اعلان

Collapse
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حتى لا تأخذ توسعة مبنى المسعى بعدا سياسيا!

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
إضافات جديدة

  • حتى لا تأخذ توسعة مبنى المسعى بعدا سياسيا!

    حتى لا تأخذ توسعة مبنى المسعى بعدا سياسيا






    للاسف الشديد من الناس من يبذل جهده ليسيّس مسألة توسعة مبنى المسعى، فيطعن في ولي الامر وفي العلماء ممن وافق ولي الامر، وقد يذهب البعض الآخر للطعن في العلماء ممن عارض فتيا التوسعة سواء في علمهم او في ولائهم ، وقطعا للطريق على هؤلاء أنقل للقراء هذه الفتيا لتساهم في بيان الحق مع احترام الرأي الآخر وتطبيق فقه الاختلاف.




    بسم الله الرحمن الرحيم




    فتوى في بيان جواز توسعة المسعى


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
    فقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود، بتوسعة المسعى لدفع الحرج عن الناس، الأمر الذي اضطربت فيه فتوى أهل العلم، ما بين مانع ومجيز، ولكل أدلته حسب اجتهاده، فأحببت أن أشارك في ذلك، فأسطر ما يفتحه الله تعالى عليّ، (وما بكم من نعمة فمن الله)، فالله أسأل الهدى والسداد، ولما كنت مع المجيزين فسأجعل بحثي دائراً حول ذلك، بذكر ما يؤيد قول المجيزين والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.
    وأنا لا أحب كثرة الإنشاء بذكر كون الصفا والمروة من شعائر الله تعالى، إذ لا خفاء فيه أصلاً، وإنما سأجعل كل همي في تكييف وتقعيد المسألة فأقول:
    هل المسعى توقيفي عرضاً وطولاً، أم طولاً فقط:
    أقول: المناسك لها معالم مكانية، وكذا أيضاً زمانية، فالزمانية التي هي أشهر الحج للحج، والسنة كلها للعمرة.
    والمكانية كمواقيت الإهلال والإحرام، وأماكن المناسك، كالكعبة للطواف، وعرفة للوقوف وهكذا.
    وما دام أن الأمر يتعلق بالأماكن، فأن العلماء اتفقوا في مسألة السعي طولاً، بأن الساعي يجب عليه استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة، من غير اشتراط الصعود على الصفا والمروة، فاتفقوا على أن المسعى له حدٌ في الطول، وأما كون المسعى له حد في العرض، فلم أجد من أهل العلم المتقدمين من زعم أن له حداً من الشرع، لكن من فعل الناس، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع 8/76:
    ((قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو سعى من وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه، لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره، كالطواف، قال أبو علي البندنيجي في كتابه الجامع: موضع السعي بطن الوادي، قال الشافعي في القديم: فأن التوى شيئاً يسيراً أجزأ، وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجز، وكذا قال الدرامي: إن التوى في السعي يسيراً جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا والله أعلم)) ا.هـ .
    قال الرملي رحمه الله تعالى في ((نهاية المحتاج)) 3/291:
    ((القصد قطع المسافة، ويشترط قطع المسافة بين الصفا والمروة كل مرة، ولا بد أن يكون قطع ما بينهما من بطن الوادي، وهو المسعى المعروف الآن، وإن كان في كلام الأزرقي ما يوهم خلافه، فقد أجمع العلماء وغيرهم من زمن الأزرقي إلى الآن على ذلك، ولم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى، وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فأن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة، .....)) ا.هـ .
    وفي حواشي الشرواني على التحفة 5/171:
    ((التقدير لعرضه بخمسة وثلاثين أو نحوها على التقريب، إذ لا نص فيه يحفظ عن السنة)) ا.هـ .
    وفي حاشية الجمل 4/120:
    وقدر المسافة بين الصفا والمروة بذراع الآدمي سبعمائة وسبعة وسبعون ذراعاً، وكان
    عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعاً، فأدخلوا بعضه في المسجد)) ا.هـ .
    وفي حاشيتي قليوبي وعميرة 2/177:
    ((ويشترط كونه في بطن الوادي المعروف، ....، فلو سقف وطاف على سقفه هل يكفيه،....، وفي كلام العلامة العبادي جوازه)) ا.هـ .
    من خلال ما ذكرته، يمكنني الوقوف عند عبارتين مهمتين:
    الأولى للرملي حيث قال: ((.....، ولم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى، وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه)).
    وما قاله في حواشي الشرواني: ((إذ لا نص فيه يحفظ عنه السنة)).
    الأمر الذي يجعل الواحد يميل إلى كون المسعى أمراً اتفاقياً، كالمنبر وكونه ثلاث درجات، ولكي أبرهن على جواز الزيادة في المسعى، اعتماداً على قولي الرملي والشرواني، فأني أقول:
    قاعدة التابع تابع:
    هذه القاعدة ذكرها أهل العلم مفرعين عليها بعض المسائل، يقول السيوطي رحمه الله تعالى في ((الأشباه والنظائر)) 1/261: ((أنه لا يفرد بالحكم، لأنه إنما جعل تبعاً)) ا.هـ .
    وعليه فأن من صلّى خارج حدود الحرم، مع اتصال الصفوف، فأن للخارج حكم الداخل، لأنه تابع له، فلا يفرد بحكم مستقل، لكن يتبع الأصل فيأخذ حكمه.
    ولذا أجاز أهل العلم الطواف في الطوابق المبنية حول الكعبة، لأن لها حكمها، حتى ولو زادت مسافة الطواف كما هو مشاهد.
    وكذلك قاعدة: ((الأمر كلما ضاق اتسع)) المأخوذة من قاعدة: ((المشقة تجلب التيسير))، وكذلك قاعدة: ((الضرر يزال)).
    فنحن إذا نظرنا إلى واقع المسعى، نجد أنه أصبح ضيقاً جداً على حجاج بيت الله الحرام، الأمر الذي ينتج عنه مفاسد كثيرة، يعلمها من يعلمها من الناس، ولعل بعض المفاسد يؤدي إلى أنواع من الحرج الذي لا يطاق أبداً.
    في المجموع المذهب للعلائي 1/130 قال:
    ((الصلاة مع اختلال أحد شروطها، ...، فيه مفسدة لما فيه من الإخلال بجلال الله عزوجل، في أن لا يناجي إلا على أكمل الأحوال، ومتى تضرر شيء من ذلك، أو شق تعاطيه، جازت الصلاة بدونه تقديماً لمصلحة الصلاة على هذه المفسدة، لأن تحصيل المصلحة بفعل الصلاة، أهم من ارتكاب المفسدة في الإخلال ببعض شروطها عند التعذر)) ا.هـ .
    وقال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى: ((هذه الشريعة مبنية على أن الأشياء إذا ضاقت اتسعت)) ا.ه قواعد الأحكام وهي قاعدة مأخوذة من قاعدة ((المشقة تجلب التيسير))، وتطبيقها في هذه النازلة، من أنفع ما يكون، فأن المسعى ما عاد يتسع لمعشار حجاج بيت الله، فضلاً عن كلهم، وإذا ألزمناهم بحجم المسعى دون غيره – هذا لو قيل بتحديده عرضاً وليس كذلك – لترتب على ذلك حرج لا يطاق، ومقاصد الشريعة ترفع الحرج في أقل من ذلك فكيف بذلك.

    المحاذاة في المواقيت:
    من المعلوم أن لكل جهة ميقاتاً يحرم منه الناس إذا جاؤوا إليه، لكن بعض الناس أحياناً، قد يأتون للمناسك من غير جهة هذه المواقيت، فهل يقال بإلزامهم بالرجوع إلى المواقيت، أم أن المكان الذي كانوا فيه، إذا كان محاذياً لميقاتٍ ما جاز أن يحرموا منه، كثير من أهل العلم، بل عامتهم، على أن المحاذاة تجزيء، فيجوز للعبد أن يحرم من غير الميقات إذا كان محاذياً له، وقد عمل بهذا عمر رضي الله عنه في زمنه، والمحاذاة هي المساواة والمجاورة.
    فأذا طبقنا هذا الأمر على المواقيت، ولو بغير ضرورة، وإنما بسبب المرور فقط، فأننا نطبق ذلك في مسألة المسعى أيضاً، إذ لا فرق في الواقع، والضرورة هنا أشد وملجئة، فأذا أثبتنا ذلك، استطعنا أن نحكم بأن المسعى أمر اتفاقي – أعني من حيث عرضه لا طوله – وإذ ذلك كذلك فأن هذا دليلٌ واضح أن العبرة بالسعي بين الصفا والمروة، وليست العبرة بالمسعى من حيث عرضه لا طوله. والله أعلم.
    وكذلك يمكننا أن نستأنس بقاعدة

    المصالح المرسلة:
    إذ لا دليل يقيد بعرض معين لا يتجاوز في السعي، فتكون المصلحة المعتبرة شرعاً لدفع الضرر أن يوسع المسعى، ولا حرج مطلقاً في ذلك.
    ومما يستأنس به، أن الله عزوجل أمر فاقد الهدي بأن يصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع، فلو لم يصم في الحج، صام إذا رجع العشرة كلها، وليس هناك فيما أعلم من يمنع من مثل ذلك، وهو قد يتجاوز صفة أرادها الله تعالى، لكن لعلةٍ ما وقع في صورة أخرى، الأمر الذي يجعلنا ننظر إلى النصوص نظرتين باعتبارين:
    1- نظرة باعتبار الحال والمحل، كالطواف لا يكون إلا حول الكعبة.
    2- ونظرة باعتبارالحال دون المحل، كصيام الثلاثة أيام خارج مكان الحج.
    وهذا مثل فرض العين وفرض الكفاية، ففرض العين الغرض منه الفعل، كالطواف، وفرض الكفاية، الغرض منه الفاعل، كالصيام للثلاثة أيام خارج موطن الحج عند التعذر، وعليه، فالسعي له شبه بالأول: فلا يصح السعي بين غير الصفا والمروة، وشبه بالثاني، في أنه لا يلزم أن يكون ضمن مساحة عرضية معينة، وبهذا يسلم قول من قال: بجواز توسعة المسعى عرضاً لا طولا، وصحة قول من قال: العبرة بالسعي بين الصفا والمروة، وليست العبرة بالمسعى، أي عرضاً.

    إذا ثبت ذلك تبين لنا أن هذه المسألة يمكن تخريجها على القواعد التالية:
    · المشقة تجلب التيسير والضرر يزال.
    · التابع تابع وكلما ضاق الأمر اتسع.
    · المصالح المرسلة.
    · المحاذاة.
    · بعض العبادات ينظر فيها إلى الفعل دون غيره، وبعضها مشترك، وبعضها هكذا وهكذا ومنه السعي.
    بعد كل هذا يمكنني القول – ودون الدخول في ذكر قضايا تاريخية – أن القول الصواب صحة توسعة المسعى.

    والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد.


    كتبه / سمير مراد
    المشرف التعليمي في مسجد السنة
    القويسمة – عمان – الأردن
    17 / 9 / 1429
    17 / 9 / 2008
    من يوم الأربعاء
تشغيل...
X