اعلان

Collapse
No announcement yet.

حزب الله واختطاف دولة لبنان!!

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
new posts

  • حزب الله واختطاف دولة لبنان!!

    الحمد لله

    (
    الوعد الحق واختطاف الدولة

    لعل الجميع يتذكر جيداً مبادرة المغفور له صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة التي أطلقها مع تأزم الموقف في العراق وقرع طبول الحرب فيها، وكانت تهدف إلى تجنيب الشعب العراقي ويلات الحرب والدمار والتمزيق وكانت كفيلة وقتها بأن تنزع فتيل الحرب على بلاد الرافدين وتداعياتها على المنطقة بأسرها، وتلخصت فكرة تلك المبادرة في تنحي صدام حسين عن السلطة مع تقديم ضمانات قانونية مُلزمة محلياً ودوليا،ً للقيادة العراقية بعدم التعرض لها أو ملاحقتها بأي صورة من الصور كما جاء في نص الوثيقة، وتوجه سموه بمبادرته إلى مؤتمر القمة العربية الذي كان منعقداً في مدينة شرم الشيخ بمصر في الأول من مارس 2003 دعا فيها القادة العرب إلى مطالبة الرئيس العراقي السابق - الذي يخضع الآن للمحاكمة- بالتنحّي عن الحكم لتجنيب العراق وشعبه ويلات الحرب.

    لكن تلك المبادرة الحكيمة العاقلة لم تعرض على القمة ولم تدرج في جدول أعمالها وأجهضت في حينها وتصدت لها الأبواق المؤدلجة الثائرة على غير هدى، ووصفتها بالانهزامية والتنكر للعروبة والقومية، وتلاشت أصوات الحكمة في زخم الضجيج العاطفي المسيس ثم بدأت الحرب ووصل العراق إلى ما ترون اليوم من دمار واحتراب داخلي وفتنة لا تبقي ولا تذر.

    واليوم المشهد ذاته يعود من جديد، واللغة ذاتها تعاود الكرة من جديد مع بداية الأزمة اللبنانية والحرب الشاملة التي تقوم بها الآلة العسكرية الإسرائيلية بعد أسر حزب الله لجنديين إسرائيليين، تلك الحرب التي أقحمها فيها عنوة حزب الله بعد أن اغتصب القرار واختطف الدولة وقذف لبنان (الوطن) في جحيم الحرب دون استشارة من أحد غير ملالي الحزب وبعض ممن هم خارج الحدود اللبنانية وكيفت على أنها الحرب المقدسة التي ستعيد الأمجاد الغابرة والحقوق المسلوبة وبالتالي لا تقبل نقاشاً أو تحليلاً، فضلاً على أن تواجه بنقد عقلاني متزن يراعي المرحلة ولا يقفز على الحقائق على الأرض والمصالح الوطنية اللبنانية التي لا يمكن بالمنطق السياسي البسيط أن تتحكم بها جهة دون أخرى مهما كان حجم وجودها في الشارع، وعلى وجه الخصوص القرارات المصيرية التي تنال بشكل مباشر من حاضر الوطن ومستقبل أجياله.

    إننا للأسف لم نتعلم من التجارب الماضية على قسوتها ومرارتها، ولم نؤسس معرفياً لسيادة العقل وحكم المنطق في التعامل مع قضايانا السياسية المصيرية ورضينا بأن تقودنا العاطفة وأن نلدغ من الجحر ذاته مئات المرات دون أن نتعلم. إنني أتفهم جيداً بأن عملية أسر جنديين إسرائيليين من خلال منطق حزب الله الضيق ستعود بالكثير من المكاسب السياسية لحزب الله وسط التجاذبات السياسية والطائفية الساخنة في لبنان بعد تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما أنها ستعود بالوقت ذاته بمكاسب للكثيرين خارج الحدود اللبنانية الذين ارتأوا جعل لبنان مسرحاً مفتوحاً لصراعاتهم السياسية والعقائدية، لكن فاتورتها الباهظة التكاليف سيدفعها قطعاً الرجل اللبناني البسيط الحالم بمستقبل يبدد ظلمة الذكريات البائسة وستدفعها الثكالى اللاتي لم يفقن بعد من جراحهن من حرب طاحنة لم تغادر مآسيها الذاكرة وسيدفعها لبنان (الوطن الحلم) الذي بالكاد بدأ يلملم جراحه ويهم بالنهوض للحياة من جديد بعد أن بدأ يبني ما هدمته الحرب وأخذ يتعافى ويتعالى على آلامه.

    لقد جاءت المغامرة غير المحسوبة من قبل حزب الله لتهدم مسيرة البناء التي دشنها الراحل رفيق الحريري ورفاقه ولتهشم البنية التحتية وتقضي على السياحة التي تشكل أهم الموارد الاقتصادية للبنان وكل ذلك تم بقرار حزبي اتخذ بعيداً عن دوائر مؤسسات الدولة الرسمية، وبعيداً عن قياداتها السياسية الشرعية وفي معزل عن القراءة العاقلة لكل الظروف السياسية في المنطقة، وفي تنكر لأبسط أبجديات الدولة المدنية الحديثة التي ترتكز على فكرة جوهرية واحدة مفادها أن المؤسسات الشرعية هي الوحيدة التي تملك سلطة اتخاذ القرار، ولا يمكن لحزب أو أية مؤسسة أخرى أن تفتئت عليها مهما كانت الأهداف المعلنة نبيلة وأخلاقية، لأن ذلك يعني الردة نحو الدولة المفككة ناقصة السيادة أو ما يمكن أن نسميها (دولة كل من إيده إله).

    لقد سبب الرد الرسمي السعودي والمصري والأردني على الأحداث الدائرة في لبنان صدمة للكثيرين المتشبثين بالخطاب العربي التقليدي الذي يدغدغ مشاعر الجماهير بلغة عاطفية تفتقد للتحليل المنطقي السليم وأسس لخطاب أكثر عقلانية ومسؤولية وتحرر من سطوة العاطفة الأخاذة الخادعة ومفردات النفاق السياسي الدارجة في خطابنا العربي التقليدي، وأتمنى أن نستمر في الطريق ذاته وأن نخرج من شرنقة العاطفة إلى فضاء العقل في تعاملنا مع الأحداث الراهنة في منطقتنا.

    قدر لبنان ذلك البلد الجميل أن يكون في قلوب الجميع وقدره أن يعيش العرب آلامه وجراحاته، وقدرنا أن نقف أمام عاصفة هوجاء من الصخب الشعاراتي الفارغ من كل شيء إلا من الحكمة والعقل.

    )

    عبدالرحمن اللاحم - الوطن

    كم يخيفني الشيطان عندما يأتي ذاكرا اسم الله!
Working...
X