الله الصمد
أي الذي يصمد إليه في الحاجات . كذا روى الضحاك عن ابن عباس , قال : الذي يصمد إليه في الحاجات ; كما قال عز وجل : " ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون " [ النحل : 53 ] . قال أهل اللغة : الصمد : السيد الذي يصمد إليه في النوازل والحوائج . قال : ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد وقال قوم : الصمد : الدائم الباقي , الذي لم يزل ولا يزال . وقيل : تفسيره ما بعده " لم يلد ولم يولد " .قال أبي بن كعب : الصمد : الذي لا يلد ولا يولد ; لأنه ليس شيء إلا سيموت , وليس شيء يموت إلا يورث . وقال علي وابن عباس أيضا وأبو وائل شقيق بن سلمة وسفيان : الصمد : هو السيد الذي قد انتهى سؤدده في أنواع الشرف والسؤدد ; ومنه قول الشاعر : علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد وقال أبو هريرة : إنه المستغني عن كل أحد , والمحتاج إليه كل أحد . وقال السدي : إنه : المقصود في الرغائب , والمستعان به في المصائب . وقال الحسين بن الفضل : إنه : الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . وقال مقاتل : إنه : الكامل الذي لا عيب فيه ; ومنه قول الزبرقان : سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ولا رهينة إلا سيد صمد وقال الحسن وعكرمة والضحاك وابن جبير : الصمد : المصمت الذي لا جوف له ; قال الشاعر : شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا قلت : قد أتينا على هذه الأقوال مبينة في الصمد , في ( كتاب الأسنى ) وأن الصحيح منها . ما شهد له الاشتقاق ; وهو القول الأول , ذكره الخطابي . وقد أسقط من هذه السورة من أبعده الله وأخزاه , وجعل النار مقامه ومثواه , وقرأ " الله الواحد الصمد " في الصلاة , والناس يستمعون , فأسقط : " قل هو " , وزعم أنه ليس من القرآن . وغير لفظ " أحد " , وادعى أن هذا هو الصواب , والذي عليه الناس هو الباطل والمحال , فأبطل معنى الآية ; لأن أهل التفسير قالوا : نزلت الآية جوابا لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : صف لنا ربك , أمن ذهب هو أم من نحاس أم من صفر ؟ فقال الله عز وجل ردا عليهم : " قل هو والله أحد " ففي " هو " دلالة على موضع الرد , ومكان الجواب ; فإذا سقط بطل معنى الآية , وصح الافتراء على الله عز وجل , والتكذيب لرسوله صلى الله عليه وسلم .
تفسير القرطبي
تعليق