اعلان

Collapse
لا يوجد إعلان حتى الآن.

{{ المنطق واللامنطق }}

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
إضافات جديدة

  • {{ المنطق واللامنطق }}

    {{ المنطق واللامنطق }}

    بسم الله الرحمن الرحيم

    المنطق واللامنطق!

    إذا سُئِل أيّ عاقل: هل تعتقد أنّ تدخين السجائر ضارّ أم مفيد؟
    فلا شكّ أنـّه سيُجيب، ودون تأنّ بأنـّه «ضارّ».
    بل وإذا طـُرح نفس السؤال على أيّ عاقل (مدخـّن)، فلا ريب أنـّه سيُجيب بنفس الإجابة، وهو أنّ التدخين ضارّ، دون شكّ.
    لكن المشكلة هي أنـّه عندما يُسئـَل ذلك العاقل (المدخـّن): إذن، فلمَ تدخـّن؟ فإنّه لن يرى في جعبته ما يفيد أن يكون جواباً على هذا السؤال. فهو إمّا أن يحرّك كتفيه إشارة إلى عدم وجود أيّ جواب لديه على السؤال، أو أن يُجيب بإجابات لا تشفي غليل السائل، ولا هي تعبّر عن واقع المدخـّن في نفس الوقت؛ كأن يقول مثلاً: إنـّها عادة، تعوّدتُ عليها ولا أستطيع مفارقتها. أو أن يقول: لا أستطيع تركها فهي من لوازم أفعالي وأعمالي وتصرّفاتي. وتجد آخر يقول منتفضاً ومُدافعاً، يروم إسكات السائل، والإنتقام منه لأنـّه يرى في سؤاله ما يخدش حياءه ويمتهن كرامته، ويقصد بسؤاله ذاك إحراجه – خصوصاً إذا ما كان السؤال مطروحاً أمام جمع من الناس، مهما كانت درجة قرابتهم أو صلتهم بالمدخـّن؛ فيقول: بل إنّ التدخين مفيد، وأنا شخصياً لم أجد فيه ما يضرّ، كما قد يشتبه البعض فيعتقدون بضرره. ثم سيحاول تغيير مجرى الحديث وتحويله إلى نوع أو نمط آخر غير الخوض في التدخين ومساوئه ومنافعه، وذلك إمّا بأن يأتي بدعابة تسخر من السائل أو من السؤال، أو أن يكون التغيير والتحويل صارماً وشديداً، كأن ينبّه المدخنُ السائلَ إلى أنّ سؤاله لم يكن في محله، ثم يحذره من تكرار ذلك – هذا إذا كان المدخن يمتلك وضعاً اجتماعياً مرموقاً، أو يملك زمام أمور السائل بشكل أو بآخر!
    لكن في غير هذه الأحوال، فلا مفرّ للمدخـّن المسؤول إلا أن يـبتلع «الموسى» كما يقولون، ويسكت مُعلناً فشله في الجواب، أو تجنـّبه لتداعيات الموقف، وأوّلها الإحراج الذي قد يصبح مرضاً أو علـّة مزمنة في داخله!
    ومهما يكن من أمر، فإنّ سكوته هذا لن يكون مقبولاً لدى أبناء عادته من المدخـّـنين الآخرين.
    لكنني – وأنا واحد من المدخنين المخضرمين – طالما سُئلتُ هذا السؤال وبصيغ متعددة ومتنوعة، ومن جهات كثيرة – قريبة وبعيدة.
    ولم يكن جوابي عندما كنتُ اُسأل سؤالاً مثل هذا في السابق، وأقصد في بداية تدخيني للسيجارة، إلا بابتسامة تخفي وراءها حيرة وارتباك لعدم امتلاكي الجواب الشافي. حتى تطوّر الأمر، وترعرعت معي عقدة من هذا السؤال ومن عدم إمكانيتي إيجاد جواب له!
    كان ذلك في السابق، كما ذكرت، أي عندما كنتُ شاباً مراهقاً ولمـّا يعرف معنى الحياة ولا أسرارها. أمّا الآن وقد منّ الله عليّ بأربعة عقود ونيّف من العُمر، ومنحني سبحانه الكثير الكثير من التجارب والخبرات من خلال تعاملي مع نفسي وأسرتي وأقربائي وجيراني وأصحابي، وحتى الغرباء والأجانب الذي صادفتهم في حياتي، أعتقد أنني وصلت إلى نوع من الإجابة على هذا السؤال المحرج حقاً – المحرج لنفسي أولاً وللمتعاطفين معي بصدق ثانياً.
    أولاً سأجيب على ما إذا كان التدخين ضاراً أم نافعاً، وأقول: بل ضارّ.
    مهلاً... فهذا ليس كلّ شيء.
    برأيي أنّه لا وجود لشيء ضار مئة في المئة؛ وبعبارة أخرى، أنا أؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى لم يخلق شيئاً على الإطلاق ضار مئة في المئة، ولا نفع فيه، لأنّ ذلك لا يبدو منطقياً بالمرّة. ولو فكـّر جميعنا بهذا الأمر، لوجد كلامي فيه الكثير من الصواب.
    أقول، أنّ الله سبحانه وتعالى لم يخلق شيئاً على الإطلاق ضار مئة في المئة، أللهمّ سوى وباستثناء وما عدا إبليس اللعين... فهذا المخلوق يمثل كلّ ومطلق الشرّ والضرر بلا منازع. أظنّ أنّ جميعنا متفقين على هذا.
    فالله سبحانه أراد لهذا المخلوق الشقيّ والتعيس أن يحمل ذنوب كلّ المخلوقات وخصوصاً نحن البشر، وذلك لأسباب واعتبارات لا يسعنا الخوض فيها لشحة الوقت وندرة المكان هنا، فنترك ذلك للمختصين بهذا الشأن.
    المهمّ، هو أن نعرف بأنّ مطلق الشرّ هو إبليس وليس أيّ شيء آخر أبداً.
    قد تحمل بعض المخلوقات في ثـناياها شراً أو ضرراً، ولكن لا ذلك الشرّ ولا هذا الضرر هما شر أو ضرر مطلقان. بل أنّ الكثير من الناس، وبالأخصّ رجال الدين والمتـفقهين فيه، يؤكدون على أنّ الله سبحانه لم يخلق أيّ شيء – سواء أكان ضاراً أو نافعاً – إلا لمصلحة أو خير أو شأن أو أمر لا يعرف أياً منها إلا هو سبحانه. فحتى الخنزير (وليس لحمه) لا يُعتبر ضاراً وشراً مطلقاً. فمثلاً، ليس بإمكان أيّ أحد منـّا الجزم بأنّ الخنزير من رأسه حتى قدميه هو ضار وشرّ. أليس كذلك؟ إذ لا بدّ أن يكون هناك مكان أو جزء من جسم الخنزير يمكن الإستفادة منه والإنتفاع به، بشكل أو بآخر.
    وهنا قد يسأل أحدهم: إذا كان كذلك، فلمَ حرّمه الله سبحانه وبصراحة في القرآن الكريم؟
    الجواب هو أنّ الله سبحانه وتعالى لم يقل أبداً في كتابه العزيز أنني حرّمتُ عليكم (أيها المسلمين) النظر إلى الخنزير أو لمسه أو إطعامه... وأنّ عليكم – أيها المسلمين – قتل وإبادة هذا الحيوان أينما ثـقفتموه. إذ لو كان كذلك، فما معنى خلقه إذن؟
    بل أنّ الله سبحانه قال – وبوضوح ومن غير لبس ولا غموض – أنّه حرّم علينا أكل ((لحم)) الخنزير، وذلك لأسباب معروفة ولم تعد خافية على أحد، لا من المسلمين ولا من غيرهم، وحتى الذين يأكلون لحم الخنزير، سواء أكانوا عرباً أو أجانب، مسلمين أو غير مسلمين، توصلوا باليقين إلى أنّ أكل ((لحم)) الخنزير فيه من المضارّ والمساوئ ما لا يخفى على أيّ لبيب. وهنا أيضاً نترك هذا الأمر للمختصين.
    أنا شخصياً يمكنني أن أجيب على السؤال السابق بشأن التدخين – على الأقلّ قدر تعلق الأمر بي أنا دون غيري، فكلّ منـّا حُرّ نفسه.
    مثلُ التدخين كمثلُ الطعام والشراب والملبس والتصرّف والأخلاق وغير ذلك. فلو أنّ أحداً ما ذهب إلى الطبيب لعلـّة فيه، فنصحه الطبيب مثلاً بترك شرب الشاي، أو أكل الحلوى، أو ارتداء بعض أنواع الملابس، أو الكفّ عن تصرّف ما... وغير ذلك. فهنا، ومن وجهة نظر المريض، قد يبدو ذلك أمراً غير هيّن – أي أن يكفّ مثلاً عن شرب الشاي أو القهوة أو تناول الحلوى...إلخ.، فيقول: وكيف أترك شرب الشاي أو القهوة أو غير ذلك، وقد تعوّدتُ على هذا منذ قرون وأحقاب مضت؟ وقد كان آبائي وأجدادي و... و... يشربون الشاي، ويتـناولون القهوة، ويأكلون كلّ شيء، حتى الحجر والحصى، ويلبسون ما يحلو لهم... ثم يأتي هذا الطبيب ليمنع كلّ ذلك عني؛ هكذا ببساطة!
    ولكن، إذا تأكـّد للمريض (المذكور) أنّ خلاصه من بلاءه وشفاءه من داءه إنما هو مرهون بتركه كلّ ما أوصى به طبيبه، فلا مناص من قيامه بذلك، وإن لم يكن ذلك بطيب خاطر منه...! إنـّه الإجبار والإضطرار.
    بيدَ أننا يجب أن نشير هنا إلى مسألة هامّة، وهو أنّ ترك المريض للشاي أو القهوة وما شابههما، هو أمرٌ هيّن وسهل (وإن كان ذلك نسبياً، وإن كان التعوّد على تركه يتطلب وقتاً وجهداً لا يمكن الإستهانة بهما في مُعظم الأحيان). أقول، هو أمرٌ هيّن على كلّ حال، لأنّ باستطاعة المريض في هذه الحالة أن يجد ألف بديل وبديل للشاي والقهوة وغير ذلك، فيستعيض بها عنهما، دون أن يُصاب بمُضاعفات – كما هو معلوم، لكن، ومهما يكن من أمر، يبقى ذلك صعباً على المريض. وقد يسخر أحدهم منـا أو من المريض فيقول: ألهذا الحدّ يـبدو الأمر صعب على أيّ أحد لكي يترك الشاي أو القهوة أو يمتـنع عن ارتداء هذا اللباس أو ذاك، أو أن يكفّ عن الضحك (أو البكاء) كثيراً أو أن يمشي كلّ يوم (مثلاً) نصف ساعة – أو أكثر أو أقلّ – ليستعيد صحته ثانية؟ إنّ ذلك إنما هو ما يصوّره عقل المريض (المريض أيضاً) لذلك المريض...!
    لكنني، ويتفق معي كلّ عاقل ومثقف، لا أعتبر ذلك سخيفاً ولا مضحكاً... فلو كان (أحدهم هذا) مريضاً، أو كان عليلاً، وطلب منه طبيبه نفس الشيء، لعلم أنّ الله حقّ. وقد سمعتُ مرّة أنّ بعض السياسيين كان قد انتقد الرئيس الراحل محمّد أنور السادات (رحمه الله) بسبب بعض تصرّفاته، فأجابه (رحمه الله) قائلاً بأنّ مَن هو واضع يده في النار ليس كمَن هو واضعها في الماء!
    وهذا هو عين العقل والواقع، إذ لا ينبغي، بل لا يحقّ لأيّ إنسان أن ينتقد إنساناً آخر أو ينتقص منه أو يُعيبه على شيء أو يسخر منه لشيء ما، دون وجه حق، ووجه الحق هذا هو أن يضع المُـنـتقِدُ نفسه في مكان المُنـتـقـَد، ويرى ما إذا كان سيبقى على انتقاده وسخريته، أم أنـّه سيتـنازل ويقول: إنّ لله في خلقه شؤون، ولا دَخل لي بها.
    وكذلك التدخين، فهو لا يختلف أبداً عن غيره من التصرّفات والأفعال، بل هو كغيره من التصرّفات والأفعال، فلم ننتقد صاحبها، ولا ننتقد (مثلاً) الذي ينظر إلى عرض الناس، أو يسترق السمع على الآخرين أو يتجسّس عليهم، أو الذي يعتدي على حقوق الآخرين، أو يأكل مال اليتيم ويشرب فوقه عصير البرتقال أو الأناناس، أو الذي يشهد زوراً ويأكل الربا ويرتكب المحارم، يمنة ويسرة...؟؟؟!!! وكثيرين غير هؤلاء، لا نعرفهم... الله ورسوله يعرفانهم.
    فالمُدخـّن إذا كان يضرّ أحداً، فإنـّما يضرّ نفسه وليس أحداً غيره. أكرر، هذا إذا كان يضرّ ولا ينفع – كما يظنّ بعض المغفلين الذي يتفوّهون بكلمات ويتصرّفون بشكل غير مسؤول ولا أخلاقيّ ولا دَمث، وكأنهم هم أولياء أمور الناس جميعاً.
    فأنتَ تجد لذة في مشاهدة الأفلام (المبتذلة)، وآخر يتمتع بتـناول فنجان قهوة أو شاي وهو جالس على شاطئ البحر أو في شرفة داره، وآخر يـبتهج بلقاء معشوقـته في جنح الظلام ليتجاذبا أطراف الحديث ويتـناولا الفشار ويتبادلا الحبّ، وآخر يجد مسرّته في المطالعة وسَبر أغوار الإنترنيت حتى يُسمَع صياح الديك في الصباح، وآخر يعتبر السيجارة ملهاة أو صاحبة، أو رفيقة دَربه المخلصة، التي تـنفـّه عنه، وتقلل من مُعاناته، وتخفف عنه الضغوط التي تتراكم عليه في الخارج والداخل، من الأسرة والمجتمع، من زوجته وربّ عمله، من أطفاله وأبناء بلدته ومدينته، من السياسة والسياسيين، والتجارة والتجّار، والصناعة والصناعيين، والزراعة والمزارعين؛ من كثرة العيال وقلة المال، من غلاء المعيشة ومستقبل الأطفال، من المدرسة والكلية والجامعة والمحلة والمدينة والدولة والعالم بأسره، ومن خوفه من الدنيا والدنيويين، والآخرة وما سيحمله كتاب أعماله...!
    فإذا كان لتارك الشاي أو القهوة أو غيره، سبب أو مبرر واحد يمنعه أو يحثه على عدم ترك ذلك، فللمدخـّن ألف سبب وعذر ومبرر. وهذه حقيقة واقعة لا يفـقهها إلا اللبيب الحصيف، وليس الثرثار المهذار.
    أنا شخصياً، عندما يوجّه إلي السؤال المذكور (أي: هل التدخين ضار أم نافع)، أنظر أولا إلى السائل وأتحقق في الهدف الذي يُـخفيه السائل وراء سؤاله. فإذا كان هدفاً سامياً ونبيلاً، لا يقصد به إلا مصلحتي، ولا يروم من طرح السؤال إلا حبّي ومحبتي، فله عيني واحترامي وحبي وإخلاصي، وعند ذلك إمّا أن أقول له: ”صدقتَ والله! وسأعمل بنصيحتك يا صاحبي المخلص.“ أو أن أقول له (وهو ما أقوله أنا حقاً للكثيرين ممّن يسألونني نفس السؤال) بعد أن استـنفد معه كلّ ما لديّ من أجوبة، وألاحظ في السائل إلحاحاً وتكراراً في الحصول على جواب مني يريحه ويطيّب خاطره: ”صدقت... ولكن لا حيلة لي في ذلك كما أظنّ. أنا أرغب حقاً وصدقاً في ترك التدخين، وأنتَ تعلم مدى صدقي وأنني لم أكذب قط، ولكنني لم أجد الوسيلة الكفيلة بتركي لهذه العادة السيئة. إنـّما أعدك وأعاهدك على أن أترك التدخين إذا ما وجدتُ بديلاً مناسباً له. والآن، لننتقل إلى موضوع أو شأن آخر، أكثر فائدة لي ولك، ودَع الخلق للخالق...“، ثم أبتسم، فينتهي الحديث السابق بشكل نهائي وجميل في أغلب الأحيان.
    بقي شيء واحد يجب أن لا ننساه، وهو إثبات الأطباء والمختصين وغيرهم بأنّ التدخين (أو دخان السيجارة) لا يضرّ المدخـّن وحسب، بل يضرّ كذلك الجالسين مع المدخـّن أو الموجودين بالقرب منه، أو – كما يقولون، وأظنهم صادقين إلى حدّ ما – الذين يعيشون مع المدخـّن في مكان أو بيت واحد. وهنا لم يعُد الأمر كما ذكرنا سابقاً من أنّ المدخـّن شأنه شأن أيّ شخص آخر، وأنـّه حرّ في تصرفاته... بل أصبح الأمر هنا يتعلق بالآخرين الذين لا يحقّ للمدخـّن التصرّف بشؤونهم أو سلبهم حقوقهم وحريّاتهم، أو مَنعهم من تـنفـّس الهواء النقي، أو الإضرار بصحتهم. فهو كما قلنا حرّ بنفسه، ولكن ليس له الحقّ في العبث بحقوق الآخرين وأنفسهم.
    هذا صحيح ومنطقي إلى أبعد الحدود.
    إذاً، ما الحلّ؟
    الحلّ هو إمّا أن يـبتعد الآخرون عن المدخـّن، ولكن بأدب وكياسة، دون أن يُشعروه بذلك، لما في هذا الأمر من انكسار لشخصيته، وإهانة لمكانته، وشعوره بالذنب والأسى والخيـبة والحزن والخجل... فقد رأيتُ البعض يـبتعد عن المدخـّن، ولكن ليس قبل أن يُشعر المدخـّن وكلّ الحاضرين بأنـّه يفعل ذلك...! وهذا أمرٌ لا أعتقد أنـّه يليق بالإنسان، بل بما دونه من المخلوقات.
    أو الإكثار من نصيحته والدّعاء له لعلّ الله سبحانه يأخذ بيده ويُنجيه من هذا البلاء – الذي لا يُنكره المدخّـن نفسه – فتعمّ الفرحة الجميع، ويغمر الخير كلّ المَعنيّـيـن.
    أو أن يُخصَّص للمدخـّن مكان يستطيع فيه أداء عمله، والقيام بمهامه، والإضطلاع بمسؤولياته على ما يرام، والتدخين، من دون الإضرار بأحد - عن غير قصد بالطـّبع، وذلك لأنّ المدخـّن – أيّ مُدخـّن – يعلم يقيناً بأنّ تصرّفه هذا قد يؤذي بعض مَن يحبّهم أو يُهمـّه أمرهم، لكنه لا يهتدي إلى وسيلة ما تمكـّـنه من الإقلاع عن التدخين وإراحة باله وبال الآخرين. فهو شيء – كما يقولون – خارج عن إرادته، وهو أمر نرى شواهده كلّ يوم وفي كلّ شيء حولنا تقريـباً، وهذه ليست مبالغة. وكما قلتُ، فإنّ مثل هذه الأمور الدقيقة لا يفهمها إلا العاقل اللبيب، أو المجرّب الخبير.
    وأمّا اعتقاد السذج من الناس بأنّ التدخين لا يختلف بتاتاً عن إدمان المخدرات أو شرب الخمر، فهذا اعتقاد ساذج، لا يقول به إلا من خليت كنانته من الأقواس. فهناك رجال مُعتمَدون وشخصيات معروفة برجاحة عقلها، ومكانة علمها، وشموخ منزلتها، سواء في السياسة أو في الدين أو التربية أو الأوساط الإجتماعية الراقية والمحافظة والمثـقفة؛ رجال وشخصيات نؤمن بقدراتها ومكانتها وسموّها وجلال قدرها، أقول، هناك مثل تلك الشخصيات نراها تحمل السيجارة بيدها ولا يجرؤ أحد على انتقادها أو نسبة العيب أو النقص إليها، فنحن لا ننظر إلى سيجارة هذه الشخصية أو تلك؛ بل ننظر إلى مقامه وعلمه ومكانته ونسبة خيره للناس كافة؛ ننظر إلى أسلوبه في تسيير أمور بلده، والأخذ بيده إلى شاطئ البرّ والأمان؛ ننظر إلى جلال قدره ومقدار ما يحمله من فقه وعلم في الدين الذي هو قوام كلّ شيء في هذه الدنيا وفي الآخرة؛ ننظر إلى طريقة تعليمه لنا وللأجيال الأخرى، وما يودعه في عقولنا من معلومات وحقائق تؤثر في شخصيتـنا، سلباً أو إيجاباً – في الحاضر والمستقبل؛ ننظر إلى مكانته الإجتماعية ومقدار انتفاع الناس من تلك المكانة؛ ننظر إلى قرابته منـّا، فقد يكون المدخـّن أبونا أو أمـّنا أو أخونا أو أختـنا، أو شخص آخر كبير في السنّ أو المنزلة، فيتوجّب علينا عند ذلك إطاعته واحترامه، لا أن نبيّن له – بكلّ فظاظة وسوء خلق – أنـّـنا مللناه وعادته، وهو الذي إن قبل ذلك (وغير ذلك) على نفسه، لم ولن يقبله لنا، وهو الذي كان لنا كالشمعة التي أحرقت نفسها لتـنير دَربنا؛ فهل هذا جزاؤه؟ وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وليس ذلك تـنازلاً منا أو منـّة عليه، بل هو واجب يُمليه علينا ديننا وأخلاقنا وعاداتـنا وتقاليدنا ووجداننا وضميرنا وإنسانيـتـنا. واللبيب يفهم بالإشارة.


  • #2
    الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

    مشكورة اختي دلوعة على هذا الموضوع الجميل
    بس المهم يفتهمون
    ReeMa

    تعليق


    • #3
      الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

      اضيف في الأساس بواسطة دلوعه الشرقية
      {{ المنطق واللامنطق }}

      بسم الله الرحمن الرحيم

      المنطق واللامنطق!

      إذا سُئِل أيّ عاقل: هل تعتقد أنّ تدخين السجائر ضارّ أم مفيد؟
      فلا شكّ أنـّه سيُجيب، ودون تأنّ بأنـّه «ضارّ».
      ==
      برأيي أنّه لا وجود لشيء ضار مئة في المئة؛ وبعبارة أخرى، أنا أؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى لم يخلق شيئاً على الإطلاق ضار مئة في المئة، ولا نفع فيه، لأنّ ذلك لا يبدو منطقياً بالمرّة. ولو فكـّر جميعنا بهذا الأمر، لوجد كلامي فيه الكثير من الصواب.
      ==
      وقد سمعتُ مرّة أنّ بعض السياسيين كان قد انتقد الرئيس الراحل محمّد أنور السادات (رحمه الله) بسبب بعض تصرّفاته، فأجابه (رحمه الله) قائلاً بأنّ مَن هو واضع يده في النار ليس كمَن هو واضعها في الماء!
      وهذا هو عين العقل والواقع، إذ لا ينبغي، بل لا يحقّ لأيّ إنسان أن ينتقد إنساناً آخر أو ينتقص منه أو يُعيبه على شيء أو يسخر منه لشيء ما، دون وجه حق، ووجه الحق هذا هو أن يضع المُـنـتقِدُ نفسه في مكان المُنـتـقـَد، ويرى ما إذا كان سيبقى على انتقاده وسخريته، أم أنـّه سيتـنازل ويقول: إنّ لله في خلقه شؤون، ولا دَخل لي بها.

      ما شاء الله عليك استمتع وأنا أقرأ هذه الاستنتاجات
      أتفق معك لا يوجد شيء فيه ضرر محض حتى أن الله الذي حرم الخمر بين أن فيه نفع وضرر ولكن ضرره أكثر وأكبر من نفعه
      وأظن نيبة الضرر العالية تكفي لكي نقلع عن الشيء
      أخت دلوعة :
      المشكلة تكمن في الإرادة وفي التربية النفسية للشخص
      فسياسة المبررات ليست ناجحة دائما وقد تجر علينا الويلات
      !!
      نعم نحن نحترم المنطق وكما ذكرت قد لا نعمل به
      ولكن أخت دلوعة أسألك لماذا لا نقتنع بسياسة المنطق؟
      هل المنطق بحد ذاته مخالف للفطرة أم أين المشكلة
      ؟!؟!؟!؟!
      تحياتي لك ودائما نتشرف بطلتك البهية


      [/quote]





      تعليق


      • #4
        الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

        أحد اقربائي يدخن ثلاث علب سجائر يوميا

        و كي اساعده اعطيته من سجائري الأثقل لكي يخفف عدد السجائر فأصبح يدخن من نفس النوع الذي ادخنه علبه واحده يوميا

        أنا ادخن من هذا النوع علبتين!!

        40 سيجاره من اثقل السجائر على وجه المعموره!!

        لربما كانت بعض الأجابات التي اوردتها عن سؤال ( لماذا تدخن ) قريبه من اجابتي

        شخصيا لو سألتني لماذا تدخن 40 سيجاره يوميا اجيبك بأن السيجاره صديقتي الوحيده!!

        و قد يبدو هذا الجواب غير منطقي و تقولين انها تقتلني لأجيبك بجواب اغرب

        ( هي تقتلني مره واحده في العمر و لكنني احرق من 40 يوميا و اسحقها في النهايه جثه هامده )

        هذا هو جوابي الذي لا علاقه له بالمنطق

        في داخلي هناك جواب آخر.. بسيط.. و لا يمت للمنطق بصله

        أنا لا استطيع الكتابه بدون سجائر.. إنها ملهمتي اوحيده و أي انسان يقرأ خواطري أو اشعاري يرى هذه العلاقه بيني و بين السجائر !!!

        و لكن.. و لأهتمامي بالموضوع قمت بقراءه العديد من الأشياء اتي تتعلق بالسجائر لأعرف تأثيرها النفسي و سبب ادمانها

        عده كتب قالت أن ادمان السجائر هو 5% ادمان نيكوتين فقط و 95 % ادمان نفسي

        سوف اطرح بعض النقاط النفسيه لعلني اساهم في انقاذ احدهم من الموت!!!

        أكثر وقت يسح به الأنسان بالأمان خلال كل حياته هو عندما كان طفلا رضيعا يرضع من امه

        و ليست السجائر إلا محاكاه لهذه العمليه بأن يضع شيئا في فمه.. يساعده على كسر التوتر و الشعور بعدم الأمان حيث أنه يتذكر لاوعيا ذكريات الطفوله

        تدعم هذه النظريه العديد من التصرفات الانسانيه في حالات الخوف ..و التوتر حيث يتجه الأنسان الى وضع أي شيء في فمه ( قضم أظافر- علكه - عاده قضم بعض الأشياء الصلبه الغير صالحه لأكل اساسا !! )

        و مص الأصبع عند الأطفال................

        أيضا ... وضع الشيء في الفم او حتى وضع اليد على الفم هي بقايا عاده انسانيه قديمه نلاحظها عند الأطفال .. كثيرا ما قد نعرف أن ابننا يكذب في حاله انه وضع يديه على فمه و كأنه يمنع الكلام من الخروج.. هذه العاده تضمحل رويدا لتصل الى مرحله يد واحد.. ثم يد بالقرب من الفم او اصبع و عند البالغين تتطور الى شكل اكثر رمزيه بأنه يحك احدهم أنفه او يفرك عينه .. و ما هذه العاده الا بقايا العاده الأصليه التي تريد منع الكذب من الخروج بالقوه...

        هذه ايضا لها علاقه بالتدخين حيث يميل الانسان الى وضع شيء بفهم كتحوير لهذه العاده عند الكذب من ما يجعل توتره اقل و مظهره اقوى و اكثر ثقه بالنفس........

        أيضا.. التدخين هو تنفيس لعده مشاعر مكبوته .. غضب... توتر .. شهوه جنسيه ... و العديد العديد العديد .. حيث أن إحراق السيجاره ثم سحقها على الصحن او على الأرض بقدمه يفرغ الطاقه التي تنتج عن هذه المشاعر بطريقه سهله
        لا يذكرني هذا الموضوع الا ب

        دخن لا أروع من رجل
        يفنى في الركن و يفنيني
        رجل تنضم أصابعه
        وتفكر من غير جبيني
        فأنا كأمرأه يرضيني
        أن اشعر انك تحميني
        أن اشعر أن هناك يدا
        تتسلل من خلف مقعد


        في مجتمعنا.. قد يكون التدخين شيئا ضروريا لمظاهر الرجوله المفرطه

        تعليق


        • #5
          الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

          اختي الغالية مرحبا بك
          التدخين من السموميات للانسان
          لكن المدخن لا يدخن رغبة بها
          انما الظروف واحوال مجتمعه تفرض عليه التدخين
          يصبح التدخين عادة للمدخن
          كشرب الماء بشكل دائم وعدم القدرة على الاستغناء عنه
          لنبحث باراء الشباب المدخنين
          نجد
          ان اغلبهم يعتبر التدخين وسيلة لفش الخلق
          او
          للتبروظ امام الاخرين بانني استطيع التدخين
          المنطق ان نفكر بعقلنا

          واللا منطق ان نتصرف بطيش

          شكري وتقديري لك

          تعليق


          • #6
            الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

            مشكوره حبيبتي .. دلوعة الشرقيه
            موضوع غايه بالجمال ..
            اتمنى لك التوفيق .. ودمتي بالود

            تعليق


            • #7
              الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

              اضيف في الأساس بواسطة جلجامش
              ( هي تقتلني مره واحده في العمر و لكنني احرق من 40 يوميا و اسحقها في النهايه جثه هامده )

              هذا هو جوابي الذي لا علاقه له بالمنطق

              في داخلي هناك جواب آخر.. بسيط.. و لا يمت للمنطق بصله

              أنا لا استطيع الكتابه بدون سجائر.. إنها ملهمتي اوحيده و أي انسان يقرأ خواطري أو اشعاري يرى هذه العلاقه بيني و بين السجائر !!!
              ====


              في مجتمعنا.. قد يكون التدخين شيئا ضروريا لمظاهر الرجوله المفرطه
              أخ جلجامش تدخن من وراي

              أحييك على الصراحة هي فعلا أسباب غير منطقية
              ولكن قد نرضي بها أنفسنا
              أحياناً يقول لك المدخن :
              - خليني أسكر بواري صدري قبل أن يسكرها لي أحدهم.
              وآخر يقول:
              - أرتاح عندما أدخن وأفكر بشكل مستقيم
              وغيره وغيره يقول:
              -هنالك من يميتك في اليوم مئة مرة
              المهم نتفق أنها غير منطقية ولكن هؤلاء لديهم قناعة بأن المنطق ليس هو الحل الناجح دائماً
              وأولاً وآخرا ننصح وندعو الله للمدخنين بأن يخلصهم منه
              فالحياة بدون تدخين طعم آخر
              تحياتي لك أستاذي الفاضل






              تعليق


              • #8
                الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                مشكور أخي العزيز شحادة على المرور والرد .
                يعطيك العافية .
                مشكور على التشجيع .

                تعليق


                • #9
                  الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                  مشكور اخوي جلجاش على المرور والرد .
                  وبصراحه أعجبني ردك كثير وتعليقك على الموضوع .
                  يعطيك العافية .

                  تعليق


                  • #10
                    الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                    العفو غاليتي بنت الشام .
                    والف شكر لكي على المرور والرد .
                    وأنا كذلك من وجه نظرك .

                    تعليق


                    • #11
                      الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                      العفو غاليتي هتان .
                      ومشكورة على المرور والرد .
                      يسلمووو يا الغالية .

                      تعليق


                      • #12
                        الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                        أتمنى الكل يتخلص من التدخين ومشكور مر آخر على الرد أخي شحادة .
                        يعطيك العافية .

                        تعليق


                        • #13
                          الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          قال الشافعي رحمه الله : جنبني النصيحة في الجماعة. وهذه قاعدة.

                          أما الخير والشر ، فلا يوجد شرٌ محض. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس العاقل من يعرف الخير من الشر ، إنما العاقل من يعرف خير الشرين.
                          فحتى إبليس إذا مس المؤمنين منه طائف إذا هم مبصرون.

                          أما مسألة الاقتناع بالخطأ مع فعله فلها تفسير.
                          إن الإنسان ليس عقلاً فقط ، بل هو مجموعةٌ مركبةٌ عقلاً وقلباً وغريزةً ونفساً وشهوةً وقرين خيرٍ وقرين شر. فلربما طغت إحدى المعاني على العقل فأعمته وغطته وشلته عن التحكم.

                          أما النصح من واقع تجربة فهو أدعى للنجاح. فالمجربون السابقون يرشد بعضهم بعضاً إلى طرق النجاة لخبرتهم ومعايشتهم الواقع. فليس الخبر كالمعاينة.
                          وقد انتشرت أشعار الشافعي على قلتها لأنه كان مجرباً للحياة ولم يكن معزولاً في المسجد. فتأخذ من قوله. ولهذا كان رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام بشراً ولم يكن ملكاً حتى إذا جرب الجوع وامتنع عن الحرام اقتدى به الناس ، بعكس الملك الذي لا يعرف الجوع.
                          لا يعني هذا أن أدخن حتى أعيش التجربة.

                          أما بداية التدخين فهي نتيجة ضغوطٍ تلجيء إلى السيجارة. أو نتيجة الشعور بنقصٍ في الشخصية يحاول المدخن ردمه بسحائب النيكوتين. وإن أوهن البيوت لهو بيت العنكبوت وهو يظنه بيتاً. وأنا له أن يردم بدخان؟

                          ربما لم تستوعب عقولنا المنطق. ولكننا نعرفه عندما نراه. وكمثالٍ قريب فإن حديث الذباب كان غير منطقي عند غير المسلمين. ولكن المسلمين مذعنون لإيمانهم بوجود المنطق والحكمة وغيابها عنا لقصر عقولنا لا لانعدام وجودها. فإذا به يتأكد اليوم في أدويةٍ مستخدمة.

                          وشكراً على هذا الطرح.

                          تعليق


                          • #14
                            الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                            #########################
                            ضرره أكثر من نفعه
                            ومن المنطقي تركه لهذه العلة
                            أشكركي أخي لمواضيعكي الرائعة
                            #########################

                            تعليق


                            • #15
                              الرد: {{ المنطق واللامنطق }}

                              موضوع لطيف..
                              ولطفه يتجلى بنفَس كاتبه..
                              كاتب(ة) الموضوع مطّ بالمعاني وإسترسل بالكلام حتى شعرت بأنه إمتطى صهوة كيبورده بعد لجمه لسنين بالسجن الإنفرادي ووإغلاق فمه! وإلا ما هي حجته بالإسترسال بهذا الشكل؟
                              والناصح يُضل,من حيث يريد الهداية,إن أطال خطبته ومط وإسترسل بهذا الشكل..
                              إذ,وأنا دائما ما اكون هدفا للناصحين ,ووجهة للهادين,يقف شعري وأتململ لما يُطيل الهادي بمقطوعته الخيرية وأكاد أصرخ به : أصمت ..أصمت..كلامك يجعلني أحب المعصية!
                              حتى تنسل كلمات الناصح للروح عليه,برأي,أن يجعل من كلماته ومضات سريعة مُمررة بعيون يملؤها الحب وصوت ينتقل على اجنحة الدفء..
                              أنا أُدخّن,ولست مُستعدا,الآن على الأقل,لإخضاع "مسراتي الصغيرة "للمنطق..
                              والمنطق لا يدس أنفه مع من نُحب ..
                              وإن لم أحب إخلاص السيجارة وفاءها من أحب؟

                              مورافيا
                              "أحدّ من الشّفرة طبعي
                              ورقيق كالماء..
                              أوسخ طين سيدتي يُنبت فلا إن لقي الحب
                              وأطيب طين..
                              لا يُنبت حين يُساء"

                              تعليق

                              تشغيل...
                              X