سئل أستاذنا، الزميل/عبدالعزيز السويِّد: لماذا لا تكتبون إلا عن السلبيات، مع أن هناك كثيراً من
الإيجابيات، التي يجب أن يبرزها الكُتَّاب، من باب العدل؟
فأجاب بأن الأصل في الأداء، هو الإيجابيات، أما السلبيات فهي طوارئ، فمن الطبيعي أن يتناولها
الكاتب بالنقد، حتى نتلافاها! ولتوضيح كلام السويد: فالأصل أن الشمس تشرق كل صباح، فهل المنطق
أن يكتب ناقد: شكراً لك أيتها الشمس لأنك تشرقين، من حسن ذاتك؟ أم أن يتساءل: لماذا لم تشرق
الشمس اليوم، على غير عادتها؟ أهو"الكسوف" دفعها للتنقُّب بالسحب؟ أم رياحٌ مثيرةٌ للأتربة
والغبار، سببت لها التهاباً، واحمراراً، ودموعاً، ظلت تمسحها، قائلة للأرض، ما قاله الشاعر/خالد
المريخي، لهاجرته:
وإن كان قصدك دمعتي لاتفرحين ** شعرةٍ دشَّت بعيني وأظهرتْ!
أما الزميل العزيز/ الموقِّع أعلاه وأدناه، فمازال يواجه هذا السؤال، ولكن بالسلاح الذي يحاول هو،
أن يستعرض به في الساحة: سلاح السخرية الحارقة، الممعنة في اللوذعية، كقول أحد القراء
الأعزاء: نفسي ومنى عيني أقرأ لك، يا أخ/أنا، مقالة تبدي فيها إعجابك، أو رضاك، عن أي شيء،
مهما كان صغيراً!
واسمحوا لي، بمناسبة العام المنصرم، أعاده الله علينا وعليكم باليمن والمسرات، أن أحقق رغبة
سيدي القارئ، فأبدي"إعجابي الشديد"، بأنه صار بمقدورنا أن نكتب نقدنا، ورأينا المخالف، بوضوح،
و"رضاي" ـ النص نص ـ عن هامش الحرية، الذي يتيح للصحف أن تنشره دون قلقٍ، بعد زمانٍ :
كانت تنشره بسكين الفاكهة، البلاستيكية!
وبالعودة إلى التساؤل أعلاه، فإن الأخ/أنا، ينظر للمسألة، نظرة الرجل الذي تزوج على أم أولاده، بعد
أربعين عاماً، بإلحاحٍ منها، إذ بلغت من الكبر عتيَّاً، يجعلها عاجزةً عن خدمة نفسها، فتزوج صبيةً
اختارتها هي له! ولم يمر أسبوعان ، إلا ونار الغيرة "أفقم" من إمكانات الدفاع المدني! فأرسلت إليه
أكبر أولادهما، مطالبةً بالعدل: ليلةٌ في العسل، وليلة عندها! فأجاب الرجل: وأنا لا أريد إلا العدل،
فبما أنني صبرت على أمك أربعين عاماً، فمن حق العروس الجديدة، أن أصبر عليها أربعين عاماً،
وبعدها نعمد إلى ضربات الترجيح!
منذ أربعين عاماً، والإعلام ـ مسموعاً، ومقروءاً، يمارس دعايةً شعارها: "كل شيء تمام"! تدغدغ
عواطفنا، وتستفز حميتنا، مدحاً وتمديحاً، كرَّس فينا أننا مجتمع الفضيلة الأوحد! وأننا ـ خلافاً لكل
البشر ـ لا يمكن أن نخطئ بغير قصد ناهيك عن أن يزلنا الشيطان، فنخطئ مع سبق الـ..لالا.. لساني لا
يطاوعني أن أقولها!
أربعون عاماً، والإعلام يرسِّخُ فينا الإحساس الزائف بالكمال، فليس لدينا فسادٌ إداري ولا يمكن أن
يطالنا كسادٌ اقتصادي، ومن المستحيل أن يكون لدينا فقراء، لا يسألون الناس إلحافاً! حتى
المحسوبيات والواسطة، ترسَّخت في أذهاننا دليلاً على خيرية ابن البلد وشهامته، التي ورثها كابراً
عن كابر، و"اللي مافيه خير لربعه، مافيه خير أبد"!
أربعون عاماً، وكثير من المسؤولين لدينا، يعتقدون أنهم وصلوا للكرسي لأنهم"كرامٌ بررة" وليس لأن
"أحسن الناس، أنفعهم للناس"!
أربعون عاماً، ولا يكتفي القارئ العزيز، بالمطالبة بالحديث عن الإيجابيات"الكثيرة"، بل يطالب
الناقدين بالحلول!ولن نقول إن ذلك ليس من شأننا، بل نقول: انتظرونا ـ من باب العدل ـ أربعين عاماً فقط!
مقال جميل جدا يرد على من يحور الهدف من الكتابة باسلوب النقد انه نكران للنعمه
او جحود لما يقدمه الوطن للمواطن .
محمد السحيمي ... جريدة الوطن
http://www.alwatan.com.sa/news/write...3778&Rname=134
تعليق