ان الديمقراطيه بمهومها المختصر هي حكم الشعب أو حكم الشعب لنفسه عن طريق نواب يمثلونه ومن هذا التعريف نجد انه مفهوم بعيد عن أسلوب الحكم الاسلامي ففي الاسلام الشعب محكوم وليس حاكما ومادة الحكم هو شرع الله عز وجل والحاكم أو الخليفه هو وسيلة لتنفيذ شرع الله في الأرض لما يملكه من منعه وسلطان,أما باقي البنود من احترام حقوق الانسان والمساواة وغيرها فهي من صميم ما جاء به الاسلام قبل أن يعتمد الغرب مبدأ الديمقراطيه,قال الله عز وجل{ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير}الحجرات.
ولكن لنبدأ تحليل الأمور من أسفل الهرم الى قمته,فلقد تعلمنا صغارا ان الفرد لبنه من لبنات الأسره وأن الأسره لبنه من لبنات المجتمع,لنبدأبالفرد ونقارن بين الفرد المسلم مقابل الفرد الغربي,نجد أن الفرد المسلم يتمتع بحريه ولكنها في اطار الشريعه الاسلاميه واحترام حريات الغير لا يتعداها مطعمه بالقيم والأخلاق ,وفي المقابل نجد الفرد الغربي يعيش بحريه مطلقه مع كل ماتحمله من معنى يعتنق مبادئ ظاهرها الرقي والحضاره وباطنها الرذيله والانحطاط,فيفعل ما يحلو له دون ضابط من دين أو شريعه .
وان توسعنا قليلا وسلطنا الضوء على الأسرة نجد أن الاسره المسلمه متمسكه بمعاني الترابط والتواصل بين أفرادها {لا يتضح هذا جليا في الاسر التي تجعل من الغرب قدوه}أقول ان الاسره المسلمه تتكون من الاب والام والابناء والاب هو من يكون القيم على هذه الاسرة وعلى أبنائه ربما حتى بعد أن يكبروا ويتزوجوا,ويكون هو المسؤول عن توجيههم بمعية الام الى الطريق السليم الذي يجب أن يتبعونه والأبناء يسمعون لرأي ذويهم ويحترمون كلمتهم الا من ندر منهم ممن يعقون والديهم ويكون الاب له هو وحده السلطه الاولى في البيت لا كلمه تجاوز كلمته , وفي المقابل الاسرة الغربية هذا ان صح مجازا تسميتها اسره حيث يكاد هذا المصطلح ان يختفي من قواميس الدول الغربية ويصبح مصطلح الأخلاء والخليلات هو البديل عنه أقول ان الاسرة في الغرب تأخذ طابعا شكليا أكثر منه جوهريا فلا نجد سلطة الاب وتوجيهاته كما هو الحال عند المسلمين,فالابن او الابنه يفعل كل ما يحلو له دون حسيب او رقيب بدعوى الحرية الشخصيه وهذا من الامور الصحيه والطبيعية عندهم وللابناء الحق في تقليل من شأن الوالدين وهذا ما ادى بهم وبأسرهم الى التفكك والانهيار وبالتالي انهيار مجتمعاتهم كناتج من نواتج الحريه المطلقه.
نتوسع أكثر فأكثر ونأتي الى مصطلح القبيله ,فالمجتمعات المسلمه هي قبليه في معظمها وكل قبيله لها زعيم أو شيخ قبيله ولكن كيف يتم تنصيب هذا الزعيم شيخا للقبيله؟؟...زعامة القبيلة عادة تكون عن طريق التوارث فبعد الاب يصبح الابن وبعد العم يصبح ابن الاخ وهكذا ولا يكون هذا المنصب عن طريق صناديق الاقتراع وليس باختيار كل الافراد المنتمين لتلك القبيله الا فيما ندر وقد يكون معدوما , والقبيلة بكل تشعباتها وأسسها وأسلوب التواصل بين أبنائها لا أعتقد أنه متواجد بنفس المفهوم في الغرب فالأسرة عندهم تكاد أن تختفي فكيف بالقبيلة!!!!.
وهنا نصل الى رأس الهرم عند السلطه السياسيه, مما فات نستنتج أن هناك تضاد واضح بين المجتمعات المسلمه والمجتمعات الغربية في رحله طويله من أسفل الهرم الى قمته,ورغم ذلك نتجاهل الهرم برمته ونحاول تغيير رأسه فيما يسمى نشر الديمقراطية في العالم الاسلامي؟؟...فتأتي أميركا بقضها وقضيضها ومعها تحالف عالمي وجيوش جراره لتغيير رأس السلطه عن طريق القوه أي راس الهرم دون اعتبار لباقي الهرم.
أخشى أن يظن ظان او يخيل الى قارئ ان مقالي هذا هو دعوة مفتوحه نحو الطغيان ومباركة للانظمه الاستبداديه وما أكثرها في بلداننا!!...لكنه تحليل واقعي ومنطقي لمجريات الأمر.
اني أقول أن الديمقراطية ليست غاية بحد ذاتها ولكنها وسيلة لتحقيق العدل والمساواة بين أفراد المجتمع ,فما الضير من أن يجمع الحاكم جميع السلطات لكنه يعدل في شعبه ويجعل القضاة مستقلون في اصدار أحكامهم وهذا ما كان عليه الحال ايام الخلافة الراشده فلم تكن هناك مجالس نيابيه أو ديمقراطيه بمعناها الغربي البحت ولكن كان العدل اساس الحكم والقضاة مستقلون ويرجع الخليفه الى أهل الحل والعقد اذا ما اراد اتخاذ قرار ماقال الله عز وجل{وأمرهم شورى بينهم} الشورى..وكانت القيم المبنية على الاخوة في الدين والمساواة هي السائده حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه{متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا}..
ومن هنا وجدنا أن في بعض بلداننا العربيه محاولة للي عنق الحقيقه وذر الرماد في العيون عند اقتباس مصطلحات تتبع الديمقراطية الغربية كالمجلس النيابي الذي يعتبر في بلدننا كيان متجمد أكثر من أن يكون فعالا ,فالمجلس في الدول الاسلامية ليس كالمجلس عندهم, والنائب ليس كالنائب سواء من ناحية تقديم الاقتراحات وحرية انتقاد الحاكم وتبيان الظلم اذا وقع وتقييم العمل الحكومي دون خوف من تلفيق تهمة أو الغاء حصانه أو زائر غير مرغوب به قبل انبلاج الصبح.
من ذلك أقول أن هذه المصطلحات الغربية المستحدثة ليست هي الغاية بحد ذاتها بل يمكن الاستغناء عنها اذا ما استغنى الحاكم عن الظلم أو التأثير على القضاء المستقل أو المساواة بين أفراد شعبه ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وبالطبع ذلك كله بالتشاور مع العلماء والنخبة المثقفه دون محاباة وان يكون المقصد هو العدل ورفع الظلم ولا شيء غير ذلك ,وقبل ذلك كله يكون الحاكم تقيا ورعا يراقب الله عز وجل في أفعاله ويجعل نصب عينيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم{كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...}الحديث... حديث صحيح
أرجو قبول فائق احترامي,,,
kon
تعليق