هل تستطيع أن تستغني عن السيارة ؟
هل تستطيع أن تستغني عن الجوال او الموبايل ؟
هل و هل و هل و هل و هل ...؟
هذه الاختراعات أصبحت لصيقة في حياتنا اليومية لذلك أصبح لها قيمه ثقافية في مجتمعنا ، لذلك اعتقد انه من المفيد أن نذهب إلى البداية التي اضطررت أن اذهب اليها فالموضوع في اصله مداخله لي في موضوع أحد الزملاء فمن هناك حيث يقبع شيء اسمه ( جغرافيا التفكير ) يمكن ان نبدأ.
فالعقلية غير العربية ، تنزع إلى فهم القضية عبر التناقضات أي عبر المنطق الصوري ، ذلك لو أردت التعبير عنه بالعقل الجمعي لجاز التعبير نوعا ما ، أما العقل الإنتاجي غير العربي قد يُضاف إلى جانب التفكير بطريقة المنطق الصوري ،تفكير آخر مركب فأي قضية ليس شرطا أن تكون إما صح أو خطأ ، كما انها ( اي العقلية غير العربية ) تفهم القضية بدون سياق ، أي أنها تستخدم المنطق المادي الذي ينحى منحى السببية ، فهي تتعامل مع الجزئيات بفهم خاص دون اللجوء إلى الكليات ،هذه الجغرافيا في التفكير أصبحت عاده لدى العقلية غير العربية ، هذا ما فهمته من طريقة التفكير عبر جغرافيا التفكير في العقليات غير العربية و تلك الجغرافيا مشهوره بأسم المنطق .
نحن الآن كدول نامية ، نستورد التنمية من تلك العقليات غير العربية ، أي أن كل اختراع او اكتشاف او ابتكار نشأ أو ظهر في بيئة مختلفة عن بيئتنا ، فأصبح له قيمة ثقافية هناك نحن نأخذه كمستهلكين ،فحين تأتي هذه القيم على شكل اختراعات او تنمية و طبعا نتيجتها التغيير، هي أساسا تم إنتاجها بعقلية ( ليس شرط أن يكون ذلك صح أم خطاء ) ، فأتت إلينا ، و حينها لا بد أن نضعها في سياق ثقافي معين حتى نفهم تناقضات تلك القضية التي أتت من الدولة الأخرى .
البداية غالبا رفض ، لأن السياق الثقافي الذي وضعت فيه يخالف السائد ، فبتالي تظهر التناقضات التي تخالف السائد ، المرحلة الثانية يبدأ السياق الثقافي في التغيير قليلا قليلا كي يأخذ وضع أفضل من سابقه فتخف التناقضات قليلا فتصبح درجة القبول أعلى و اكبر من ذي قبل ، الى أن يصل إلى المرحلة النهائية فيكون الوضع في سياق ثقافي مقبول يرضى بها اغلب فئات المجتمع و يصبح له قيمة ثقافية متغيره غير تلك القيمة التي أعطيت له منذ البداية .
مثلا
ظهور جولات ذات كمره التصوير ، كان هناك رفض لتلك النوعية من الأجهزة و كانت محاربة ، و كانت القيمة الثقافية التي أعطيت له في سياق المعاكسات و الفضائح و غيرها ، فأصبح الشباب كالمجانين يصورون أي شيء له علاقة بالأنثى ، بعد مرور الوقت تغير السياق الثقافي قليلا و هدأت طفرة المجانين و خفت حده التصوير ، و رويدا رويدا ، أخذ ذلك الاختراع يأخذ سياقه الثقافي المقبول كقيمة في المجتمع حتى أصبح الذين يحاربون ذلك الاختراع أصبح لكل منهم جوال ابو كمرتين في جيبه .
فحتى مع ظهور الابتكارات و الاختراعات في العالم نحن كمجتمعات نامية نتأخر كثيرا في قبولها بشكل سريع و كامل ، حتى بعد القبول لا نزال نسيء استخدام تلك الاختراعات بشكل محزن و نعول على كثرة التناقضات في مجتمعاتنا الى تلك الاختراعات التي غزتنا حتى في أحلامنا ، فأبسط الأسباب البديهية في ذلك التأخير و ذلك التناقض الذي يلبسنا هو أننا نستهلك و لا ننتج
فكل مُنتج يغير في المجتمع هو أساسا ليس نابع من صميم المجتمع بل هو مستورد ، و كل مستورد له قيمة ثقافية مختلفة عن الأخرى ، المهم السياق الثقافي الذي يتم وضع ذلك المستورد فيه .
هناك سبب آخر أود ان أضيفه بخصوص مسألة تأخر قبول أي قيم ثقافية أخرى أتت من خارج المجتمع سواء كانت مادية او غير مادية ، فهناك نماذج ذات شرائح عريضة في المجتمع أرى أنها سبب التأخير و في نفس الوقت أرى لها جوانب ايجابية في وجودها كوننا مجتمعات استهلاكية من الدرجة الأولى.
فالماضويه كأنموذج ماضٍ إسلامي بعيد او حتى قبلي ، أنصار هذا الصورة ، من الصعب جدا تخيلها و تحديدها فضلا عن ذلك تنفيذها ، أيضا الأنموذج التغريبي او الصورة المضاده للأنموذج الأول و هي تقول بالاندماج و تمثل كل شيء غربي ، اي ببساطه استنساخ الثقافات الأخرى كما هي او بتعديل يسير لكل ما هو غربي ، أيضا هذا الأنموذج لن ينجح .
فالعلمانية كشكل من أشكال التحديث جعلني اختار ذلك الاستشهاد الذي ذكره الدكتور حامد الاحمري في كتابة ( ملامح المستقبل ) فقد ذكر بأن العلمانية واجهت أربع حضارات واسعة التأثير ، خسر ثلاث منها المعركة مع العلمانية ، فالمسيحية قد عدلت من عقائدها و قناعات أهلها، و الصينية قبلت العلمانية ، و الحضارة الهندية اتخذت موقفا حياديا ، اما في الحالة الإسلامية فإن الحضارة الإسلامية قد استوعبت الصدمة العلمانية و لم تقدر على هدمها و بقيت الحال مختلفة ، فقد استوعبت من العلمانية ما يفيد و صمد فيما يضر .انتهى كلام الاحمري
فالقيم الثقافية و الرغبة و الحاجة إليها و تقبلها على مدى فتره طويلة او متوسطه اعتقد أن وجود الأنموذج الأول الماضوي و الأنموذج الثاني التغريبي هما بمثابة الفلاتر المجتمعية أي أن فتره الرفض و القبول من الجهتين مع الوقت او الزمن الذي يتم في ذلك الشد و الجذب بين الطرفين اعتقد انه بمثابة الفلتر لهذا المجتمع الذي نعيش فيه ، على الأقل في وقتنا الحاضر ، فالأول يمانع و الثاني يندفع و ذلك ينتج عنه برأي شيء وسط فيما بينهما ، فلم ينجح الأنموذج الأول في المنع بحكم صور تخيلية من الماضي و لم ينجح الأنموذج الثاني في الاندفاع بحكم صور تخيلية من الثقافة الأخرى ، فتصبح النتيجة بعد فتره من الشد و الجذب شيء مقبول نوعا ما يقبل به المجتمع و يسايره و إن كان يغيره إلا أنه لا يجعله يفقد هويته .
هناك سبب آخر في تأخير القبول ببعض القيم الثقافية الواردة إلينا و غالبا يتم إرجاع ذلك التأخير إلى النواحي الأمنية مثلما حدث مع قضية (البلاك بيري) ، ناهيك عن المنع التام لبعض الاختراعات التي لا تقبل بها النواحي الأمنية كبضاعة متوفرة في أسواقنا المحلية او كقيمة ثقافية بتداولها أفراد المجتمع .
بقي فئة الماليين و الذين لهم نصيب الأسد ، فهم من يقوم بإحضار النكبات إلى بلدانهم دون أي دراسات وافيه ، فهم يقودون غالبا بلدانهم الى الهاوية في كثير من الأمور ، فهم أكثر من كرس لثقافة الاستهلاك عن طريق البنوك او عن طريق الوكلاء او عن طريق الشركات المتعددة الجنسيات ، فهمهم الوحيد هو الكسب المادي على حساب أي تقدم او تطور او معرفه من الممكن ان تنقلنا خطوة واحده إلى الأمام .
تحيه
تعليق