- وما ذنبي أنا إذا لم توفر لي النيابة وسيلة النقل، وسيارتها تجوب شوارع المدينة في سائر الأوقات والأيام. وكيف أصل إذا لم أذهب يوم السوق؟ هل أكتري حمارا أو بغلا أو أقطع المسافة على قدمي؟
سارت السيارة تقطع الطريق المتربة وهي تئن بحمولتها بين الأحجار والأخاديد، قرأ من وراء كتف أحد القرويين بعض الكلمات من صحيفة قديمة من صحف الإثارة والجرائم ، كيف أخفى الجاني معالم الجريمة ليضلل العدالة، لا يدري كيف علقت هذه العبارة بذهنه رغم أنه سمعها مرارا.
تقيأت السيارة ناسا وحيوانات معفرين بالتراب. أزال ربطة العنق ليتنفس ملء رئتيه بعض الهواء النقي، وهو يخطو خطواته إلى السوق، يلتفت في كل الاتجاهات عله يرى بناية المدرسة. فلما أعياه البحث، قال في نفسه:
- لعلها تكون بجوار السوق، أليس السوق هو مجمع أهل القرية؟
سار بين خيام السوق المهترئة، يتفادى الأوتادوالشحاذين، ملأت خياشيمه رائحة السفنج المقلي وبراريد الشاي. تذكر كأس القهوة ومثلث الحرشة الذي تناوله بمحلبة المحطة، رأى شابا يظهر من لباسه أنه غريب عن المنطقة، لا يعلم كيف اختاره من بين رواد السوق ليسأله عن المدرسة، إما أن يكون هو المعلم أو بائع أدوية بالسوق، استبعد الفكرة الأولى، أو هكذا خيل إليه، لأن الوقت وقت العمل، يريد أن يكذب قولة الأصدقاء. سأله عن الطريق المؤدي إلى المدرسة. تلعثم الشاب قبل أن يجيب، نظر إلى ساعته ثم نظر إليه في استغراب قائلا:
- عليك أن تسير في هذا الاتجاه حوالي عشرين دقيقة، وخلف التلة التي ترى أمامك تنحرف يمينا، وستظهر لك بنايتها.
شكره، وتابع الطريق يحسب الدقائق العشرين، وينفض الغبار الذي علق بالحذاء الذي لمعه في المحطة صباحا. يمسح العرق الذي اختلط بالتراب فكونا مزيجا بلون الأرض. وخلف التلة انحرف يمينا كما أشار عليه الشاب بالسوق. ولم تظهر له البناية. سأل مجموعة من القرويين مقبلين على السوق على حميرهم عن المدرسة. أجابه أحدهم:
- لقد تركتها خلفك بجانب السوق من الجهة الأخرى.
تساءل في نفسه وهو يسير خلف قافلة الحمير:
- أيهم على صواب، أيكون ذلك الشاب الذي لم يعلم كيف اختاره من بين رواد السوق أم هؤلاء الناس البسطاء؟.
وقف بالساحة يراقب جماعات التلاميذ يتراكضون من كل الاتجاهات إلى البناية التي نبتت بين المنازل الترابية. دخل القسم ، وفوجىء بالمعلم يشبه شاب السوق الذي لم يعلم كيف اختار أن يسأله عن المدرسة دون سائر رواد السوق. يتلعثم أمامه كما تلعثم شاب السوق. أيكون هو المعلم؟ راجع شريط ال؟أحداث، تذكر الجملة التي قرأها في الصحيفة القديمة التي القروي يتهجى في السيارة، {إخفاء معالم الجريمة ومحاولة تضليل العدالة}. أغلق التقرير وخرج ليسلك أقرب طريق إلى السوق .
مارس 2001
تعليق