ان سقوط الثلج وانتشاره خلف الأبواب وفي الطرقات والحقول وعلى الأسطح يحرك المشاعر نحو التسامح والألفة والمحبة وخفقان القلوب ، ويعيد براءة الطفولة لمن تجاوزها أو فقدها ---- حتى الأشجار تحمله على أغصانها ، والأزهار تحنو عليه حنو الأم على طفلها وتتلون بلونه الأبيض، فتزداد به جمالا ورونقا ويزداد بها ألقا ----
انه الثلج : فرح الصغار ومرح الكبار والصغار ، تمرد على الرتابة وروتين الحياة ، يعيد للأذهان ذكريات اندثرت بفعل سخونة الأحداث وتقلبات الأحوال والأزمنة والأمكنه --- حين كنا نخرج أطفالا منذ الصباح لنصنع رجل الثلج الأبيض ، أو نتقاذف بكرات الثلج في أجواء الفرح والمرح وقهقهات الطفولة وصيحات الصغار والكبار ، بعيدا عن أجواء الغرف الدراسية البارده ودروس الرياضيات والتاريخ والجغرافيا وجدية المعلمين وأوامرهم الصارمه ---
وفي المساء حيث تلتئم الأسرة في البيت العتيق ، حول موقد الحطب وبعض أنواع الأطعمة والمشروبات الساخنه ، والانصات بشغف الى حكايات الجدات المثيره وخرافات الماضي ومغامرات العفاريت والأشباح ---
تبدلت الأحوال في عصر صار الدرهم والدينار يجريان في الشرايين مجرى الدم ، وازكمت الأنوف برائحة الدينار ، وعبث العابثين وفساد الفاسدين !! --- فريق يموت ترفا وتخمة وفريق يحترق جوعا وفاقة !!!! واكتظت المدن بغابات الاسمنت والحجر البارده وامتلأت الطرقات بهياكل الحديد المتحركه والنفايات ---- أصبحنا نبحث عن تنهيدة عشق نهديها للوطن والأحبه –
لقد أصبح الحال غير الحال ، حتى الورد تغير الى قطع من البلاستيك والطعام تشبع بالهرمونات ----
دارت عجلة الزمن وجثم على صدر الأمة الغرباء في فلسطين ، فأعاثوا فيها الفساد ، وسرقوا أحلام الطفوله ، فلم يبق منها مساحة للفرح والمرح وأصبح الصغار كبارا قبل الأوان ، يرقصون على ايقاعات الثلج بالكبرياء والعنف ، وصارت الحجارة رمز الرجوله ، يحدوهم الأمل بغد مشرق قريب يسيل فيه الثلج الأبيض بفعل حرارة شمس الغد القادم ، ليتحول الى حمرة الدم القاني الذي يحرر الأرض والانسان ، ولتعلوا رايات الحرية والحب والعدل والكرامه ---- وينتهي عصرالذل والخنوع والفساد والمفسدين --
تعليق