نعم لنكن صرحاء في تشخيص هذا الداء ، فسلامة التشخيص للداء تساعد كثيرا على وصف الدواء فنشأة هذه النابتة وتكوينها يؤكد أنها تمثل خليطا من أفكار قديمة للخوارج وأفكار تنظيمات سرية سياسية حزبية دعوية عصرية بالإضافة إلى الفكر المادي، فتكون من هذا المزيج حركة ناشطة لديها القدرة على التلون والتحول والامتداد والذوبان فبلغت شبهها وأراجيفها أسماع خلق كثير فكان فيها التناقض والشذوذ والاضطراب ، غير أنها تتفق على معاداة ولاة الأمر والعلماء الكبار .
فحري بمن أراد أن يناقش هذا الأمر بوضوح أن يسأل نفسه ويتساءل : من الذي صرف أولئك الشباب من بلد التوحيد عن طلب العلم والتأصيل الشرعي لمثل هذه المسائل التي ضلوا فيها ؟!!
لِمَ لَمْ يأخذ هؤلاء الشباب بأقوال العلماء في مثل هذه الفتن التي ماجت موج البحر فجرفتهم إلى فتنة التكفير والتفجير ؟!!
أين هم من فتاوى العلماء وكلماتهم ومؤلفاتهم التي حذروا من خلالها من الإرهاب الفكري الذي كان الإرهاب الحسي نتاجا طبيعياً له ؟!
ما أكثر ما بيّن العلماء أن الإسلام بريء من مثل هذه الأحكام التكفيرية الجائرة التي اتخذها خوارج هذا الزمان مطية لهم ؛ لإراقة الدماء وسلب الأمن والإفساد في الأرض .. غير أننا لم نر لخوارج هذا الزمان رجوعا إلى تلك النصوص ، بل إن الذين مارسوا التكفير واتخذوه مطية وذريعة للوصول إلى مآربهم هم أجهل الناس في حكمه وأسبابه وشروطه وموانعه ، ولكنها الضلالة العمياء والجهالة الجهلاء . فالتكفير حكم شرعي مرده إلى الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام ، ولا يكفر إلا من دلّ الكتابُ والسُّنَّة على كفره ، وهو أمر جد خطير حذر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال ، وإلا رجعت إليه) .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ
فئة ضالة حرورية جديدة ، ضلت الطريق ، أصبحت بوقاً لأعداء الدين تريد تنفيذ مايريده الأمريكان وبريطانيا بكل سهولة ويسر. فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ومهما كانت الوسيلة حتى لوصل الأمر عندهم إلى هدم أمة بأكملها وسفك وإراقة دماء المسلمين.
وصفت نفسها بالمجاهدين كذباً وبهتاناً وزوراً ، ادعت الإصلاح والغيرة على دين الله خداعاً وتلبيساً ، سلطت أعداء الدين والملة على بلاد المسلمين في كل زمان ومكان ، بقصدٍ منهم وبغير قصد. فنسأل الله أن يكفي الأمة شرهم وخبثهم حيلهم وأن يحمي ديار المسلمين منهم.
والعجيب من هؤلاء الخوارج الجدد يتهمون بلاد الحرمين بعدم تطبيق الشريعة الإسلاميةوهم يحلون ماحرم الله ويحرمون ما أحل الله قربة إلى سيدهم أسامة بن لادن وغيره من أهل الضلال والفساد في الأرض.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا على عدي بن حاتم هذه الآية
(( أتخذوآ أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله...)) الآية
فقال: يارسول الله لسنا نعبدهم ، قال صلى الله عليه وسلم :
(( أليس يحلون لكم ماحرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ))
قال : بلى قال النبي صلى الله عليه وسلم
(( فتلك عبادتهم))
فتأمل بارك الله بك الحديث الذي مر عليك وانظر إلى حال هؤلاء الخوارج وماحصل منهم اليوم وحالهم التى تطابقت مع خوارج الأمس..
و بنظرة الى مطالب ممن يسمون أنفسهم بالمجاهدين في في المملكة العربية السعودية !! لنعرف أى نوع من الجهاد يدعون ولراية من تم رفع شعارتها..
أولاً هم يعتبرون أنفسهم مجاهدين وهذا كحال الخوارج من قبلهم
قال الراسبي : فأشهد أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى ، ونبذوا حكم الكتاب ، وجاروا في القول والعمل ، وأن جهادهم حق على المؤمنين ( البداية :10/578-579 )
ثم دعني يا اخي الكريم واختي الكريمة أصف لكما حال هؤلاء وأضع بين يديكما صورهم التي خفي على البعض شيئا منها ثم نحكم هل هو جهاد ام إرهاب:
فهم يطالبون برؤية المباني تتفجر وتهوي على من فيها من نساء ورجال وأطفال ، سواء كانوا معاهدين أو مسلمين . ويردون كلام الله جل وعلا الذي حذر من ذلك
إذ يقول : (( ولاتفسدو في الأرض بعد إصلاحها ))
وهم يطالبون بإستحلال قتل المعاهدين والمستأمنين منكرين بذلك كلام النبي عليه الصلاة والسلام
إذ يقول : ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً)) رواه البخاري. ويردون حديث النبي عليه الصلاة والسلام هذا(( قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)) رواه البخاري ومسلم.
وهي أيضاً من صفات الخوارج المارقين فقد قال عبدالله بن شداد : والله ما بعث إليهم – يعني علياً رضي الله عنه – حتى قطعوا السبل ، وسفكوا الدماء ، واستحلوا أهل الذمة ، ( البداية والنهاية :10/567 ) .
وهم يطالبون بإستحلال قتل المسلمين من نساء ورجال وأطفال معرضين عن قول الله جل وعلا.
إذ يقول(( ومن يقتل مؤمناً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه و**** وأعد له عذاباً عظيما )) ويردون حديث النبي عليه الصلاة والسلام هذا إذ يقول(( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم )) رواه الترمذي والنسائي .
وقال ابن كثير عن هؤلاء الخوارج ومؤيداً موقف علي رضي الله عنه منهم : وفيه خيرة عظيمة لهم ، ولأهل الشام أيضاً ، إذ لو قووا هؤلاء لأفسدوا الأرض كلها عراقاً وشاماً ، ولم يتركوا طفلاً ولا طفلة ولا رجلاً ولا امرأة لأن الناس عندهم قد فسدوا فساداً لا يصلحهم إلاّ القتل جملة . انتهى بتصرف . البداية : 10/584-585 .
ويطالبون قتل أنفسهم منتحرين بأي سلاح كان معرضين عن قول الله جل وعلا
((ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً)) بل ويصدون هذا الحديث الصحيح الصريح عن نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام إذ يقول (( من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة)) رواه البخاري ومسلم .
ويطالبون بتدمير الحرم وقتل المسلمين في بيت الله الحرام كما حصل من سلفهم(( جهيمان ومهديهم المتظر )) معرضين عن قول الله جل وعلا إذ يقول
(( ومن يرد فيه بإلحاد بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليم))
ويطالبون بالخروج على ولاة الأمربالسلاح تأسياً بالخوارج من قبلهم ضاربين بكلام النبي عليه الصلاة والسلام عرض الحائط الذي قال فيه
(( من حمل علينا السلاح فليس منا)) رواه البخاري ومسلم. وقال أيضاً (( من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجلٍ واحدٍ ، يريد أن يشق عصاكم ويفرق كلمتكم فاقتلوه )) رواه مسلم وفي رواية (( فاضربوه بالسيف كائناً من كان ))
ويطالبون بالفرقة بين المسلمين والبعد عن الجماعة عيشاً في الكهوف الموحشة وفي الأودية حباً للظلام والضلال..!! والنبي عليه الصلاة والسلام يقول
(( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات ، مات ميتةً جاهلية ))
ويطالبون بقتل كل من خالفهم وهذه هي طبيعة الخوارج سابقا
: فقد قال زرعة بن البرج لعلي رضي الله عنه : أما والله يا عليّ لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله لأقاتلنك اطلب بذلك وجه الله ورضوانه (البداية 10/577 )
يطالبون نصيحة ولاة الأمر علانية تشهيراً بهم عبر الشبكات ****كبوتية والقنوات الفضائية والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلايبده علانية ، وليأخذ بيده ، فإن سمع فذاك وإلا كان أدى الذي عليه )) أخرجه ابن ابي عاصم في السنة .
وعن أسامة بن زيدٍ أنه قيل له : (( ألا تدخل على عثمان لتكلمه؟ فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه مادون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أو من فتحه)) رواه البخاري ومسلم .
قال الحافظ عياض رحمه الله: ( مراد اسامة أنه لايفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام لما يخشى من عاقبة ذلك ، بل يتلطف به وينصحه سراً فذلك أجدر بالقبول ) انظر فتح الباري 13/52
ويطالبون بالتقول على الله بلاعلم ولافقه في دين الله في قضايا الأمة والله جل وعلا يقول
(( قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها ومابطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ))
ويطالبون بالخروج على ولاة الأمر عند رؤية المنكرات ضاربين بكلام النبي عليه الصلاة والسلام عرض الحائط مع أنه أمر بالصبر عليهم إذ يقول:
(( من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم. وفي لفظ آخر: (( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ، فإنه من فارق الجماعة شبراً ، فمات ، إلا مات ميتة جاهلية. ))
ويطالبون بالرجوع إلى علماء الضلال ودعاة الفتنة عند نزول الفتن والمصائب على الأمة والله جل وعلا أمرهم بالرجوع إلى علماء السنة وأهل الحل والعقد وهم ولاة الأمر إذ يقول:
((وإذا جاءهم أمر من الأمن الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً ))
هذا هو مذهب من يسمون المجاهدين في بلاد الحرمين فهل ياترى نسكت عنهم بعد اليوم ...لا والله بل يجب على الجميع فضحهم وتعريتهم وتحذير الناس منهم بكل وسيلة شرعية وفي كل مكان محتسبين ذلك عند الله جل وعلا والإبلاغ عنهم وعدم التستر عليهم حماية للأمة من شرورهم وحفاظاً على أمن هذه البلاد وبلاد الخليج أيضاً لأنها هي أيضاً مستهدفة من قبلهم وأن نتصدى لأبواقهم الناعقة بينا فى المنتديات المزمرين والمطبلين لسيدهم المأجورين عبيد الدرهم والدينار والجاهلين منهم والذين لايفقهون من امر دينهم ولا دنياهم غير ماحشيا برأسهم وغرر بهم بأسم الدين وبشعار الجهاد.
فكل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يُسمى خارجياً سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان.انظر الملل والنحل ص:105
تعليق