الحروب وأساليبها قديما وحديثا
عندما تكون الحرب غير متكافئة فلا بد للطرف الضعيف ان يطور اساليبه وامكانياته
للتغلب على تفوق الطرف القوي عددا وعدة ولا يجب ان يهمل ابدا دور عامل عدالة
القضية وصحة صواب الايمان فهذين من اقوى الاسلحة.
الاساليب والادوات المبتكرة تفاجئ العدوا وتختصر الزمن وتقلل الضحايا وترفع الشان
في المحافل الدولية. وكل حرب يجب ان يواكبها تصنيع الاحتياجات الاساسية الممكن
صناعتها. وفن الممكن هنا يجب ان يستبعد المستحيل قدر الامكان ففي الحروب تتفجر
الطاقات وتتفتق العقول بالافكار خاصة عندما تطول تلك الحرب تزداد الحاجات
والحاجة ام الاختراع كما تعودنا ترديده.
فكرة سلمان الفارسي رضي الله عنه حفر الخندق المستمدة من حضارته الفارسية
افادت المسلمين ايما افادة وقلدت سلمان وسام: سلمان منا من آل البيت.
فالاساليب غير العادية او غير المعروفة او غير المتوقعة في الحروب مهمة جدا
فإنها تسبب الذهول والصدمة للعدوا وهذا عنصر لا يستهان به في كل حرب.
فقد قالت قريش مستغربة: هذا لا تعرفه العرب من اين لهم المسلمين بهذا؟
وهنا تكمن اهمية تعدد الثقافات خاصة عند التخطيط وتصميم ادوات التنفيذ.
والذين يتحلون بملكة الابتكار والتحديث والتطوير يجب ان يكونوا في الخطوط
الامامية مجازا من حيث القيادة وفي الخطوط الخلفية الآمنة حقيقة, لانهم
يعتبرون من اهل العلم الذين يعفون من خوض غمار المعارك بشكل مباشر.
محمد الفاتح فاجئ اعداءه باسلوبه المبتكر الذي سير به السفن على اليبس.
اذ لا بد من اساليب مبتكرة وكل قائد فذ يعتبر مخترعا للاساليب ان لم يكم
لادوات التنفيذ وتستحق ابتكاراته ان تدرس في المدارس العسكرية الا انها قد
لا تحقق فيما بعد نفس النتائج التي حققتها عند ظهورها في اول الامر لكون
عنصر المفاجئة هنا مفقود والادوات المضادة لها موجود اي تم اعداد ما
يقاومها من قبل الطرف المناظر لذلك وجب التطوير.
اسلوب استخدام الفيلة (الدبابات الحية) في اول الامر كان مفاجئا للمسلمين في حروبهم
ضد الفرس لكن عندما استوعبوا الصدمة امتصوها ففكروا في اساليب التغلب على تلك
الدبابات وبشكل سريع اثناء الحرب وهذا بالبحث عن نقاط ضعفها. وهنا لا يقتصر مهمة
معالجة الموقف على القائد المحنك فقط بل وعلى الجندي الذي يلهم الفكرة المضادة لمعالجة
الموقف الطارئ وغير المنتظر ايضا. والقائد يقيم صلاحيتها طبقا لميزان غالبية المصالح
على المفاسد وكل هذا يجب ان يتم بشكل سريع والا الانسحاب الآمن يكون هو الحل
الامثل لحفظ القوات من الابادة والى ان يجدوا حلا للعنصر الطارئ اي السلاح الجديد او
الاسلوب الجديد.
وكل قوات عادة ما تحاول توفير عاملا رادعا ضد القوات الاخرى اذا ما تفاجئت
بمثل ذلك العنصر المفاجئ لتغطي على الصدمة ولرفع معنويات الجند وحتى لا
تعطي الطرف المضاد فرصة للاستفادة من العامل المفاجئ الذي احدثه.
ومن يظهر ان له امكانيات غير متوقعة يعطي ايضا رسالة بانه قادر على
اظهار وسائل رادعة اخرى. فعامل الردع لا يقل اهمية عن العوامل الاخري
التي ذكرناها. فالقائد قد يستخدم جزء كبير من امكانياته عند بدئ الهجوم
حتى يحدث الرعب والاكتساح ويحقق الاسلوب القرآني في الحرب وهو
الاسخان (( ))
وكذلك اسلوب مدرسة عنترة الذي كان يتقصى النقاط الاضعف في العدوا
فيجندلها بقوة حتى يحطم نفسية الفرسان الاقوياء. فالعامل النفسي في
الساحات وما خلفها يلعب دورا مهما ولا يهمله القائد المتمرس.
ان الله كان قادرا ان يكفي المسلمين شر قريش بجند غير معلوم لكن في
دنيا الاسباب تركهم يستنبطوا الاساليب بانفسهم لحكمة علمها من علمها
وانها كانت ايضا درس لمن ياتي بعضهم والله هو الملهم عباده.
ويمتد المداد بإذن الله
(نواصل)
........
راجي
تعليق