارة غضب عمر الذي نهض من مكانه بعد انصراف الأطفال وتوجه نحو "الحسين"، ثم تبعه "عبدالكريم"... ولما وصلا إلى باب حقل الضحية، ناداه عمر ثلاث مرات باسمه فاستجاب الضحية لندائه... خرج الحسين، ثم جلس فوق حائط صغير، فانقض عليه هذا الأخير وخنقه، ثم وجه له لكمة قوية أسقطته أرضا، وبدأ الاثنان في ركله إلى أن بدأت الدماء تنزف من خده الأيمن، ثم أحضرا بعض الأحجار وضربا بها الضحية على مستوى رأسه... ولوضع حد لحياته، أحضر عمر حجرا حادا متوسط الحجم، وهوى به بكل قواه على رأس الضحية فتهشم وتطاير منه دم كثير، وانتزع من الضحية حقيبته، ثم توجه إلى خيمته التي أخذ منها أمتعة أخرى، وتوجها بعد ذلك لمنزل عمر حيث اقتسما الغنيمة. أطفال يساعدون على الوصول إلى الجانيين بينما كان طفلان من أطفال الدوار متوجهين لأحد الحقول، فاجأتهما جثة الحسين مرمية، فسارعا لإخبار زوجته، ثم عم الخبر الدوار فتوجه سكانه لموقع الحادث، وسارعت السلطات بطلب نجدة الدرك... التحق عناصر الدرك بمكان العثور على الجثة، وبعد القيام بالمعاينات اللازمة، شرعوا في إنجاز أبحاثهم من أجل الوصول إلى الجناة... أكد كل سكان الدوار أن الضحية كان شخصا مسالما، لا يخالط الناس، ولم تكن له عداوة مع أحد... وبعد أن أكد الجميع الاشتباه في صعلوكين من صعاليك الدوار، تعزز هذا المنحى بما رواه الأطفال من كونهم شاهدوا الصعلوكين بمحاذاة حقل الضحية وهما في حالة سكر... وتعزز هذا المعطى أيضا بشهادة عم عبدالكريم، وهو في نفس الوقت زوج أمه، بحيث أفاد أنه سمع عبدالكريم حتى قبل أن يكتشف سكان الدوار الجريمة، يحكي لأمه عن وقائع الجريمة التي اقترفها صديقه عمر، وذهب الحسين ضحيتها... وبرر عدم تبليغه في الوقت المناسب بكون الزوجة أغمي عليها قبل أن ينهي عبدالكريم حديثه، وبالتالي انشغل بوضعها... كانت هذه المعلومة مفتاح الوصول إلى الجناة، ولم تجد عناصر الدرك صعوبة في الوصول الى عبد الكريم، وقد أدلى هذا الأخير بتفاصيل الجريمة منذ الوهلة الأولى، رغم أنه حاول تبرئة نفسه وراهن على أن يلصق التهمة بصديقه عمر الذي ترصد له الدرك لما يزيد عن ثلاثة أيام، قبل أن تتم محاصرته بمنزله، فصعد إلى سطح المنزل وأنكر أي علم له بالجريمة، وبصعوبة أقنعه رجال الدرك بتسليم نفسه... وظل طيلة فترة التحقيق والمحاكمة يتمسك ببراءته من دم الحسين رغم وجود عدة قرائن تورطه، خاصة شهادة شريكه في الجريمة.ه
تعليق