في العاشرة
في استراحة العائلة جلس مع اطفال اخرين اقرانه .. يرقبهم ولا يفعل شيئا .. الكبار قالوا لهم : انقلوا اغراض المطبخ من السيارة الى المطبخ وانتبهوا لا ينكسر أي شي .. بقي هو ساكنا لا يتحرك .. كان يخشى ان هو حمل أي غرض ما سيقع منه ثم ينكسر ثم يضحك عليه اقرانه او يواجهه عتابا من ابيه او يضربه الاطفال الكبار او او او
لم يخطئ فعلا .. ولكنه لم يفعل شيئا
في الخامسة عشر
جلس الشاب مع اخوانه .. يلعب الكرة مع باقي اولاد الحارة ... الكل كان يركض وراء الكرة بمتعة شديدة يركلونها يمنة ويسرة ويسجلون اهدافا جميلة وصدات اجمل ... يكسبون مهارات فردية في التعامل مع الكرة او الجري السريع او القفز العالي .. بقي هو يتحاشى الكرة ولا يشاركهم الا لمما وفقط عندما يتأكد انه سيستلم الكرة بشكل صحيح وسيسلمها بشكل صحيح ... يعني بين الحارس والدفاع لفريقه لا يتقدم للهجوم ولا يتأخر للدفاع ...
لم يخطئ فعلا .. ولكنه لم يفعل شيئا
في العشرين
ركب مع اصدقائه في سيارة احدهم ... يضحكون ويتجاذبون النكت والطرائف ويذهبون الى الملعب ويشاهدون المباريات ويناقشون اللاعبين وتصرفاتهم ... وظل هو ساكت لا يتفاعل معهم الا ردا على سؤال او دفاعا عن نفسه ويضحك في نفسه ويحزن في نفسه ولا أحد يهتم لوجوده ...
لم يخطئ فعلا ... ولكنه لم يفعل شيئا
في الخامسة والعشرين
جلس على مكتب وسط زملاءه في العمل الجميع منهمك في عمله ويحاول انجاز اكبر قدر ممكن من العمل والكل يحمل ما انجزه ويذهب به الى المدير لاخذ المرئيات والتوجيه واستعراض الامكانيات (بالطبع طمعا في الترقية) الا هو ... ظل في مكتبه يتحاشى أي عمل يناط به ولا يحاول ان يبادر الى اخذ فرصته ويستمتع بستار الظلام في خلف الاضواء دون تفاعل في محيط العمل.
لم يخطئ فعلا ولكنه لم يفعل شيئا
الحقيقة ان جميع الامثلة السابقة تعني الشيئ نفسه ولها النتيجة نفسها ... ففي طفولته لم يقم بما قام به اقرانه خوفا من كسر الامتعة وفي يفعانه لم يمارس الكرة ولم يتعلمها ولم يبني جسما رياضيا خوفا من الاحتكاك بالاخرين واصابتهم او اصابته ... وفي شبابه لم يستمتع بوقته او يضحك ملء فيه ولم يتفاعل مع كلام اصدقائه وضحكاتهم خوفا من ان يوقل شيئا فيثير الضحك عليه او السخط منه .. واستمر شبابه الى عمله فهو لم يقدم عمله بشكل خاطئ بل لم يقدم شيئا البتة.
هناك الكثير من ما يمكن ان يقال في هذا الجانب ولكني سأكتفي بما تعلمته من مدير يوناني في سنة من السنين , قال لي مستر ألكس " افرض ان هناك رضيعين امامك وبيدك قنينة حليب واحدة ... كلا الرضيعين جائع وانت تعلم ذلك علم اليقين ! لكن احدهم "فقع" اذنك بالصراخ والاخر ساكت !
فلمن ستناول قنينة الحليب ؟ ولماذا؟"
الاجابة المنطقية "الذي عمل ما يقدر عليه وهو البكاء "
مما قرأت لي ولكم
اختكم
صبر السنين
تعليق