في الأشهر التي سبقت الاجتياح الأميركي للعراق في 2003، كان لي حديث مع سناتور أميركي زار إسرائيل. وقد كان واعيا جدا: لا توجد أي خطة لليوم التالي، قال. جيشنا سينتصر على صدام حسين، ولكن ليس لدى أحد أي فكرة – والرئيس بوش لا يشرح – كيف سيحول الانتصار العسكري هذا إلى انجاز حقيقي، كم من الوقت سنبقى هناك، وكيف سيبدو العراق بعد أن نخرج. ومع ذلك، أجمل قائلا أني سأويد الرئيس في التصويت على الحرب. ففي الولاية التي أمثلها يعد هذا الاعتراض انتحارا سياسيا فوريا.
السناتور إياه وزملاؤه لم يعرفوا في حينه بان الحرب في العراق تقوم على أساس ادعاءات كاذبة، جاءت إكراها من الإدارة للمخابرات التي لم تصمد أمام الضغط. وهو لم يعرف بان للتبريرات التي طرحها وزير الخارجية باول للحرب في الأمم المتحدة – صدام يطور سلاح الدمار الشامل، وهو يرتبط بالقاعدة ويشكل خطرا على جيرانه – ليس ثمة أساس من حيث الحقائق. وعرف فقط بأن ما تخطط له الإدارة لا يفي بأي معيار بموجبه يجدر بأميركا أن تخرج إلى الحرب. وكان يعرف بأنه عندما تقرع طبول الحرب، فان قلة فقط يضيرها الأمر. وحسب وعد الرئيس اوباما، ستخرج القوات الأميركية من العراق في نهاية هذه السنة، بعد أكثر من ثماني سنوات ونصف من إعلان بوش بان المهمة تحققت. في أميركا يوجد غير قليل من الناس الذين يعتقدون بان هذا مبكرا للغاية، وأن اوباما الضعيف غير قادر على دفع الثمن اللازم لتحقيق النصر. آلاف القتلى، تريليونات الدولارات (التي مع كلفة الحرب لعشر سنوات في أفغانستان ساهمت مساهمة حاسمة في الأزمة الاقتصادية الخطيرة) ووضع يرفض التحسن – لن تقنع هؤلاء الأشخاص بأنه فقط شاذا ما سُمح للجيش بالانتصار. بدء الحرب يرفع دوما تقريبا شعبية الحاكم؛ هو أو خليفته لا يحصلان على أي ربح لقاء إنهائها. المؤسسة الرسمية في إسرائيل كبتت بسرعة تأييدها الحماسي للحرب الأميركية في العراق. اليوم يوجد من يدعي في نظرة إلى الوراء بأنه حذر من أن من يخرج للقتال في العراق لن يتمكن من القتال ضد إيران، الأمر الذي كانت إسرائيل تريد أن يفعله الأميركيون حقا. هذه إعادة كتابة للتاريخ. نظريات المؤامرة التي بموجبها ساهمت الموساد بالمعلومات الكاذبة التي استخدمها بوش هي نظريات مدحوضة، ولكن كبار رجالات الجيش الإسرائيلي ورجالات الأمن الذين زاروا واشنطن في تلك السنوات لم يطلقوا غير أقوال الثناء والتأييد لحرب بوش. شعبة الاستخبارات واصلت البحث عن سلاح الدمار الشامل لدى صدام بعد وقت طويل من سقوطه. شخصيا، سمعت غير مرة في الاستعراضات والأحاديث عن قوافل غريبة تشق طريقها إلى سوريا، ومن يدري ماذا كان فيها. لقد كان يصعب علينا أن نتخلى عن التبرير الكاذب للحرب بقدر لا يقل عن الأميركيين أنفسهم. أسوأ من هذا، الوضع السياسي – الأمني في إسرائيل مشابه تماما لذات المسرحية العابثة التي عرضها لي السناتور الذي عرف الحقيقة وصوت إلى جانب الحرب. ليس للإدارة ولأذرع الاستخبارات أي حاجز، إذا كانوا يريدون أن يعرضوا عدوا ما كخطر وجودي يبرر الخروج إلى الحرب. كل محاولة للادعاء خلاف ذلك أو التصويت ضد هي انتحار جماهيري. للحروب توجد دوما خطة بدء، تعرض كدفاع عن النفس تؤكد قوة الجيش ولكن لا توجد خطة حقيقية لليوم التالي. الضباط يعرفون كيف يقولون في محاضراتهم انه انتهى عصر الحسم الواضح، ولكنهم غير قادرين على أن يعرضوا سيناريو بديل للنصر؛ السياسيون لا يطلبونه كي لا يقفوا أمام الحقيقة والتي تقول انه لا توجد حقا منفعة في القتال. والشعب، وممثلته الإعلامية ؟ هنا مثلما هو الحال هناك يصفقون للقوات المقلعة، وبعد سنين يطالبون بلجنة تحقيق كي يعرفوا كيف خرجنا نجر ذيولنا بين أرجلنا.
تعليق