لعل هذه الصورة في الأشد تعبيرا على حال الشارع المصري في الأحداث التي يشهدها مؤخرا ،فالعلمانيون والليبراليون معتصمون في ميدان التحرير وحدهم بعد أن خسروا بعض التشكيلات الاسلامية التي كانت تتعاطف معهم في بادئ الأمر.
لا يغيب عن المراقبين للشأن المصري أن هناك حالة كبيرة من الإستياء في أوساط الشعب المصري من ثوار التحرير ، وبدأ الناس يتسائلون عن المبرر الذي يجبر هؤلاء على البقاء في الميدان ، فمتظاهروا التحرير الجدد يريدون فرض حكومة جديدة على البلاد بقوة الشارع ، ويريدون استباق الانتخابات بهذه الاحتجاجات لتعطيلها لأنهم يعلمون أن للإسلاميين نصيب الأسد فيها ، وأنصار البرادعي الذين يمثلون الأغلبية في الميدان يبدو أنهم شعروا باليأس من فوز البرادعي بمنصب رئيس الجمهورية ، فارادو فرضه على الشعب المصري فرضا تحت مسمى (حكومة إنقاذ).
الرأي العام في مصر يمكنك جسه عبر التجول في شوارعها أو حتى عبر فيسبوك والمواقع الإجتماعية ، فنجد الحياة تدب وتسير بشكل روتيني في كافة مناطق الجمهورية ما عدا (ميدان التحرير) ، ونجد أكبر الصفحات الداعمة للثورة المصرية التي عرفت بـ(25 يناير) نجدها تدعم بقاء الجيش في السلطة وتعدم تولي الجنزوري لرئاسة الوزراء فيما يخالف آراء من هم في التحرير اليوم .
المتابع لتعليقات المصريين على الشبكة العنكبوتية يلمس التفافا غير مسبوق حول المجلس العسكري الذي يحكم البلاد لفترة انتقالية ، وهم يسيرون بذلك في عكس تيار الإعلام الذي يوجههم للثورة على هذا المجلس ، فمثلا المتابع لجريدة (اليوم السابع المصرية) يجد أن المادة الإعلامية في مجملها تحريضية ضد المجلس العسكري ومهيجة لأوساط الشباب المصري ، بينما نجد التعليقات على أخبارهم تؤكد وتشدد على الالتفاف حول المجلس العسكري .
أيضا صفحة حزب 25 يناير والتي وصل عدد معجبوها إلى 432235 معجبا وضعت صورة معبرة لمواطن مصري يعانق أحد أفراد الجيش فيما يتطابق مع الشعار المرفوع سابقا (الشعب والجيش إيد وحدة )
كما أبدت الصفحة اهتماما بمسألة الانتخابات والتأكيد على ضرورة عبور البلاد لهذه المرحلة الحاسمة ، وأيضا سارت تعليقات القراء في هذا المسار .
المتظاهرون في التحرير باتوا يعانون من حالة من الإنعزال في الشارع المصري ، ويبدو أن وجودهم في الميدان ليس إلا حفظا لماء الوجه لأنه لم تعد هناك أسباب مقنعة لبقائهم فيه ، خاصة بعد أن أعلن حزبي الحرية والعدالة والنور مقاطعتهم للتحرير وتأييدهم للمجلس العسكري ، وتضائل فرص تجمهم بسبب الخلافات العميقة التي دبت في صفوفهم بعد الإعلان عن ترشيح البرادعي ، والذي رفضه أغلب شرائح الشعب المصري.
تعليق