اعلان

Collapse
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ضعف المقروئية من زاوية أخرى

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
إضافات جديدة

  • ضعف المقروئية من زاوية أخرى

    يطرح موضوع المقروئية بشكل كبير في العالم العربي عموما وفي الجزائر خصوصا ، حيث يدق ناقوس الخطر من نسبة المقروئية المحدودة و التي تكاد تنعدم ولم يقتصر العزوف عن القراءة عند عامة المواطنين وإنما تجاوزه إلى الطبقة المتعلمة تعليم عالي ، وعند البحث في أسباب الظاهرة فإن كل طرف من الأطراف التي يعنيها الأمر يلقي باللائمة على الطرف الآخر وكلهم يتفقون على إدانة طرف لا يملك حق الرد والدفاع عن نفسهم ولكنهم أيضا لا يستطيعون مقاومته ألا وهو الإنترنيت والفضائيات .
    وأي كانت النقطة التي ننطلق منها في بحث الأسباب فإننا ند أنفسنا ندور في حلقة مفرغة ، فأصحاب المكتبات يلقون باللائمة على المواطنين الذين لا يشترون الكتب وإذا ما حدث ذلك فإنه لا يذهب بعيدا عن اهتمامات البطن إذ تلقى كتب الطبخ رواجا كبيرا ، وأصبحت المكتبات مثل المتاحف كما يعلق صاحب مكتبة يأتي المواطن ينظر إليها ثم يخرج ، والمواطن يتحدث عن ارتفاع أسعار الكتب مع ندرتها وقلتها إذ تمتلئ رفوف المكتبات في الغالب بالحوليات الدراسية وبعض العنوانين البارزة في التخصصات الجامعية ، ودور النشر تتحدث عن الطلب الضعيف على الكتب وفي النهاية هي مؤسسات تجارية تخضع لقوانين السوق ولا يمكنها أن تغامر بطبع العديد من المؤلفات لتبقى مكدسة في المكتبات لأن هذا يؤدي بها إلى الإفلاس وهذا ما يضطرها إلى رفع الأسعار . و من جانب آخر الأساتذة يلقون باللائمة على الطلبة الذين لا يهتمون بالقراءة ولا أنهم يكلفونهم بإنجاز بعض البحوث لما بادر أحدهم للمطالعة أصلا ، كما أن الطلبة يلقون باللائمة على الأساتذة المحدودين الثقافة وسلوكياتهم المثبطة عن الدراسة فضلا على المطالعة فما الفائدة من أن تطالع وتبحث ثم تكافئ بعلامة ضعيفة في حين الزملاء أو ( الزميلات بتعبير أدق) الذين يمضون كل وقتهم في اللهو يأخذون علامات مميزة . والطرفان يقران بمسؤولية الأسرة التي ينعدم فيها جو المطالعة إذ قلما تجد مكتبة في بيت جزائري ولو على سبيل الديكور ، وحتى مبادرة الأولياء لحث أبنائهم على الدراسة فإنه يكون مربوط بلازمة ضمان المستقبل والعمل في وظائف جيدة . ولا نبالغ بالقول أنه يكاد ينعدم أن تجد أسرة ( متعلمة ) تحث أبنائها على المطالعة وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه ولا نتوقع من أب وأم همهما جمع المال والقيل والقال أن يحثا أبناءهما على المطالعة .
    أما المكتبات العمومية فهي خاوية على عروشها وقلما تجد أحدهم جالسا فيها بل إن العض منها أصبح مكانا مناسبا للقاءات الغرامية ، أما المكتبات الجامعية فحدث ولا حرج إذ يستحيل في معظمها أن يجلس أحد للمطالعة فالفوضى فيها تفوق الفوضى في المقاهي والحمامات والأسواق الشعبية .
    ولكن بعيدا عن هذا التفسير الآلي إن صح التعبير ( الأسباب التي أشرنا إليها تردد بشكل آلي في مختلف البرامج الحوارية التي تناقش موضوع ضعف المقروئية ) وللخروج من الحلقة المفرغة نحن بحاجة إلى التعمق أكثر في الموضوع قصد إيجاد حلول عملية ومعالجة المرض وليس أعراضه .
    فعلى سبيل المثال لا ننكر الأثر السلبي للإنترنيت والتلفزيون ولكن هل كان مستوى المقروئية قبل الانتشار الواسع للإنترنيت والفضائيات كبيرا جدا وتقلص بسببها أم أن المشكل كان موجودا وتفاقم أكثر بعدها ؟ ثم ألا توجد مثل هذه الوسائل بل وبشكل أكثر انتشارا في الدول الغربية ومع ذلك فإن مستوى المقروئية كبير فيها بغض النظر عن شكلها . ومن جهة أخرى هذه الوسائل هي في النهاية أمر واقع وحتمي لا يمكن تجنبه لذا يتوجب بدل تعليق ضعف المقروئية على مشجب الإنترنيت والفضائيات البحث عن الآليات والسبل التي يمكن استغلالها في هذا المجال فمثلا وكنقطة عملية الكثير من دور النشر الجزائرية لا تتوفر على موقع إلكتروني وإذا ما وجد فإنه يبعث على النفور منها ولا مجال للمقارنة بينها وبين مواقع لدور نشر دول عربية أخرى وهذا الجانب رغم أهميته فإنه مغفل من طرف دور النشر فلماذا لا تفتح منتديات في مواقعها يناقش فيها القراء الكتب الصادرة عنها مع الكتاب ؟
    دور النشر
    تعاني دور النش من مشكل التوزيع الذي يكلفها كثيرا مع ضعف في شراء الكتب مما يدفعها إلى الاقتصار على التوزيع في المدن الرئيسية وطبع عد محدود من النسخ ورفع أسعارها ، وما يطبع من كتب تكون شبه متأكدة أنه مطلوب في السوق ، هذه الإجراءات تفرضها الضرورة التجارية ، ولكن هذا لا يمنع من البحث عن إيجاد حلول لهذه المشاكل لأن هذا السلوك سيؤدي إلى استمرار تضييق دائرة المقروؤية وبالتالي إفلاس دور النشر ، وأنا شخصيا بحثت عن كتابين لداري نشر جزائريتين في كل مكتبات مدينتي ( سيدي بلعباس ) وبعض المكتبات في وهران ولم أجده في حين ان كتاب لكاتب لباحث جزائري صدر عن دور نشر لبنانية موجود على واجهة كل المكتبات وهنا تطرح علامات استفهام كبيرة كما أن الكثير من المعارض الوطنية التي تنظم في بعض المدن الداخلية تحضرها دور نشر وطنية تعد على الأصابع ، وللخروج من هذه الدائرة لا مناص من تقرب دور النشر من القراء من خلال تنظيم ندوات فكرية وثقافية ومسابقات ولقاءات مع الكتاب في مختلف الولايات لتوسيع قاعدة المقروئية بتخصيص جزء من أرباحها السنوية لهذه النشاطات .
    المكتبات
    إضافة إلى المكتبات الجامعية والولائية والمكتبات داخل المدارس والمتوسطات والثانويات هناك مشروع مكتبة في كل بلدية ولاشك أن هذا العدد الكبير من المكتبات خطوة في الطريق الصحيح نهدف لاختصار المسافة بين القارئ والكتاب ، ولكن الإشكالية في هذه المكتبات ( مع استثناءات محدودة ) هي عدم إبلاء أهمية للموارد البشرية إذ يفتقد القائمين عليها آليات التواصل مع القراء بمختلف أنواعهم و سلوكياتهم تنفر الكثيرين من المكتبات وبعض الممارسات كالإدعاء أنهم في عطلة أو أن الكتاب غير موجود أو التأخر في الدوام وغلق المكتبات مبكرا وبالتالي فإن كل هذه المنجزات لا تحقق الفائدة المرجوة منها ، إضافة إلى هذا فإن المكتبات لا تجدد بشكل دوري وبالبعض منها بل معظمها تبقى قوائم الكتب كما هي منذ فتحها في السبعينيات و يفترض أن تخصص ميزانية لهذا الغرض ، وإذا كانت موجودة فأين تذهب الأموال ؟
    لذا يتوجب إعادة النظر في آليات تسيير المكتبات وتخصيص دورات تدريبية ( حقيقية ) وانتقاء القائمين عليها بشكل علمي ومهني ،وفتحها أيام العطلة ومساءا بعد نهاية الدوام ، وبرمجة نشاطات ثقافية من ندوات وأمسيات ومسابقات بشكل دوري و مسابقات بين القائمين على المكتبات وتحفيزهم وخلق جو تنافسي بينهم حتى يتقرب القراء من المكتبات أكثر ، كما يتوجب على الجامعات برمجة محطات توقف النقل الجامعي عند المكتبات العمومية لتقريب الطلبة منها والتخفيف من تكاليف النقل على طلبة المدن .
    وفيما يتعلق بضعف المقروئية عند الطلبة والأساتذة فإن المسؤولية لا تتوزع على الطرفين فحسب وإنما تتجاوزهما لكل مكونات المجتمع بما في ذلك الإعلام ، فحقيقة أن الطلبة الجامعيين في معظمهم لا يقرؤون فضلا على أن يشتروا كتابا ، ولا يعقل أن يمضي الطالب أربعة سنوات في الجامعة ولا يملك كتابا ولو فرضنا أنه كان يشتري في كل شهر كتاب واحدا لكان لديه عند تخرجه 48 كتابا على الأقل مكتبة صغير في تخصصه الدراسي تساعده في التحضير لمسابقات التوظيف ، وبالتالي ستكون مشروع استثماري ، قد يتحجج البعض بغلاء أسعار الكتب وهذا صحيح لكنه ليس مبرر ولو أن الطلبة يقتصدون في تعبئة هواتفهم النقالة وغيرها من الأمور المبالغ فيها خاصة الفتيات اللواتي ينفقن الكثير على مستحضرات التجميل والملابس لأمكنهم شراء أكثر من كتاب في الأسبوع ، فالأصل والسبب الحقيقي هو في انعدام ثقافة شراء الكتب التي يتعلمها الطالب صغيرا في البيت والمدرسة ، وهذا يقودنا للحديث عن دور الأساتذة والمعلمين فهؤلاء أيضا لا يقرؤون ويشتكون من عدم حضور الطلبة إلى المحاضرات وهذا أمر طبيعي لأن المحاضرات وبسبب سوء الإلقاء ومحدودية ثقافة الأستاذ تبعث على الملل هذا دون الحديث عن الغياب المتكرر للأساتذة وتعسفهم في التنقيط وغيرها من الممارسات التي تجعل الطلبة يطلقون المدرجات بعد نهاية السداسي الأول من السنة الأولى في الجامعة ومع ذلك تبقى محاضرات الأساتذة المتميزين في طريقة إلقائهم وإبحارهم في مختلف العلوم وإلمامهم بحيثيات التخصص يشد إليها الرحال من تخصصات أخرى ، وهنا نطرح سؤال هل شارك أو فكر على الأقل أستاذ جامعي في حضور دورة في فن الخطابة والإلقاء والتواصل ؟
    أما عن أساتذة الثانويات والمتوسطات والمعلمين فباختصار نحن الآن لسنا في حاجة لمسابقات بين الثانويات وإنما لمسابقات بين أساتذة الثانويات حتى نحفزهم على المطالعة والتثقف لأنهم ينقلون تدني مستواهم الثقافي إلى تلامذتهم ، وحتى المسابقات التي كانت تقام بمناسبة يوم العلم أصبحت مجرد إجراء روتيني لا يخرج عن السياق العام ، ولا يهدف لتغيير على عكس ما يجري في بلدان عربية أخرى تحاول البحث عن طرق جديدة لتنشيط المقروئية وتطويرها ، وعلى سبيل المثال قرأت قبل فترة لكاتبة عمود في جريدة العرب القطرية مقالا تتحدث فيه عن محاضرة ألقتها على طالبات الصف السادس ابتدائي حثتهم فيها على القراءة وحدثتهم عن بداياتها في هذا المجال منذ كانت صغيرة وعن أول كتاب اشترته بعدما طلبت منهم المعلمة ذلك ، مثل هذه المبادرات لها الأثر الكبير على الأطفال وهي تواجه التأثير السلبي لوسائل الاتصال وتوظفها في صالحها بمبادرات أخرى .
    اللقاء الأول
    أخيرا ، الحديث عن المقروئية ذو شجون وهو متشعب بتشعب أسبابه والقصة مع الكتاب تبد من اللقاء الأول الشبيه بالقصص الرومانسية قد يكون في محطة حافلات أو قاعة انتظار أو في مكان آخر يلقي أحدهم بصره على كتاب أو مجلة بيد شخص بجانبه ويطلب منه السماح له بإلقاء نظرة وتبدأ الحكاية .
    في الكثير من الأحيان عندما أكون في قاعة الانتظار في المحطة أو لاستخراج وثيقة إدارية ما يسترق من يكون بجانبي النظر لقراءة ماذا أقرء ، هذا يدل على وجود استعدادات فطرية للقراءة في حاجة إلى تطوير ويجب في هذه المرحلة أن يذهب الكتاب عند القارئ وعندما يقع في شراك حبه لا شك سيهيم في كل مكان بحثا عنه ، فلماذا لا نخصص في الأماكن العامة مثل محطات الانتظار مكتبات تزاحم محلات الأكل الخفيف والمقاهي ؟.

  • #2
    الرد: ضعف المقروئية من زاوية أخرى

    شكرا اخي يحي

    لي عودة للقراءه المتأنيه

    دمت بخير

    تعليق


    • #3
      الرد: ضعف المقروئية من زاوية أخرى

      أهلا بك أخي يحيى ..أشكر وجودك هنا ومضوعك القيم ..الذي طرحت به مشكلة وبحثت فيه عن الحلول ..تحيه لعقلك الناضج,المميز ...دمت بخير ,,تقبل مروري ..وكن دائما هنا ..ننتظر جديدك الممتع ..

      تعليق


      • #4
        الرد: ضعف المقروئية من زاوية أخرى

        السلام عليكم
        يعطيك الف عافيه أخي الطيب
        والف شكرلك
        تحــــيتي

        تعليق

        تشغيل...
        X