مرض لا ترى له ملامح و لا تشعر له بأعراض ، مرض تسري آثاره على النفس ببطء و هدوء ورَوِيّة .
إنه مرض "إِلفُ النّعمة" .
أن تشعر بأن ما معك وما فيك و ما حولك هو لك ، وجزء من تكوينك .
فتشعر انك ترى لأنك ولدت بعينين ..
وتسمع لأن لك أذنان .. و تشترى لأنك تملك المال .. و تتحدث لأنك قادر على التعبير .
أن تذهب للتسوق و تضع ما تريد في العربة و تدفع التكلفة و تعود لمنزلك .. لأن هذا حقك في الحياة .
أن تشعر بالجوع فتفتح الثلاجة و تأخذ مما فيها بهدوء و تأكل و تشبع بتلقائية .. و كأن هذا هو ما يجب أن يكون .
أن تألف نِعمَ اللهِ عليك و كأنها ليست بِنِعَم بل حق مكتسب .
فإذا أَلِفْتَ النعمة .. صرت تأكل دون أن تذكر من بات جائع أو من يملك الطعام و لا يستطيع أن يأكله و تحمد الله .
اصبحت ترى و تسمع و تتكلم و لا تتذكر من فقد تلك النعم فتحمد الله .
أن تتسوق و تدفع مشترياتك و تعود للمنزل دون أن تحمد الله على نعمة المال والامتلاك و البيت الذى فيه تنام .
كَثِيرًا مَا نَشْعُرُ أَنَّ المَنْعَ اِبْتِلَاءٌ ، وَتُنْسِيْنَا الحَيَاةُ أَنْ نَشْعُرَ بِنَعَمْ المُنْعِمُ .. فَالرِّزْقُ لَيْسَ زِيَادَة مَا عِنْدَكَ .. وَلَكِنْ الرِّزْق فِي أَنَّ عِنْدَكَ مَا عِنْدَكَ .
فلا تجعل الحياة تُرغمك أن تألف النعم .. بل أرغم أنت حياتك أن تألف الْحَمْد .
اللهم كما رزقتنا النعم فارزقنا الشكر على النعم ، واجعلنا حامدين شاكرين ، نقدر نعمك علينا ما أحييتنا ، واعصمنا من أن نألفها أو أن ننساك .
الحمدلله ع نعمه التي لاتعد ولا تحصى حمداً كثيرا طيبا مباركاً يليق بجلاله وكرمه ..