ساعات عمل سوق الأسهم .. للمناقشة
سعود الأحمد
إن تقليل وتحديد مواعيد ساعات عمل سوق الأسهم وتوقيت هذا التغيير موضوع يستحق من الجميع التعامل معه بإيجابية. خصوصاً أن آثاره تمس شريحة كبيرة من المواطنين. لأن صاحب القرار حريص على المصلحة العامة وبحاجة إلى معرفة ردود الأفعال.
وبهذا الصدد، علينا أن نستفيد من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، ولا نغفل حقيقة هامة هي أن الدول المتقدمة دفعت أثمانا باهظة لخوض هذه التجارب، ولا جدوى من العودة للبدء في صناعة العجلة من جديد ... وكما يقال «السعيد من اتعظ بغيره».
فكل دول العالم تعمل أسواقها دواماً متصلاً، لكنها لا تغلق مبكراً. فأسواق نيويورك المالية، سواء سوق نازداك أو الوول ستريت أو سوق نايمكس للسلع والخدمات Newyork Merchintile ومثله أسواق شيكاغو وكذلك أسواق المال في لندن London Financial City كلها تعمل فترة واحدة لكنها تعمل من التاسعة وحتى الخامسة بعد الظهر. وفي أمريكا بوجه خاص هناك تعاملات إلكترونية بعد الخامسة أو ما يسمى بتعاملات خارج الدوام After Ours Trading وتستمر حتى السابعة والنصف مساءً. الواقع أن السوق السعودي هو سوق مضاربين وليس سوق مؤسسات. والدليل أن حجم السيولة في أسهم المضاربة يبلغ حوالي 75%، كما أن النتائج تشير إلى أن الأسهم التي حققت الأرباح هي أسهم المضاربة وليست أسهم العوائد. ويمكن تأكيد ذلك بمقارنة نتائج شركة الباحة (على سبيل المثال) بنتائج شركات العوائد مثل سابك والاتصالات خلال الأربعة أشهر الماضية، سنجدها تصل إلى عشرة أضعاف لصالح شركة الباحة. وما من شك أن توقف التعامل عند الثالثة والنصف سيحد من مشاركة الأفراد المضاربين.
ففي الرياض الموظف يعمل إلى ما يقارب وقت أذان العصر، فماذا بقي له من وقت حتى يعمل في السوق. وفي الغربية السوق فعلياً يغلق حوالي الساعة الثالثة لأن صلاة العصر تأخذ النصف ساعة المتبقية. وفي الشرقية أذان العصر مع خروج الموظفين فماذا بقي من وقت للتعامل في سوق الأسهم ...
وبالتالي كأننا نقول للموظف إما الوظيفة أو السوق! ولو عدنا بالذاكرة قليلاً لتذكرنا إن معظم حالات قفزات السوق التي مرت به كانت في الفترات المسائية. ثم ان حجم التعامل كان في أوج قوته في الفترة المسائية. والوضع الحالي أن المواطن العادي بدأ ينسحب من السوق والودائع الادخارية خلال الثلاثة أشهر في تزايد (وهي في الغالب لكبار المستثمرين) بسبب خروجهم من سوق الأسهم، ومنهم من بدأ بتأسيس شركات صناعية مساهمة مغلقة وشركات في المجال العقاري ... . ومع الوقت ومع ضغوط البيروقراطية ومع هذا السلوك الحالي المتذبذب للسوق السعودي، فلا بد أن يضعف الإقبال الشعبي على الاكتتابات الجديدة وتتعثر خطط جذب الاستثمارات الأجنبية، وتبدأ هجرة رؤوس الأموال للخارج وتحولها إلى قنوات استثمارية لا تفيد الاقتصاد الوطني.
وبهذه المناسبة وما دام الحديث عن مواعيد العمل، فإن السؤال يبرز عن مبرر الإبقاء على إجازة الخميس، ولماذا لا يكون السبت عوضاً عن الخميس. فالاقتصاد السعودي يخسر في تعاملاته الخارجية أربعة أيام عمل. لأننا نعطل يومي الخميس والجمعة والعالم يعمل، ونعمل السبت والأحد والعالم في عطلة! ... فكيف نبرر رغبتنا في انفتاح اقتصادي أوسع مع العالم، في وقت توجد قناعة عامة أن المسألة مسألة وقت، فلماذا نتأخر في التغيير؟ وماذا ننتظر !؟
وختاماً... إذا كان من أهداف إغلاق السوق خروج المضاربين فقد تحقق. لكنه بداية النهاية لانتعاش السوق وربما تكون رصاصة الرحمة للإطاحة بسوق الأسهم. إذا لم يتدارك أمر إعطاء المضارب وقتاً كافياً لإنعاش السوق.
تعليق