ومن أجمل ما روي في ذلك قصيدة نظمها الشاعر إسماعيل بن أبي بكر المقري حين أجبر من أحد خلفاء الدولة العباسية بمدحه في قصيدة ، فأنشده بقصيدة ذات أبياتٍ عجيبة إذا قرأتها من اليمين كانت مدحاً ، وإذا قرأتها من اليسار كانت ذماً دون أن يختل شيئ من أوزانها وأبياتها نحوياً.
وإليكم بعضاً من أبيات هذه القصيدة حيث قال الشاعر :
من اليمين إلى اليسار .... في المدح
طلبوا الذي نالوا فما حُرمــــوا **** رُفعتْ فما حُطتْ لهـــم رُتبُ
وهَبوا ومـا تمّتْ لــهم خُلــقُ **** سلموا فما أودى بهـــم عطَبُ
جلبوا الذي نرضى فما كَسَدوا **** حُمدتْ لهم شيمُ فــمـــا كَسَبوا
من اليسار إلى اليمين .... في الذم
رُتب لهم حُطتْ فمــــا رُفعتْ **** حُرموا فما نالوا الــــذي طلبُوا
عَطَب بهم أودى فمـــا سلموا **** خُلقٌ لهم تمّتْ ومــــــا وهبُوا
كَسَبوا فما شيمٌ لـــهم حُمــدتْ **** كَسَدوا فمــا نرضى الذي جَلبُوا
وتستمر هذه البلاغة فتأتي بصورة أخرى ، وهي أنك تأتي إلى القصيدة ( أعني قصيدة مدح ) فاذا اكتفيت بقراءة الشطر الاول من كل بيت فإنه تصبح لديك قصيدة هجـــــاء . وبالمثال يتضح المقال ، فهذه قصيده مدح ، قيلت في نوفل بن دارم ، فإذا اكتفيت بقراءة الشطر الاول من كل بيت صارت القصيدة ذم له ، و إليكم هذه القصيدة حيث قال الشاعر :
قصيدة المدح
إذا أتيت نوفل بن دارم **** امير مخزوم وسيف هاشم
وجــدته أظلم كل ظــالم **** على الدنانير أو الدراهم
وأبخل الأعراب والأعـاجم **** بعـــرضه وســره المكـاتم
لا يستحي مـن لوم كل لائـم **** إذا قضى بالحق في الجرائم
ولا يراعي جانب المكارم **** في جانب الحق وعدل الحاكم
يقرع من يأتيه سن النادم **** إذا لم يكن من قدم بقادم
قصيدة الذم
إذا أتيت نوفل بن دارم **** وجــدته أظلم كل ظــالم
وأبخل الأعراب والأعاجم **** لا يستحي من لوم كل لائم
ولا يراعي جانب المكارم **** يقرع من يأتيه سن ال نادم
وأخيراً وبعداً عن الإطالة عليكم ، إليكم هذه الطريقة الشعرية العجيبة والتي صورتها تختلف عما قبلها لكنها جميلة ورائعة ، وهي أنــك تستطيـــع قراءة أبيات القصيدة أفقيــا ورأسيـــا دون أن تتغير القصيدة في تركيبها ومضمونها ، وإليكم هذه القصيدة القصيرة حيث قال الشاعر :
ألــوم صديقـي وهـــذا محـــــال
صديقــي أحبــه كــــلام يقــــال
وهــذا كـــلام بليــــغ الجمـــال
محـــال يـــقال الجمـــال خيـــال
تعليق