لماذا ننمّي ؟
لمن ننمّي ؟
ماذا ننمي ؟
كيف ننمّي ؟
و عن طريق تلك الأسئلة سار المؤلف في راكب البحث و الانتقاء الذي يهدف الى تقديم الكتاب باسلوب سهل الفهم و يقرب الصورة الذهنية لمعنى التنمية ...
الحرية .... المنهج العلمي .... العقلية التنموية .... التعليم ..... التخطيط
و غيرها من تلك الاشياء المهمه و الداعمة لعملية التنمية ، و ايضا لم يغفل المؤلف رحمه الله عن معوقات التنمية و ربما الجزئية التالية تعطي فكرة جيده عن بعض معوقات التنمية :
" وجد بعض الباحثين أن ثلاثة عقود من التنمية أنتجت المزيد من عدم المساواة في دول كثيرة من العالم الثالث ، و تركت معظم السكان كما وجدتهم دون أي تغيير ، وزادت أوضاع الفقراء سوءاً و على الأخص في البلاد الفقيرة ذات الأعداد الهائلة من السكان .
إذاً من هم الذين استفادوا من جهود التنمية في العالم الثالث ؟
كان المستفيد الأول في كل مكان الصفوة الحاكمة وتلك الشريحة من المجتمع اللصيقة بها . ويتضح أن المستفيد الأكبر من عملية التنمية هو الجهاز البيروقراطي الهائل الذي يمد أذرعه كالإخطبوط في كل مكان من العالم الثالث و الذي لا يقل نفوذه عن نفوذ الصفوة الحاكمة وقد يزيد ، التخطيط للتنمية يتم على أيدي البيروقراطيين و تنفيذ مشاريع التنمية يتم بواسطة البيروقراطيين ، أي غرابة إذاً في أن تسقط ثمار التمنية في أحضان البيروقراطيين !!
وفي بحث نادر من نوعه وجد بعض الدارسين أن الإحصائيات و المعلومات المتوفرة تشير الى أن الأجهزة البيروقراطية تحولت في معظم بلدان العالم الثالث إلى مراكز قوة لا يمكن السيطرة عليها ولا تذعن لسلطان أحد و تعمل على تحقيق أهدافها الشخصية عن طريق الابتزاز المنظم و الرشوة .
بعد الصفوة الحاكمة و البيروقراطية يجئ سكان العواصم والمدن الكبرى كفئة مستفيدة من التنمية ، فعلي دول العالم الثالث إن أرادت الاستقرار عليها أن تحول الأرياف إلى عواصم و لا تحول العواصم إلى أرياف .
ويمكننا القول أننا يجب أن ننمي لصالح السواد الأعظم من الناس وهذا يتطلب منا أولا أن نزيل استئثار الصفوة الحاكمة بثمرات التنمية و يتطلب منا ثانيا أن ننهي احتكار سكان العواصم للمزايا ويتطلب منا ثالثاً أن ننتشل التنمية من براثن البيروقراطية و أن ننقذها من براثن الفساد ..."
ربما ذلك المقطع مفيد جدا
فلقد سعى المؤلف رحمه الله إلى إظهار الكثير من المفاهيم عبر كتابة ( التمنية ... الاسئلة الكبرى ) ، فقد أوضح مدى ارتباط التخلف بالتمنية فكلما كانت عجله التنمية مدفوعة إلى الإمام كان التخلف يبقى في الخلف بحسب مسافة الانجاز التي حققتها التنمية ، أيضا حاول المؤلف بسط المفهوم الحقيقي للتنمية عبر التغيير الحقيقي و ليس الشكلي مع مراعاة العادات و التقاليد للمجتمعات .
كما أوضح المؤلف الفرق الجوهري و المهم بين النمو و التنمية وفي هذا المجال استعان ببعض الآراء المختصين في الاقتصاد ، و كان المؤلف موفقا في عرض بعض معوقات التنمية وليس اغلبها ، و ربط التنمية بالتخطيط و ختم الكتاب في الفصل الخامس بما اسماه ( الذهنية التنموية ) التي لا بد أن تخضع للعلم و المنهج العلمي ، لقد كان الكتاب ممتع و مبسط اوصل المؤلف فكرته بكل سلاسة .
تعليق