ميدل ايست اونلاين
شعر: خالد السعدي
نامَ اليماُم وأَهلُ الحُبِّ ما رقدُوا
كُلُّ المحبّينَ عنْ عينيِكَ قَدْ بعدُوا
كُلُّ المحبينَ في بغدادَ يفزعُهُمْ
صوتُ الرّصاصِ.. فَكَمْ ضُيِعتَ يا بَلَدُ
جَفََّ السّحابُ بأُفقِ البُعْدِ أَضرحةً
سمراءَ يُدمى على أبوابها كبِدُ
والآنَ أَحرثُ جَمْرَ الوقتِ أُغنيةً
تعرى فألحانُها الأوجاعُ والنكّدُ
وَحدّتُ حُزنيَ.. ما أَطلقتُ أَشرعتي
إلاّ ومزّقها التيّارُ والكمدُ
إنّي تآكلتُ أَحلاماً وأَدعيةً
والشّامتونَ على أشلائيَ اِرتعدوا
قامُوا فَمَا قامت الدُنيا لخيبتهم
ويفرحونَ وما فازوا ولا قعدوا
إنّي تركتُ بلادي خَلْفَ دمعتها
تجري ويكبرُ في أحداقها الرّمدُ
تركتُ أمي تخيط الحزن أدعيةً
ونظرةً من أبي قد لفّها اللحدُ
تركتُ شمسي تعاني ليل وحشتِها
فورد داريَ وارى عطرَه الحسدُ
ذبلتُ فجراً فكمْ نجمٍ يغرَّبُني
حتى يلالي في أياميَ الرغدُ
وجئت أسأل عن ليلى وضحكتِها
وعنْ حكاياتِ وردٍ خانهُ البَرَدُ
فعين أمي دعاءٌ .. دمعُها وطنٌ
وكفُّها شجرٌ قد هزَّهُ الصفدُ
روحٌ لطير الهنا في نبضهِ سفرٌ
لغربةٍ ملَّها ترحالَهُ الجسدُ
إنّي تركتُ لدى النهرينِ أُمنيةً
يبكي أسى وطنٍ عصفورُها الغردُ
وها تفرقتُ أَلواحاً مُهمشة
فكيفَ بي في صدى الأيامِ أَتحّدُ؟
وكيف يؤوي فراشٌ ظلّ أوردتي؟
وصوتُ بوحيَ طفلٌ فيَّ ينتهدُ
وصُبْحُ بغدادَ مصلوبٌ بطلعتِهِ
وتاه عدّ الضحايا.. أَيُّها العدَدُ؟
ها يسكبُ الدَمْعَ قديسٌ بهيبتهِ
يُطهّرُ العُمْرَ مِنْ أدرانِ مَنْ فسدوا
يا أُمنياتِ الندى في تيهِ أسئلتي
ها قَدْ نزفتُكَ صَبْراً والهوى بَدَدُ
يا أيُّها الجُرحُ زَخّاراً بمنزِفِهِ
ويا بلاداًً لها الأغرابُ قَدْ وفدوا
الشاربونَ دمانا حَيثما ظمئوا
الراكبون خيولَ الحقدِ إذْ حقدوا
اللاّبسون ثيابَ الذلّ في صَلَفٍ
المارقونَ على خيباتِنَا وُلِدوا
يُذبّحونَ وعَيْنُ اللهِ رائيةٌ
إنَّ الحمامَ غريبٌ أينما وجدوا
المارقونَ ذئابٌ طالَ غَدرهمو
لا تأمنِ الذئبَ حتى يزأرَ الأسدُ
أَمّا الحنينُ فطفلٌ فزَّ نُطعمُهُ
جمرَ العذابِ الذي في القلبِ يَتّقِدُ
الأُمّهاتُ مَزَجْنَ الدّمعَ مِنْ دمِنا
أَمّا الأضالعُ نايٌ للألى وَجْدوا
وَلَملمَ اللّه مِنْ أَشلاء صبيتنا
ضفائراً للسّما قُدْ جَزّها وَغِدُ
خالد السعدي ـ العراق
تعليق