تحت قيادة الفارس المغامر الفرنسي غودفري انطلق جيش كبير عام 1096 نحو القسطنطينيه باتجاه فلسطين بتحريض من رجال الدين المسيحي وعلى رأسهم بابا الكاثوليك – اوربان الثاني - وقد واجهوا صعوبات كبيره ومقاومة شرسه في الطريق قبل أن يحاصروا بيت المقدس والتي دافع عنها المسلمون بكل بسالة وشرف حتى سقطت في أيدي الصليبيين --- يقول الكاتب النمساوي اي - اتش- غومبريتش - مؤلف كتاب – مختصر تاريخ العالم – ما أن دخل الفرسان بيت المقدس حتى توقفوا عن التصرف بوصفهم فرسانا أو مسيحيين – لقد قاموا بذبح كل المسلمين وارتكبوا أعمالا وحشيه بشعه – بعدها قاموا بتأسيس المملكة المسيحيه لبيت المقدس والتي ظلت تحت هجوم مستمر من قبل المحاربين العرب – ويستطرد الكاتب النمساوي قائلا – بيد أن لهذه الحروب الصليبيه نتيجه واحده طيبه – ففي الشرق البعيد اكتشف المسيحيون الثقافة العربيه – مبانيهم – مفهومهم عن الجمال وعلومهم – ففي خلال المائة سنه الاولى من الحروب الصليبيه ترجمت كتب أرسطو من العربيه الى اللاتينيه حيث صارت تدرس بحماسة في ايطاليا وفرنسا والمانيا وانجلترا – كل ما تعلمه العرب واختبروه خلال فتوحاتهم حول العالم نقل الى اوروبا على أيدي الصليبيين – كان المثال الذي قدمه العرب والذين نظر فرسان اوروبا اليهم على أنهم أعداء كانوا السبب الرئيسي في تحويل محاربي أوروبا البرابره الى فرسان شرفاء – انتهى كلام الكاتب النمساوي –
كان تأثر الأوروبيين بالحضارة العربية والإسلامية كبيرا في فترة الحروب الصليبية، ولكن يرى العديد من المؤرخين أن التأثير الأعظم وانتقال المعارف الطبية والمعمارية والعلمية الأخرى كان قد حدث في مناطق التبادل الثقافي والتجاري التي كانت في حالة سلام مع الولايات الإسلامية،مثل الدولة النورمانية في جنوب إيطاليا ومناطق التداخل العربي - الإسلامي مع أوروبا في الاندلس ومدن الازدهار التجاري في حوض المتوسط كالبندقية وجنوه والإسكندرية، ولكن ما من شك بتأثر الأوروبين بالعرب خلال الحملات الصليبية أيضا، فكان تطور بناء القلاع الأوربية لتصبح أبنية حجرية ضخمة كما هي القلاع في الشرق بدلا من الأبنية الخشبية البسيطة التي كانت في السابق، كما ساهمت الحملات الصليبية في إنشاء المدن - فقد استفادت ايطاليا منذ البدء من العلاقات التجارية والمبادلات الثقافية مع الممالك الصليبية والمدن الإسلامية.
لقد قسم المؤرخون الحروب الصليبيه الى تسع حملات وكانت الحروب مستمره ما بين الغزاة الصليبيين والمسلمين عدة قرون من الزمن - وقد توجهت الغزوات الصليبية في بعض مراحلها نحو مصر مباشرة لما لها من ثقل حربي في ميزان الصراع وقد أسر لويس التاسع في أحد تلك الحملات على يد جيش شجرة الدر في معركة المنصوره سنة 1250 م - وقد سقطت خلال تلك الفتره خلافتين اسلاميتين احداها في الشرق في بغداد حيث سقطت الخلافة العباسيه أمام الغزو المغولي والذي بدأ سنة 1250 م - والخلافة الفاطمية في الغرب أمام الغزو الصليبي - وقد قامت على انقاضها الدولة الايوبيه حيث استطاع القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي أن يوحد امكانات الأقطار العربية الاسلاميه في الدفاع عن البلاد الاسلاميه حتى استطاع اخيرا أن ينتصر في معركة حطين وأن يحرر المسجد الاقصى وأن يرفع العلم الاسلامي على بيت المقدس بعد تضحيات جسام ومعارك كر وفر وتم طرد الغزاه –
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ؟؟ هل توقفت الحروب الصليبه عند تلك الحملات التي لاقت الفشل بعد الصراع الدامي ؟؟ ما زلنا نذكر كلمة الرئيس الامريكي جورج بوش الابن في أعقاب حادثة 11 سبتمبر 2001 حين أعلن عن بدأ الحرب العالمية الثالثه ضد الارهاب الاسلامي كما اطلق عليه من قبل الصليبيين ؟؟؟ ان ما نراه من اقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين من قبل الغرب ومدها بكل عناصر الحياة من اقتصاد وقوة عسكريه والوقوف بجانبها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتأييد ما تقوم به من تشريد الشعب الفلسطيني ومصادرة أرضه وتهويد بيت المقدس - ما هو الا امتداد لتلك الحروب القذره التي رعتها الكنيسة الكاثوليكيه والتي كانت حربا دينية من جانب الصليبيين مقابل حرب مدنية من قبل المسلمين ؟؟
تعليق