يعيش في هذه الحياة أشخاص يحملون بين جوانحهم حقدا على العالم لا تعرف أسبابه إلا فيما ندر ... ينظر إليك الواحد منهم شزرا .... يريد أن يقطعك بنظراته ....
ترتاب في أمره .... تصدق نفسك وتكذبها .......
يظهر لك مرة كالحمل الوديع ... ومرة كنسمة ربيع تداعب زهور الصباح ... ومرة كذئب ضار لا تعرف له الإنسانية طريقا ...
يعتقد ألـ ( أ ) من الناس أنه قد يخدع كل الناس وما درى أنه لا يخدع سوى المغفلين بكلماته التي تتخللها قهقهات عجيبة لا تدرك لها مسوغا ....
يضيع وقته كالذبابة التي تقع على تلك الجيفة وعلى تلك النتانة تجمع من هنا وهناك ما يحلو لها غير أنه يخالفها في كونه يجمع ما يحلو له وما لا يحلو له عسى أن يحتاجه في وقت ما كي يعلم الحاضرين بأنه يعلم كل الأخبار عنهم .... ثم إذا حانت ساعة الصفر ... كشف الغطاء وقلب في الذكريات وبعث أوراق الماضي للفضيحة مدعيا بأنها للنصيحة ... ويصب كلماته أرتالا ارتالا على المستمع المسكين الذي يصمت على مضض ثم ما يلبث حتى ينطلق بركان غضبه ليحطم أساطيل الاحترام - التي فرضها على نفسه أملا منه أن الشبه إنسان سينتهي عما يقوم ببثه من سموم في جسد من توجد به معالم الإنسانية - ليقول له كفى .. كفى آذيت مسامعي .... وذلك بحسب درجة يقظة ضميره -
يجادلك بما يعلم وما لا يعلم وإن اتفق معك في راي تراه يجادلك ليعلمك أن رايك ( خطأ) مع موافقته لرأيه - وأنك على خطأ مهما حصل ومهما قلت ... تجده وقد جحظت عيناه وبرزت أسنانه الصفراء المائلة للاسوداد لتنذرك ببوادر الخطر الـــــحدق .... لا يصدق بسماع خبر حتى يتولى نشره وتوزيعه بالمجان ... في وكالة أنباء مستعجلة .
وإذا لم يجد أخبارا عنك سعى لتركيب قصة ومزجها بقليل من الخزعبلات والمبالغة المخترعة من وحي الخيال كل هذا ساعيا ليرفع عنه صفة الإنسانية .
وكثيرا ما تبهره تلك الأيدي التي تصفق له … وتلك الأفواه التي تهتف باسمه .. ونسي أو تناسى أن الكف الذي يصفق لك الآن ممكن أن يضربك على وجهك أو خلف رقبتك بقبضة من حديد تنسيك من تكون …!!
فكم من معانٍ تغيرت مدلولاتها عبر الأزمان حتى في الزمن الواحد تجد كلمة تحمل معنىً إيجابيا جميلا يبهج النفس و يفرحها .. وفي قوم آخرين تحطمهم هذه اللفظة وتشعل في صفوفهم الفرقة كما فعل عطر منشم ….
وهج الألفاظ ينسينا أنفسنا وضعفها وسعيها وراء الشهرة والأنوار ذات الألوان البراقة …
والهجوم المباغت لا يأتي إلا ساعة النشوة بعد أن يعب منادم الحسرة كأس الغرور ويفرح بنفسه وما قدمت … يتحطم عرشه ويهوي كرسيه بل قل ومملكته العظيمة ويتمزق غروره أشلاءً .. لاسيما عندما يعلم بالهزيمة النفسية والخسائر الكبيرة التي تكبدت روحه من جراء ما ارتشف من الغرور والخيلاء…
ولم يعلم أن الجميع الذين كانوا يصفقون له سينهالون عليه ضربا وركلا بالأقدام المحملة بوحل الطين النتن …
فقط هي الأكف التي نراها تصفق … أما الضمائر فتوسوس وتتحين فرص الهجوم على المصفق له .كذاك أننا لا نرى القلوب وهي تصفق فرحا بعكس من يرى الأكف
وأيضا لا نرى القلوب وهي تدق حبا…، أو.. خوفا …، على من تهفوا إليه و تحب أو قل تهوى ..
ولكن نرى بضع هجمات من الأيدي الناعمة التي تقتلع عيون من كانت في الزمن القريب تصفق له ..****
إطلالة ……..
كثير هم الناس الذين تراهم حولك
عندما تهطل من عينيك دمعات الفرح
ولكن العدد يتناقص مع سقوط كل دمعة ألم
*
تعليق