اعلان

Collapse
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يا اهل الحرمين وعسكر الاسلام(1)

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
إضافات جديدة

  • يا اهل الحرمين وعسكر الاسلام(1)

    تمهيد// حرمة دم المسلم)
    الحمد لله القائل في محكم التنزيل: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة: من الآية32), وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

    فاللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, اللّهم اغفر لإخواننا الذين سُفِكَتْ دماؤهم, وأُزْهِقَتْ أرواحُهم, ورُمِّلتْ نساؤهم, ويُتِّمَ أطفالُهم, اللّهم انتقم لهؤلاء المظلومين, وخذ بثأرهم ممن ظلمهم.

    يا أمة محمدٍ , يا أهل الحرمين الشريفين, يا أهل التوحيد والسنة: أبشروا وأمِّلوا خيراً, فإنَّ ربَّكم هو الرؤوف الرحيم, وهم الحكيم العليم, له الأمر من قبلُ ومن بعدُ, وله الحكمة البالغة, يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد, لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له , إنْ أصابتْه سراءُ شكر فكان خيراً له, وإنْ أصابتْه ضراءُ صبر فكان خيراً له.

    كم هو والله مؤلمٌ ومحزنٌ ما نراه من سفكٍ للدماء, وانتهاكٍ للحرمات, وتعدٍ على عباد الله وظلمٍ عظيمٍ فظيعٍ, ولكنَّ الأمر كما قال ربُّنا وهو أحكم الحاكمين: {لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النور: من الآية11).

    إنَّ هذه الكلمات رسالة إلى عسكر الإسلام حيثما كانوا, رسالة إلى من بذلوا أنفسهم في سبيل الله وحراسة بلاد الإسلام, فهم والله المجاهدون حقاً, جهادٌ على التوحيد والسنة, جهادٌ على هدي رسول الله , لا غدر فيه ولا ظلم ولا عدوان ولا افتيات على ولاة الأمر, إنَّه والله لمن أعظم الطاعات وأجَّل القربات, رباطٌ على حدود بلاد الحرمين الذي أعزَّها الله, وحفظٌ للأنفس والأموال والأعراض, وانتصارٌ للمظلومين, وردٌّ لكيد المفسدين: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة: من الآية32). قال مجاهدٌ ــ غفر الله له ــ في رواية: (ومن أحياها, أي: نجاها من غرق أو حريق أو هلكة), قال سعيد بن جُبير: (من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعاً, ومن حرم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعاً), واستظهره الحافظ ابن كثير ــ غفر الله له ــ وهي أيضاً رسالةٌ إلى كل من يقيم على ثرى بلاد الحرمين لأننا جميعاً جنودٌ لنصرة الدين, وكلنا رجالٌ لحفظ أمن هذه البلاد,وذلك أنَّ أمنها أمنٌ للمسلمين كلهم, إذ كيف يُقام الدين, ويَفِدُ الحجيج إلى بيت الله الحرام إذا فُقِدَ الأمن, يقول رسول الله : "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" (1) , أنَّ العاملين لنصرة هذا الدين كُثرٌ ولله الحمد والمنة, ومنهم جنود الإيمان المرابطون على ثغور بلاد الحرمين, الساهرون على أمنها في القرى والبوادي, هجروا أهلهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبةً لله ولرسوله ونصرةً للدين وطاعة لأولي الأمر, كم ينالهم من نصب وتعب؟؟ فاللّهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين.

    (فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان)

    يا عسكر القرآن والإيمان: إنْ أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا, فإنَّكم على عمل صالح, وهاكم بعض أحاديث الحبيب المصطفى والخليل المجتبى محمد في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في صحيح الجامع, لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان, يقول رسول الله : "تكفل اللهُ لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا لجهاد في سبيله وتصديقُ كلماتِه بأنْ يدخله الجنة, أو يُرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجرٍ وغنيمة" (2) , وقال رسول الله : "عينان لا تمسهما النار أبداً, عينٌ بكت من خشية الله وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله" (3) , وفي حديث آخر: "وعينٌ باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر" (4) , وقال رسول الله : "قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خيرٌ من قيام ستين سنة" (5) , وقال رسولُ الله محمدٌ : "رباطُ شهرٍ خيرٌ من صيام دهر, ومَنْ ماتَ مرابطاً في سبيل اللهِ أَمِنَ من الفزع الأكبر, وغُدي عليه برزقه, وريحاً من الجنة ــ أي: شم رائحتها ــ ويجري عليه أجرُ المرابطِ حتى يبعثه الله " (6) , وقال الحبيب المصطفى محمدٌ: "ما اغْبَرت قدما عبدٍ في سبيل الله إلا حَرَّم اللهُ عليه النار" (7) , وقال أيضاً مُبشراً أهل الجهاد والرباط: "مَوقفُ ساعةٍ في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلةِ القدر عند الحجر الأسود" (8). إلى غير ذلك من الأحاديث الثابتة عنه .

    فاحمدوا اللهَ على نعمه الظاهرة والباطنة, واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم, فاللّهم اجْزِهم خيرَ الجزاء, وأَعْظِمْ أُجورَهم يا أرحم الراحمين.


    (فضل الدولة السعودية حرسها الله وثناء العلماء عليها)

    يا جنود الإسلام وعسكر القرآن: أنتم تحرسون بلاداً تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين, أنتم حُراس البيت العتيق, والساهرون على أمن حجاج بيت الله الحرام, كم يدفعُ اللهُ بكم عن أهل الإسلام من شرور ومكايد.

    يا عسكر الإسلام والقرآن: أنت حُراس العقيدة في بلادٍ

    قال فيها العلامة ابنُ بازٍ ــ غفر الله لـه ــ: (هذه الدولة السعودية دولةٌ إسلاميةٌ والحمدُ لله, تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر, وتأمرُ بتحكيم الشرع وتُحكمه بين المسلمين). وقال ــ غفر الله لـه ــ: (العداءُ لهذه الدولةِ عداءٌ للحقِّ, عداءٌ للتوحيد, وأيُّ دولةٍ تقومُ بالتوحيد الآن).

    وقال العلامة ابن عثيمين ــ غفر الله لـه ــ: (البلادُ كما تعلمون بلادٌ تحكمُ بالشريعة الإسلاميةِ ولله الحمد والمنة).

    وقال فيها الشيخ الفوزان ــ غفر الله لـه وأصلح عمله ورفع قدره ــ قال عن الدولة ودعوتها السلفية: (لها أكثر من مائتي سنة, وهي ناجحة لم يختلف فيها أحد وتسير على الطريق الصحيح, دولةٌ قائمةٌ على الكتاب والسنة, ودعوةٌ ناجحةٌ لا شك في ذلك).

    وقال العلامة الألباني ــ غفر الله لـه ــ: (أسألُ اللهَ أن يُديمَ النعمة على أرض الجزيرة وعلى سائر بلاد المسلمين, وأن يحفظَ دولةَ التوحيدِ برعايةِ خادمِ الحرمين الشريفين).

    وقال محدث اليمن العلامة مقبلٌ الوادعي: (يجبُ على كل مسلمٍ في جميع الأقطار الإسلامية أن يتعاون مع هذه الحكومةِ ولو بالكلمةِ الطيبة, فإنَّ أعدائها كثيرٌ من الداخلِ والخارجِ, وعلماء السوء يتكلمون بالحكومة السعودية وربما يُكفرونها, وهؤلاء الحزبيون سرّ, هم يُهيئون أنفسهم للوثوب على الدولة متى ما تمكنوا, فينبغي أن لا يُمكنوا من شيءٍ وألا يُساعَدوا على باطلهم).

    وقال العلامة حمادٌ الأنصاريُ ــ غفر الله لـه ــ: (من أواخر الدولة العباسية إلى زمنٍ قريب, والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة, ولهذا نعتقد أن الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدةَ السلف الصالح, بعد مدةٍ من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلةٍ من الناس).

    (جهاد الخوارج عبادةٌ وقربةٌ إلى الله )

    يا عسكر الإسلام والقرآن: إنَّ رباطكم وجهادكم وصدَّكم لهؤلاء الظلمة وسعيكم في منع الإفساد في بلاد الحرمين, إنَّ ذلك والله عبادةٌ وقربةُ إلى الله , فأنتم يا عسكر القرآن على الحقِّ والسنة, وهؤلاء العابثون بأمن البلاد المتجرئون على سفك الدم الحرام في بلاد الحرام وغيره, إنَّهم والله على الباطل, أنتم يا عسكر القرآن سلفيون بحمد الله, تنصرون العقيدة السلفية التي قامت عليها هذه البلاد, لمَّا اجتمع المحمدان ابنُ عبد الوهاب وابن سعود, وتبايعا على نشر التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة, فهدى الله من شاء من عباده, وعاد لجزيرة العرب عِزُّها بهذه الدعوة السلفية المباركة, فسلفكم في الجهاد من أجل هذه العقيدة ونصرتها والذبّ عنها بالنفس والمال, سلفكم محمدٌ رسول الله وصحابتُه الكرام ومن تبعهم بإحسان كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم والإمامين المجددين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود ومن سار على طريقهما من الأخيار الأبرار من أهل هذه البلاد وغيرها, فهنيئاً لكم عسكر القرآن, فإنَّ الله اختصكم من بين خلقه لنصرة دينه والذب عن العقيدة في زمنٍ اشتدَّت فيه غربة السنة وأهلها, ?"طوبى للغرباء" كما قال رسولُ الله محمدٌ , والغرباءُ هم الذين يصلحون إذا فسد الناس, ويصلحون ما أفسد الناس من السنة فأنتم والله مصلحون, ساعون في حفظ بلاد المسلمين ودماءهم وأعراضهم, بارك الله في أعمالكم وحفظكم من كل سوء.

    وأما هؤلاء الذين يُكفروننا, ويستبيحون دماءنا, ويُفجرون في بلاد الإسلام, ويسفكون دماء المسلمين والمعصومين, ويُخيفون الآمنين البُرءاء, فلم يَسْلَمْ من شرهم أحد, وما إفزاعهم لأهل البيت الحرام عنَّا ببعيد, وأما تفخيخ المصاحف فأمرٌ عجيب, إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

    أنتم يا عسكر الإسلام سلفيون, وهؤلاء ضُلال, أنتم سلفيون ما تلطخت أيديكم بآثامِ وضلالاتِ وحزبياتِ الجماعات الدعوية المعاصرة البدعية, نشأتم بحمد الله على الدعوةِ الإصلاحية التي قام بها الإمامان المجددان, دعوةٌ على منهاجِ النبوة وما كان عليه السلف الصالح, هؤلاء ضلالٌ سلكوا سبيلَ أهل البدع, كما صرحَ علماؤنا الأعلام فأنصتوا وتفقهوا في دينكم لتعلموا عظم الأجر لمن أخلص النية.


    (كلام العلماء الأعلام في الخوارج وأصحاب التفجيرات)

    قال الشيخ ابن عثيمين ــ رحمه الله ــ في أصحاب تفجير العُلَيَّا والخُبَر: (الواجبُ على طلاب ? العلمِ أنْ يُبَيِّنوا أنَّ هذا المنهجَ منهجٌ خبيث, منهجُ الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفُّوا عن دماء المشركين).

    ولمَّا سُئل الشيخ الفوزان ــ حفظه الله ــ عمَّن يُجيزون قتل رجال الأمن, وخاصة رجال المباحث ويعتمدون على فتوى منسوبة لأحدِ طلاب العلم, ويحكمون على رجالِ الأمن بالردة, أجاب ــ حفظه الله ــ بقوله: (هذا مذهب الخوارج, فالخوارج قتلوا عليَّ ابنَ أبي طالب أفضل الصحابة بعد أبي بكرٍ وعمرَ وعثمان, فالذي قتل عليَّ بنَ أبي طالبٍ ألا يقتل رجال الأمن, هذا مذهب الخوارج, والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم).

    ولمَّا سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز بن باز ــ غفر الله له ــ عمَّن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية, أجاب ــ غفر الله له ــ بقوله: (هذا دين الخوارج والمعتزلة الخروج على ولاة الأمور, وعدم السمع والطاعة لهم إذا وُجدت معصية, ولا يجوز لأحدْ أنْ يشق العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور, أو يدعو إلى ذلك, لأنَّ هذا من أعظم المنكرات, ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء, والذي يدعو إلى ذلك هذا هو دين الخوارج, يستحق أنْ يُقتل, لأنَّه يُفرق الجماعة فيسُقَ العصا, والواجب الحذر من هذا غاية الحذر, والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا مَنْ يدعو إلى هذا أنْ يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنةٌ بين المسلمين).

    ولمَّا قيل للشيخ الفوزان: وهل يوجد في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج, أجاب ــ أعزه الله ــ بقوله: (يا سبحان الله!!! وهذا الموجود أليس هو فعلَ الخوارج؟؟؟ وتكفير المسلمين؟؟؟ وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم, هذا مذهب الخوارج, وهو يتكون من ثلاثة أشياء: أولاً// تكفير المسلمين. ثانياً// الخروج عن طاعة وليِّ الأمر. ثالثاً// استباحة دماء المسلمين. هذه من مذهب الخوارج, حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً, صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه).

    وسُئل ــ حفظه الله ــ أيضاً عمَّن يفتي الناس هذه الأيام بوجوب الجهاد, ويقول: لا يُشترط للجهاد إمامٌ ولا راية, فأجاب ــ أحسن الله إليه ــ بقوله: (هذا رأي الخوارج, أما أهل السنة فيقولون: لا بُدَّ من رايةٍ, ولا بُدَّ من إمام, هذا منهج المسلمين من عهد رسول الله , فالذي يُفتي بأنَّه لا إمام ولا راية وكلٌ يتبع هواه, هذا رأي الخوارج).

    ولمَّا عُرِضَ على فضيلته قول بعضهم: إنَّ ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد السعودية قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفرٌ بالله , ردَّ ــ حفظه الله ورعاه ــ بقوله: (هذا كلام جاهل, يدل على أنَّه ليس عنده بصيرة ولا علم, أنَّه يُكَفِّر الناس, وهذا رأي الخوارج, وهم يدورون على رأي الخوارج والمعتزلة, نسأل الله العافية والسلامة).

    وجاء في قرار هيئة كبار العلماء برياسة الشيخ ابن باز ــ غفر الله له ــ حول حادث وتفجير العُلَيَّا: (إنَّ الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام, وتُحذر من نزعات السوء, ومالك الجنوح الفكري, والفساد العقدي).

    وقالت هيئة كبار العلماء أيضاً في تفجير الخُبر: (هو تصرفٌ من صاحبِ فكرٍ منحرف, عقيدة ضالة, الخوارج يُكفِّرون المسلمين بالكبائر, ثم يستبيحون دماءهم وأموالهم ونساءهم, ويخرجون على السلطان بالسلاح لينكروا عليه ــ زعموا ــ وهم يَرُدُّون السنة بظاهر القرآن, وهم كما ورد شرُّ الخلق والخليقة, وفتنتهم من أعظم الفتن, لأنَّهم يُلبِسونها لباس الدين والعقيدة وإنكار المنكر والغيرة إلى المحارم, فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان, سفهاء الأحلام, فيريدونهم المهالك, الله أكبر!!! كم جرُّوا على أمةِ الإسلام من المصائب والبلايا, دماءٌ تُسفك, وأشلاءٌ تتناثر, وتفريقٌ للجماعة, وشقٌّ لعصا الطاعة, وإيثارةٌ للفتن, بل وتعطيل الجهاد لانشغال الأمة بهم, فأفسدوا الدين والدنيا, وخربوا البلاد, وروّعوا السلفيين, فاللّهم اكفناهم بما تشاء, إنَّك أنت السميع العليم.

    (صفات الخوارج كما وصفتهم السنة النبوية)

    يا عسكر القرآن والإيمان, يا أهل التوحيد والسنة: دعونا من أباطيل المخذولين الذين يُهَوِّنون من شأن هذه الأفعال الشنيعة, ويعتذرون لأهلها بأعذارٍ تُنبأك عمَّا في قلوبهم, ويلٌ لهم من قول الله : {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً} (النساء: من الآية105), وقال : {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (النساء:109). دعونا من هؤلاء الذين يكيلون بمكيالين, ويَزِنون بميزانين, ويريدون إخفاء الحقيقة عن الأمة, لتبقى منساقةً تابعةً لهم, بدعوى أنَّهم هم الذين يغارون على الدين, ويفقهون الواقع, وينطقون بالحقِّ, ولا يخافون لومة لائم, وأنَّهم مظلومون مضطهدون, وأنَّهم مُفكرون إسلاميون, ومشايخ صحوة, ودعاةُ إصلاح وحوارٍ ومطالبةٍ بالحقوق,فيستعطفون عوام المسلمين والأغرار من الشباب بهذه الشعارات, ليصرفوهم عن علماءهم الربانيين وولاة أمورهم, وذلك أنَّهم يُرَبُّون الأمة على أنَّ الحكام طغاةٌ أو علمانيون أو كفار, ولو كانوا يقيمون الصلاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ثمَّ يُفَرِّعون على ذلك تجريم العلماء الذين يأمرون بطاعة أولي الأمر, فعلماء المسلمين عندهم مداهنون لا يفقهون الواقع, وفي أبراجٍ عاجيةٍ, ولا يلتفون حول الشباب, ولا ينطقون بالحقِّ, وأسكتتهم القلةُ والسيارة, وهيئةُ كبار العلماء مغيبةٌ منذ ثلاثين سنة, أو أنَّ بياناتها تصدر متأخرة مع الاحترام لهيئة كبار العلماء كما يقولون.

    دعونا من هؤلاء فإنَّهم واللهِ خراب السفينة, ولنقف مع أحاديث من لا ينطق عن الهوى صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليه, وأُذكرُك قبلها بأنَّ الخوارج يردُّون سنةَ رسول الله , كما فعل إمامهم ذو الخويصرة حين رأى رسول الله يقسم مالاً, فقال: يا رسول الله اعْدِلْ فإنَّك لم تَعْدِل, فقال رسول الله : "وَيْلَك, ومن يعدل إذا لم أعدِل, قد خِبْتَ وخَسِرْتَ إنْ لم أكنْ أعدل, فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقَه, فقال : دَعْهُ, فإنَّ له أصحاباً يَحْقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم, وصيامُه مع صيامِهم, يقرأون القرآن لا يُجاوزُ تراقيهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَمِيَّة" [خرجاه في الصحيحين].

    فماذا قال رسول الله عن الخوارج الذين حذَّر منهم العلماء؟؟؟ وبماذا وصفهم؟؟؟ وبماذا حكم عليهم؟؟؟ وبماذا بَشَّر من يَكُف شرَّهم عن أهل الإسلام؟؟؟

    للخوارج صفاتٍ ذكرها الحبيبُ المصطفى محمدٌ نصحاً لأمةِ الإسلام, فمن صفاتهم:

    الجرأة على العلماء, بل على رسول الله : كما قال ذلك الرجل: (يا محمدُ اعْدِلْ), وقال: (يا رسول الله اتقِ الله), فعندهم جرأةٌ على مَنْ خالفهم, ولو كان من أهل الفضل والعلم, بل ولو كان من أصحاب رسول الله , فقد خَرَّج الإمامُ أحمدُ في مسنده من طريق سعيدٍ قال: (كنَّا مع عبد الله بن أبي أوفى يقاتل الخوارج, وقد لحق غلاماً لابن أبي أوفى بالخوارج, فناديناه: يا فيروز هذا ابن أبي أوفى, فقال فيروز ــ الذي أصبح خارجياً ــ: نِعْمَ الرجل ــ يعني الصحابيَ ابن أبي أوفى ــ لو هاجرَ إلينا ــ يعني: الخوارج ــ قال ابن أبي أوفى: "ما يقولُ عدوُ الله", فقيل: يقول: نِعْمَ الرجلُ لو هاجر , فقال: "هجرةٌ بعد هجرتي مع رسول الله ", سمعتُه يقول: "طوبى لمن قتلهم") (9) [حديث حسن].

    فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا, فإنَّهم لا يرضون عن أحدٍ حتى ينزعَ البيعة, ويُهاجر إليهم, وينضم إلى حزبهم, ولو كان صاحبَ رسول الله .

    ومن صفاتهم: صلاحُ الظاهر وفسادُ المعتقد والباطن: "تُحقرون صلاتهم مع صلاتهم, وقراءتكم مع قراءتهم, وصيامَكم مع صيامهم", لكنهم والعياذ بالله: "يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون من الدِّين كما يَمْرُقُ السهم من الرَّمِيَّة" (10) , فلا تغتروا بزهدهم المزعوم, وتشددهم في أمور, ودعواهم نصرةَ الدَّين والدعوة والجهاد, فإنَّ العبرةَ بموافقةِ الرجلِ للسنَّة وتمسكِه بالمنهج السلفي, ولهذا قال رسول الله في الخوارج مع شدة عبادتهم وبكائهم: "هم شَرُّ الخلقِ والخليقةِ" (11) [خرَّجه مسلم], وفي صحيح مسلمٍ أيضاً: "أنَّهم مِنْ أبغضِ خلق الله إليه" (12).

    ومن صفاتهم: إظهار شيءٍ من الحق للتوصل إلى باطل: يُظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة, مع أنَّها مُحَكَّمة, ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة, في صحيح مسلم من حديث عبيد الله بن أبي رافعٍ مولى رسول الله : "أنَّ الحرورية ــ يعني: الخوارج ــ لمَّا خرجت وهو مع عليّ بن أبي طالبٍ, قالوا: لا حكمَ إلا لله, لا حكمَ إلا لله, فقال عليٌّ : "كلمةُ حقٍّ, أُرِيدَ بها باطل"(13). وصدق رضي الله عنه, وكم من كلمةِ حقٍّ أُرِيدَ بها باطل, فلا تغتروا بمن يزعم أنَّه ينطق بكلمة الحقّ, لكنَّه هواهُ ووجهه ونصرته لغيرِ أهل السنِّة السلفيين حكاماً ومحكومين, الخوارجُ كَفَّروا عليَّاً ومَنْ معه بعد قضية التحكيم, واستباحوا دماءَ أصحابَ رسول الله محمد وأموالهم, وهم في ذلك يحسبون أنَّهم يُنكرون المنكر وينصرون الدِّين, ثم يُلَبِّسون على الناس بذلك, كلمةُ حقٍّ أُرِيْدَ بها باطل.

    ومن صفاتهم: الجهلُ بالكتابِ والسنةِ وسوء الفهمِ لمعانيهما: كما قال رسول الله : "يقرأون القرآن يحسبون أنَّه لهم وهو عليهم" (14), وسبب هذا الجهل زهدُهم في العلماء, وتَرَفُعُهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حِلَقِهم, لأنَّهم كما يظنون أوصياءُ على العلماء, هكذا يفعل الجهلُ بصاحبه.

    ومن صفاتهم: استباحةُ دماءِ المسلمين والمُعَاهَدين واستحلالُ أعراضهم وأموالهم بل وأولادهم: وفي صحيح مسلمٍ أنَّ عليَّاً حَرَّضَ المسلمين على قتال الخوارج لمَّا نزعوا البيعة, وأفسدوا في الأرض, فقال ــ بعد أنْ ذكر حديث الخوارج ووقوفهم من الإسلام ــ: "أيُّها الناس, تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذرَارِيكم وأموالكم, واللهِ إنِّي لأرجو أنْ يكونوا هؤلاء القوم, فإنَّهم قد سفكوا الدَّم الحرام, وأغاروا في سرح المسلمين, فسيروا على اسم الله" (15).

    وفي مسند الإمام أحمد أنَّ عائشةَ رضي اللهُ عنها قالت لعبد الله بن شدّاد: "هل قتلهم عليٌّ " ــ تعني الخوارج ــ قال: "والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل, وسفكوا الدَّم, واستحلوا أهل الذمة" (16)[حديث حسن], وهو يدل على خصلةٍ من خصالِ الخوارج وهي استحلال دماء أهل الذمة, لأنَّهم يَرَوْن أنَّ الذي أعطاهم العهد والأمان وليُّ الأمر وهو عند الخوارج كافر, وكان عليُّ قد حذرهم من الإعتداء على الكفار الذين يقيمون في بلاد المسلمين بعهدٍ وأمان, ففي الحديث المتقدم أنَّ عليَّاً بعث إلى الخوارج قبل أنْ يُقاتلهم, فقال: "بيننا وبينكم ألا تسفكوا دماً حراماً, أو تقطعوا سبيلاً, أو تظلموا ذِمَّة, فإنَّكم إنْ فعلتُم فقد نبذنا إليكم الحربَ على سواء, إنَّ الله لا يحبُّ الخائنين" (17).

    ومن صفاتهم: أنَّهم كما قال رسول الله : "حدثاءُ الأسنان سفهاءُ الأحلام" [خَرَّجه البخاري]: ومن فضل الله أنَّه لا يكون معهم أحدٌ من أهل العلم والفضل والسنة, أما الذي يُدافعُ عنهم فهو واللهِ منهم ولا كرامة, فقد أورد العلامةُ الوادعيُّ أثراً عن ابن عباسٍ وحسَّن إسناده أنَّه لمَّا جادلَ الخوارج قال لهم: "ما تنقمون على عليٍّ صِهْرِ رسول الله والمهاجرين والأنصار وعليهم نزل القرآن, وليس فيكم منهم أحد وهم أعلم بتأويله".

    ومن صفاتِ الخوارج: الطعنُ في العلماء, وصرفُ الشباب عن مجالستهم: لأنَّ الشباب إذا اتصلوا بالعلماء السلفيين والتفوا حولهم رغبةً في العلم كان ذلك سبباً في سلامتهم وبغضهم للخوارج, لأنَّ العلماء يُحذرون من فكرِ هؤلاء الضُّلال, في مسند الإمام أحمد أنَّ عليَّاً بعثَ عبد الله بن عباس إلى الخوارج, فلمَّا توسطَ عسكرهم قام ابنُ الكواءِ ــ وكان آنذاك خارجياً ولمَّا يرجعْ إلى السنةِ بعد ــ قام ابنُ الكواءِ يخطبُ الناس, ويُحذرهم من ابن عباس فقال: "يا حملة القرآن, إنَّ هذا عبدُ الله بنُ عباس فمن لم يكن يعرفُه فأنا أعرفُه, هذا ما نزل فيه وفي قومه {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} فردُّوه إلى صاحبه, فردُّوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله" (18), و[الحديث حسن].

    وفي زماننا تُحجب فتاوى العلماء عن الشباب المسلم وعن الفتاة المسلمة, تُحجب فتاواهم في التحذير من هذه الجماعات الضالة, وكتبها وتفسيرها للقرآن, يحجبُها من يربونهم ممن فسدتْ عقائدُهم ومناهجُهم, وتُحجب فتاواهم في أئمةِ الضلالة في زمانِنا ورؤوسِ الحزبية, وكثيرٌ من الناس ما علم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة التي يدعي بعضُها أنَّها كُبرى الجماعات, ما عَلِمَ بتحذير العلماء منها إلا بعد أنْ وقعت المصيبة وحَلَّتْ البلية, فحسبنا الله على مَنْ يُغَيِّبُ فتاويَ العلماءِ عن الشباب ويُربيهم على الحزبية والعنف والتطرف.

    ومن صفاتهم: خِذلانُ الله لهم, وأنَّه يُبطل كيدهم ويقطع دابرهم: فلا يقوم لهم عِزٌّ ولا سلطان لأنَّهم مفسدون مخالفون للسنَّة, ومنْ خالف السنَّة فهو في وحشةٍ وغربةٍ ومآله أنْ يتخلى عنه أحبابُه وأصحابُه, ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ, قال ابن عمر رضي الله عنهما: إنَّ رسول الله قال: "ينشأ نشْئ يقرأون القرآن لا يُجاوز تراقيهم, كلما خرج قرنٌ قُطع" , قال ابن عمر: سمعتُ رسول الله يقول: "كلما خرج قرنٌ قُطع" أكثر من عشرين مرة "حتى يخرج في عِراضِهم الدجال"(19) [خَرَّجه الإمام ابن ماجه].

    ومن لطف الله بأهل السنَّة, أنَّ الذل مصاحبٌ للخوارج, لأنَّهم أعرضوا عن السنَّة ورضوا بالبدعة, فأهل السنَّة ظاهرون عليهم منصورون بإذن الله, في صحيح مسلم من حديث زيدِ بنِ وهبٍ الجُهني قال: "لمَّا التقينا وعلى الخوارج يومئذٍ عبدُ الله بنُ وهبٍ الراسبيّ, فقال لهم: ألقوا الرماح وسُلُّوا سيوفكم من جُفُونها, فإنِّي أخاف أنْ يُناشدوكم كما ناشدوكم يومَ حروراء, فرجعوا فوَحَّشوا برماحِهم وسَلُّوا السيوف, قال: وشجرهُمُ الناسُ برماحِهم ــ يعني عليَّاً وأصحابَه برماحهم ــ قال وقُتِلَ بعض الخوارج على بعض(20), وما أصيبَ من الناسَ ــ أهل السنَّة ــ إلا رجلان", ولله الحمد والمِنَّة.

تشغيل...
X