صرخـة ميـلاد جديـد
قرعت تلك الطبول وازدانت الجدران بالزهور وفاح روح العطور
وامتلا صوت الزغاريد حتى علا حد الغيوم
يتحدى بفرحته النجوم
تقف هي امام مرآتها تشدو وتبتسم وتداعب خصلات شعرها
وورفيقاتها من حولها يساعدنها في هذا اليوم العظيم
ثوب ابيض مرصعا بقطع لامعه متوهجة الالوان كان يغطي جسدها
وطرحة بيضاء تنساب بكل رقة لتغطي قسمات وجهها
و الاساور المذهبة تتسابق متناغمة برنينها وتصادمها
على سواعدها الصغيرة
الكل من حولها يتراقص
يهنئ
يبتسم .... يشدو ... يزغرد
فرحين بها ولها
تدور حول نفسها متراقصة بين خيوط الشمس المتسللة عبر تلك النافذه لتزيد من جمالها جمالا اخر
تأتي احداهن معلنة موعد اعتلاء ذلك الكرسي المنمق بزخارف ورديه
تمضي اليه لتجده يفتح ذراعيه لها استقبالا وحفاوة
تسير اليه بخطوات ثابته متثاقله
تقبل عليه لكن كلما اقتربت ... ترى ذلك الكرسي في صورة ترهبها
تبدو وكأنها ليست ككل فتاة حلمت بالاستقرار بين ذراعي ذلك الكرسي المنتظر !!
فكانت كلما اقتربت منه تشعر برعشة تعتريها
فيها من الخوف وعدم الامان تدور بابصارها لتجد الكل محيط بها كطوق يحكم بقبضته على الاعناق
تتضارب تساؤلاتها ...
لما اشعر بالخوف وقد كانت الفرحة تغزو كل مساماتي
اقترب اكثر وتزيد لوعتي وما ان استقرت قدماي المرتجفة فوقه
حتى التهمني
شعرت به يجذبني
يثبتني
يكاد يخنقني
كيف لي ان احرر نفسي وسط هذه الجموع
اجلس في سكون وارسم تلك البسمة واتامل من حولي كل الوجوه
ارهقت عيناي من كثرة الصور وذلك الضجيج وصدري بات يضيق شيئا فشيئا
اشعر بضلوعي تنغرز في اعضائي
فبات قلبي يعتصر وانفاسي تخرج بصعوبة
طرق اقدامهم على الارض يثيرجنوني وضجري
ابحث عن نافدة عن اي مجرى للهواء فانا اختنق
يا الهي ماذا يحدث لي
طرق اقدامهم على الارض اشعر بصداه في راسي وكانهم يتخبطون في صدري
رايت الارض تقترب من ناظري
فرحت اناجيها واقول لها
يا ارض خذيني
اليك ضميني
وعن الوجود اخفيني
رفعت بصري من عليها ورحت ابحث عن ملجأ يحميني
وغطت مدامعي مقلتي وزاد شحوب وجهي
وتبدلت تلك الشفاه المبتسمة الى شفاه مرتجفة
و خيمت غشاوة على عيني شعرت فيها اني فقدت ابصاري وزاد تعرقي ولم اعد احتمل
وما ان لمحت طيفها بينهم حتى هرعت اليها كالبرق لاستقر بين احضانها متناسية كل هذا الحشد الكبير
اندفع اليها فاحتضنها الى ان اوشكت على ان اوقع بها
افجر كل انهاري الحبيسة في احضانها ابكي وابكي واتمتم بالهمس وطلاسم
حتى اني ما عدت افقه قولي
كلها تعني لا اريد ان ابتعد عنك اماه
ادفن راسي في حضن امي التي كانت مذهولة وكل صمودها راح سدى فجلست
وبدات تبتسم لي
والدموع تسرسل فوق راسي كغمام اشتاقت له الارض الجرداء
ازيد من احتضاني وتشبثي فيها رافضة اي شيئ يبعدني عنها
احكمت اغلاق عيني لامنع اي نور يتسلل اليها فيسلببني اياها غارقة في ظلمات مدامعي
وانيني وصوتي الشجي المنتحب المكبوت
تتخلله انفاسي العميقة التي التقطها بصعوبة واخرج زفيرها بتردد ثقيلة ترهقني
يتجمهر الكثيرون من حولي يداعببونني بارق الكلام واعذبه ..
وانا اصر على تشبثي وارفض الكلام الى ان ضقت ذرعا بمحاولاتهم
وقلت
ارحلوا جميعا فلا زفاف لدينا
وكاني تفوهت بكلمة توقفت فيها عقارب الساعة عن الدوران فقد
خيم الصمت الساكن كل المكان
الكل يقف مذهولا ما الذي تقوله تلك الصغيرة
وبقيت على حالي وصوتهم يتسلل الي فمنهم من كان يسخر مني
ومنهم من يأسف لاجلي ومنهم من غزت علامات الاستفهام قسمات وجهه
ولم تنتهي تلك الدوامة
الا بصوت طرق على الباب يستأذن الدخول
انصت الجميع وبدأت اسمع
صوت اقدام تقترب مني ورائحة عطر تفوح المكان اعرف من هو صاحبها
فتمسكت في ثوب امي راجية ان تحبسني بين ضلوعها ولا تبعدني عنها
الى ان تسلل صوته الي ليضعفني
وما ان انهى جملته حتى عدت وتشبت فيها اكثر
واذ به يقترب اكثر مني ويهمس في اذني حتى سرت قشعريرة ما في جسدي
كبركان هائج كنت انا وكجليد متصلب كان هو
وما ان مد يده يناشدني ان امضي معه
حتى اختلط بركاني بجليده لاصبح ينبوعا دافئا يلمع ببريق دمعاتي المتعلقة على اطراف اهدابي
واخذ يخلصني فاستسلمت له ونزعت من حضن امي
حررت يداي المتمسكة بثوب امي وتراخت قبضتي وتباعدت اصابعي
ووجهي المنغمس بدموع عيني قد بدأ يتنفس منتعشا بتلك النسمات التي تنفح فيه وتجفف ما افتعلته مدامعي
كلوحة تشكيلة اصبحت بعدما اختلطت كل تلك المساحيق المتربعة على وجهي
لوحة رائعة اذا ما تم نشرها في احدى المعارض كلمة استقبل فيها وجه عروسه الباكية
تعلقت نظراتي المتوارية في ابتسامته فاعتلت الحمرة وجنتي وتربعت فوقها وهرعت اصلح من شأني
ليسير موكبي من بعد ذلك مبتعدا عن جدار مولدي
بكل حب وشوق فارقته وتركت اطيافي تحوم فيه...
وتبقى لي الذكرى تدق كناقوس استعيد فيها تلك اللحظات
وكان هذا اليوم الذي عرفت فيه ...
ان هناك صرخة لكل ميلاد جديد
تحياتي لكم
اختكم برومـِـس
.
.
.
تعليق