اعلان

Collapse
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ثمانية ضوابط للمعارضة

Collapse
X
 
  • تصنيف
  • الوقت
  • عرض
Clear All
إضافات جديدة

  • ثمانية ضوابط للمعارضة

    أنقلُ لكم هذا الكلام الذي بلغني عبر الإيميل وانتشر في بعض المنتديات وأسرّني لما فيه من بيان الحق ودحض الباطل .



    ((( وأنا أتابع ـ بشفقة ـ تتابع أحداث مُعارضة الفقيه ، وكيف تسلسلت الدعوات من مُظاهرة سلميّة إلى المواجهة المُسلّحة والدفاع عن النفس ، وإِشاعة الفوضى والاعتصام والعصيان ... الخ . تذكرتُ مُحاضرة شيخنا صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ـ حفظه الله ـ ( الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن ) ) ، والتي رسم فيها منهجا شرعيا للتعامل مع الأحداث والمُستجدات ، كانت المُحاضرة على ما أذكر سنة 1411 هـ ولا يخفاكم الأحداث المُزعجة في تلك السنوات ، لكنها لا تُقارن بما نعيشه الآن ! تلك المُحاضرة أثّرت في صفوف الشباب ، خاصّة بعد طباعتها ؛ لما فيها من طرحٍ مُعتدلٍ واضحٍ ، وتأصيلٍ علميٍ رصين يُلامس الواقع بمنظورٍ شرعي مُحكم . طافت في ذهني عبارات ارتسمت في مُخيّلتي ورجعتُ إلى المُحاضرة لتحرير بعض الجُمل فهي من نفيس العبارات وغالي الكلِم .

    أوّل تلك الضوابط : ( عليك بالرفق ، وعليك بالتأني ، وعليك بالحلم ) أهـ

    دماء الغيرة التي تغلي في عروقك قد تكون سبب انحرافك ، ورُبما فوّتَ على نفسك من الخير الكثير بسبب العجلة والشدّة ، وأكثر الذين يستجيبون لداعي الفتنة من أهل الطيش وعدم التروّي .

    ثاني الضوابط : ( إذا برزت الفتن وتغيرت الأحوال ، فلاتحكم على شيء من تلك الفتن أو من تغير الحال إلا بعد تصوّره ) أهـ .

    الكثير من الذين دخلوا في الفتن وخاضوا غمارها بنوا تصوّرهم بعد تحليلات خاطئة ، أو كانت نتيجة ردة فعل لما يُشاهده أو يسمعه أو يتناقله الناس في الإنترنت أو المجالس ، والتصوّر الصحيح لا يمكن أن تأخذه من مقال أو خبر أو موضوع في منتدى من المنتديات .

    ثالث الضوابط : ( أن يلزم المسلم الإنصاف والعدل في أمره ) أهـ .

    لم أسمع للمُعارضة أو للمُفجرين أو غيرهم من الذين اتخذوا مواقف مُصادمة ضد الدولة ذكرا للجوانب الإيجابية ، الذي نسمعه في قنواتهم وبياناتهم ومنتدياتهم الجوانب السيئة والنواقص والسيئات والعيوب مع ما فيها من تضخيم وكذب وحتى مع وجود بعض الحقائق أين صفة العدل والقسط ؟! ما هو هذا المنهج الإصلاحي أو الجهادي الذي يبني خطابه على رُكامٍ من الشتائم والنقائص والمعايب ؟! نحن نرى بعض النقص لكننا في المقابل نرى ونلمس الكثير من الحسنات سواءً على المستوى الديني أو الدنيوي .

    رابع الضوابط : ( ما دلّ عليه قول الله جل وعلا : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) أهـ .

    الالتفاف حول أهل العلم وحول الأمراء وسدّ الطريق على كلّ مُغرضٍ مثير للفتنة والفرقة ، فإن النقص والأخطاء مع الاجتماع أقلّ بكثير من النقص والأخطاء مع الفرقة .

    الفرقة تعني الفوضى والانفلات وضياع الحقوق ، وانظر أقرب دليل تسلسل الأهواء والانحرافات عند مُدّعي الجهاد : ففي البداية قالوا نحن نريدُ إخراج المشركين من جزيرة العرب ، ثم أجازوا لأنفسهم قتل غير المُشركين واستدلوا بالتترس ، ثم تقصّدوا فعلا قتل المُسلمين من العسكر والجُند وقالوا : هؤلاء مُرتدون !! الأهواء ليس لها حدّ في الانحدار ، وإذا تمكّن أمثال هؤلاء لن يقفوا عند حلال أو حرامٍ ولن يرعوا حُرمة مسلم أو مُسلمة وقد شاهدنا كيف زجّ الفقيه ودعاته بالنساء للتظاهر وسط حشود من الرجال !

    خامس الضوابط : ( أن الرايات التي تُرفع في الفتنة لابد للمسلم أن يزنها بالميزان الشرعي الصحيح ) أهـ

    ينقضون العهود ويخونون الأمانة ويقتلون عباد الله المسلمين تحت راية الجهاد ! والآخرين .. يشتمون ويكذبون ويُحرضون تحت راية الإصلاح !! لا شكّ أنها عبارات جذابة .. حتى الذين خرجوا على عثمان وعلي رضي الله عنهما كانوا يرفعون شعار ( لا حُكم إلا لله ) .

    سادس الضوابط : ( ليس كل مقال يبدو لك حسنا تظهره ) أهـ .

    وهذا من فقه شيخنا ـ حفظه الله ـ فقد بوّبَ البخاري بابا أسماه : ( باب : من تركَ بعض الاختيار مخافة أن يقصر الناس عن فهمه فيقعوا في أشد منه ) واستدل بحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفيه قصة ترك هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ . وكره الإمام أحمد التحديث بالأحاديث التي فيها الخروج على السلطان وأمر أن تُشطب من مُسنده ، مع أنها حق .. ومع أن السلطان ظلمه وابتلى المسلمين في ( عقيدتهم ) وليس ي أموالهم ودنياهم ، مع ذلك يقول : ( لا خير في الفتنة ولا خير في الخروج ) .

    سابع الضوابط : ( موالاة المؤمنين وخاصّة العلماء ) أهـ .

    هناك من يُدندن حول عقيدة الولاء والبراء ، وإذا تأملتَ في أقواله وجدته يقع في أعراض المسلمين وخاصّة أهل العلم ، ويتهمهم في نيّاتهم ومقاصدهم وينسبهم إلى الضلال والهوى ! هذا التناقض يدلك على فساد المنهج وقلة العلم ، وقد تعلمنا من التجارب أن منهج العلماء في الفتن أسلم وأحكم ، وطريقتهم هي الأقرب إلى الأصول الشرعية وإن لم تُروي العواطف والمشاعر المُلتهبة ، فالهدف إقامة شرع الله وتحقيق المقاصد الشرعية ليس إشباع العواطف وإلهابها .

    ثامن الضوابط : معرفة الفرق بين التولّي المُكفّر والمُوالاة غير الجائزة .

    أكثر المقالات والشُّبه التي ظهرت نشأت نتيجة طبيعية للانحراف في فهم لمسألة الموالاة ، العلماء يُفرقون بين التولي والموالاة .. أما ذاك المبتدئ أو المثقف أو حتى الغيور الذي يسمع من يقول له : الدولة كافرة لأنها والت الكفّار ، فإنه يبني تصوّره ومواقفه على هذا الحُكم الخاطئ .

    فالتولي المُكفّر : هو نُصرة الكافر على المُسلم قاصدا ظهور الكفار على المُسلمين . فأصله : المحبة التامّة أو محبة الكافر لدينه وتوليه التولّي الكامل . أمّا الموالاة غير الجائزة : فهي مودتهم ومحبتهم لدنياهم ، .. وهذه ليست كفرا .

    فإذا تأملتَ ذهاب الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي النصراني ، هل هذا من الموالاة أو التولي ؟ واستعانة النبي صلى الله عليه وسلم بالمُطعم بن عدي هل تعتبر من موالاة الكفار ؟ وإعارة صفوان بن أمية ـ وهو على شركه ـ المسلمين أدرعا في غزوة هوازن هل هي موالاة ؟ فعلى قاعدة هؤلاء نعتبر كل تعامل مع الكفار موالاة مُكفّرة !

    فإن قالوا : الدولة أعانت الكفّار على المُسلمين . قلنا لهم : لا يُمكن أن نبني الحُكم الشرعي على مصادركم : ( أخبار ، نقولات ، صحف ... الخ ) والمسؤول ( المُسلم ) أعلن أن الدولة لم تُساهم ولم تُساعد والأصل في المُسلم السلامة والصدق . وعلى فرض وقوع المُساعدة ، هل كانت المٌساعدة لأجل محبة الكفر وظهوره على الإسلام ؟ فهذا كما سبق التولي المُكفّر ، أم أنها خوفا من هذا الكافر المُعتدي أو لأجل مكاسب دنيوية ؟ فهذا غير مُكفّر كما حصل للصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ الذي أفشى سرّ النبي صلى الله عليه وسلم وجيش المسلمين للكفّار وهم في حالة حرب مع المشركين ، ومع ذلك لم يُكفره المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد أن استفسر منه النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما حملك على ما صنعت ؟ ) ، قال : أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي ... والحديث عند البخاري ومسلم . حسب فهم الذين ضلوا في مسألة الولاء يلزمهم تكفير الصحابي ـ رضي الله عنه ـ ؛ لأنه أعان الكفّار ، بل .. أفشى أسرار الحرب وجيش المسلمين .

    فإن قالوا : لم يُكفره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنه من أهل بدر . قلنا : لو كان السبب ذلك لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاستفسار ومعرفة السبب من حاطب ـ رضي الله عنه ـ ، لذلك يقول ابن كثير : ( ولهذا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عذر حاطب لَمّا ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعةً لقريش لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد ( 4/ 410 .

    ورسالة شيخنا هذه تحتوي على الكثير من الفوائد العلمية والمنهجية التي نحتاجها عند حلول الفتن . ولمن أراد الاستزادة يجد الرسالة على هذا الرابط :

    http://saaid.net/Minute/m61.htm

    سائلا المولى سبحانه أن يردّ كيد المُغرضين ، وأن يُخيب ظنهم وأملهم ، وأن يحمي البلاد والعباد من فتنتهم .

    وقد شاهدنا ولله الحمد مع تتابع الفتن اجتماعا للعلماء والدعاة والمُصلحين وإجماعا يُثلجُ الصدر ويكيدُ أهل الفتنة والزيغ . وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

    وكتبه عبدالمنعم بن سليمان المشوح )))
    إن الحق بيّن واضح ، هناك فريقان: فريق يُقاتلون رأس الكفر أمريكا دفاعاً عن دينهم وبلادهم وأعراضهم ودمائهم ، وفريق يُقاتلون من يقاتل أمريكا دفاعاً عنها وعن يهود وعن مصالحهم الدنيويةفمن اي الفريقين انت

  • #2
    الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

    الضوابط الشرعية
    لموقف المسلم في الفتن
    تأليف معالي الشيخ / صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ

    تقديم
    الحمد لله , الحمد لله الذي قال لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدىً مُسْتَقِيم . وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون. الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ).
    والحمد لله الذي قال أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ.ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام)(الزمر:36).

    وأشهد أن لا إله إلا الله ,وحده لا شريك له, شهادةَ مَن خالطت كلمة التوحيد قلبه وفؤاده , فعلم منها ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال.

    وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله , وصفيه وخليله, هو البشير النذير,بشَّر وأنذَر, وقال وعلَّم ,فَطُوبى لمَن أخذ بسنَّته واقتفى أثره واهتدى بهداه, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين. أما بعد:

    فيا أيها الإخوان : تعوَّذوا بالله جلَّ وعلا من الفتن , تعوَّذوا بالله جلَّ وعلا من الفتن التي تحرق الدين ,وتحرق العقل ,وتحرق البدن,وتحرق كل خير,تعوَّذوا بالله منها؛فإنه لا خير في فتة أبداً؛فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوَّذ بالله كثيراً من الفتن,وكان عليه الصلاة والسلام يحذَّر من الفتن.

    ولهذا ؛ لما ذكر البخاري رحمه الله في« صحيحه» كتابَ الفتن ؛ ابتدأه بقوله:« باب : قول الله تعالى : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ..) , وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذّر من الفتن».

    وذلك أن الفتن إذا أتت ؛ فإنها لا تصيب الظالم وحده , وإنما تصيب الجميع, ولا تبقى –إذا أتت –لقائل مقالاً, وإنما يجب علينا أن نحذرها قبل وقوعها,وأن نباعد أنفسنا حقّاً بعداً شديداً عن كل ما يقرب إلى الفتنة أو يدني منها ؛فإنَّ من علامات آخر الزمان كثرة الفتن ؛ كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يتقارب الزمان ,ويقلُّ العمل ,ويلقى الشح,وتكثر-أو قال : تظهر-الفتن».

    وذلك لأن الفتن إذا ظهرت ؛ فإنه سيكون معها من الفساد ما يكون مدنياً لقيام الساعة.
    ومن رحمة نبي الله صلى الله عليه وسلم بنا : أن حذَّرنا من الفتن كلها.
    والله جلَّ وعلا قد حذَّرنا بقوله وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةًُ.) .

    قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير هذه الآية :«هذه الآية؛ وأن كان المخاطب بها هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ,لكنها عامة لكل مسلم؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر من الفتن».

    وقال الآلوسي أيضا في « تفسيره » عند هذه الآية:« فسرت الفتن في قوله وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةًُ .) ؛ فسرت بأشياء: منها:المداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على البدع إذا ظهرت. ومنها:أشياء غير ذلك».
    قال: « ولكلّ معنى بحسب ما يقتضيه الحال».

    يعني: أنه إذا كان الزمان زمان تفرُّق واختلاف؛فليحذِّر بعضنا بعضاً بقوله وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةًُ .) ؛ يعني : اتقوا تفرّقاً واختلافاً لا يصيب مآله ولا تصيب نتيجته الذين ظلموا منكم خاصة , وإنما يصيب الجميع , ولا يخص ذلك الأثر-للتفرق والاختلاف مثلاً-الظالم وحده.

    ولهذا ؛ فإننا في هذا المقام أحببنا أن نذكّر بهذا الأمر؛ لأننا نرى صحوةً إسلامية راشدةً بإذن الله في هذه البلاد ,التي هي القائمة بشأن التوحيد, والقائمة بدعوة التوحيد في هذا الزمان,الذي لا نرى فيه قائماً بدعوة التوحيد إلا ما شاء الله جلّ وعلا.

    فكان لزاماً أن نذكر هؤلاء, وأن نذكر أنفسنا جميعاً , بلزوم الاعتناء بالعلم النافع, بلزوم الاعتناء بعقيدة السلف الصالح ,بلزوم الاعتناء بعقيدة أهل السنة والجماعة
    فإن هذه الصحوة المباركة, الصحوة التي نرجو منها أن تنشر دين الله , وأن تحبب الشريعة والاستقامة للناس ,نرجو منها أن تكون ثابتة على العلم النافع , لأن شبابنا اليوم يحرصون كثيراً على العلم النافع ,يحرصون كثيراً على كلام أهل السنة والجماعة.

    ولهذا ؛ أجد لزاماً علىّ أن أنقل لهم,وأذكرهم, وأبين لهم ما أعلمه من كلام أئمتنا, ومن كلام أهل السنة والجماعة, الذي بنوه على مقال المصطفى صلى الله عليه وسلم , بل وعلى كلام المولى سبحانه.

    فإن الفتن إذا لم يرعَ حالها , ولم ينظر إلى نتائجها ؛ فإنه سيكون الحال حال سوء في المستقبل, إن لم يكن عند أهل العلم من البصر النافذ والرؤية الحقا ما يجعلهم يتعاملون مع ما يستجد من الأحوال , أو يظهر من الفتن ؛ على وفق ما أراد الله جلّ وعلا وأراده رسوله صلى الله عليه وسلم.

    فالضوابط والقواعد لا بدَّ أن تُرعى؛ فإن الضوابط بها يعصم المرء نفسه من الوقوع في الغلط, فالضوابط الشرعية والقواعد المرعية إذا أخذنا بها ولازمناها وأقتفونا أثرها ؛ فإن عند ذلك سيحصل لنا من الخيرات مالن نندم عليه بإذن الله.

    فالضابط في كل أمر لابد من معرفته, حتى يتسنى لك – أيها المسلم – أن تعصم نفسك من أن تنساق أو تسوق نفسك إلى ما لم تعلم عاقبته الحميدة, أومالم تعلم ما يؤول إليه ذلك الأمر من مصلحة أو مفسدة.
    فبهذا؛ نعلم أنه لابدَّ من رعاية الضوابط ورعاية القواعد التي بينها أهل ألسنة والجماعة.

    فما تعريف الضابط والقاعدة؟

    الضابط في المسألة : هو ما به نعرف ما تحكم به مسائل الباب الواحد وترجع إليه مسائل الباب الواحد.
    وأما القاعدة : فهي أمر كليّ ترجع إليه المسائل في أبواب مختلفة.

    ولهذا ؛ كان لزاماً علينا أن نأخذ بتلك الضوابط والقواعد التي كان عليها أهل السنة والجماعة .

    فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه من يعش منكم ؛فسيرى اختلافا كثيراً؛ فعليكم بستَّني وسنًّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي, تمسَّكوا بها , وعضُّوا عليها بالنواجذ».نعم.

    وقد رأى الصحابة بعده صلى الله عليه وسلم, رأوا اختلاف, وما نجوا إلا بما تمسكوا به من القواعد الواضحة التي كان عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم , وكان عليها الخلفاء الراشدون من بعده صلى الله عليه وسلم.


    الفوائد الناجمة عن الأخذ بهذه الضوابط والقواعد:

    * أول تلك الفوائد : أن رعاية الضوابط ورعاية القواعد تعصم تصور المسلم من أن يقع تصوُّره فيما لا يقره الشرع , تعصم ذلك التصور , وتضبط عقل المسلم في تصوُّراته.
    ومعلوم أن المسلم إذا تصور مسألة ما دون ضابط ودون قاعدة ترجع إليها ؛ فإنه سيذهب عقله إلى أنحاءِ شتى في تصرفاته في نفسه أو في أسرته أو في مجتمعه أو في أمته.
    فعند ذلك نعلم أهمية رعاية تلك الضوابط وتلك القواعد , لأنها تضبط العقل –عقل المسلم- في تصوراته التي ينشأ عنها تصرفه في نفسه أو في أسرته أو في مجتمعه .

    * ثانياً: ثم أن لرعاية تلك الضوابط وتلك القواعد فائدة أخرى , ألا وهي : أنها تعصم المسلم من الخطاء ؛ لأنه إذا سار وراءِ رأَيه فيما يجد أو في الفتن إذا ظهرت , وحلَّلها بعقله, نظر فيها بنفسه؛ دون رعاية لضوابط وقواعد أهل السنة والجماعة؛ فإنه لا يأمن أن يقع في الخطأ , الخطأ إذا وقع فيه؛ فإن عاقبته ليست حميدة ؛ لأنه يتدرج ويتفرع , وربما زاد وزاد.
    فللضابط وللقاعدة إذا التزمنا بها فائدة, وذلك أنها تعصم من الخطأ .
    لماذا؟
    لأن تلك الضوابط وتلك القواعد؛ مَن الذي قعَّدها ؟ ومن الذي ضبطنا بها ؟ هم أهل السنة والجماعة ؛وَفق ما جاء في الأدلة.
    ومَن سار خلف الدليل وسار خلف أهل السنة والجماعة ؛ فإنه لن يندم بعد ذلك أبداً.

    * ثالثا: ومن الفوائد للقفو خلف تلك الضوابط والقواعد: أنها تسلم المسلم من الإثم ؛ لأنه إذا سار وفق رأيه , أو سرت وفق رأيك وما تظنه صواباً؛ دون رعاية لتلك الضوابط والقواعد ؛ فإنك لا تأمن الإثم ؛ لأنك لا تعلم ما سيكون عليه مستقبل الحال في مقالك أو فعلك إذا سرت وراء رأيك أو سرت وفق ما رأيته صواباً.
    وأما إذا أخذت بما دل عليه الدليل من الضوابط والأصول العامة ؛فإنك ستنجو بإذن الله من الإثم, والله جلّ وعلا سيعذرك؛ لأنك سرت وفق الدليل , وقد أحسن من انتهى إلى ما قد سمع .
    ولهذا ؛ أيها الإِخوان, يتبَّين لنا – بتلك الفوائد الثلاثة – ضرورة الأخذ بتلك الضوابط والقواعد التي سيأتي بيانها.

    وهذه الضوابط والقواعد التي سنبينها مأخذها ودليلها أحد شيئين:
    الأول: التنصيص على تلك القاعدة أو ذلك الضابط في الأدلة الشرعية – إما في القرآن أو في السنة - ,وأخذ أهل السنة و الجماعة بما دلت عليه تلك الأدلة التي في القرآن أو في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

    الشيء الثاني: أن يكون مأخذها من السنة العملية المرعية , التي عمل بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛فصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون بعدهم والأئمة – أئمة أهل السنة والجماعة- كان لهم سيرة عملية في الفتن إذا ظهرت , وفي الأحوال إذا تغيرت؛ رعوها, وأخذوا فيها بالأدلة , وطبَّقوها, ورعوها عمليّاً.

    لهذا ؛ لن يزيغ بصرنا, ولن تزيغ عقولنا ؛ إذا أخذنا بما عملوا به , وبما أخذوا به من الأدلة , وبما ساروا فيه بالسيرة العملية.

    وهذا من رحمة الله جلَّ وعلا بنا: أنه لم يتركنا دون قدوة نقتدي بها ؛ فالعلماء – علماء أهل السنة والجماعة – هم الذين يُرْجَع إليهم في فهمهم وفي رأيهم وفي كلامهم؛ لأنهم علموا من الشرع , وعلموا من قواعده الكلية , ومن ضوابطه المرعية : ما يعصمهم من الخطأ, وما يعصم من الانفلات.

    فلهذا ؛ يتبَّين لك وجوب الأخذ بهذه الضوابط والقواعد التي سأذكرها لك الآن , ويتبَّين لك أيضاً فائدة الأخذ بها , ولزوم الأخذ بها , والمصلحة المترتبة عليها في نفسك وفي مجتمعك إذا أخذت بها وإذا رعيتها.

    ومن سار خلف مهتدٍ , ووفق ما دلَّت عليه الأدلة ؛ فطوبى له في سيره , وطوبى له في هداه ؛ فإنه لن يندم بعد ذلك أبداً.


    إن الحق بيّن واضح ، هناك فريقان: فريق يُقاتلون رأس الكفر أمريكا دفاعاً عن دينهم وبلادهم وأعراضهم ودمائهم ، وفريق يُقاتلون من يقاتل أمريكا دفاعاً عنها وعن يهود وعن مصالحهم الدنيويةفمن اي الفريقين انت

    تعليق


    • #3
      الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

      الضوابط والقواعد الشرعية الواجب اتباعها في الفتن
      * الأول من تلك الضوابط والقواعد:
      فأول تلك الضوابط والقواعد : أنه إذا ظهرت الفتن , أو تغيرت الأحوال ؛ فعليك بالرفق والتأنِّي والحلم , ولا تعجل.
      هذه قاعدة مهمة : علك الرفق , وعليك التأنِّي , وعليك بالحلم.
      ثلاثة أمور:
      * أما الأمر الأول – وهو الرفق - ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما ثبت عنه في الصحيح : « ما كان الرفق في شئ؛ إلا زانه, ولا نزع من شئ إلا شانه».
      قال أهل العلم : قوله : « ما كان في شئ إلا زانه» : هذه الكلمة:« شئ» : نكرة أتت في سياق النفي , والأصول تقضي بأنها تعم جميع الأشياء ؛ يعني : أن الرفق محمود في الأمر كله .

      وهذا قد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم :« إن الله يحب الرفق في الأمر كله »؛ قاله عليه الصلاة والسلام لعائشة الصديقة بنت الصديق , وبوّب عليه البخاري في الصحيح ؛ قال ؛« باب الرفق في الأمر كله ».

      في كل أمر عليك بالرفق , وعليك بالتؤدة , ولا تكن غضوباً ولا تكن غير مترِّفق ؛ فإن الرفق لن تندم بعده أبداً , ولم يكن الرفق في شئ إلا زانه ؛ في الأفكار ... وفي المواقف.... فيما يجد ... وفيما تريد أن تحكم عليه ... وفيما تريد أن تتخذه ...
      عليك بالرفق , ولا تعجل , ولا تكن مع المتعجَّلين إذا تعجَّلوا , ولا مع المتسرعين إذا تسرعوا , وإنما عليك بالرفق ؛ امتثالا لقول نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم : «إن الرفق ما كان في شئ إلا زانه ».
      فخذ بالزين , وخذ بالأمر المزين , وخذ بالأمر الحسن , وإياك ثم إياك من الأمر المشين , وهو أن ينزع من قولك أو فعلك الترفق في الأمر كله .

      * أما الأمر الثاني ؛ فعليك بالتأني ؛ يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: «إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة ».
      والتأنّي خصلة محمودة , ولهذا قال جلّ وعلا : (ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا..) .
      قال أهل العلم : هذا فيه ذمُّ للإنسان , حيث كان عجولاً ؛ لأن هذه الخصلة ؛ من كانت فيه ؛ كان مذموماً بها , ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم غير متعجل.

      * وأما الأمر الثالث ؛ فهو الحلم , والحلم في الفتن وعند تقلب الأحوال محمود أيما حمد , ومثنىً عليه أيما ثناء ؛ لأنه بالحلم يمكن رؤية الأشياء على حقيقتها , ويمكن بالحلم أن نبصر الأمور على ماهي عليه .
      ثبت في « صحيح مسلم » من حديث الليث بن سعد عن موسى بن عُلًيّ عن أبيه : أن المستورد القرشي – وكان عنده عمرو بن العاص رضي الله عنه - ؛ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « تقوم الساعة والروم أكثر الناس » . قال عمرو بن العاص له – للمستورد القرشي - : أبصر ما تقول ! قال: وما لي أن لا أقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إن كان كذلك ؛ فلأن في الروم خصالاً أربعاً: الأولى : أنهم أحلم الناس عند الفتنة . الثانية : أنهم أسرع الناس إفاقةً بعد مصيبة ... وعد الخصال الأربع وزاد عليها خامسة .

      قال أهل العلم : هذا الكلام من عمرو بن العاص لا يريد به أن يثني به على الروم والنصارى الكفرة ؛ لا ! ولكن ليبين للمسلمين أن بقاء الروم وكونهم أكثر الناس إلى أن تقوم الساعة لأنهم عند حدوث الفتن هم أحلم الناس ؛ ففيهم من الحلم ما يجعلهم ينظرون إلى الأمور ويعالجونها ؛ لأجل أن لا تذهب أنفسهم , ويذهب أصحابهم .
      هذا ما حصل ما قاله السنوسي والأبي في شرحهما على «صحيح مسلم » .

      وهذا التنبيه لطيف ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أنه لا تقوم الساعة حتى يكون الروم أكثر الناس ؛ لماذا ؟!
      قال عمرو بن العاص : « لأن فيهم خصالاً أربعاً : الأولى ( وهي التي تهمنا من تلك الخصال ) : أنهم أحلم الناس عند فتنة » ؛ يعني : إذا ظهرت تغير الحال , وظهرت الفتن ؛ فإنهم يحلمون , ولا يعجلون , ولا يغضبون ؛ ليقوا أصحابهم النصارى القتل ويقوهم الفتن ؛ لأنهم يعلمون أن الفتنة إذا ظهرت ؛ فإنها ستأتي عليهم ؛ فلأ جل تلك الخصلة فيهم بقوا أكثر الناس إلى قيام الساعة.
      ولهذا ؛ فإننا نعجب أن لا نأخذ بهذه الخصلة التي حمد بها عمرو بن العاص الروم , وكانت فيهم تلك الخصلة الحميدة ونحن أولى بكل خير عند من هم سوانا .
      الحلم المحمود في الأمر كله .....؛ فإنه يبصر عقل العقل في الفتنة بحلم وأناته ورفقه , فيدل على تعقله وعلى بصره .
      هذا الضابط هو الأول , وهذه القاعدة الأولى التي رعاها أهل السنة والجماعة عند ظهور الفتن , وعند تقلب الأحوال .
      وهذه الضوابط والقواعد بعضها ضابط وبعضها قاعدة, دمجتها لأجل اشتراك البعض مع البعض الآخر في المعنى.

      * الثاني من تلك الضوابط والقواعد:
      أنه إذا برزت الفتن وتغيرت الأحوال , فلا تحكم على شئ من تلك الفتن أو من تغير الحال إلا بعد تصوُّره ؛ رعاية للقاعدة: « الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره».

      وهذه القاعدة رعاها العقلاء جميعاً قبل الإسلام وبعد الإسلام , ودليلها الشرعي عندنا في كتاب الله جل وعلا : قال الله جل وعلا : (ولا تقف ما ليس لك به علم .) ؛ يعني : أن الأمر الذي لا تعلمه ولا تتصوره ولا تكون على بينه منه؛ فإياك أن تتكلم فيه , وأبلغ منه أن تكون فيه قائداً , أو أن تكون فيه متبعاً , أو تكون فيه حكماً .
      « الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره »
      وهذه القاعدة أنتم تستعملونها في أموركم العادية , وفي أحوالكم المختلفة , العقل لا بدَّ له من رعاية تلك القاعدة , ولا يصلح تصرفٌ ما ؛ إلا بأن يرعى تلك القاعدة ؛ لأنه إن لم يرع تلك القاعدة ؛ فإنه سيخطئ ولاشك , والشرع قرَّرها أيما تقرير , وبين تلك القاعدة أيما بيان .

      أضرب أمثلة لكي تتضح تلك القاعدة :
      - فمثلاً : لو سألت واحداً منكم , وقلت له: ما حكم الإسلام في بيع المرابحة ؟
      قد يأتي قائل ويقول : الربح مطلوب , الربح لا شئ فيه في الشرع ؛ فلا بأس في بيع المرابحة .
      فيكون حكمه على هذه المسألة غلط صرف ؛ لأنه لم يتصور المراد بقول القائل : ما حكم الإسلام في بيع المرابحة ؟ وظن أن معنى المرابحة : هو الربح في البيع , ولأجل تصوره الذي غلط فيه أخطأ في الحكم الشرعي.
      والحكم في الشرع لا بدَّ أن يُبنى على تصور صحيح , والمرابحة نوع من أنواع البيع الذي لا يجوز , تستعمله بعض البنوك الإسلامية تحايلاً على الربا , وصورته أنه مبنيُّ على توكيل للغير, وبعد التوكيل يكون هناك إلزام بالوفاء بالوعد ؛ فالوعد الذي وعده الموكل لوكيله هو ملزم بالوفاء فيه , وهذا لا يجوز في الشرع , فكان بيع المرابحة غير جائز.

      - مثالاً أخر يبين لك قاعدة « الحكم على الشيء فرع عن تصوره » : لو سألت واحداً منكم : ما حكمناً على جماعة « شهود يهوه » ؟ ماذا سيقول أحدكم ؟
      إن كان مطلعاً ؛ فسيقول : هذه جماعة كيت وكيت , وحكم الإسلام فيها كذا وكذا .
      وقد يكون قائل يقول : لا أعلم ما هذه الجماعة جماعة شهود يهوه ؟ ولم أسمع بها قبل ؛ فهنا لا تستطيع أن تحكم عليها , ولا تبين حكما شرعياً فيها ؛ لأنك لم تتصور هذه الجماعة ؛ ماهي ؟ وما مبادئها ؟ وهل هي إسلامية أو نصرانية أو يهودية ؟ فلن تحكم عليها إلا بعد تصورها .

      إذا تبين لك ذلك ؛ فإن الحاكم أو المفتي أو المتكلم في المسائل الشرعية لا يجوز له أن يتكلم – رعاية لحق نفسه , ورعاية لخلاص نفسه من الإثم , ثم رعاية لحق المسلمين جميعاً , وتبرياً من القول على الله بلا علم - ؛ إلا إذا حصل له أمران :
      * الأمر الأول : أن يتصور القضية المطروحة تماماً ؛ بحيث لا تلتبس عليه في قضية أخرى , ولا تشترك في تصوره وفهمه بمسألة أخرى , لأنه أحياناً تشترك بعض المسائل , وتقترب صورة مسألة من صورة مسألة أخرى , فينتقل ذهنك إلى مسألة مشابهة ؛ فعند ذلك تقع في ذلك الخطأ.
      * الأمر الثاني : أن تعلم حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة بعينها , لا في المسألة التي تشبهها.
      وإذا ثبت ذلك ؛ فها هنا سؤال مهمُّ : يقول أحدكم : كيف يحدث لي هذا التصور ؟! كيف أتصور هذه المسألة ؟! وممَّن أتصورها ؟! فإن المسائل مشتبه ومتشابهة , وبعضها يشكل وبعضها قد لا أجد مَن يبيِّنه لي ويصوِّره لي التصور الصحيح .

      فنقول : التصور الذي ينبني عليه الحكم الشرعي هو ما كان :
      أولاً : من المستفتي : فإن المستفتي هو الواقع في المسألة ؛ فإذا سأل وإذا شرح مسألة ؛ حصل التصور ؛ فالمفتي يبيُّن له ذلك الحكم وفق استفتائه.
      ثانياً : يكون التصور بنقل العدول الثقاة المسلمين , الذين لا يشوب نقلهم شائبة تجعلهم يخطئون في النقل ومن ثم نخطئ في الحكم على الشيء , لا بد من نقل عدلٍ ثقة في المسألة .
      فعند ظهور الفتن , واختلاف الأحوال ؛ لا يجوز أن نعتمد على كلام كافر مثلاً ؛ ذكر تصوره أو ذكر تحليله في إذاعة ما , أو ذكر تصوره وتحليله في مجلة ما , أو في تقريرٍ ما ,
      هذا لا يجوز شرعاً أن يبني عليه حكماً شرعيّاً , وإنما الحكم الشرعي يبني على نقل المسلم العدل الثقة .
      فأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقبل ممَّن يأتي بها ؛ إلا إذا كان الإسناد بنقل عدول ضابطين عن مثلهم إلى منتهاه , إذا كان في الإسناد فاسق ؛ فإنه قد انخرمت مروءته , وإذا كان في الإسناد مَن ليس بضابط , من يأتي بشيء ويخلطه مع شئ أخر ؛ فإنه لا يقبل , ولا ينبني على ذلك الحديث حكم شرعي .
      ولهذا ؛ فإنه لا بدَّ من رعاية هذه المسألة .
      تلخَّص من هذا : أن هذه القاعدة : « الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره » : أساسها التصور , ولا يمكن أن يكون صحيحاً في الشرع إلا إذ كان من مسلم عدلٍ ثقة , أو كان من المستفتي نفسه , ولو كان فاسقاً.

      * الثالث من تلك الضوابط والقواعد :
      أن يلزم المسلم الإ نصاف والعدل في أمر كله .
      يقول الله جلَّ وعلا : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )(الأنعام: من الآية152)..) .
      ويقول جلَّ وعلا : )ِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة:8)
      وقد بُيِّنَتْ هذه المسألة بياناً شافياً كافياً ؛ من أنه لابدَّ من العدل في الأقوال , ولا بدَّ من العدل في الأحكام , وأن من لم يعدل في قوله , أو يعدل في حكمه ؛ فإنه لم يتبع الشرع اتباعاً يرجو معه النجاة .
      ما معنى العدل ؟ وما معنى الإنصاف في هذه القاعدة ؟
      معناه : أنك تأتي بالأمور الحسنة أو بالأمور السيئة , تأتي بهذا الجانب الذي تحبه , وذلك الجانب الذي لا تحبه , ثم توازن وتعرض لهما عرضاً واحداً , وبعد ذلك تحكم ؛ لأنه – جزماً – يحصل من عرض الجانبين معاً ما يعصم المرء من أن ينسب للشرع أو ينسب إلى الله جلَّ وعلى أو إلى سنة من سننه الكونية ما ليس موافقاً لما أمر الله جلَّ وعلا به .

      فلا بدَّ من عرض الحسن والقبيح ؛ عرضهما على الذهن , حتى تصل إلى نتيجة شرعية , وحتى يكون تصورك ويكون قولك أو فهمك أو رأيك في الفتنة منجياً إن شاء الله تعالى.

      وهذه مسالة مهمة , وقاعدة لا بدَّ من رعايتها ؛ لأنه مَن لم يرع هذه القاعدة ؛ دخل الهوى إلى قلبه من مصراعيه , ولم يأمن أن يفتح باب الهوى على غيره , ومن ثم يكون داخلاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم : « ومَن سنَّ سنَّة سيئة ؛ فعليه وزرها و وزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة » , وتكون المصيبة أعظم إذا كان الفعل ممَّن ينتسب إلى العلم والهدى ؛ لأنه يقتدي بفعله الجاهل , ويقتدي بفعله نصف المتعلم .
      فإذا ؛ لابدَّ من أن نرعى هذه القاعدة في أمرنا كله , ومَن سلم من الهوى ؛ فإن الله جل وعلا سينجيه في الآخرة والأولى .

      * الرابع من تلك الضوابط والقواعد :
      ما دلَّ عليه قول الله جلَّ وعلا: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(آل عمران: من الآية103)) .
      وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية , فقال : « عليكم بالجماعة , وإياكم والفرقة» .
      وثبت أيضا في الحديث الذي رواه عبدالله بن أحمد في « زوائد مسند أبيه » : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الجماعة رحمة , والفرقة عذاب » .

      الفرقة بجميع أنواعها – في الأفكار , أو في الأقوال , أو في الأعمال – عذاب يعذِّب الله جلَّ وعلا به مَن خالف أمره وذهب إلى غير هداه .
      لهذا ؛ مَن لزم الجماعة – جماعة أهل السنة والجماعة – واقتدى بأئمتهم وعلمائهم ؛ فإنه قد لزم الجماعة , ومَن تفرَّق عنهم ؛ فإنه لا يأمن على نفسه أن يكون ممَّن ذهب إلى الفرقة وعذب بعذاب من عذاب الله في الحياة الدنيا .
      نسأل الله جلَّ وعلا أن يسلمنا وإخواننا جميعاً من ذلك كله .
      ولهذا ؛ قال عليه الصلاة والسلام : « الجماعة رحمة , والفرقة عذاب » .
      الجماعة بجميع أنواعها , وبجميع صفاتها , إذا كانت على الهدى والحق , فهي رحمة , يرحم الله جلَّ وعلا بها عباده .
      والفرقة عذاب ؛ لا خير في التفرق , لا خير فيه أبداً .
      لهذا ؛ بعد أن قال الله جلَّ وعلا : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)..) ؛ قال في الآية بعدها : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)
      , ثم قال : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105)
      نعم ؛ الذين تفرَّقوا – في أقوالهم وأعمالهم – من بعد ما جاءتهم البينات , وجاءهم البينات والهدى ؛ أولئك لا يؤمن عليهم الزيغ , وأولئك لا يؤمن عليهم الاختلاف , ولا يؤمن عليهم سلوك غير سبيل الهدى .
      لهذا ؛ كان لزاماً أن نلتزم بجماعة أهل السنة والجماعة , أن نلتزم بأقوالهم , وأن لا نخرج عن قواعدهم , ولا عن ضوابطهم , ولا عمَّا قرَّره علمائهم ؛ لأنهم يعلمون من أصول أهل السنة والجماعة , ومن الأدلة الشرعية , ما لا يعلمه كثير من الناس , وما لا يعلمه كثير من الذين ينتسبون إلى العلم ؛ لأنهم لهم علماً راسخاً , ونظراً صائباً , وقدماً راسخةً في العلم .

      أنظر إلى ما فعل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ! أتدري ماذا فعل حين كان في الحج مع عثمان بن عفان رضي الله عنه ؟
      كان عثمان يتمًّ الصلاة ؛ يصلي في منىً أربع ركعات , والسنة أن يصلي المصلي في منى ركعتين ؛ قصراً لكل رباعية .
      عثمان رأى أن يصلي أربع ركعات لتأويل شرعي تأوَّله , مع ذلك ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول : سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين لا غير لكل صلاة رباعية . قيل له : يا عبد الله بن مسعود ! تقول هذا وأنت تصلي مع عثمان بن عفان أربع ركعات ! لماذا ؟! قال : يا هذا ! الخلاف شر ! الخلاف شر ! الخلاف شر ......رواه أبو داود بإسناد قوي .
      وهذا لأجل فهمهم للقاعدة الصحيحة , للقاعدة التي مَن أخذ بخلافها ؛ فإنه لا يأمن على نفسه الفتنة , ولا على غيره .
      قال بن مسعود : « الخلاف شر » .
      إن الحق بيّن واضح ، هناك فريقان: فريق يُقاتلون رأس الكفر أمريكا دفاعاً عن دينهم وبلادهم وأعراضهم ودمائهم ، وفريق يُقاتلون من يقاتل أمريكا دفاعاً عنها وعن يهود وعن مصالحهم الدنيويةفمن اي الفريقين انت

      تعليق


      • #4
        الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

        * الخامس من تلك الضوابط والقواعد :
        أن الرايات التي ترفع في الفتنة – سواء رايات الدول أو رايات الدعاة – لا بدَّ للمسلم أن يزنها بالميزان الشرعي الصحيح , ميزان أهل السنة والجماعة , الذي مَن وزن به ؛ فإن وزنه سيكون قسطاً غير مجحف في ميزانه ؛ كما قال جلَّ وعلا في ميزانه : )وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئا)(الأنبياء: من الآية47) .

        فلذلك أهل السنة والجماعة لهم موازين قسط يزنون بها الأمور , ويزنون بها الأفكار , ويزنون بها الأحوال , ويزنون بها الرايات المختلفة عند اختلاف الأحوال , وتلك الموازين تنقسم عندهم – كما بيَّن ذلك أئمة دعوتنا , وكما بيَّن ذلك أئمة أهل السنة والجماعة – تنقسم تلك الموازين إلى قسمين : فسمعهما :
        * القسم الأول :
        موازين يوزن بها الإسلام من عدمه ؛ يعني : يوزن بها صحة دعوى الإسلام من عدم صحة تلك الدعوى.
        الرايات التي ترفع وتنسب إلى الإسلام كثيرة ؛ فلا بدَّ أن تزن تلك الراية , فإن كانت مسلمة ؛ ترتَّب على ذلك أحكام شرعيَّة لا بدَّ لك من رعايتها ؛ استجابة لما أمر الله به وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم .

        * القسم الثاني :
        موازين نعرف بها كمال الإسلام من عدمه , والاستقامة الحقا على الإسلام من عدم الاستقامة .
        فإذاً :
        القسم الأول :
        ينتج من الكفر والإيمان : هل الراية مسلمة مؤمنة ؟ أو هي غير ذلك ؟
        والقسم الثاني : ينتج منه أن تلك الراية هل هي مستقيمة على الهدى كما يحب الله ويرضى ؟ أم عندها نقص في ذلك ؟
        ثم إذا تبين ذلك ؛ فإنه تترتب الأحكام الشرعية على ذلك الميزان .

        * أما القسم الأول الذي يوزن به الإيمان من الكفر
        ؛ فثلاثة موازين :
        الأول :
        أن تنظر : هل هناك إحقاقٌ لعبادة الله وحده لا شريك له أم لا ؟ لأن أصل دين الأنبياء والمرسلين هو أنهم بُعثوا لأن يعبد الله وحده لا شريك له , التوحيد أساس الأمر , وأول الأمر , وآخر الأمر , فمَن رفع راية التوحيد , وأقرَّ عبادة الله وحده لا شريك له , ولم يقرَّ عبادة غير الله جلَّ وعلا فالميزان هذا ينتج أنه مسلم , وأن تلك الراية مسلمة , مع توفر الميزانين التاليين الذين ستسمعهما بإذن الله .
        فالميزان الأول إذا : أن نرى هل الراية التي ترفع الإسلام يطبق أهلها التوحيد أم لا ؟ هل هناك عبادة لغير الله جلَّ وعلا أم أنه لا يعبد تحت تلك الراية إلا الله وحده لا شريك له , فتتوجه القلوب إلى الله جلَّ وعلا وحده ؟
        قال سبحانه وتعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من الآية36) .
        وقال جلَّ وعلى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41)
        قال بعض المفسرين : ( وأمروا بالمعروف ) ؛ يعني : بالتوحيد , ونهوا عن المنكر ؛ يعني : عن الشرك ؛ لأن أعلى المعروف هو التوحيد , وأبشع المنكر هو الشرك .
        فهذا هو الميزان الأول .
        الميزان الثاني :
        أن تنظر إلى تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله , وهذه الشهادة من مقتضاها أن يحكم بالشريعة التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم .

        قال سبحانه وتعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)
        قال جلًّ وعلا : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) .
        ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(المائدة: من الآية44)

        فإذا رأيت الراية المرفوعة يحكم أهلها بشرعة الله , وتفصل الشريعة في أقضي الناس – إذا اختلف الناس في أمورهم , فمَن الذي يحكم بينهم ؟ يحكم بينهم القاضي الشرعي فيما يختلفون فيه - ؛ فعند ذلك تعلم أن الراية مسلمة لأنه قد حَكَّمَ أهلُها شرع الله جلَّ وعلا , وأقاموا المحاكم الشرعية التي تحكم بما أنزل الله , ولا يلزم أحد أن يحكم بغير ما أنزل الله , أو أن يرضى بحكم غير حكم الله جلَّ وعلا ورسوله .

        الميزان الثالث :
        أن تنظر: هل هناك استحلال للمحرمات ؟ أم أن هناك إذا فعلت المحرَّمات بغضاً لها وكراهية لها و إنكارً لها ؟
        فإن المحرَّم المُجْمًع على تحريمه إذا ظهر له حالان :
        إما أن يكون مستحَلاٌّ : فهذا كفر والعياذ بالله .
        وأما إذا كان لا يستباح , ولكن يوجد , ويقر رافعو الراية بأن ذلك منكر , وأنه محرم ؛ فتعلم بهذا أن الراية شرعية , وأن الراية مسلمة .
        هذه ثلاث موازين , بيَّنها أئمتنا رحمهم الله تعالى .
        هذا هو القسم الأول من الموازين .

        * أما القسم الثاني ؛ فهي موازين يُعرف بها كمال الإسلام من عدمه .
        والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بالإسلام كله , كما جاء من عند الله جلَّ وعلا , فهو المقتدى الذي يُقتدى به , وأخذ به الخلفاء الراشدون عليهم رضوان الله , ولم يزل الأمر ينقص شيئاً بعد شئ في تحقيق كمال الإسلام إلى وقتنا هذا , « ولا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شرُّ منه , حتى تلقوا ربَّكم » ؛ كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم .

        الميزان هذا تنظر فيه ؛ كيف هو في تحقيق الأمور الشرعية ؟ كيف هو في الأمر بالصلوات كيف هو في النهي عن المنكرات ؟ كيف هو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يتعلَّق بالفرائض ؟ وفيما يتعلَّق بالنهي عن المحرمات ؟ إذا كان ذلك كاملاً ؛ دلَّ على الكمال , وإن كان ذلك ناقصاً ؛ دلَّ على النقص بحسب ذلك

        وهذه الموازين مهمة لا بدَّ أن تكون في قلبك وعقلك , لا تفارقه أبداً , حتى لا تضل وقت حدوث الضلال , ولا تلتبس عليك الأمور وقت حدوث الالتباس .

        إذا تبَّين لك ذلك , وتميَّزت لك الراية المسلمة من غيرها ؛ وجب عليك شرعاً أن توالى الراية المسلمة في الحق والهدى , توالى الراية المسلمة ؛ لأن الله جلَّ وعلا أمر بموالاة المؤمنين ,وحثَّ على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق :
        ومن أول ذلك :
        أن يكون ولاؤك لتلك الراية صحيحاً , أن يكون ولاؤك للراية التي ترفع الإسلام صحيحاً ليس فيه زيغ , وليس فيه التباس , وليس فيه تردُد لأنه إما إسلام , وإما كفر فإذا ثبت الإسلام ؛ ترتَّبت الأحكام الشرعية على ذلك , ولا يحل لمسلم أن يجعل المعصية مبيحة لأن لا يلتزم بما أمره الله جلَّ وعلا أن يلتزم به رسوله صلى الله عليه وسلم من الولاء للمؤمنين والولاء للذين يقاتلون في سبيل الله.

        الأمر الثاني :
        أن تنصح لتلك الراية نصحاً يعلمه الله جلَّ وعلا من قلبك , وأهل السنة والجماعة فارقوا أهل البدعة الذين يحبوُّن الفرقة , في أنهم ينصحون مَن ولاَّه الله جلَّ وعلا عليهم , ويكثرون الدعاء , ولو رأوا ما يكرهون ؛ فإنهم يكثرون الدعاء , وينصحون نصحاً يعلمه الله جلَّ وعلا من أنفسهم , أنهم ما أرادوا بذلك جزاءً ولا شكورا ؛ إلا من عند الله جلَّ وعلا لا من عند غيره , وهذا إذا ثبت في القلب ؛ كنا حقا من أهل السنة والجماعة .

        طالعوا كتب عقائد أهل السنة والجماعة ؛ تروا أن فيها أبواباً مختصَّة بحقوق الإمام على الرعيَّة , وبحق الرعية على الإمام ؛ لأن ذلك به تحصل الجماعة , ويحصل به الالتفاف حول السنة والجماعة.
        وهذا كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على النصح لأئمة المسلمين ولعاميتهم في حديث : الدين النصيحة , وإذا ثبت أن النصح واجب , وأنه لا بدَّ للمسلم أن ينصح ؛ فكيف تكون تلك النصيحة ؟ وكيف يكون ذلك البيان ؟ على ما جاء في السنة لا من عند أنفسنا .

        ثبت في الحديث الصحيح أن عياض بن غنم قال لهشام ابن حكيم رضي الله عنهما وأرضاهما : ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن أراد أن ينصح لذي سلطان ؛ فلا يبده علانية , ولكن ليأخذ بيده , ثم ليخلُ به , فإن قبل منه ؛ فذاك , وإلاَّ ؛ فإنه أدى الذي عليه ), رواه ابن أبي عاصم في السنة وغيره وصححه الألباني .
        اسمعوا سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم , وأنتم ولا شكَّ حريصون على السنة ؛ كما أن أهل السنة والجماعة حريصون عليها .
        إذا ترتب على الموازين السابقة الراية المسلمة من غيرها ؛ ترتبت الحقوق الشرعية على تلك الراية , وعلى بيان أن تلك الراية مسلمة , وليست براية غير مسلمة .
        من ذلك هذا الأمر المهم الذي أهميته تبرز عند تغير الأحوال وحدوث الفتن .

        قال صلى الله عليه وسلم : مَن أراد أن ينصح لذي سلطان ؛ فلا يبده علانية , ولكن ليأخذ بيده , ثم ليخلُ به , فإن قبل منه ؛ فذاك , وإلاَّ ؛ فإنه أدى الذي عليه .

        فهذا يجعلنا في طمأنينة , ويجعلنا في اتباع لما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم , إن أخذنا بذلك ؛ فنحن ناجون بإذن الله , وإن لم نأخذ به ؛ فسيصيبنا من القصور ومن المخلفة عن طريق أهل السنة والجماعة بقدر ما خالفنا من ذلك .

        وتلك الموازين , إذا التبس على المسلم أو على طالب العلم : كيف يزن بها ؟ فالمرجع العلماء ؛ فإنهم هم الذين يزنون بالموازين الصحيحة , وهم الذين يقيِّمون بالتقييم الصحيح , وهم الذين يحكمون بالحكم الشرعي الصحيح .

        ولهذا ؛ فإن الحكم بالإسلام من عدمه , الحكم بالإيمان أو الكفر , مرجعه إلى علماء أهل السنة والجماعة , لا إلى غيرهم من المتعلمين الذين ربما علموا بعضاً وجهلوا بعضاً آخر , أو ربما عمَّموا أشياء لا يجوز تعميمها .

        فالحَكَم في ذلك لمن لم يستطع أن يزن بالميزان الصحيح من أهل العلم هم العلماء , وبقولهم يجب أن نأخذ , وبما صاروا إليه , والى ما صاروا إليه , يجب أن نأخذ في تقييم الإيمان والكفر , والوزن بتلك الموازين التي ذكرناها لكم .

        مما يترتَّب على تلك الموازين كما قرر أهل السنة والجماعة : أن الجهاد ماض مع كل إمام أو سلطان ؛ برَّ أو فاجر , كل إمام أو سلطان , سواء كان برّاً أو كان فاجراً ؛ فإن الجهاد ماض معه , لا يجوز لأحد أن يتخلف عن راية الجهاد لأجل أن السلطان عنده مخالفات شرعية ؛ في أي وقت , وفي أي زمان .

        وهذا الضابط لا بدَّ لك منه في كل وقت ؛ فربما يحدث في المستقبل في سنوات تستقبلها من عمرك ما لا نعلمه , فيكون عندك ما تضبط به أمرك , ويكون عندك ما تزن به أحوالك , وما تزن به أفكارك .

        ومن ذلك – أي: من تلك الحقوق – الدعاء لمَنْ ولاَّه الله جلَّ وعلا الأمر .

        يقول البربهاري رحمه الله ناصر السنة إمام من أئمة السنة والجماعة في كتابه السنة , وهو مطبوع موجود ؛ يقول : إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان ؛ فعلم أنه صاحب سنة , وإذا رأيته يدعو على السلطان ؛ فعلم أنه صاحب بدعة .

        والفضيل بن عياض كان يدعو كثيراً للسلطان في وقته , ونحن نعلم ما كان من سلاطين بني العباس في وقتهم من أمور , كان يدعو لهم كثيراً ؛ قيل له : تدعو لهم أكثر من دعائهم لنفسك ؟! قال : نعم ؛ لأنني إن صلحت فصلاحي لنفسي ولمَن حولي , وأما صلاح السلطان ؛ فهو لعامة المسلمين .

        ولهذا ؛ مَن أراد صلاحاً عاماً في المسلمين ؛ فليعلم الله من قلبه أنه يدعو مخلصاً في أن يصلح الله جلَّ وعلا مَن ولاَّه الله على المسلمين , مَن ولاَّه الله أمر المسلمين , وأن يوفِّقه إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فإننا لا نرجو ولا نطمع في أكثر من أن يكون الهدى والعمل بالكتاب والسنة , والقلوب بيد الله جلَّ وعلا , هو الذي يقلبها.
        * السادس من تلك الضوابط والقواعد :

        أن للقول والعمل في الفتن ضوابط ؛ فليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره , وليس كل فعل يبدو لك حسناً تفعله ؛ لأن الفتنة قولك فيها يترتَّب عليه أشياء , ولأن الفتنة عملك فيها يترتَّب عليه أشياء .

        فلا غرو أن سمعنا أبا هريرة رضي الله عنه يقول : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين : أما أحدهما ؛ فبثثته , وأما الآخر ؛ فلو بثثته ؛ لقطع هذا الحلقوم ! رواه البخاري في صحيحه .

        قال أهل العلم : قول أبي هريرة : لقطع هذا الحلقوم ؛ يعني : أنه كتم الأحاديث التي في الفتن , والأحاديث التي في بني أمية , ونحو ذلك من الأحاديث وهو قال هذا الكلام في زمن معاوية رضي الله عنه , ومعاوية اجتمع الناس عليه بعد فرقة وقتال , تعلمون ما حصل فيه , وتعلمون تاريخه , فأبو هريرة كتم بعض الأحاديث ؛ لماذا وهي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! ليست في الأحكام الشرعية , وإنما في أمر آخر , لماذا كتمها ؟! لأجل أن لا يكون هناك فتنة في الناس , ولم يقل : إن قول الحديث حقِّ , وأنه لا يجوز أن نكتم العلم ؛ لماذا ؟ لأن كتم العلم في هذا الوقت الذي تكلَّم فيه أبو هريرة لا بدَّ منه ؛ لكي لا يتفرَّق الناس بعد أن يجتمعوا في عام الجماعة على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .

        ويقول ابن مسعود فيما رواه مسلم في صحيحه : ما أنت بمحدِّثٍ قوماً حديثاً لا تبلعه عقولهم ؛ إلا كان لبعضهم فتنة .

        الناس لا يتصورون كل كلام يقوله القائل فيما يتحدث به في كل أمر في الفتن ؛ فقد يسمعون منه أشياء لا تبلغها عقولهم , فيفهمون أشياء يبنون عليها اعتقادات , أو يبنون عليها تصرفات , أو يبنون عليها أحوالاً وأعمالاً وأقوالاً لا تكون عاقبتها حميدة .

        لهذا كان السلف يعملون بذلك كثيراً .

        أنظر إلى الحسن البصري رحمه الله تعالى حيث أنكر على أنس بن مالك رضي الله عنه حين حدث الحجاج بن يوسف بحديث قتل النبي صلى الله عليه وسلم للعًرَنيين ؛ قال لأنس وأنكر عليه : لم تحدث الحجاج بهذا الحديث ؟! قال له لأن الحجاج عاث في الدماء , وسيأخذ هذا الحديث يتأول به صنيعه , فكان واجباً أن يُكتم هذا الحديث وهذا العلم عن الحجاج ؛ لكي لا يكون في فهمه وعقله – الذي ليس على السواء وليس على الصحة – أن هذا الحديث يؤيده , أو أن هذا الحديث دليل معه , فيفهمه على غير فهمه .

        فالحسن رحمه الله أنكر على أنس رضي الله عنه –وهو الصحابي – تحديثه , وندم أنس رضي الله عنه بعد ذلك على تحديثه الحجاج بحديث العُرَنيين .

        وحذيفة – قبل أبي هريرة – كتم أحاديث من أحاديث الفتن , لأنه رأى أن الناس لا يحتاجونها .

        والإمام أحمد كره أيضا التحدث بالأحاديث التي فيها الخروج على السلطان , وأمر أن تشطَب من مسنده ؛ لأنه قال : لا خير في الفتنة , ولا خير في الخروج .

        وأبو يوسف كره التحدث بأحاديث الغرائب.
        ومالك رحمه الله كره التحديث بأحاديث فيها ذكر لبعض الصفات .

        المقصود من هذا : أنه في الفتن ليس كل ما يعلم يُقال , ولا كل ما يُقال يُقال في كل الأحوال.

        لا بدَّ من ضبط الأقوال ؛ لأنك لا تدري ما الذي سيحدثه قولك ؟ وما الذي سيحدثه رأيك ؟ وما الذي سيحدثه فهمك؟

        والسلف رحمهم الله أحبو السلامة في الفتن , فسكتوا عن أشياء كثيرة ؛ طلباً للسلامة في دينهم , وأن يلقوا الله جلَّ وعلا سالمين .

        وقد ثبت أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال لابنه حين حدَّث في القيام ببعض الأمر في الفتنة ؛ قال لابنه : يا هذا ! أتريد أن تكون رأساً في الفتنة ! لا , لا والله .

        فنهى سعد بن أبي وقاص ابنه عن أن يكون سعد أو أن يكون أبنه رأساً في الفتنة , ولو بمقال أو بفعال , ولو رآها حسنة صائبة ؛ فإنه لا يأمن أن تكون عاقبتها غير حميدة .

        والناس لا بدَّ أن يزنوا الأمور بميزان شرعي صحيح , حتى يَسْلَموا, وحتى لا يقعوا بالخطأ .

        ثم إن للأعمال وللأفعال وللتصرفات ضوابط لا بدَّ من رعايتها ؛ فليس كل فعل يُحمد في حال يُحمد في الفتنة إذا كان سيفهم منه غير الفهم الذي يُراد أن يُفهم منه .

        فالنبي صلى الله عليه وسلم – كما روى البخاري في الصحيح – قال لعائشة : لولا حدثان قومك بالكفر ؛ لهدمت الكعبة , ولبنيتها على قواعد إبراهيم , ولجعلت لها بابين .

        النبي صلى الله عليه وسلم خشي أن يفهم كفار قريش الذين أسلموا حديثاً من نقضه الكعبة , ومن بنائه إياها على بناء إبراهيم , ومن جعله لها بابين : باب يدخل منه الناس , وباب يخرجون منه ؛ خشي أن يفهم منه الناس فهماً غير صائب , وأن يفهموا أنه يريد الفخر , أو أنه يريد تسفيه دينهم – دين إبراهيم - , أو نحو ذلك ؛ فترك هذا الفعل.

        ولهذا ؛ بوَّب البخاري – رحمه الله – باباً عظيماً استدلَّ عليه بهذا الحديث ؛ ماذا قال ؟ قال : باب : من ترك الاختيار مخافة أن يقصر الناس عن فهمه فيقعوا في أشد منه .
        وذكر البخاري تحت هذا الباب هذا الحديث النبوي .

        وعند ذلك نعلم أنه لا بد َّ من الفهم ؛ فالسرعة والتعجُّل أمور غير محمودة , فمَن الذي يلزمك بأن تتكلَّم في كل مجلس أو أن تتكلَّم في كل مجتمع بما تراه حقَّاً في الفتن ؟

        فالحق يبيِّنه علماء السنة والجماعة , فإن كان عندك رأي أو فهم ؛ فاعرضه عليهم , فإن قبلوا ؛ فذاك , وإلا ؛ فقد برئت ذمتك من إطلاع عامة المسلمين على رأيك .

        * السابع من تلك الضوابط والقواعد :
        أن الله أمر بموالاة المؤمنين وخاصة العلماء :
        فالمؤمنون والمؤمنات – كما قال جلَّ وعلا - : ( بعضهم أولياءبعض ) ؛ كل مؤمن لا بدَّ له وفرض عليه : أن يحب المؤمنين , وأن ينصرهم وأن يجتنب السخرية منهم ؛ فكيف إذا كان أولئك المؤمنون هم أنصار شرعة الله , وهم الذين يبيَّنون للناس الحلال والحرام , وهم الذين يبيَّنون لناس الباطل ؟!
        فيحرم أن يذكر العلماء إلا بخير .
        والمجالس التي يذكر فيها العلماء بغير خير مجالس سوء .
        لماذا ؟ لأن العلماء ورثة الأنبياء ؛ فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً , وإنما ورَّثوا العلم , فمَن أخذه ؛ أخذ بحظٌّ وافر .
        فمن أحترم العلماء , وأجلَّ العلماء , وأخذ بمقال العلماء أهل السنة والجماعة – أهل التوحيد - ؛ فإنه أخذ بميراث النبوة , ولم يدع ميراث النبوة إلى غيره .
        والعلماء الذين يرجع إلى قولهم ويوالَوْن ويحبون : صفتهم : أنهم :
        أولاً :
        هم أئمة أهل السنة والجماعة في وقتهم , وأئمة التوحيد , والذين يرجع إلى قولهم في التوحيد في وقتهم .
        ثانياً :
        ثم هم : أهل الشمولية في معرفة الأحكام الشرعية , فيعلمون الفقه بأبوابه كلها , ويعلمون قواعد الشرع , والأصول المرعية , فلا يكون عندهم التباس , ولا خلاف بين المسألة والأخرى , ولا بين القضايا بعضها مع بعض .
        وعند ذلك ؛ لا بدَّ وأن نذكر مسألة مهمة , وقع فيها كثيرون , وهي قول القائل :

        إن علماءنا في هذا الوقت لا يفهمون الواقع !! حتى بلغ من أحدهم أنه قال في مجتمع صغير له مع بعض إخوانه : إنه استفدنا من هذه الأحوال وهذه الحوادث : تميز العلماء إلى أناس يفهمون الواقع ويبنون عليه الأحكام الشرعية , وأنا من العلماء لا يفهمون الواقع !!!

        ووالله إنها لمقالة سوء , تدل على عدم فهم ما تُبنى عليه الأحكام الشرعية , وما يأخذ به العلماء , وما يرعونه من الفهم , ومالا يرعونه .
        فإن الفهم للواقع – عند أهل العلم – ينقسم إلى قسمين :
        * القسم الأول :
        فهم لواقع ينبني عليه الحكم الشرعي ؛ فهذا لا بدَّ منه , وفهمه مُتعيّن , ومن حكم في مسألة دون أن يفهم واقعها ؛ فقد أخطأ.
        فإذا كان للواقع أثر في الحكم ؛ فلا بدَّ من فهمه.

        * القسم الثاني :
        واقع لا أثر له في الحكم الشرعي ؛ فإنه يكون من الواقع : كيت وكيت , وكذا وكذا , وقصصاً طوالاً ... ولكن لا أثر لذلك الفهم , ولذلك القصص , ولتلك الأحوال ؛ لا أثر لها في الحكم الشرعي أبداً .
        فعند ذلك ؛ العلماء لا يأخذون بها , وإن فهموها , وليس معنى ذلك أن كل واقع عُلِم تُبنى عليه الأحكام الشرعية .
        سأضرب أمثلة للأمر الأول , وأمثلة للأمر الثاني ؛ فكونوا منها على بينة وفهم :
        * أما أمثلة الأمر الأول
        – وهو أن فهم الواقع ينبني عليه الحكم الشرعي -:
        - فمن ذلك مثلاً : مسألة متى يُحكم على الميت بأنه مات ؟ هل هو يموت بقلبه ؟ أو هو بموت دماغه ؟
        هذه مسألة حادثة , لو أتى متكلم فيها , وتكلم دون أن يعلم واقعها , ودون أن يعلم أحوالها ؛ لا بدَّ أن يقع في خطأ في الحكم ؛ لأن فهم واقع المسألة وتلك القضية ؛ له أثر في الحكم الشرعي .

        - مثال آخر :
        مثلاً الحكم على الدول , والحكم على الأوضاع ؛ بأن دولاً ما مسلمة أو غير مسلمة ؛ كيف يتهيأ لي أن أحكم على دولة بأنها مسلمة أو غير مسلمة دون أن نعرف حقيقة أمرها ودون أن أفهم واقعها ؟!

        هذا أمر لا بدَّ أن يفهم الواقع فيه , حتى يصدر العالم الحكم الشرعي , فإذا فهم ذلك الواقع ؛ أصدر الحكم الشرعي بناءً على فهمه لذلك الواقع .

        - ومن ذلك أيضاً مثلاً : الجماعات الإسلامية الكثيرة , التي قامت في وقتنا الحاضر مختلفة , وبعضها يختلف عن بعض ؛ هل يتسنَّى للعالم الشرعي أن يحكم عليها , أو أن يقيِّمها ؛ دون أن يفهم واقعها , وما هي عليه من المعتقدات ؟ ومن الأصول؟ ومن المناهج ؟ ومن الأفكار والرأي ؟ وكيف سبيل دعوتها ؟

        لا يمكن له ...
        لا بدَّ إذن من أن يفهم واقعها ؛ لأن فهم الواقع هنا له أثر في الحكم الشرعي , ومَن حكم دون فهم ذلك الواقع ؛ فإن حكمه الشرعي لن يوافق صواباً .

        * القسم الثاني:
        أحوال وقضايا فهم الواقع فيها لا أثر له في الحكم الشرعي :
        - فمن ذلك مثلاً : ما يتردد بين الخصمين عند القاضي : يأتي خصمان عند قاض , هذا يبدي ما حصل له في المسألة ؛ ما حصل بينه وبين خصمه , وحصل كذا وكذا بكلام يطول- يعلمه القضاة - , لكن كل ذلك الكلام الكثير الذي هو من الواقع لا يثبته القاضي في القضية ؛ لأنه وإن كان واقعاً ؛ فإنه لا أثر له على الحكم , وإنما هو واقع لا ينبني عليه الحكم .

        ولذلك يقول المفتي أو يقول القاضي في مثل ذلك : ولو كان كذا , ولو كان كذا ؛ يعني : أن ما ذكرته من الواقع لا أثر له شرعاً في الحكم الشرعي.

        - مثال آخر :مثلاً نرى في وقتنا الحاضر – وهذا مثال أقرب به إلى الأذهان هذه المسألة – أن كثيراً من الدعاة – كبار السن بعض الشيء – يخالطون صغار السن , ويدعونهم ويرشدونهم ويحببون لهم الهدى والصلاح , إما في المنتديات العامة , أو في المكتبات , أو في نحو ذلك.

        ونحن نعلم أنه يحصل من اختلاط الكبار بالصغار مفاسد – بل ومحرمات - , ونعلم ذلك من بعض الأحوال على وجه التفصيل .
        وفهمنا لذلك الواقع لا يجعلنا نحكم على دعوة الكبار للصغار بأنها لا تجوز.
        وإنما فهم ذلك الواقع السيئ لا أثر له في الحكم على الدعوة بأنها غير مشروعة من الكبير للصغير .
        ولكن فهمنا لذلك الواقع فيه عرض لمسألة أخرى , وهي : أن ينصح ويرشد مَن وقع في الخطأ , أو وقع في محرم , أو لبس شيئا غير شرعي , أو لا يرضاه الله : أن ننصحه بالتوبة .

        فكان ذلك الواقع فهمه لا أثر في الحكم الشرعي من الجواز وعدمه , وإنما له أثر في النصيحة هناك في من وقع في ذلك الأمر , حتى يقوم بالحق دون إتيان بالمنكر , أو دون غشيان لما لا يحبُّه الله ورسوله.
        هذه أمثلة لا أطنب فيها , إنما هي لتقريب الأمر إليكم .
        - مثال أيضاً مما ينبغي أن ينبَّه عليه : أن هناك أحكاماً شرعية يعتقد الناس والعامة فيها اعتقاداً غير صحيح , مثال ذلك : النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيح أنه بال واقفاً .
        فالبول واقفاً عند أمن تطاير الرشاش والبول والنجاسة على البدن أو على الثياب جائز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله .
        ولكن الجهال والعامة يعتقدون فيمن فعل ذلك الفعل أنه وقع في خطأ , وأنه فعل فعلاً من خوارم المروءة , وأنه كذا وكذا ....

        هذا الاعتقاد منهم – اعتقاد الجهال – لا يعني أن الحكم غير صحيح , أو لا يؤخذ به , وإنما هذا الأمر – بجواز البول واقفاً – لا شك أنه ثابت وصحيح , لا مراء في ذلك , وخطأ الجاهل في اعتقاده ,وخطأ الجاهل في تصوره فيما يتعلَّق بذلك الحكم الشرعي – أو بأي حكم تعلق الجاهل فيه باعتقاد خطأ – علاجه بتوعية الجاهل , ليس علاجه بتغيير ما رآه العالم حكماً شرعيّاً صحيحاً .

        * الثامن من تلك الضوابط والقواعد :
        وهو ضابط مهم , لا بدَّ من أن يكون لك على بال , هو ضابط التولي للكفار :
        فهاهنا عندنا في الشرع , وعند أئمة التوحيد , لفظان لهما معنيان , يلتبس أحدهم بالآخر عند كثيرين :
        الأول :
        التولي .
        الثاني :
        الموالاة .
        التولي : مكفر .
        الموالاة : غير جائزة.
        والثالث :
        الاستعانة بالكافر واستئجاره : جائزة بشروطها .

        فهذه ثلاث مسائل .
        * أما التولي
        ؛ فهو الذي نزل فيه قول الله جلَّ وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)
        وضابط التولي :
        هو نصرة الكافر على المسلم وقت الحرب المسلم والكافر , قاصداً ظهور الكفار على المسلمين .
        فأصل التولي :
        المحبة التامة , أو النصرة للكافر على المسلم , فمَن أحب الكافر لدينه ؛ فهذا قد تولاَّه تولياً , وهذا كفر .

        * وأما موالاة الكفار
        ؛ في مودتهم , ومحبتهم لدينهم , وتقديمهم , ورفعهم , وهي فسق وليست كفراً .
        قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (الممتحنة:1)
        قال أهل العلم : ناداهم باسم الإيمان , وقد دخل في النداء من ألقى المودة للكفار , فدلَّ على أن فعله ليس كفراً , بل ضلال عن سواء السبيل .

        وذلك لأنه ألقى المودة, وأسر لهم ؛ لأجل الدنيا , لا شكّاً في الدين .
        ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمَن صنع ذلك : ما حملك على ما صنعت ؟ . قال : والله ما بي إلا أن أكون مؤمناً بالله ورسوله , أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي ... الحديث أخرجاه في الصحيحين .

        فمن هذا يتبيَّن أن مودة الكافر والميل له لأجل دنياه ليس كفراً إذا كان أصل الإيمان والاطمئنان به حاصلاً لمن كان منه نوع موالاة .

        * وأما الاستعانة بالكافر
        على المسلم أو استئجاره ؛ فهذا قال أهل العلم بجوازه في أحوال مختلفة ؛ يفتي أهل العلم في كل حال , وفي كل واقعة , بما يرونه يصح أن يُفتى به .
        وأما إعطاء الكفار أموالاً صدقة أو للتآلف أو لدفع الشرور فهذا له مقام آخر , وهو نوع آخر غير الأقسام الثلاثة .

        * وآخر تلك الضوابط والقواعد :
        أن لا تطبق - أيها المسلم – أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه ؛ فإنه يحلو للناس عند ظهور الفتن مراجعة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن , ويكثر في مجالسهم : قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا ؛ هذا وقتها , هذه هي الفتن ! ونحو ذلك .

        والسلف علَّمونا أن أحاديث الفتن لا تنزَّل على واقع حاضر , وإنما يظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم بما أخبر به من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها , مع الحذر من الفتن جميعاً .

        فمثلاً : بعضهم فسر قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الفتنة في آخر الزمان تكون من تحت رجل من أهل بيتي ؛ بأنه فلان ابن فلان , أو أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : حتى يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ؛ بأن المقصود به فلان ابن فلان , أو أن قال النبي صلى الله عليه وسلم : يكون بينكم وبين الروم صلح آمن ... إلى آخر الحديث وما يحصل بعد ذلك ؛ أنه في هذا الوقت .

        وهذا التطبيق لأحاديث الفتن على الواقع , وبث ذلك في المسلمين , ليس من منهج أهل السنة والجماعة .

        وإنما أهل السنة والجماعة يذكرون الفتن وأحاديث الفتن ؛ محذِّرين منها, مباعدين للمسلمين عن غشيانها أو عن القرب منها ؛ لأجل أن لا يحصل بالمسلمين فتنة , ولأجل أن يعتقدوا صحة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم .


        وفي الختام...
        أسأل الله جلَّ وعلا أن يرينا الحقَّ حقّاً ويرزقنا اتِّباعه , وأن يمنَّ علينا بائتلاف وقوة في الحق وثبات عليه , وأن يجعلنا من الذين يلتزمون بمنهج أهل السنة والجماعة وبعقائدهم ؛ من أول عقائدهم إلى آخرها,لا نفرق بين شئ مما قالوه أو وضعوه أو استدلوا عليه بالأدلة الشرعية .

        اللهم إنا نسألك أن تجنِّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن , وأن ترزق المسلمين صلاحاً في أنفسهم وفي ولاتهم , وأن تدلَّهم على الرشاد , وأن تباعد بينهم وبين أهل الزيغ والفساد , يارب العالمين .

        ونسأل الله أن يجعلنا من المرحومين , وأن يختم لنا بالحسنى , وأن يجعل هذا الأمر , وهذه الفتن التي ظهرت عاقبتها حميدة للمسلمين , يارب العالمين .

        و صلى الله وسلم على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ....
        إن الحق بيّن واضح ، هناك فريقان: فريق يُقاتلون رأس الكفر أمريكا دفاعاً عن دينهم وبلادهم وأعراضهم ودمائهم ، وفريق يُقاتلون من يقاتل أمريكا دفاعاً عنها وعن يهود وعن مصالحهم الدنيويةفمن اي الفريقين انت

        تعليق


        • #5
          الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

          علماء سعوديون يحذِّرون من الاستجابة للتظاهر الرياض/عبد الحي شاهين 3/11/1425 15/12/2004



          حذّر علماء وأساتذة جامعات شرعيون في السعودية مواطنيهم من الانسياق وراء الدعوات التي تحثّ على التظاهر وخلق الفوضى في المملكة، وحملوا بعنف على "مسلك" المعارض السعودي الدكتور سعد الفقيه الذي يقود المعارضة السعودية من لندن تحت اسم الحركة الإسلامية للإصلاح, وكان الفقيه قد دعا السعوديين إلى الخروج في تظاهرة احتجاجية عامة في المدن السعودية الكبرى: الرياض (وسط)، وجدة (غرب)، والدمام (شرق).. يوم غد الخميس.
          وأكدوا في بيان لهم صدر اليوم الأربعاء ونُشر على شبكة (الإسلام اليوم) رفضهم للتظاهر وحذّروا من المشاركة فيه أو الاستجابة له, وشدّد على أن الساحة المحلية وفي هذا الوقت خاصة "في أشد الحاجة إلى الاستقرار والائتلاف والتكاتف" للمتغيرات الدولية الكبرى التي تعصف بالمنطقة وتحيط بها.
          وحرص الموقعون على التأكيد على أن ما دعاهم لإصدار البيان هو حرصهم على أمن واستقرار المملكة واقتناعهم بأن مثل هذه الدعوات - دعوة الفقيه للتظاهر- تقود تداعياتها إلى "فساد وإفساد وإضرار بمصالح المجتمع ووحدة البلاد وفتح الثغرات للأعداء والكائدين".
          وفيما ذكّر الدعاة والأكاديميون بضرورة الإصلاح في السعودية ودعوتهم له، والدفع بخطواته إلى الأمام بآلياته ومراحله الواضحة؛ اعتبروا أن اتباع الطرق الصحيحة للوصول إلى الإصلاح هو السبيل الأنسب لتحقيقه بعيداً عن مظاهر الفوضى التي تثير التنازع وتُحدث الفشل.
          وتحدث البيان الموقع من قبل (35) عالماً وداعيةً سعودياً عن مقاصد الشريعة الإسلامية وحرصها على "وحدة الكلمة على الحق" وتجنُّب أسباب التنازع والانشقاق.

          نص البيان
          بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
          فقد انتشر خبر الأعمال التي دعا إليها د. سعد الفقيه عبر قناته ( الإصلاح ) وإننا أداءً لواجب النصيحة، وأمانة المسؤولية، والحرص على أمن هذا البلد واستقراره وائتلاف كلمته نرفض هذا العمل، ونُحَذِّر من المشاركة فيه، أو الاستجابة لهذه الدعوة التي تقود تداعياتها إلى فساد وإفساد، وإضرار بمصالح المجتمع ووحدة البلاد، وفتح الثغرات للأعداء والكائدين.
          وإن بلادنا لم تكن أحوج إلى الاستقرار والائتلاف والتكاتف منها في هذه الظروف والمتغيرات العالمية والأحداث المحيطة.
          وبقدر حاجتنا إلى خطوات جادة في الإصلاح وضرورة ذلك بآلياته ومراحله الواضحة فإننا بحاجة إلى سلوك الطريقة الصحيحة لتحقيق ذلك بعيدًا عما يؤدي إلى مظاهر الفوضى والمواجهات التي تثير التنازع وتُحدِث الفشل وذهاب الريح.
          ومن المقرر أن من أعظم مقاصد الشريعة الاعتصام بحبل الله ، ووحدة الكلمة على الحق ، وتجنب أسباب التنازع والشقاق، كما قال سبحانه : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) وقال تعالى : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ).
          وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

          الموقعون
          1د.أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيفأستاذ العقيدة بجامعة أم القرى2د.أحمد بن سعد الغامديأستاذ الدراسات العليا قسم العقيدة بجامعة أم القرى.3د.أحمد بن محمد الخضيري أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.4د.الشريف حاتم الشريف العونيأستاذ الحديث بجامعة أم القرى.5د.الشريف حمزة الفعرأستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى.6د.خالد العجيمي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.7أ.د.خالد بن إبراهيم الدويش عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.8د.ستر بن ثواب الجعيد أستاذ الفقه بجامعة أم القرى.9أ.د.سعود بن عبد الله الفنيسانأستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الإمام 10د.سعيد بن ناصر الغامدي أستاذ العقيدة بجامعة الملك عبد العزيز.11د.سلمان بن فهد العودةالمشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم 12الشيخ صالح بن عبد الله الدرويشالقاضي بالمحكمة العامة بالقطيف.13أ.د.صالح بن محمد السلطانأستاذ الفقه في جامعة القصيم.14د.عبد الرحمن أحمد علوش المدخليأستاذ الحديث بكلية المعلمين15د.عبد العزيز بن عمر الغامديأ ستاذ الفقه بجامعة الملك خالد بأبها 16د.عبد العزيز بن فوزان الفوزانأستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
          الإسلامية.17د.عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرينعضو الإفتاء سابقاً.18د.عبدالله بن عبد الله الزايد مدير الجامعة الإسلامية سابقاً 19أ.د.عبد الله بن إبراهيم الطريقيأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن
          سعود الإسلامية.20د.عبد الله بن عبد العزيز الزايديأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن
          سعود الإسلامية.21د.عبد الله بن ناصر الصبيحعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.22د.عبد الله بن وكيل الشيخ أستاذ الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.23د.عبد الوهاب بن ناصر الطريري نائب المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم.24د.علي بن حسن بن ناصر عسيريأستاذ العقيدة بكلية الشريعة بأبها.25د.علي عمر بادحدح أستاذ الحديث وعلوم القرآن بجامعة الملك عبد
          العزيز.26د.عوض بن محمد القرني أستاذ أصول الفقه بجامعة الإمام سابقاً.27د.قاسم القثردي أستاذ التفسير بكلية الشريعة بأبها.28د.محمد بن عبد الله الخضيريأستاذ العقيدة بجامعة القصيم.29د.محمد بن سعيد القحطانيأستاذ العقيدة بجامعة أم القرى سابقاً 30د.محمد بن عبد الرحمن العميرأستاذ الحديث بجامعة الملك فيصل.31د.محمد بن موسى الشريف أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد
          العزيز.32د.مهدي محمد رشاد الحكمي أستاذ الحديث بجامعة الملك خالد.33د.ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.34أ.د.ناصر بن سليمان العمر المشرف العام على موقع المسلم.35د.وليد بن عثمان الرشوديأستاذ الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين.
          إن الحق بيّن واضح ، هناك فريقان: فريق يُقاتلون رأس الكفر أمريكا دفاعاً عن دينهم وبلادهم وأعراضهم ودمائهم ، وفريق يُقاتلون من يقاتل أمريكا دفاعاً عنها وعن يهود وعن مصالحهم الدنيويةفمن اي الفريقين انت

          تعليق


          • #6
            الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

            ما هكذا "يا سعدُ" تورد الإبل..

            نصيحة أخوية للدكتور سعد الفقيه







            سليمان بن صالح الخراشي





            أخي الفاضل: الدكتور سعد الفقيه: وفقني الله وإياه إلى سبيل الرشد، وجنبنا مضلات الأهواء والفتن :

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

            سمعت وقرأت –كغيري- عن نبأ دعوتكم إلى مظاهرة سلمية بمدينة الرياض تطالبون فيها بـ"الإصلاح" وحقوق الإنسان. وقد استجاب لكم قلة من الناس، وهي بادرة جديدة في عاصمة بلاد التوحيد.

            وكنت حينها أقوم بإعداد بحث مختصر تحت عنوان "كيف احتل الإنجليز مصر؟" أبين فيه الخطوات الشيطانية الماكرة التي قام بها الإنجليز ومن شابههم في القرن الماضي للإيقاع بهذه البلاد المسلمة؛ إلى أن تمكنوا من ذلك، فوقعت البلاد المصرية في قبضتهم سبعين عاماً باحتلال بغيض لا زلنا نعاني من آثاره إلى اليوم، حيث لم يرحل الإنجليز إلا عام 1956م، بعد أن سلموا البلاد إلى من يطمئنون له من العلمانيين الذين واصلوا مسيرة أسيادهم في محاولة القضاء على الإسلام، ومحاربة أهله، وكان من أهم أعمالهم التي طمأنت الراحلين الأجانب: ضرب الشباب المسلم ،وإلغاء المحاكم الشرعية بالكامل عام 1955م! (انظر: الشريعة الإلهية لا القوانين الجاهلية، للدكتور عمر الأشقر، ص72).



            وقد أحببت –أخي سعد- أن أقتطف لك شيئاً من البحث له علاقة بالمظاهرة الأخيرة التي دعوت لها، وبطريقتك في الإصلاح؛ لعلك تتبصر أمرك، ويستبين لك بعض "المكر الكُبَّار" الذي يتقنه أعداء الإسلام، وعلى رأسهم "إنجلترا". فأقول:

            - كانت الدولة المصرية كغيرها من الدول الإسلامية تتبع الخلافة في تركيا. وكانت تحكم بالشريعة الإسلامية ، وترتكز في أمورها على الإسلام بوجود الأزهر ، وهيئة كبار العلماء ، مع قصور وانحراف ، قلما أن يسلم منه أحد .

            - غزا نابليون مصر بحملته الشهيرة لتحقيق أهداف كثيرة، ولكنه لم يفلح في البقاء فيها سوى 3 سنوات نظرًا لاتحاد أهل الإسلام ضده، ووقوفهم صفًا واحدًا تجاه حملته –حكامًا ومحكومين-.

            - خرج نابليون يجر أذيال الخيبة متحسرًا على فشل حملته بسبب عدم دراسته الأوضاع جيدًا في البلاد المصرية.

            - بعد خروج الفرنسيين تولى الحكم في مصر "محمد علي باشا" وسط ملابسات عديدة جعلت العلماء ومن ورائهم الشعب يثقون فيه.

            - حاول الإنجليز في عهده أن يجربوا حظهم بغزو مصر، لكنهم أيضًا لم يفلحوا للأسباب السابقة. عندها قرروا أن يعاودوا الكرة من جديد ولكن بعد أن يدرسوا الحالة المصرية جيداً، ويعرفوا مصدر قوتها، وهو اتحاد أهلها من المسلمين ضدهم، فيقوضوه من خلال نشر فكرين خطيرين بين شبابها: الفكر "الثوري" "التهييجي" والفكر "العصراني" "المتميع"

            - قام الإنجليز بنشر تلك الأفكار "الثورية" بواسطة جمال الدين الأفغاني الرجل المريب الذي سهلوا له مهمة القدوم إلى مصر والاستقرار بها مدة ثمان سنوات، تمكن فيها من تكوين طليعة من الشباب المصري المغفل تردد أفكاره وتنادي بها. متجرئين بذلك على ولاة أمرهم من الولاة والعلماء بهدف "الإصلاح" وإنكار " الظلم " و " الفساد المالي " الذي ارتبط بالديون الكثيرة التي أثقلت كاهل البلاد .



            فعلى سبيل المثال: كان الأفغاني يهاجم الخديوي إسماعيل علانية ويقول للمتجمهرين حوله: (أنت أيها الفلاح تشق الأرض لتستنبت ما تسد به الرمق، وتقوم بأود العيال، فلماذا لا تشق قلب ظالمك ؟! لماذا لا تشق قلب الذين يأكلون ثمرة أتعابك؟!)(1) وغيرها من الكلمات الثورية التهييجية.

            -كان أحمد عرابي أحد العسكريين الذين تأثروا بأفكار الأفغاني "الثورية" فتصدى علانية لإنكار أخطاء وانحرافات الحكم والدعوة إلى "الإصلاح" عبر توزيع "المنشورات" وبث الخطب والكلمات الحماسية. والقيام –كما يقول الدكتور عمر عبدالعزيز–(2) ( بمظاهرة سلمية تأييدًا لمطالب الأمة )! ( وكانت هذه المطالب فاتحة الثورة) كما يقول الدكتور عبدالرحمن الرافعي(3).



            - كان الإنجليز يشايعهم الفرنسيون يرقبون الأحداث بغبطة وسرور! وكانوا يوعزون من خلف ستار إلى عرابي أن امض في طريق "الإصلاح"، ولا تخش أحدًا! ومن ذلك ما ذكر محمد عبده في مذكراته عن الثورة العرابية –وهو أحد أقطابها- من أن قنصل فرنسا ( أرسل إلى أحمد عرابي وإخوانه يقول لهم: إنه يسره ما يراه من صلابتهم وعزيمتهم، واشتدادهم في المطالبة بالعدل، فعليهم أن يثبتوا في مطالبهم ولا يُضعفهم ما يُهَددون به) (4)! و( أرسل إلى عرابي كتابًا يمدحه فيه على ثباته، ويشجعه على عدم المبالاة بالحكومة ). (5)



            أما إنجلترا فكانت تفعل الأمر نفسه بل أشد، من خلال جاسوسها المدعو: "المستر بلنت" الذي كان يجوس بلاد مصر يؤلب الناس على الحكم، ويراسل عرابي ويستحثه على مواصلة الضغط على الحكومة لعلها تستجيب لمطالب "الإصلاح"!



            يقول الدكتور محمد محمد حسين –رحمه الله- عن "بلنت" هذا: (كان لا يفتر عن التنقل بين مضارب الأعراب في مصر.. يدعو المصريين إلى الثورة، ويتكلم بعد وقوعها باسم عرابي، ويقدم له صورًا مضللة عن صفته الرسمية، وقدرته السياسية، وقوة الجيوش الإنجليزية..) (6)



            ويقول الأستاذ مصطفى غزال –عنه-: ( كان من أشد الناس تفانياً في مصالح الإنجليز، رغم أنه يتظاهر بصداقته للشرق المتمثل بالشعوب التابعة لتركيا، وبعدائه للحكومات البريطانية، بل كان أحيانًا يتظاهر بالدفاع عن قضايا الشعوب الشرقية، ويقف بجانبهم، كما وقف بجانب عرابي، ودافع عنه بعد أسره، كان هذا نوعًا من الدهاء والحنكة الإنجليزية).(7)



            (بلنت كان على صلة بزعماء الثورة العرابية التي انتهت باحتلال مصر من قبل قومه ) (بلنت شجع عرابي على الثورة ) ( بلنت أودى بصاحبه عرابي وثورته وبلاده في الهاوية ).(8)



            إذن: فقد كان الإنجليز بدهائهم المعهود يقفون خلف أحمد عرابي، ويستغفلونه ومن معه، ويستحثونهم على المضي قدمًا في حركتهم الثورية، وأن لا يقيموا وزنًا لولي أمرهم أو لعواقب ذلك على بلادهم. وفي الوقت نفسه كانوا يغرسون الأفكار "العصرية" في أذهان بعض الشباب المصري من خلال دعوة الأفغاني ومن خلال النصارى العرب النازحين من بلاد الشام.



            فبالأفكار "الثورية" "التهييجية" يفتات الناس على ولاة أمرهم، وتختلف كلمتهم، ويتفرق شملهم ووحدتهم، وتذهب ريحهم ؛ كما قال سبحانه (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).. فيحدث بعدها "استباحة الأرض" من قبل عدوهم الذي سوف يستغل مثل هذا التفرق والتمزق في التسلط على ديار الإسلام دون مقاومة. وقد حدث هذا للأسف.



            وبالأفكار "العصرية" تذوب الفوارق بين المسلم والكافر، ويضعف الولاء والبراء، وتوهن العقيدة، وتذهب العزة ، وينسى الناس الجهاد ، ويظهر المنكر.. فيحدث بعدها "استباحة العقول". وقد حدث هذا للأسف.



            - استغل الإنجليز الفرصة ولم يضيعوها بعد أن مهدوا لها بذينك الفكرين الخبيثين "الفكر الثوري" و"الفكر العصري التغريبـي" ليحتلوا بلاد مصر، ويعيثوا فيها فسادًا صوره لنا بعض المؤرخين.

            يقول الدكتور علي الحديدي عن عبد الله النديم أحد رموز ثورة عرابي وخطيبها المفوه بعد عودته من المنفى: ( وكان مما فوجئ به عقب عودته موجة من الانحلال والفساد الخلقي في البلاد، فإفراط وجهرة في شرب الخمر لم يكن معهودًا من قبل، واستهتار الشاربين بنقد النقاد، وانتشار الخمارات انتشارًا كبيرًا في البلاد والقرى يبتز الأروام عن طريقها أموال الأهالي. وانحلال الأسرة بسبب الشراب، وتقليد النساء المصريات للأجنبيات في شرب الخمر، وانتشار الحشيش والمعاجين والمخدرات، والاحتفاء بمجالسها، ثم إساءة فهم معنى الحرية، واستعمالها وسيلة للإنهماك في الملذات والشهوات، ثم السقوط في تقليد المصري للأوربي تقليدًا أعمى..) (9)



            ويقول الدكتور محمد محمد حسين –رحمه الله- عن حال البلاد المصرية بعد الاحتلال الإنجليزي: (.. وافتتحت الخمارات في كل مكان، حتى تغلغلت إلى الريف وإلى أحياء العمال، وافتتحت دور البغاء المرخصة من الحكومة في كل العواصم. وتجرأ الناس على ارتكاب الموبقات، والجهر باسم الحرية الشخصية التي لم يفهموا منها إلا أن يحل الناس أنفسهم من كل قيد، ولا يُبالون دينًا ولا عرفًا ولا مصلحة) .(10)



            أما أحمد عرابي فقد وقع في الأسر بعد أن أدى للإنجليز خدمة عظيمة، وكان سببًا في تسلطهم على بلاده، ولهذا فقد تدخلوا في أمر محاكمته ليعارضوا قتله!(11) ويكتفوا بنفيه عدة سنوات إلى جزيرة "سيلان" ؛ ليعود بعد تلك السنين إلى بلاده ملومًا محسورًا، يتلقى كلمات الازدراء والإهانة من أبناء بلده الذين "تعاطفوا" معه في يومٍ ما، إلا أنهم انقلبوا عليه بعد أن تكشفت لهم نهاية "ثورته" و"تهييجه"، فأصبح الصغار يسيرون خلفه في الطرقات يشتمونه ويقرعونه بوصف "الخائن"!



            يقول مصطفى كامل أحد الزعماء الوطنيين في مصر عن عرابي بعد عودته من منفاه: (ما عار الاحتلال وعار الجهالة والتأخر وعار الفقر بشيء يذكر إذا قورن بالعار الذي يحمله عرابي، ويُقرأ على وجهه أينما سار وحيثما حل، وأي عار أكبر وأشهر من عار رجل تهور جبانًا، واندفع جاهلاً، وساق أمته إلى مهواة الموت، والاستعباد الثقيل…)(12)



            أخي الدكتور سعد: هذه حال أحمد عرابي قديمًا، تعاطف الإنجليز معه، واستدرجوه من حيث لا يشعر، ليحقق لهم ما يريدون، فهم كما قال الشاعر:



            وما من حبه يحنو عليه *** ولكن بغض قومٍ آخرينا !



            قام عرابي لينكر " الظلم " الواقع عليه وعلى بعض الجنود، وكان الحل يسيرًا لو لزم الطريق الشرعي في الإنكار، ولكن القوم لحاجة في نفوسهم، استغلوه وأججوا نار الفتنة حتى كبرت وتوقدت واستعصى حلها؛ لتنتهي بالاحتلال الأجنبي.

            فهو كما قيل: أراد أن يبني قصرًا فهدم مصرًا



            أخي الدكتور سعد: قام عرابي ينادي "بالإصلاح" ولكنه غفل عن أن الله قد أخبرنا في كتابه بأن الإصلاح نوعان: "إصلاح شرعي" مرجعيته التزام أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن خالفت النفس أو الهوى، قال الله عن أهله (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).

            و"إصلاح" من نوع آخر هو في ميزان الشرع "إفساد" وإن توهم أهله أنهم مصلحون ، ولهذا قال الله عنهم (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) وأربأ بك أن تكون منهم.



            أخي الدكتور سعد: ليتك تعتبر بحال الرجل "عرابي" ومآله، فلا تكون مفتاح شر على بلادك وأهلك، يتخذك الأعداء وسيلة لتفريق كلمتهم وتمزيق وحدتهم ؛ ليتسنى لهم بعد ذلك السيطرة عليهم أو على ثرواتهم، ثم يقلبون لك ظهر المجن ،كما فعلوا بغيرك .



            أخي الدكتور سعد: -في ظني- أنه لم يعرف المسلمون عدوًا أدهى ولا أنكى من الإنجليز ، فهم أصحاب سياسة عتيدة مكرورة لا يحيدون عنها يمارسونها معنا بين حين وآخر، ولا زالت تؤتي ثمارها ! حيث لم يستفد المسلمون من الماضي.



            هذه السياسة لخصها لنا الدكتور محمد حسين بقوله: (وحيلة الاستعمار التي لا تَبْلىَ ولا تتبدل هي التي تتمثل في قول أحد ساسة الإنجليز المشهورين: "فرِّقْ تَسُدْ" التي طبقت في الهند بنجاح، وهي التي أسميها هنا (توازن القوى)، وأعني بها حرص المستعمر على أن يقع بعض الناس في بعض، وعلى أن لا تَطْغَى إحدى هذه الجماعات المتباغية على الأخرى، حتى لا تبتلعها وتستأثر بالسلطان. فالجهد الذي يبذله الإنجليز هو تدبير الفتن وإشاعة العداوة، ثم مراقبةُ المتقاتلين من بعيد)(13).



            أخي الدكتور سعد: قد تقول: أنا لم أجد وسيلة "للإصلاح" غير ما أقوم به بعد أن سدت علي الأبواب، فما حيلة المضطر إلا ركوبها. فأضمن بذلك أن يُقضى على ما أراه من " الظلم " إذا وجد من يواجهه " علانية " .

            فأقول : أولاً: ينبغي أن تتأمل دوافعك ومطالبك هل هي حقًا تمثل الإصلاح الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم أم أنها مخالفة لذلك ، بما يداخلها من حظوظ نفس أو هوى أو غير ذلك؟

            ثانياً: إن كانت غضبتك ومفارقتك لجماعة المسلمين لأجل ما قد تراه من "جور" أو "أثرة" ، فقد بيَّن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلك الشرعي عند حدوث مثل هذا –وهو ليس بغريب في تاريخ المسلمين- يقول صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة تكون عليك" أخرجه مسلم

            قال النووي: "الأثرة: الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم. أي اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا، ولم يوصلوكم حقكم مما عندهم"



            وسأل سلمة الجفعي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله ! أرأيت إن قامت علينا أمراء، يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمّلوا وعليكم ما حُمّلتم" أخرجه مسلم. أي أنهم يأثمون إذا لم يقوموا بما عليهم من حقوق للرعية . ( وقد خاب من حمل ظلما ) .

            وقال صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان في حديث طويل عن أئمة آخر الزمان الذين لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته صلى الله عليه وسلم"تسمع وتطيع للأمير، وإن ضُرب ظهرك وأُخذ مالك، فاسمع وأطع" أخرجه مسلم. فبرغم أن هؤلاء الولاة مخالفون للسنة ولهدي النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بطاعتهم وعدم منازعتهم .

            وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تـنـزعوا يدًا من طاعة" أخرجه مسلم.



            أخي الدكتور سعد: هذه أحاديث نبوية صحيحة صريحة –وغيرها كثير- تبين لك المسلك الشرعي في التعامل مع ولاة الأمور. فليست هي –كما يفتري المفترون- من اختراع أهل السنة الذين يتهمهم خصومهم من أهل البدع؛ كالمعتزلة والخوارج ومن سار في طريقهم، بأنهم أهل خنوع تجاه الحكام! فهؤلاء المبتدعة - وأربأ بك أن تتابعهم –ما فهموا أن أهل السنة إنما مدار أمرهم وعباداتهم قائم على اتباع النصوص الشرعية وإن خالفت في الظاهر ما يعتقدونه من مصالح خادعة. وهم يعدون هذا قربة يتقربون بها إلى الله عز وجل؛ لأنه من تعظيم أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. (من يطع الرسول فقد أطاع الله). ولم يفقه أهل البدع ومن شايعهم المصالح العظيمة التي تعود على الأمة حين تتبع نصيحة نبيها صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر العظيم؛ ومن أهم ذلك اتفاق كلمتها، والتمام شملها، وخذلان عدوها المتربص بها. يقول الحافظ ابن حجر: (الحكمة في الأمر بطاعتهم: المحافظة على اتفاق الكلمة، لما في الافتراق من الفساد).(14)



            ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن خالف هذه النصوص النبوية: (أكثر النفوس تزيل الشر بما هو شرٌ منه، وتزيل العدوان بما هو أعدى منه، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم).(15)



            وأقوال العلماء الناصحين كثيرة في التحذير من هذا الأمر العظيم الذي لا يجلب على هذه الأمة إلا كل شر وفساد.



            كما أن أهل البدع الشانئين لأهل السنة فاتهم أن البلاد التي عمل أهلها بأوامره صلى الله عليه وسلم في التعامل مع حكامهم ائتلفت كلمتها ، وانتشر الخير فيها ، وقرب حكامها منه ؛ لما يرون من صدق الناصحين ، وسلوكهم المسلك الرفيق . أما البلاد التي انتهج بعض أهلها مسلك أهل البدع في التشنيع على حكامهم ، أو منازعتهم ، فإنها لم تزدد إلا شرًا وبعدًا عن الخير ، مع تفرق كلمة أهلها وتنافر قلوبهم ، كما هو مشاهد . فأي الفريقين أحق بالأمن ؟!



            أخي الدكتور سعد: إن قلتَ: فإن لزمت النصيحة الشرعية ولم يُسمع لي؟ فأقول: قد برئت عهدتك، وأديت ما عليك. كما قال صلى الله عليه وسلم فيمن يريد مناصحة السلطان: "فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه له"(16)

            وتذكر قول الله تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون . إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار .. الآية ) .



            أخي الدكتور سعد: أذكرك بقوله صلى الله عليه وسلم فيمن فارق جماعة المسلمين: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات ميتة جاهلية" متفق عليه .هذا الحديث العظيم وأشباهه كثير حريٌ بالمسلم الناصح لنفسه أن يـنـزله على حاله ، ويخشى ما جاء فيه من عقوبة شنيعة .



            أخي الدكتور سعد: لقد بحثت عن المستفيد من أعمالك فما وجدت سوى خمسة أصناف :

            الصنف الأول: الكفار وأعداء الإسلام ممن يريدون خلخلة وحدة هذه البلاد لينفذوا من خلال ذلك إلى إخضاع أهلها لما يملونه عليهم.

            الصنف الثاني: أهل البدع الذين كبتوا في بلاد التوحيد زمناً طويلاً، فأرادوا أن تكون رئة لهم يتنفسون من خلالك.

            الصنف الثالث: العلمانيون المنافقون الذين يبشون ويهشون لكل تغيير قد تمر به البلاد؛ ليصلوا من خلاله إلى تنفيذ مخططاتهم بالتعاون مع إخوانهم من اليهود والنصارى.

            الصنف الرابع: بعض الشباب ممن ظاهرهم الصلاح ، سهل على العدو "استغفالهم" و "استدراجهم" ليكونوا أداة له، يصل من خلالهم إلى مبتغاه. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا .

            الصنف الخامس: غوغاء الناس من أصحاب المطالب الدنيوية، ممن قال الله عن أمثالهم (إن أعطوا منها رضوا وإن لم يُعطوا إذا هم يسخطون).وهؤلاء سرعان ما يلوذون عنك إذا ما نالوا حظهم ، أو مستهم نار الفتنة .



            أخي الدكتور سعد: هذه البلاد: بلاد التوحيد :مثل البناء الشاهق الجميل الذي أصابته بعض الصدوع ، فهل يليق بعاقل أن يسعى في هدمه "ليصلح" ما اعتراه ؟! أم أن العقل والحكمة يقتضيان أن يبقى هذا البناء عاليًا شاهقًا كالأرض الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها مع إصلاح ما خالطها من "قصور" أو "انحراف" بالطريقة الشرعية المناسبة؟!



            أسأل الله أن تجد كلماتي هذه قبولاً حسنًا عندك ، وأن ينشرح لها صدرك . وأن يؤلف بينك وبين أهل بلدك ، ويجعلك تسخر جهودك لدعوة الكفار إلى دين الله .



            أما ولاة الأمور في هذه البلاد : فأسأله تعالى أن يوفقهم إلى ما يحب ويرضى ، وإلى الرفق برعاياهم ، ، وأن يجعلهم يقفون سدًا منيعًا أمام هجمات الأعداء وضغوطهم وابتزازهم ، فلا يتنازلون عن دينهم الذي ارتضاه لهم ، وأبشرهم إن فعلوا ذلك أن الله ناصرهم ومخز عدوهم ؛ لأنه تعالى يقول ( إن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ) ، فلا زاد لنا في مواجهة العدو الجاثم حولنا إلا بالصبر على ديننا ، وتحقيق التقوى بالتزام الأوامر والبعد عن المخالفات .



            كما أسأله تعالى أن يأخذ بنواصيهم إلى " الإصلاح " الشرعي الذي أخبر تعالى بنجاة أهله من العقوبات ، وأن يباعدهم عن " إصلاح " أهل النفاق والفساد وإن زينوه وسموه بغير اسمه ، وهو في الحقيقة لا يقود البلاد إلا للفتن والمحن ، وزيادة الطين بلة، ويعرضها للعقوبات ، وفق سنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل . ( يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض، فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ) .



            والله الهادي والموفق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين .



            ------------------------------

            (1) دراسات في تاريخ العرب الحديث، للدكتور عمر عبد العزيز عمر، ص 297.

            (2) المرجع السابق، ص 318.

            (3) مصر المجاهدة في العصر الحديث، عبد الرحمن الرافعي ص 12.

            (4) الأعمال الكاملة لمحمد عبده، 1/528، 531.

            (5) مصر المجاهدة في العصر الحديث، عبد الرحمن الرافعي، ص 34.

            (6) الإسلام والحضارة الغربية، ص 66

            (7) دعوة جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام، ص 123.

            (8) المرجع السابق، ص 124.

            (9) عبد الله النديم، لعلي الحديدي، ص 333.

            (10) الاتجاهات الوطنية..، 1/264.

            (11) اختلف المؤرخون في أمر عرابي : هل كان " مستغفلا "من قبل الإنجليز – وهو الأرجح – أم كان عميلًا لهم ؟

            (12) الثورة العرابية، صلاح عيسى ، ص 46.

            (13) الاتجاهات الوطنية، 2/390.

            (14) فتح الباري (13/120).

            (15) عن : " معاملة الحكام .. " ص 161.وانظر : منهاج السنة 3/392-394.

            (16) صححه الألباني في ظلال الجنة، (1096).

            إن الحق بيّن واضح ، هناك فريقان: فريق يُقاتلون رأس الكفر أمريكا دفاعاً عن دينهم وبلادهم وأعراضهم ودمائهم ، وفريق يُقاتلون من يقاتل أمريكا دفاعاً عنها وعن يهود وعن مصالحهم الدنيويةفمن اي الفريقين انت

            تعليق


            • #7
              الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

              أخي العزيز abdal موضوع رائع تستحق
              عليه التقدير وجهد بذلته تشكر عليه الى
              الامام دوما بارك الله فيك
              وسـيفي كان في الهيجاء طبيبآ

              يداوي رأس من يشكو الصداع..

              تعليق


              • #8
                الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

                اضيف في الأساس بواسطة بوردنغ2000
                أخي العزيز abdal موضوع رائع تستحق
                عليه التقدير وجهد بذلته تشكر عليه الى
                الامام دوما بارك الله فيك
                اشكر لك مرورك الكريم وهذا اقل شيئ يمكن تقديمه لهذ الوطن عقيدة اولا ثم ردا للجميل
                إن الحق بيّن واضح ، هناك فريقان: فريق يُقاتلون رأس الكفر أمريكا دفاعاً عن دينهم وبلادهم وأعراضهم ودمائهم ، وفريق يُقاتلون من يقاتل أمريكا دفاعاً عنها وعن يهود وعن مصالحهم الدنيويةفمن اي الفريقين انت

                تعليق


                • #9
                  الرد: ثمانية ضوابط للمعارضة

                  الله يعطيك العافية
                  ولافض فوك على هذا الموضوع المتميز
                  من عضو متميز
                  مع خالص التحية والتقدير

                  ||اللهم لكَ الحمدُ كما ينبغى لجلال وجهكَ وعظيم سُلطانك||

                  تعليق

                  تشغيل...
                  X