يتم تعميمها في خطب يوم الجمعة
غزة –اجرى الحوار– تامر عبد الله
لابد للمواطن بين الحين والآخر أن يعود للخلف قليلاً حتى يستطيع أن يدرك جذور الأمور، لذا كان لابد للعودة إلى أصل الأمور للوقوف على أهم النقاط في حياة هذا الشعب في الآونة الأخيرة، والتدقيق بها حول مقدمات ما تشهده الساحة الفلسطينية اليوم، لذا كان لدنيا الوطن هذا اللقاء مع الأخ أبو على شاهين عضو المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح.
* في ظل التطورات الجديدة نرى تراشقاً بالاتهامات بين حركتي فتح وحماس، ونرى أن حماس وجهت الكثير من التهم لفتح بم تعلق على ذلك؟
- حركة حماس الآن تريد أن تضع وتعلق فشلها في عنق حركة فتح، حركة حماس لم تستطع أن تتحرر من الثقافة التحريضية والتعبئة الحاقدة السوداء وضد الجميع سابقاً ولاحقاً، والتي أوقعت زعاماتها في حبائل تلك الدعاية التحريضية ، وهذا الأمر واضح جداً للعيان ، ولا يستطيع أحد أن ينكره ، و الآن فإن ما قاموا به من تحريض ضد السلطة وبرنامجها السياسي، وما قاموا به من تحريض دعائي حول طروحاتهم "لا للمفاوضات-نعم للمقاومة"، الآن أصبحوا أسرى الكادر ، الذي لن يتحرر من هذه الأدبيات السوداوية قط ، من هنا فإن زعامة حماس لا تستطيع أن تذهب أبعد من أرنبة أنفها في التعاطي مع تعهداتها السياسية مع القوى الإقليمية والدولية .
* هل لتلك الاتهامات علاقة بورطة حماس في إدارة الصراع الخارجي، أم أنه يقتصر على الصراع الداخلي؟
- لا بد بل ويتحتم على زعامات حماس أن تخترع أو تختلق " ضحية " أو " كبش فداء " تُحمَّلها مسئولية فشلها في إدارة الصراع الدائر رحاه ، وذلك بعدم قدرتها على قراءة ما أُستجد عليهم معطيات ، أو عدم قدرتهم على تنفيذ الاتفاقات السابقة بعد الاتصالات الطويلة ، خاصة الاتفاقات الحليف المكين لـ " جماعة الإخوان المسلمين " المتمثل بواشنطن ، وفي الآونة الأخيرة عمد لتمتين وتكريس هذا التحالف مع التيار الإسلامي المعتدل خدمة لحرب " الإرهاب" الامبريالية القذرة التي تقودها واشنطن متذرعة بأنها ضد " الإسلام المتطرف" ، أي " فُخّار يكسر بعضه " هؤلاء المسلمين بأولئك المسلمين .
* وما هي الخلاصة من هذا الأمر؟
إذن حماس تريد " كبش فداء " ولا يحلم أي منا ، أن تجد الزعامة الحمساوية الشجاعة لتكون صاحبة القدرة على نقد ذاتها – إذن ليس أمامهم أفضل من حركة فتح لتأدية دورهم النقدي هذا !!، خاصة أن تربة التحريض السابق واللاحق على أشده ضد حركة فتح ، وهكذا تم ا يجاد المتهم للتهمة الحمساوية الجاهزة .
* هل تعتقد أن حماس استخدمت فتح ذريعة للإخفاق في بعض الأحيان، وإن كان هذا صحيحاً فلم كان هذا التصرف من حماس؟
- لما كانت زعامة حماس لا تمتلك الجرأة لنقد أدائها السياسي الفاشل والميداني الأكثر بشاعة فلا بد أن تبحث عن خدعة نفسية ذاتية / مشجباً تعلق عليه سلبيات ممارساتها الجارية ، ولا يمكن أن يحلم أي منا أن تجد حماس مشجباً لخطاياها ، أفضل من حركة فتح خاصة أن تربة التحريض السابق واللاحق على أشده ضد حركة فتح ، وهكذا فإن حماس وقد جهزت سلفاً التهمة والمتهم - ، وأتمت ومن ثم أظهرت كل جاهزية ممكنة للقتال - ، وأنزلت المليشيا السوداء للمبارزة مع الدم الفلسطيني – ولديها كل الاستعداد للانتصار على الدم مهما كان الثمن – ولو وصل إلى الرُكب ، المهم أن تبقى حماس في السلطة – ولتذهب المقاومة – أينما تذهب – لقد تم استثمار المقاومة من قِبل حماس وصولاً للسلطة – وحُسم الأمر وانتهى الاجتهاد .
* بم ترد على الاتهامات التي وجهها البعض في الحكومة الحالية للحكومات السابقة بأنها سبب الحالة التي يمر بها الشعب الآن؟
- أستغرب هذا الكم من المراكمة الغير متسمة بالذكاء في الأداء والتعاطي والتعامل السياسي الميداني – حكومة من ألفها إلى يائها ظاهرة فشل في التعامل الخارجي وظاهرة شتيمة على كل شيء سبقهم – فقط شتيمة وربما تكون مبررة بقاعدة من قواعد السلوك المحفوظ عن ظهر قلب وغير المعمول به إلا ضد حركة فتح .
* عادة ما تنتقد حماس كل ما يأتي عبر القناة الأمريكية ولو كانت بمسمى الإصلاح، ولكنها لم تقل لا للانتخابات حين أصرت عليها أمريكا، كيف تفسر هذا؟
- الجميع يعرف بأن حماس قد جاءت عبر الضغط الأمريكي لإجراء الانتخابات في فلسطين، وهذا الأمر لم يكن جديداً أو مستحدثاً في ساحتنا الفلسطينية بل وسبق أن جرى في العراق و في أفغانستان، ومن قبل في تركيا وأخيراً في مصر، ومن ثم ستكون بطريقة أو بأخرى في المغرب، انتخابات أمريكية 100% ، فالانتخابات الأمريكية في تركيا و أفغانستان والعراق وفلسطين ومصر شاركت فيها "جماعة الاخوان المسلمين" ونجحت بنسبة في موقع غير النسبية في موقع آخر وفي فلسطين أتت الانتخابات هذه بحماس، كذلك الأمر فإن أمريكا قد صنعت "كاديما – شارون" من المجموعة السياسية الاسرائيلية العاملة والمتفهمة للدور الأمريكي في المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، و أتت بكاديما، كان الاتفاق المفهوم ضمنياً أن تلتقي حماس والكاديما في منتصف الطريق.
* ولكن من الواضح أن طرفا المعادلة لم يلتقيا حتى ولو كان الأمر بتخطيط أمريكي فإنه فشل، فكيف يكون اتفاقا واختلافاً بذات الوقت؟
- التعبئة الحمساوية المغايرة لهذا الاتفاق أوقع قيادة حماس في مأزق بأنها لا تستطيع تلبية الاتفاق وإلا سيثور عليها كادرها ، من هنا هذه مسألة لا تستطيع حماس أن تغادر مواقعها القديمة جداً جداً، لا يمكنها فعل ذلك، وبالتالي حركة حماس استمرأت المعارضة لا تستطيع أن تعي أنها أصبحت الحزب الحاكم، بالأغلبية الكبيرة، لا تستطيع ذلك لأنها تريد أن تبقى معارضة وتستأثر بالحكومة(!!!).
* كيف لحماس أن تكون حكومة ومعارضة، وما هو الحل الذي تبحثون عنه؟
- هذا أمر يعني أن حركة حماس تريد أن تستمر بالاستمراء بالمعارضة، وأيضاً الاستيلاء على الحكومة، هذا أمر لا يمكن إما معارضة وإما حكومة، نحن نبحث عن حل، نحن لا نبحث عن أي شيء آخر غير الحل، نحن نبحث عن حل للمسألة السياسية الفلسطينية. إذا لدى حماس حل أهلاً وسهلاً و إذا ليس لديها حل أهلاً وسهلاً ، ولكن أهلاً وسهلاً الأولى تختلف عن أهلاً وسهلاً الثانية، وحركة حماس التي وصلت بالديمقراطية عليها أن تعي بأن الديمقراطية لا تعني ديكتاتورية الأغلبية وفقط ولا تعني فقط الإنقاص من حق الأقلية وقهرها إذا ما ارتأت ذلك.
* هل تعتقد أن حماس باتت متأكدة أنها البديل الكامل، خاصة بعد تحركات مشعل المتزايدة على الصعيد العربي؟
- حركة حماس لديها إشكالية نفسية، فهي لم تكن مُـؤَسِـسة في العمل الفلسطيني، وبالتالي حركة حماس و إن غامرت وقامرت بهذا الوضع الفلسطيني، فإنها لا تجد بأنها تخسر شيئاً لأنها و إن كانت تملك إلا أنها لم تشارك في رأس المال المؤَسِـس، والآن أقنعت حماس نفسها بأنها أصبحت البديل وبالتالي الوصول للعرب والمسلمين وغيرهم، فرض عين على مشعل، وأما اتصاله مع "أبو مازن" ، فلا يندرج تحت طائلة ما سبق، بالعكس فإن مشعل وقد أخذته العزة بالإثم، فقام بالتحضير لانتشار الميليشيا السوداء والتبشير بالحرب الأهلية الفلسطينية، وذلك بالتمهيد لذلك بالتحريض على فتح والسلطة وكل من يقف بوجه حماس "بقوله بعد تهديده الطويل-" … لكن الانقلاب الأمني العسكري مدعوم بالصهاينة والأمريكان لن يكون..
* لمن إذاً تحمل مسئولية ما يجري؟
- أنا أحمل حكومة حماس المسئولية وزير الداخلية لم يتحرك من رأسه ، وزير الداخلية تحرك بناءاً على أوامر من رئيس حكومته ، رئيس حكومته يتحرك بناءاً على أوامر من مشعل وقيادة حماس في الخارج ، وقيادة حماس في الخارج لا تريد أن تتفق فلسطينياً لأنها اتفقت مع المحور "السوري- الإيراني"، وهذه مسألة في غاية الأهمية.
* وبم يختلف المحور السوري عن الحالة الفلسطينية ألا يمكن أن يصنع هذا انسجاماً عربياً؟
- نحن لا نستطيع أن نكون جزء من المحور "السوري- الإيراني"، نحن هنا لنا خصوصية فلسطينية ، حركة حماس لم تأخذ هذه الخصوصية بعين الاعتبار ولا بعين الاحترام، ولم تأخذها بأي عين كانت، هنا بيت القصيد وبالتالي نجح مشعل أن يطوف كل الأرجاء ولكن لم يستطع مشعل أن يصل إلى أبو مازن ، نحن سمعنا نجاح الشيخ الزهار في رحلاته الخارجية ولكن لم يسمع بأن الشيخ الزهار وحكومة حماس نجحت أن توجد علاقات جيدة مع أبو مازن ، أبو مازن شرعية أنتخبها الشعب وعدد الأصوات التي نالها تزيد عن عدد الأصوات التي حصلت عليها حماس ، هنا يجب أن نقف طويلاً أمام هذه المسألة.
* على ذكر العلاقات الداخلية، ما هو المطلوب من حماس لتدعيم مفهوم المواطنة وتدعيم الصف الداخلي؟
- حركة حماس عليها أن "تُـغَـنّي في عبها أجتها والراعي نايم" ، حركة فتح قامت بتسليم هذه المسئولية التاريخية التي تحملها على عاتقها منذ أربعة عقود ونيف، قامت بتسليمها بكل سلاسة وبكل إطار عمل محترم ديمقراطي رائع جميل لا يوجد له مثيل في العالم الثالث إلا القليل، هذه مسألة مهمة جداً ماذا تريد منا حكومة حماس؟ هل تريد منا القبول بكونهم حكومة ومعارضة في آنٍ معاً؟، إما معارضة وإما حكومة، لكن علينا الوعي والإدراك والعمل أن كلاً من المعارضة والحكومة تقوم على أرضية المواطنة، هنا حركة حماس تُـلغي المواطنة عندما تنتشر ميليشياتها السوداء في شوارع قطاع غزة وذلك لأن حركة حماس في إطار تفكيرها السياسي تلغي الآخر، هناك رفض للآخر وإلغاء للآخر، هناك عدم اعتراف بالآخر هنا نقع نحن فيما نقع فيه الآن، من تتابع أزمات، كنا وطنياً في غنى عنها.
* هل تعتقد بأن حماس تدين لأبي مازن بجميل الانتخابات على أساس أن الظرف كان صعباً؟
- نصدق القول والشعب الفلسطيني يعرف ذلك لو لم يكن محمود عباس على رأس السلطة ومنظمة التحرير وأيضاً هو أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، أي المسئول الأول في الوطن، أجزم لا يستطيع أحد أن يذهب بالقول أن الانتخابات الفلسطينية كانت ستكون في موعدها، حتى لو جاء الرئيس بوش بنفسه هنا يشرف على الانتخابات، ولو أرسل كل المارينز لتنفيذ هذه المسألة الانتخابية ، محمود عباس رجل صادق ، أنا شخصياً لا أؤيده فيما ذهب إليه مع حماس ذهب كثيراً كثيراً مع حماس، ولكن حماس أكالة ونكارة، لأنه الرزقة قليلة، والآن ضاقت الرزقة أكثر وأكثر.
* أنت تقول أن عباس ذهب باتجاه حماس كثيراً فكيف لحماس أن تستفيد من ذلك، بالإشارة إلى أن ما نراه هو أمر مغاير للمنطق إذا سلمنا بأنه ذهب باتجاه حماس؟
- كان على حركة حماس أن تستثمر محمود عباس، وأن تستغل محمود عباس، وأن تسخر هذا الرجل وهو رجل دولة من طراز ممتاز ولقد حظي باحترام الدنيا، إلا احترام حركة حماس الظانة بأن عظمهُ طري وخاب ظنها طبعاً، ونحن سمعنا مشعل وهو يَـخون محمود عباس ويُـخَـونَهُ أو يُـخَوِن كل الإطار الوطني الفلسطيني، وكأن لا يوجد زعيم، إلا مشعل فقط و ربما من يدور في فلك مشعل من حركة حماس.
* ولكن لم تستطيع حماس استغلال أبي مازن في صفها بالشكل الصحيح، وهل يمكن أن تكون المشكلة في استيعاب الرئيس لهذه الحركة؟
- الحركة الوطنية الفلسطينية سبقت حركة حماس 30 سنة في المرحلة المعاصرة، وبالتالي لم تكن زعامة حماس ذكية في قصة عدم التفاهم مع محمود عباس، وأدعو من أعماقي أن يوفقهم الله مع محمود عباس، لأنه هو الذي سيوفر علينا وعليهم الكثير من المتاعب التي في غنى عنها، أبو مازن شخصية وطنية محترمة تحظى بالاحترام ،حركة حماس حركة وصلت إلى مقاعد الحكومة وشكلت حكومتها ، حكومة حماس ضمن صناديق الاقتراع نحن نحترم هذه النتائج لكن لا يمكنني أن أكون أعور أحترم نتائج حماس ولا أحترم نتائج أبو مازن، فلقد تم اختيار أبو مازن ديمقراطياً بناءاً على برنامجه "برنامج العمل الوطني" وأصبح رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية.. وهو الذي يكلف رئيس الوزراء بتشكيل حكومته وهو الذي يملك حق إقالته، وبالتالي فالموقع الأول هو لرئيس السلطة، وكذلك الأمر لا يمكنني أن أكون أعور في الجانب الآخر أحترم نتائج أبو مازن ولا أحترم نتائج حماس يجب أن أحترم النتيجتين معاً، يجب علينا إجباريا وليس هذا منةً من أحد فلا بد من المُـضي قُـدماً بهذه النتائج واحترامها ولكن للاحترام درجات، ما نشهده على الأرض انقلاب بالسلاح على الرئيس والسلطة وهذا أمر لا يقبله أحد.
* ألا ترى أن أولمرت قد استغل الظرف بالشكل الملائم لأهدافه الجشعة وبدأ بالعمل فعلاً دون مراقبة فلسطينية لانشغالها بنزاع داخلي؟
- هذا أمر مخجل أولمرت يفعل ما يريد وضدنا 100%، ونحن نشتغل في بعضنا البعض، إن المعضلة القائمة على الأرض الآن، هي معضلة بين الشعب الفلسطيني وبين حماس وميليشياتها السوداء- ميليشيا الدماء الحمراء. وهنا أُنبه أن تطرف الأتباع هو مرض الفكرة. الآن علينا أن نبحث عن الحل، كيف يمكن أن نوجد تسوية سياسية ؟. وليس بين فتح و حماس بل بين الشعب الفلسطيني بكل ألوان طيفه السياسي والاجتماعي من جانب وبين حماس من جانب آخر، علينا أن نوجد تسوية سياسية فلسطينية كاملة لكي تشعر حماس أنها جزء من لحمة وسداة النسيج الفلسطيني، بعد أن تسلك هذا المسلك الوطني، ستعرف عملياً أن الدم الفلسطيني كل الدم الفلسطيني.. هو حرام، وبأن انتشار هذه الميليشيا السوداء هي الجريمة الأشد خطورة في تاريخ شعبنا على مدار أكثر من نصف قرن.
* ألا ترى أنه بات من الصعب تطويق الأزمات الفلسطينية دون تدخل طرف ثالث؟
- نعم نحن ليس لدينا القدرة على تطويق الأزمة الراهنة أوافقك الرأي ولا القدرة على تطويق أي أزمة قادمة، والأزمات الماضية تم تطويقها بمساعدة الأشقاء المصريين ولكن الأشقاء المصريين، وبعض الأخوة العرب عندهم شغلهم و هل ليس وراءهم إلا مشاكلنا، نحن هنا علينا نحن نتأقلم مع الحالة علينا أن نوجد حل سياسي المسألة ليس مسألة رواتب.
* على ذكر مسألة الرواتب هناك تضارب في التصريحات بين الحكومة والرئاسة، فكيف يمكن للمواطن معرفة حقيقة ما يجري؟
- أبو مازن ذهب إلى أكثر من عاصمة، وذهب إلى باريس بالذات، واتفق مع الرئيس شيراك على موضوع الصندوق الائتماني بأي حق يخرج وزير الشئون الخارجية الشيخ الزهار ويعلن ما يعلنه بأنه يرفض(!)، ماذا يرفض؟ يرفض ما صرح به وأنجزه الأخ / أبو مازن، أي وزير شئون خارجية هذا(!!!)،.
* ولكن الحقيقة تقول بأن حماس استطاعت أن تجمع أموال باسم الشعب الفلسطيني؟
- حركة حماس جلبت مال أعطت لأعضائها، والمحسوبين عليها، تستثمر جوع الشعب لتجميل سوء أدائها البشع، ولكن الشعب الفلسطيني لم يأخذ شيئاً، لم يصله ما يقيم أوده في هذه المجاعة.. في الكارثة القادمة. علينا هنا علينا أن نتدبر أمورنا بهدوء ، "نزال" يقول.. موظفي السلطة أهم من فتح وقال.. أن حركة فتح قَـبّـضَـت أعضاءها رواتبهم سراً، والجميع يعرف أن أعضاء فتح أسوة بكل أبناء الشعب لم يتسلموا رواتبهم بعد ولكن لسان حال نزال وخلافه يعني " رمتني بدائها وأنسلت" وهذه هي حماس باختصار شديد.
*هل تعتقد أن الشعب الفلسطيني أرضية خصبة لحرب أهلية؟
- شعبنا ضد الحرب الأهلية وأسأل الله أن يُـجنبنا إياها، ولكن هذه الحرب لا يمكن أن تكون إلا بإكتمال عناصر اشعالها، فإما كتلة سكانية (ديمغرافية) تعتمد إما على كتلة إثنية ضد كتلة إثنية أخرى، أو كتلة دينية ضد كتلة دينية أخرى أو طائفة أو فرقة ما ضد طائفة أو فرقة ما أخرى، هذه أساسيات الحرب الأهلية.
* ولكن ألا ترى أن الاقتتال الداخلي أصبح أعنف مما كان عليه سابقاً، وبرأيك ما سبب تفاقهما في هذه الفترة تحديداًُ؟
- نعم نحن اقتربنا من الاقتتال "الفلسطيني –الفلسطيني" اكثر مما كنا في السابق، وذلك بعد نتائج الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، لان حركة حماس فوجئت بنتائج الانتخابات، بالمناسبة حركة حماس نجحت بنتائج صناديق الاقتراع- ليس بما قدمته من "برنامج"، ولكن بوش كان أكبر داعم لحماس في الانتخابات وكذلك شارون، عندما قالوا لا تصوتوا لحماس وكانت هذه بمثابة دس السم في الدسم لجميع الكتل الأخرى، كذلك ما أشاعته حماس حول ملايين الدولارات التي صبت في جيب فتح لتمويل حملتها الانتخابية، وثبت أنها افتراء على كذب على دجل. ولم نَـر الملايين فقط سمعنا بها من إشاعات حماس الآن علينا قراءة ما معنى كلمة الأغلبية الواحدة (تحالف فصائل منظمة التحرير) هذه الكتلة كانت تحول دون أي اقتتال "فلسطيني –فلسطيني"، ولكن بعد 26/1/2006 هذه المسألة تغيرت بأن ظهرت هناك كتلة أغلبية أخرى، ومن هنا إما أن تتفق هاتان الكتلتان، وإما أن تختلف الكتلتان مما يؤدي إلى الصدام الحتمي.
* نلحظ أن الحكومة الجديدة تتوزع بشكل كبير أيام الجمعة على المساجد وتلقي الخطب السياسية، هل ترى في هذا الأمر انتقاص لرسالة المساجد؟
- صدقاً من متابعتي أنا شاهدت بعض الخطب يلقيها أعضاء في الحكومة أو رئيس حكومة حماس، أنا لا أرى في هذا الأمر أمراً غير طبيعي، ومعظم الوزراء وأعضاء التشريعي ورئيس الحكومة كانوا أئمة مساجد، ولازالوا يمارسون نفس النهج، ولا أرى غضاضة ولا غبار في ذلك، وهذا الأمر مأخوذ ومنقول عما يجري في جامعة طهران يوم الجمعة وفي الأعياد،إنها سُنّة استنها الامام الخميني إثر إنتصار الثورة الاسلامية في إيران ولكن ما أستمع إليه من على المنابر سواء ما نستمع إليه مسجلاً عبر فضائية الجزيرة ، أو ما ينقل هنا أو هناك، بصدق هو أمر يدعو إلى القلق لخطورة استعمال المسجد ليس كبيت عبادة الله ، بل والاصرار على استعماله مركزاًَ حزبياً، بل وإن هناك الكثير من الأحاديث حول استعمال بعض المساجد ( كأوكار حزبية لتخزين البلطات والجنازير وخلافه).
* إذاً هل تعتقد أن هناك استخدام في غير محله لبيوت الله؟
- المسجد بيت من بيوت الله والمسجد من أجل الدعوة لتوحيد الصف الوطني، والمسجد دائماً داعية للوحدة الوطنية، ولم أسمع يوماً أن رسالة المسجد في التفريق؛ بل إن رسالة المسجد تقوم على وحدة الاهل ليس تمزيق صفهم ، بالعمل الدؤوب والموعظة الحسنة لتجذير لحمة الشعب، ولكن الآن أنا أرى بأن المسألة غائمة. تنظيم حماس هو تنظيم براجماتي "أصل العمل نتيجته"، ولا يهمه ماذا يستخدم للوصول إلى السلطة، سواء كانت المقاومة وأهدافها المقدسة أو كانت المساجد وقداستها الدينية، أو كان دم الإنسان وما يمثل في ضمير الاديان والشعوب والأمم، كل هذه الأمور لا يهم، ما يهم هو أن يصلوا إلى السلطة وأن يبقوا في السلطة أطول مدة ممكنة، ولا يهم ما يستعملون من وسائل خدمة في هذا السياق لإتمام وإطالة وجودهم في السلطة.
* جرى الحديث كثيراً عن تكرار ذكر المنامات والتبشير بأن الفرج قريب في هذه الخطب، وخاصة منام ذلك الشرطي الذي بعث الرسول برسالة من خلاله لهنية، ماذا تقرأ في تداول هذه الأحاديث؟
- لم أستطع أن أفهم حتى الآن لماذا لدى البعض منا انطباع أن حماس لديها وكالة من السماء، وأن كل ما تمارسه هو الحق والحقيقة والصدق والصحيح، وهذا أمر مغاير للعقل، حركة حماس تنظيم سياسي براجماتي لديه مخططاته ولديه استراتيجياته ولديه تكتيكاته وهو أسوة بأي تنظيم حزبي في هذا العالم، يسعى كما أسلفت للوصول إلى الحكم ومن ثم البقاء أطول مدة ممكنة في الحكم، هذه مسألة لا أدري لماذا وكأن على عضو حماس أن يكف عن ممارسة حياته بعيداً عن الشعوذة، وكأن على السياسي في حماس أن يكون الصادق الأمين الذي والذي والذي، يا أخي هذه قضايا إنسانية وما دمنا نحن بشر فنحن جزء من حركة الخير والشر وجزء من حالة السلب والإيجاب ومن حالة النعم واللا، فهذه مسائل إنسانية، إذا ما أراد البعض أن يعترض أو أن يدلي بوجهة نظره في موضوع من موضوعات الدين، فإن هناك من ينبري له ليقول له أنتم لستم....، يا أخي أنا لا أرى أن حماس حزب ديني، ولا أرى أن حماس لديها توكيل من السماء بأنها وكيلة السماء على الأرض، حماس تنظيم سياسي عادي جدا.
* ولكن لم تجبني على تداول المنامات في الخطب واستبدال إقناع العقل بإقناع العاطفة؟
- كل شيخ له طريقة، هناك شيوخ طريقهم هي طريق الشعوذة، هذه مسألة علينا أن نقف أمامها بأعصاب هادئة، نعم، لدى البعض من شعبنا تصورات دينية ما، تعمل حركة حماس من على المنابر، ومن أناس أسماؤهم رنانة وطنانة وتضرب مثل الطبل الإفريقي، ولكن هناك أناس لديهم وجهة نظر وعليهم تقبل هذه الأمور، حركة حماس تعزف على هذا الوتر، وتريد أن تجند البسطاء من القوم أصحاب هذه الأفكار لصالحها، بإثارة وتهييج العواطف الدينية، بعد العام 1967 قيل أنه ظهرت العذراء في سماء مصر الجديدة، وجلبت لهم سياحة(!!!) ، والآن فلان رأى في المنام، علان حلم، فلان جاءته رؤية، الخوض في هذه الأمور يقلل من قدر الإنسان والحديث فيها أكثر من ذلك، لأنه من غير المعقول أن أناساً سياسيين يتعاملون بمثل هذه القضايا التي يتعامل بها ليس مشايخ الطرق، والذين لهم كل الاحترام، وكذلك الأخوان رجال الدعوة الذين كل التقدير لهم ولكل من يتبع التدين المعتدل، إلا أن هناك قلة قليلة تستعمل الشعوذة، وعلى ما يبدو أن العدوى انتقلت للمسئولين السياسيين.
* لقد اتهم تلفزيون فلسطين بالعمالة، وقيل أنه يعكس الصورة، وقال رئيس التلفزيون أن حماس قد أهدرت دمه والموظفين بعد نشر التلفزيون لحادثة مقتل الشهيد الردايدة، ما تعليقكم على ذلك؟
- نحن الآن على منعطف، لم تعد مسألة هدر دم فلان أو علان هي المسألة الأساسية والرئيسية، الآن حركة حماس –بزجها لهذه الميليشيا السوداء- فإنها أعلنت الحرب على العرف الديمقراطي الفلسطيني، الذي جاء بها إلى سدة الحكم، وهي لن تتورع لا أن تهدد الأخ محمد الداوودي مدير عام التلفزيون الفلسطيني، هذا الشاب المناضل الذي خرج من بطن الأرض الفلسطينية، وهو شاب في الثانوية حمل روحه على راحته ومضى مناضلاً منذ سنوات شبابه الأولى، وهو في عمر الورود، ولقد بدأ النضال الوطني مبكراً وعمره النضالي الآن أكبر من عمر حماس الزمني، هذا الشاب الذي دفع ثمنا غالياً ما قبل الانتفاضة الأولى وأثناء الانتفاضة الأولى، إنه ابن الحركة الوطنية الفلسطينية، وهو مسئول عن عمله، وبمسئولية وطنية وحرص على المصلحة الوطنية العليا فله ولكل زميلاته وزملائه في التلفزيون الفلسطيني التحية والتقدير ، خاصة على دورهم في الفترة الاخيرة ، ولقد استمعت إلى وزير إعلام حكومة حماس وهو يثنى على دور وأداء التلفزيون.
* ولكن ماذا عن ما قيل حول أن الصورة لم تكن في حقيقة الأمر كما عرضها التلفزيون الفلسطيني؟
- إن الأمانة الإعلامية تفرض على مدير عام التلفزيون الفلسطيني وأمامه مثل هذه الصور التي رأيناها، أن يعرضها، وأن يعرضها العرض الذي رأيناه، والذي شهد العالم للتلفزيون الفلسطيني بالامتياز لهذا العرض، قبل الأخ محمد الداوودي كانت هذه اللقطات تباع للفضائيات، وأما عندما أصبح هذا التلفزيون الفلسطيني 100% فلسطيني فإن لقطاته لم تعد تُباع ، فهناك من تذرع بأن الصور معكوسة، (مهو كله معكوس ما دام مجاش على رأي حماس)، ما هو الصح؟ ما هو الصواب الذي تريد أن تقبله حماس؟ حماس لا تريد آخر، هذا العقل إذا ما استمر بهذا الانغلاق فإنه سيودي بحماس وسيودي بنا إلى كارثة مؤكدة، إذا كان لدى حماس طعن في الصور، فإنني كمواطن فلسطيني أتحدى أن تثبت حماس عكس ما جاء في الصورة، نحن لسنا عُمي بصر وبصيرة إذا ما كان هذا العمى مصابة به حماس، فهذا أمرها وليس أمري، لكننا شاهدنا الصورة واللقطات، هذه لقطة جنبتنا مشكلة مع الأردن الشقيقة، والتي سَمِعْتُ من زعامة حركة حماس ومن زعامة حزب العمل الإسلامي في الأردن، ومن زعامة الإخوان المسلمين في الأردن الغزل الرفيع في الأردن إبان أزمة السلاح الأخيرة، إن هذه اللقطات قد جنبتنا ويلات، وألف تحية لهذا المصور، الذي ربما كان سيكون أيضاً لاحقاً بالأخ الشهيد الشاب العربي الأردني، وماذا سيشكل هذا المصور للفلتان الامني إنه مجرد رقم/ وهو شاهدناه أمام من يفتح النار بهذه الصيغة، هذه تفرض على حماس-لا كما جاء على لسان هنية على منبر المسجد العمري: لا تراجع- تفرض عليهم التراجع، إن التراجع عن الباطل للحق فضيلة، وأين شرفاء حماس ليقولوا لا؟ ألا يتذكرون قول الأعرابي لعمر بن الخطاب؟ والله لو وجدنا فيك اعوجاجاً لعدلناه بحد سيوفنا وقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه " لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها " ؟!. فلماذا لا نسمع صوتهم أمام هذه الخطايا التي ترتكبها زعامتهم في حركة حماس والله الموافق.
* برأيك كيف الخروج من هذا المأزق؟
- الخروج من المأزق يكمن باتفاق الكتلتين والذي بدوره يؤدي إلى أن يتجنب الكل الفلسطيني مخاطر الحرب الأهلية وأهوالها وأن نتجند ضد سياسة الأمر الواقع الإسرائيلي الذي يريد أن يفرضها علينا أولمرت، هذا ما ينبغي أن يشغلنا و أن نكون بصدده، هذا ما نود قوله، أما أن تقوم حركة حماس بإنشاء الميليشيا السوداء وأن تضعها رقيباً وحامياً وجهازاً أمنياً فوق الأجهزة الأمنية، وأنه فرفور ذنبه مغفور هذا أمر لن يكون والسؤال الأشد خطورة إذا ارتكب أحد هؤلاء أمراً ما مخالفاً للقانون ، كيف سيتم عقابه، رجل أمن أثناء تأدية الواجب، أم خارج على القانون، دستورياً هو خارج على سيادة القانون، لا بد أن يعود هؤلاء إلى جحورهم بأمر أسيادهم.