لقد لفت نظري طبيب يخرج من احدى الغرف وعلى وجهه علامات الحزن والالم وهو يقترب من ذوي احد المرضى ويقول له : - اعظم الله اجركم لقد انتقل مريضكم الى الرفيق الاعلى ؟؟؟؟ رحمه الله رحمة واسعه ولكم الصبر وحسن العزاء !!!
ساد هرج ومرج وتجمع ذوي المريض وارتفعت اصوات النشيج والعويل والصخب --- والكلام عن موعد الدفن ومراسيمه واشتغلت اجهزة الاتصال تنعي الخبر ---- ؟؟؟ لعل في كل رأس كل من رؤوس المشيعين والعاملين على دفن الجثة فكرة مختلفه ؟؟؟ ترى ما هي النتائج المترتبة على وفاة شخص ما ؟؟؟ - الوصية – الارث – اليتم – الترمل – الحزن – الم الفراق – ربما امور يصعب حصرها فان كل العواطف والمخاوف والنزوات والامال والخيال والفكر والفن والاخلاق تدين للموت بوجودها !!!؟؟؟
لقد كتب الكثيرون من الفلاسفة والمفكرين والادباء ورجال الدين والعلم عن الموت ولكل وجهة خاصه ولكن الجميع يتفقون على ان الموت امتحان ينجح فيه كل الناس طال الوقت ام قصر وان كل شئ مادي يمكن حسابه حتى حركة الكواكب فانها تخضع لمعادلات رياضيه اما الانسان فانه يشعر بانه يمشي بلا حساب !!!؟؟؟ فلا يدري متى ولا اين تدق ساعة النهاية ؟؟؟؟
ان الله قد وصف الموت بالمصيبه فالمحتضر حين تحضره مصيبة الموت يستعرض ما مر في حياته من احداث وينكشف عنه الغطاء ويتمنى لو يعود للحياة من جديد ليستدرك ما فاته من اعمال الخير وليكفر عما ارتكبه من ذنوب وآثام - ؟؟ والمصيبة الكبرى على من لم يستعد للموت باعمال الخير وطاعة الله فاذا ما حضرته الوفاه علم انه سينتقل من دار الدنيا التي عمرها بشتى انواع المغريات الى الدار الاخره التي خربها بالموبقات والعصيان والكفر والعياذ بالله ؟؟؟؟ - والموت مصيبة على اصدقاء المتوفى واهله وذويه لما فيه من الم الفراق وحسن العشرة ؟؟؟ والموت مصيبة على المجتمع والامة ان كان المتوفى من العلماء والفقهاء والدعاة الصالحين – والذين ينتفع الناس بعلمهم وكرمهم وادبهم وتعاملهم - بل ان الموت يقف امامه الجبابرة في حالة خوف وخشوع ؟؟؟ ويتأثر به كل من يحضره ؟؟ ( يقول عمر رضي الله عنه – كفى بالموت واعظا يا عمر ) - لقد ذهلت امام حكاية سردها لي احدهم بان اشخاصا انتظروا رجلا قام بالتحايل عليهم باكل اموالهم بالنصب والاحتيال وارادوا الانتقام بقتله ؟؟؟وانتظروه في الصباح خارج بيته لينتقموا منه - سمعوا صراخا وصياحا في الداخل واذا بالميت قد توفى بالسكتة القلبيه قبل ان ينزل من بيته !!!! ؟؟؟؟ سبحان الله !!!
لو دارت بنا عجلة الزمن الى مائة سنة ماضيه فاننا لن نرى من سكان الارض الحاليين احد ؟؟ ( الا ربما عدد لايزيد عن عدد اصابع اليد من أطفال رضع ؟؟ ) - فهم كما قال الحق سبحانه وتعالى - ( او لا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ) – صدق الله العظيم - وكذلك الحال لو امتد بنا العمر الى مائة سنة قادمه فلن نرى احدا ممن يتحركون على وجه البسيطة الحاليين الا ربما عدد لايزيد عن اصابع اليد من الكهول وهم ينتظرون الموت بفارغ الصبر وقد تعدوا مرحلة ارذل العمر بسنوات طويله ؟؟؟ ؟؟؟ كل الحروب والمشاحنات والضغائن والاحقاد والحب والكراهية والامال والمعاناة والافراح والاتراح ممن عانى منها وعايشها على من هم على وجه الارض حاليا - كلها تكون قد عبرت نفق الموت بعد مرور قرن من الزمان وتكون وقد اصبحت في ذمة التاريح ؟؟؟ لو امعنا النظر في هذه الفكرة لتغيرت نظرتنا للحياة الدنيا ولتوقفت عوامل الصراع على متاعها وزينتها ؟؟؟ فالحياة قصيرة جدا في عمر الزمن ولكنها تقرر مصير الانسان في الحياة الاخرى الخالده ؟؟؟
ان جسم الانسان مركب من العناصر المادية المعروفه وحينما يفنى الجسم فان تلك العناصر تتحول الى مادتها الاولية اما على شكل غازات قد يتنفس منها انسان اخر او الى عناصر اخرى قد يتغذى عليها نبات ياكله انسان اخر وفي كلتا الحالتين فان في اجسامنا عناصر انتقلت الينا من اجسام اخرى ؟؟؟ اننا نشكل خليطا من بعضنا البعض ؟؟؟ انها الحياة المتغيرة المتحولة من حالة الى اخرى تجعل الانسان يقف عاجزا - خاشعا امام قدرة الخالق عز وجل - ويخر ساجدا امام عظمته وقدرته ؟؟؟ ان الانسان جسم يحمل في داخله نفس وروح وعند الموت تخرج منه الروح الى خالقها ويصبح الجسم كاية الية قطعت عنها الكهرباء ؟؟؟؟ وان الحديث عن النفس والروح حديث صعب لا يعرف كنهه الا الخالق عز وجل ؟؟؟
ان المؤمن يرى في الموت انتقال الى حياة اخرى ابديه - كما اخبر الله عز وجل عنها وان الحياة الدنيا ليست سوى كتاب تسجل فيه افعالنا ونزواتنا وحركتنا واقوالنا - ويطلب الينا قراءته يوم الحساب في الاخره ؟؟؟ وهناك تظهر نتيجة الامتحان ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم حسيبا ) - ان المؤمن ينظر للموت كبذرة النبات التي قد يتبادر للذهن انها ميته ولكنها حين توضع في التربة وتسقى بالماء تخرج الزهرة الجميلة والثمرة الطيبه ؟؟ هذا هو الموت انتقال من حالة الحركة المؤقته الى السكون ثم الحركة الابدية - تلك النظرة التي تخفف على المؤمن فكرته عن مصيبة الموت التي لا بد ان تحل على كل بني البشر ؟؟؟؟ والمؤمن يتساءل هل الحياة الدنيا تستحق من الانسان كل انواع العناء والشقاء والتعب وهو يركض خلفها لاهثا ويعلم نتيجتها الحتميه ؟؟؟ لكن من اوجد الحياة على الارض ومن خلق الانسان فقد امره ان يعمر الارض ويستخرج خيراتها ويستنبط قوانينها باعتدال وهمة - وبالعدل والحق والانصاف - ( هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور ) - انها الحياة وقد فرضت علينا دون اختيار منا ؟؟ وليس مطلوبا منا ان نلجأ للصوامع لنكون رهبانا في قمم الجبال ؟؟ بل علينا ان نعيشها بسعادة وقناعة ضمن المنهج الالهي )
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [ القصص الآيه 77
( صدق الله العظيم )
تعليق