وكانت الاجابة عليه: لا نعلم الان لكن بعد حين سنعرف
عن طريق برنامج سوف تشغله بنفسك. الست انت الذي
الذي تساعدنا في امور كثيرة تخص عالم الكمبيوتر؟
ابتسم الطفل وتشجع ليثبت ما قيل عنه مرة اخرى.
بعد ان تم تشغيل البرنامج كانت المفاجئة. اذ ان اللص الذي
سطى على الجهاز وسرق المعلومات لم يكن شابا متسليا
او فضلوليا او عصابة مجرمة لكنها كانت الشركة العامة التابعة
للدولة التي تمدهم بخدمة شبكة الانترنيت هي التي سطت.
فتسائل الطفل بعفوية وذهول: وهل الدولة تسرق! ثم اردف قائلا:
لكن في المدرسة علمونا ان السرقة هو ضد القانون ومن يخرق
القانون يعاقب. فمن سيعاقب القانون؟
هدأ الاب من روع ابنه وقال يبدوا ان البرنامج اخطأ وسوف نتصل
بالشركة حتى نعلم اليقين. وكان الاب يعلم في قرارة نفسه
ان هذه الشركة كثر الشكوى منها وان المخابرات تستخدمها
"لسرقة" معلومات الذبائن. لكن المشكلة الكبرى هي في ان
تهتز ثقة الاطفال بدولتهم التي يعتبرونها مثال للصدق والامانة.
كثيرا من الاباء والمعلمين يتفانون في غرس المبادئ الجميلة
في النشئ وتاتي جهات تهدم كل ما بناه غيرها ثم نرى ونسمع
الشكوى تنهمر من كثرة السرقات والعنف والارهاب.
اذا ارادت الدول ان تنخفض فيها الجرائم فلا بد ان تكون قدوة
جيدة لابنائها خاصة الصغار منهم ولا تشوش عليهم تصوراتهم الى
درجة لجوء البعض منهم الى منظمات لا يذهبون اليها الا للانتقام
من مجتمعات يعتبرونها منافقة اي: اذا سرق القوي فيها تركته
واذا سرق الضعيف عاقبته.
نعم يجب الالتزام باحترام القانون العادل واحترام عقول الناس
اما ان تسرق الدولة وتنصح مواطنيها بالعفاف, وتصنع الاسلحة ثم
تصدره الى حيث يقتتل الناس به ثم تشتكي من انتشار العنف بين
ابنائها الذين يشاهدونه الى حد الالفة والاستمراء, وتشتكي من فوج
اللاجئين والمهاجرين الذين يهجرون مناطق النزاع التي سئموها,
وان تدعم الديمقراطة في مكان ما وتحرمه في مكان اخر
فكل هذا يكرس عدم المصداقية وانتشار المنظمات والعصابات الثائرة على
كل ما يمت بتلك الدول القوية عتادا وعدة لكنها ضعيفة الحجة في اقناع
صغارها بمبادئها وبمثلها التي تبنتها ورفعت شعارها عاليا.
والانكى من كل ذلك ان يقنن "القوي" لنفسه سرقة معلومات رعاياه بحجة
الحفاظ على الامن العام. الامن العام يحفظ بالعدل والعفاف وليس بالسرقة
او التمييز والتهميش ومراقبة الرضع في الحضانات او التحقيق مع اطفال لم
يبلغوا العاشرة.
ان الدول تكون عظيمة باحتضان ابنائها دون تمييز ومنعهم من الانزلاق
في ما يعاقب عليه القانون وليس دفعهم الى دائرة العقاب والقاء كل اللوم
عليهم بعد ذلك.
من الشجاعة الاعتراف بالخطا ليتم تصحيحه اما المكابرة والدفاع عن الخطأ
يعمق جذور المشاكل.
خطأ الكبار قد يكون اخطر من خطأ الصغار فإذا التزموا الكبار بالتراجع عنه
ومحاولة تصحيحه اجبروا الصغار على ان يتجنوا الاخطاء قدر استطاعتهم.
ان افضل طريقة تقتع بها الناس بحجتك ان لا يناقض فعلك قولك او قولك فعلك.
الظلم يقزم الامم العملاقة والرعب ينخر مفاصلها.
نقول هذا للجيل الصاعد من صغارنا الذين سيصبحون في مواقع المسؤولية
في المستقبل وليس لمن هم يتحاملون المسؤولية اليوم من الكبار ,
فهؤلاء ابوا الا يصموا آذنهم ويطلقوا العنان لمنطق القوة ويقصوا قوة المنطق
حتى اضحى عالمنا في هذا الوضع من الجمال البيئ والرخاء الاقتصادي
والتعاون الدولي على نشر العدل والمبادئ الانسانية السامية الاخرى وكذلك
المبادئ "الحيوا...." اقصد مبادئ الرفق بالحيوان قبل الانسان اعزكم الله.
فهنئها لنا بهذا العالم فالدنيا لا زالت بخير ما دام فيها مثل تلك الاماني التي
تم تحقيق بعضها خاصة الاخيرة منها!
فهنيئا لك ايها الهدهد... اشدوا
ليتني كنت مكانك ....يصيح طفل يفترش بساط الحديقة
وهنيئا لك ايها الذئب فقد نلت البراءة من دم يوسف
يصرخ شاب سجين ذنبه كان يتقصى الحقيقة
.........
راجي
تعليق