Tweet
ان التواضع يتولد من بين العلم با لله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت و تعظيمه و محبته و أجلاله ، ومعرفته بنفسه و تفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها فيتولد من بين ذالك كله خلق هو التواضع وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذل والرحمة بعباده فلا يرى على احد فضلا ولا يرى له عند حقا بل يرى الفضل الناس عليه والحق لهم قبله ، وهذا خلق انما يعطيه الله عز وجل من يحبه و يكرمه و يقربه .(واما المهانة ) فهي الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها كتواضع السفل في نيل شهواتهم وتواضع المفعول به للفاعل وتواضع طالب كل حظ لمن يرجو نيل حظه منه فهذا كله ضعة لاتواضع والله سبحانه وتعالى يحب التواضع ويبغض الضعة والمهانة . وفي الصحيح عنه صلى الله عليه واله سلم واوحى الى ان تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولايبغي أحد على أحد والتواضع المحمود على نوعين 0
( النوع الاول) تواضع العبد عند أمر الله امتثالاً وعند نهيه اجتناباً فأن النفس لطلب الراحة تتلكأ في أمره فيبدو منها نوع اباء وشراد هرباً من العبودية ونثبت عند نهيه طلباً للظفر بما منع منه فاذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه فقد تواضع للعبودية0
( النوع الثاني) تواضعه لعظمة الرب وجلاله وخضوعه لعزته وكبريائه فكلما شمخت نفسه ذكر عظمة الرب تعالى وتفرده بذلك وغضبه الشديد على من نازعه ذلك فتواضعت اليه النفس وانكسر الى عظمة الله قلبه واطمأن لهيبته واخبت لسلطانه , فهذه الغاية التواضع وهو يستلزم الاول من غير عكس والمتواضع حقيقة من رزق الأمرين والله المستعان 0
المصدر : كتاب الروح لابن القيم ص 233