هل ترجع هزائمنا العامه الى اننا لا نملكُ طائراتٍ بعيده المدى،وإلى أننا لانصنع القنابل الذريه؟
بعض الناس يتصور ان عجزنا الصناعي والعسكري من وراءِ تخلفنا هنا وهناك، وان امتنا لو ملكت هذه الاسلحة سادت وقادت!........
إن هذا فكرُ سقيم(مريض)،والواقع أننا مصابون بشللٍ عضوي في اجهزتنا الخُلقُيِة، وملكاتِنا النفسيةِ تعوقُنا عن الحراك الصحيح، وأن مجتمعاتِنا تشبهُ أحياء انقطعَ عنها التيارُ الكهربائي فغرقت في الظلامِ،ولابدَّ من إصلاح الخلل الذي حدثَ كي يسطع التيارُ مرةً اُخرى.........
وعلاج الاعطاب(الاعطال)الشديدةِ او الخفيفة بالكلام البليغ أو النصحِ المخلصِ لا يكفي!! لابد من إزالةِ اسباب الخلل،ومن إعادةِ الاوضاع إلى اسُسها السلميةِ إلى فطرتِها الاولى كما قال الله تعالى (فِطَرتَ اللَّهِ الَّتىِ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لاَتَبدِبلَ لِخَلقِ اللًّه) سورة الروم/ايه 30.
وقد راعني أن خلائق مقبوحةً انتشرت بين الناس دونَ مبالاةٍ،او مع اغماضٍ متعمدٍ، واستمرت مُواقعةُ الناس لها حتى حولها الالفُ إلى جزءٍ من الحياةِ العامه. ومن هنا رأينا الاستهانه بقيمةِ الكلمهِ،ورأينا قِلّةَ الاكتراث باتقان العمل،ورأينا إضاعةَ الاماناتِ والمسئوليات الثقيلةِ، ورأينا القدرةَ على قلب الحقائق، وجعل الجهلِ علماً والعلمِ جهلاً، والمعروف منكراً والمنكر معروفاً........
إن قضيةَ الاخلاقِ وما عراها من وهنٍ أمرٌ جللٌ، إنك لا تستطيع بناءَ قصرٍ شاهقٍ دون دعائمَ وأعمدةٍ وشبكاتٍ من حديدٍ، ولا تستطيعُ بناءَ انسانٍ كبيرٍ دونَ أخلاق مكينةٍ ومسالكَ مأمونهٍ وجميلةٍ ومن الخلالِ تُوْرِثَ الثقه. وتأمَّل في قول أبي تمام::
وقــــد كـــان فَـــوْتُ الــــمــــوت ســـهــــلاً فــردَّه الــيــه الــــحِــــفــــاظُ الـــمـــرُّ و الـــخـــلُـــقُ الــوَعْــــــرُ
إن ضمانات الخلق الصلبِ في سيرةِ هذا البطل هي التي تعلو بها الاممُ، وتنتصرُ الرسالاتُ،وهي التي يستخزي أمامها العدوُّ وتنهارُ الطواغيتُ، وعندما ترى مُجْتَمعاً صارماً في مُراعاةِ النِّظام، دقيقاً في احترامِ الوقتِ،صريحاً في مواجهةِ الخطأِ، شديدَ الاحساس بحق الاخرين، غيوراً على كرامةِ الامةِ،كثيراً عند الفزع، قليلاً عند الطمعِ،مؤْثراً إرضاء الله على إرضاء الناس.
عندما ترى هذه الخلالَ تلتقي في مجتمعٍ ما فثق أنهُ طريقَه صَعَيداً إلى القمه.
وقد كان المسلمون الائلُ نماذج أخلاقيهً تجسدَ فيها الشَّرفُ والصِّدق والطُّهرهُ والتجرد، ولذللك تصدَّروا القافله البشريةَ عن جدارةٍ، ولاغروَ(ولاعجب) فقد كانوا صنع الانسان الذي وصفه الله بقوله] (وَإِنَّك لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍـ) وكانوا نضح روحه العالي فمشت وراءهم الشعوب تتعلم وتتأسى.
أما اليوم فنحنُ نَجري ونلهثُ وراءَ الشعوبِ الاخرى دون أن نصل إلى مستواها،لأن وزن الاخلاقِ عندنا خفيفٌ، وارتباطُنا بها ضعيفٌ.
مـــلاحـــظـــة هــامـــة::/ الاخلاق مجموعات متنوعة من الفضائل والتقاليد تحيا بها الامم كما تحيا الاجسام بأجهزتها وغُددِها، فإذا اعتلت هذه المجموعةُ وانفكت رأيتَ ما لا يسُرُّ في مسالِكِ العامةِ والخاصـةِ...
موضوع جميل بكل مايحوي طرحته لكم لعله ينال استحسانكم
ودمتــم بألف خـير
تعليق