Tweet
تدور هذه الايام ازمة سياسيه ما بين روسيا والغرب حول مصير شبه جزيرة القرم , والذي لا يعرفه الكثيرون ان القرم كلمة تتارية تعني القلعه وان القرم في اصلها اقليم تتاري مسلم . تقع القرم جنوب اكرانيا ما بين البحر الاسود وبحر اوزوف . مساحتها 26 الف كم مربع وعدد سكانها حوالي مليوني نسمه ( تعداد 2001 ) – ومعظمهم يتكلمون اللغة الروسيه – عاصمتها سيمفروبل بعد ان كان اسمها التتاري " اق مسجد " أي المسجد الابيض قبل ان يستولي عليها الروس – والتتار مسلمون وهم قبائل من الاتراك اتحدوا مع القبائل المغوليه ذات الاصول المشتركه -
اهم موانئها سيفستوبول , وهي مقر اسطول البحر الاسود الروسي , ومن مدنها يالطا التي اشتهرت حين عقد مؤتمر رؤساء دول التحالف ضد النازيه عام 1945 , برئاسة كل من ( روزفلت وستالين وتشرشل ) في نهاية الحرب العالمية الثانيه – يشكل الروس حاليا غالبية سكانها وتقدر نسبتهم عام 2011 بحوالي 58 % , بينما تشكل نسبة التتار المسلمين حوالي 12 % -
من اهم معالمها الاسلاميه قصر بخس سراي والذي بني من قبل مهندسين عثمانيين وفرس عام 1532 م وكان مقر لخانات القرم , ويضم مسجد الكبير خان – وكان اسم العاصمة آنذاك بخش سراي ايام الحكم التتاري -
تأسس اقليم القرم كاقليم تتاري عثماني مسلم عام 1430 م , وقد اتخذ التتار الاسلام دينا لهم عام 1314 م , وفي عام 1521 في عهد السلطان " محمد الفاتح " اصبحت القرم اقليما عثمانيا , وظلت كذلك حتى عام 1774 , حين سقطت بايدي الروس بعد حروب طاحنه , قام خلالها الروس بمذابح فظيعه بحق التتاريين وخاصة عام 1771 م , حيث قتلوا اكثر من 350 الف تتاري , حتى ان الجثث لم تجد من يدفنها , وسقطت القرم بايدي القوات الروسيه عام 1774 , فاحرقت القوات الروسيه المصاحف والمساجد والوثائق التتاريه , وصادرت اراضيهم وممتلكاتهم ومدارسهم ومساجدهم , ثم تم ترحيل مليون ومائتي الف منهم الى تركيا , وتم تهجير اعداد كبيره منهم الى المناطق الخاضعه لروسيا , وفي عهد الامبراطوريه الروسيه كاترين الثانيه تم ضم الاقليم الى روسيا عام 1783 .
عندما فشل الروس في زراعة اراضي القرم اعادوا اليها بعضا من سكانها التتار , واجروهم الارض التي كانت ارضهم اصلا , وفي عام 1917 حين اعلنت الثورة البلشفيه الشيوعيه اعلن التتار استقلالهم , الا ان السوفييت اسقطوا الحكومه والقوا بجثة رئيسها في البحر , وفي عام 1920 اعلن السوفييت القرم جمهورية ذات استقلال ذاتي .
اراد ستالين قيام كيان يهودي في القرم عام 1928 , الا ان التتار ثاروا عليه بقيادة ائمة المساجد والمثقفين , فاعدم منهم 3500 شخص عام 1929 وجيمع اعضاء الحكومه بما فيهم رئيس الجمهوريه " ولي ابراهيم " , ثم قام بنفي 40 الف تتاري الى سيبيريا , ومات اكثر من 60 الف من شدة الجوع عام 1931 . وباختصار شديد فان اعداد التتار في القرم تراجع من ثمانية ملايين نسمه عام 1883 الى 850 الف عام 1941 بسبب القتل والتهجير والطرد من قبل الروس ؟؟؟؟
جند ستالين 60 الف تتري لحرب النازيين في الحرب العالميه الثانيه , ومع هذا لم يشفع لهم هذا العدد من المقاتلين , واتهم التتار بالخيانه بانهم ساعدوا النازيين ضد الحلفاء ؟؟؟ ففي عام 1944 قام ستالين بتهجير 400 الف تتري الى سيبيريا وازبكستان بناقلات المواشي ؟؟ وحرق الجنود الروس المصاحف والكتب واعدموا ائمة المساجد وحولوا المساجد الى مخازن ودور للسينما , وفي نهاية الحرب عذب التتار اشد انواع العذاب وطردوا من بلادهم شر طرده , وفي عام 1946 اصدر مجلس السوفييت قرارا بالغاء جزيرة القرم ذات الاستقلال الذاتي بتهمة الخيانه , الا انه في عام 1967 عاد عن قراره بالخيانه الا انه مع ذلك لم يسمح للتتار بالعودة الى القرم , ومابين عام 1944 حتى عام 1967 خلت جمهورية القرم من التتار , وفي عام 1954 ضم الرئيس السوفييتي " خروتشوف " ضم القرم الى اوكرانيا والتي كانت احدى جمهوريات السوفييت ,
وفي عام 1988 في عهد غورباتشوف - الذي كان قد اعلن برنامجه الاصلاحي ( بريسترويكا ) عام 1985 - سمح لهم بالعوده الى القرم ولكن بلا حقوق , وفي عام 1991 حينما اعلنت اوكرانيا استقلالها عن الاتحاد السوفييتي , عقد التتار مؤتمرهم في 28 يونيو من ذلك العام حيث تم تاسيس المجلس الاعلى لتتار القرم بزعامة المناضل " مصطفى جميل " الذي بدا نضاله للحصول على حقوق شعبه , تحت شعار : لقد عادت إلينا شخصيتنا الإسلامية التي لايمكن أن نفرط فيها، إننا مسلمون وسنبقى كذلك مسلمون , وسنعمل جاهدين على تعلم ديننا – يقدر عدد التتار في شبه جزيرة القرم حاليا بحوالي 262 الف نسمه , ويعيش اكثرهم في ظروف بالغة الصعوبه والقسوة بلا خدمات ولا اعلام ولا تعليم , لان اكثرهم لا يحملون الجنسية الاوكرانيه التي تعتبر عقبة كبيره امامهم , حيث تشترط الحكومه الاوكرانيه ان يدفع كل شخص مبلغ 100 دولار للحصول على الجنسيه , وهو مبلغ كبير بالنسبة لشعب فقير , خاصه للاسر ذات الاعداد الكبيره ----
حين تفكك المسلمون تحت شعارات مختلفه , اصبح الغرباء من الاعداء , من كل حدب وصوب , يتنافسون على تركيع المسلمين وسلب خيراتهم , وما لم يتمسك المسلمون بعقيدتهم ويدافعون عن قيمهم ودينهم فسوف يظل الانحدار مرافقا لهم , فكما قال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : - " نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله " - ان حال هؤلاء التتار تشبه في بعض جوانبها حال الشعب الفلسطيني الذي شرد من وطنه , ولكن الشعب الفلسطيني ما زال صامدا يقاوم المحتل , وسيظل صامدا مقاوما حتى يتم التحرير باذن الله ---
تعليق