لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان
لنا مدنية سلفت سنحييها وإن دثرت
انا اعشق اللغة العربية حتى النخاع
تعالوا نقرأ معا اللغة العربية إلى أين؟؟
ما انفكت العربية تناضل نضال وجود عبر تاريخ ابنائها وبناتها وتحولات مجتمعاتها، وتنجو، مهما تكن مهارة الفخاخ التي كانت لها تنصب، في محاولات دؤوب لتطويعها لارادة التخلي.. الى ان اصطدمت بالجدار العنصري التغريبي الذي شُيّد في وجهها والذي نراه هذه الايام - اكثر من اي مرة مضت - يرفل بقوة وجرأة (وشياكة) بين ظهرانينا.
اذ بينما كانت المعارك على الفصيحة تُشَن في الماضي في اروقة اهل الفكر او اهل اللغة او اهل الادب، وتنتصر الفصيحة.. فإننا اليوم لنرى المعارك لم تعد تخجل من احد، واعلنت نفسها على ملأ من الناس، في وسائل الاعلان والاعلام وبل وفي التعليم المدرسي.
ففي الاعلانات التي تحتل صفحات الجرائد وواجهات كاملة في الشوارع، تزحف المحكية زحفا حثيثا، وكأن الفصيحة عجزت عن التعبير او ان المحكية (اكول) (من ٌُُك).. واننا لن ننتظر اكثر من عقدين من الزمان حتى تتوارى الفصيحة من لغة الاعلانات لتزحف الى متون صفحات الصحف والكتب وسواها من اوعية المعرفة.. فمن المسؤول؟.
وفي الاعلانات والقارمات تزحف الانجليزية كبديل (رشيق) للغتنا، بل وتغدو لغة التواصل في المجتمعات التي تفرز عادة القيادات وصناع وصانعات القرار.. فلا ندخل مطعما (في عمان الغربية طبعا) او محلا من محلات المجمعات التجارية التي اسمها (مول)، إلاّ كانت الانجليزية هي لغة قائمة الطعام، وعنوان المحل، ومفاصل الحديث.
والطامة الكبرى تنتظرنا في التعليم، فثمة مدارس فخمة (5 نجوم أو ستة) يهرع اليها اصحاب المال والسلطان لتعليم الابناء والبنات، تُعلّم جميع المواد بالانجليزية، وتظل العربية في هذه المدارس هجينة متوارية بخجل على أساس انها لغة (العامّة) من الشعب!! واذا كانت هذه المدارس، من ناحية، طبقية، فانها لترتكب في وضح النهار، جريمة بشعة بحق وجود ابنائها وبناتها الوطني، والمعنى العربي للسلالة.. اذ بينما تنهض الشعوب بلغاتها، نكون نحن قد تبرعنا - دون ان نُشْكر - على تحييد وجودنا العرقي على ظهر هذا الكوكب، وتحييد وجودنا الثقافي، وتخلينا - وابتسامة الفخر على وجوهنا - عن اهم مظهر من هذا الوجود، أي اللغة .. فمن المسؤول؟.
انه لمن نافلة القول، ان نذكّر بالتاريخ البغيض للاستعمار الذي كانت أول همومه للسيطرة على مقادير الشعوب تحويل هذه الشعوب الى لغته وهجر لغاتها الوطنية، كوسيلة ناجعة للتأقلم مع المستعمر او المحتل.. ولعله من نافلة القول ايضا ان احيل الى المعنى الفاتك للمحو الذي بتغيير اللغة وهجران لغة الأم يتحقق.
وبينما مصر العروبة تحيي قانونا يخول مجمع اللغة العربية في القاهرة بالجر الى القضاء اولئك الذين واللواتي يتجرأون على هتك العربية وتغريبها والعبث بها.. نكون نحن هنا يملأنا العُجب بأنفسنا أننا اندمجنا في (العولمة)، وحققنا (الحداثة)، وتخلينا عن (التخلف) (الذي هو هنا: اللغة العربية)..
فمن المسؤول؟.
تعليق