الإسم : الطفل عبدالله
المرحلة الدراسية : الصف الأول الإبتدائي .
اليوم : لا أعلم إنما به حصّة (ألعاب وليست رياضة) لذلك لبست الزي
الأصفر .
يقف الباص أمام منزلنا عائد بي من المدرسة , وإذا بالشارع مكتظ
بالبشرية , أبواب المنزل مشرّعة , حملت حقيبتي ونزلت صامتا مندهشاً ,
دخلت المنزل من الباب الخاص بمجلس الرجال ودخلت المجلس بحقيبتي وزيّي
الأصفر , ما هذا !! الدموع تملأ المكان ..
جاءني أخي الأكبر وهو يبكي ويحاول التماسك والصمود أمامي : حبيبي
عبدالله أعطني حقيبتك واخرج للـّعب مع الأطفال .
خرجت بصمتي .. ودخلت مجلس النساء , وإذا به والمنزل بأكمله في صراخ
ونواح , إحتضنتي إحداهن وتململت من حضنها وخرجت , وإذا بأخي الأكبر مني
مباشرة شبه منهار ويصرخ بأعلى صوته والرجال يحاولون تهدأته , أعطاني
أحدهم "جنيهان" فذهبت لأشتري (بطاطس وعصير)
عدت إلى منزلنا وإذا بإبن خالتي "أحمد"
خرجت من صمتي حينها : أهلا أحمد هل أنت غائب عن المدرسة اليوم ؟
أحمد : نعم
أنا : ( ياحظّك ) .. ولكن لماذا أتيتم من "القاهرة"؟
أحمد : انت لا تعلم ؟
أنا : بماذا ؟
أحمد : أمك ماتت !!
سكتُّ فجأة .. وعدتُ لقرمشة "البطاطس" بصمتي !!
تشويش
تشويش
فجأة وأنا أقف أمام المنزل أتت "سيارة إسعاف" , إستفهاماتي تكبر
واستيعابي يقل .
خرج والدي بغير عادته حملني وذهب بي إلى جارنا " المنزل المقابل
لنا مباشرة" وحدّثه عن شئ لم أركز به ولم أفهمه ,أخذني جارنا وأدخلني
منزله وإذا بزوجته تبكي وتحضنني بشدّه "وأنا لم أزل متشبثا بصمتي
وأشاهد" .. لاحظت أنهم أقفلوا باب المنزل ولا يريدون مني الخروج ,
عندها بدأت بالصراخ والبكاء , عندها أصبحت طفلا , عندها ظهر صوتي
المحبوس .. لا أدري لمذا تصرفت هكذا , ولكننى تصرفت كالمجنون , أحاول
القفز حتى من الحائط الذي يتجاوزني طوله بأربع مرّات أو خمس , كنت أريد
الخروج أريد مشاهدة مايحدث .
تشويش
تشويش
تشويش
ت
ش
و
ي
ش
تسعة عشر عام / بلا أم
تسعة عشر عام / بلا فم !!
تسعة عشر عام / بلا أمان !!
تسعة عشر عام / بلا حنان !!
تسعة عشر سكّين مغموس في كبدي !!
تسعة عشر هَمّ / لم اسمع بـ : (ولدي)
أمّااااه :
طفلك "الشيطان" أصبح هادئاً
عودي إليه أمّاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه
أصبحت رجلاً
أصبحت شاعراً أمّااه
أقسم لكِ أنكِ زادي وشرابي
أقسم لكِ أنني لم أهنأ بشئ في حياتي
أقسم لكِ أنني لازلت أُأجل زواجي .. إلى أن تعودي وترّتبين لي /
وترتّبينني / وترشدين لي / وترشدينني / وتوصين بي / وتوصينني /
"وتزغرتي" لي / وتحتفلي بي / يا أمّاااه
أمّاه
أمّاه
كل نجاحاتي
شهاداتي
إنجازاتي
إحتفالاتي
أمسياتي
بسماتي
كلها في حاجة لكِ يا أمّااه
كلنا نريدكِ يا أمّااه !!
أمّاه :
صدّقيني أستحقكِ في حياتي !!
صدّقيني سأخلع عيني وأضعكِ بدلا منها !!
صدّقي تعبي وألمي !!
صدّقي ملامح غدرهم في صوتي !!
((( أمّاااه ))) ..
آآآآه على هذه الكلمة
تسعة عشر عام / ولم أنطق بها
آآآآه على هذه الكلمة
تسعة عشر طفل محروم منها !!
آآآآآآه على هذه الكلمة
آآآآه يا أمّااه
أحتاج لإن أخرج من غرفتي
وأجدكِ جالسة على "الأرض"
تسبّحين وتهللين
أحتاج لأن أقبل رأسك في كل يوم
قبل خروجي .. وأقول :
هل أحضر شيئا معي ؟؟
هل تريدين شيئا أمّاااااه ؟؟
أطلبي .. قولي
حسنا لن اتأخر ولن أسرع ولن أكذب
أمّاااه ..
أحتاج للسقوط تحت قدميك
أحتاج للسقوط تحت قدميك
أحتاج رائحتكِ في ثيابي
أحتاج رائحتكِ في ثيابي
أحتاج صدركِ المفقووووووووووووووود
والمفقوووووووووووووود
والمفقووووووووود / تسعة عشر عام يا أمااااااااه
ولا شئ يبقى سوى أنني في كل جمعة أزور قبرها الغالي بكامل زينتي للسلام
عليها !!
ولا شئ يبقى سوى الدعاء لها والتصدّق عنها والثواب عليها أمّاااه !!
تعليق