Tweet
حفيد غاندي يحرر فلسطين على طريقة جده
"اللاعنف" يجد طريقا له بين الخيارات الفلسطينية
القدس – أ ف بمع المسيرة التي يعتزم حفيد المهاتما غاندي المشاركة فيها غدا الجمعة 27-8-2004 في القدس والصيام الذي يبدأه هناك تضامنا مع السجناء الفلسطينيين المضربين واحتجاجا على "جدار الفصل" الذي تبنيه الدولة العبرية في عمق الأراضي الفلسطينية المحتل تعود "انتفاضة اللاعنف" لتجد لها طريقا بين الخيارات الفلسطينية.
وكان أرون غاندي دعا أمس الأربعاء من العاصمة الأردنية قبيل توجهه إلى الأراضي الفلسطينية "العرب والمسلمين وجميع محبي السلام في العالم" إلى الانضمام إليه في الصيام الجمعة وشدد على ما سماه "المقاومة السلمية" لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال غاندي "أنا أدعو إلى مقاومة شعبية ولكن غير عنيفة.. لأننا عندما نرد على المعتدي الذي يستخدم العنف، فإننا نفقد قوتنا الأخلاقية للتوصل لحل للمشكلة.. ونصبح عنيفين كالمعتدي".
وأكد "أن الغرض من العمل غير العنيف هو صحوة ضمير العالم وضمير المعتدي لإيجاد حل للمشكلة". وتجد "انتفاضة اللاعنف" قبولا لا يمكن تجاهله في أوساط المثقفين الفلسطينيين، وان لم تكن الخيار الغالب مستلهمة التجارب الشعبية في كل من الهند وجنوب إفريقيا.
رفض عسكرة الانتفاضة
وكان العديد من المثقفين الفلسطينيين نددوا منذ العام 2001 بما سموه "عسكرة الانتفاضة" التي اندلعت في سبتمبر/أيلول 2000 محذرين من الانعكاسات الكارثية للعمليات العشوائية على قضية الشعب الفلسطيني.
وإذا كانت الدعوات التي انطلقت في حينه لتبقى "ثورة الحجارة" في هذا الإطار لم تخرج من مرحلة الشعارات، فإن الدعوات الحالية تجد لها صدى كما تشهد بذلك التظاهرات السلمية الكبيرة التي تصاعدت وتيرتها في الأشهر الأخيرة ضد بناء الجدار، وذلك على الرغم من القمع الدموي الذي وجهت به من قبل الجيش الإسرائيلي.
من الصعب نسخ أشكال الكفاح التي أثبتت فعاليتها في الهند لاعتمادها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي
وزير فلسطيني سابق
والملفت أن الظاهرة الجديدة تجمع الفلاحين وهم أول المتضررين من الجدار ودعاة السلام الإسرائيليين والمتطوعين الدوليين الذين يجازفون في كثير من الأحيان بحياتهم لإيصال صوتهم. إلا أن هذه الدعوات لم تلق أي قبول لدى الجماعات المسلحة التي واصلت هجماتها على الرغم من الضربات القاسية التي رد بها الجيش الإسرائيلي مستفيدة من دعم شعبي جارف تحركه غريزة الانتقام.
ويرى وزير الثقافة الفلسطيني السابق زياد أبو عمر وأن "من الصعب نسخ أشكال الكفاح التي أثبتت فعاليتها في الهند لاعتمادها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".
العنف يولد العنف
وتساءل النائب المستقل نفسه الذي حاول عبثا قبل عام واحد التوصل إلى هدنة توقف خلالها المجموعات المسلحة هجماتها على الدولة العبرية "كيف يمكن أن يكون الإنسان غير عنيف عندما يقوم الجنود الإسرائيليون بإطلاق النار على المتظاهرين وعندما تصادر الأراضي كل يوم وتواصل إسرائيل عمليات الاغتيال والتوغل في أي وقت؟". لكنه أضاف "على الرغم من ذلك، فإن هناك تيارا أكيدا ضد العنف.. إلا أن إسرائيل نفسها تسعى بكل السبل لطمسه".
وأعاد أبو عمرو إلى الأذهان في هذا الإطار ما قامت به إسرائيل في يونيو/حزيران 1988 عندما طردت داعية السلام المحامي والناشط الذي يحمل الجنسية الأمريكية مبارك عواد الذي كان من أشد المدافعين عن انتفاضة اللاعنف. واتهم المحامي نفسه الجيش الإسرائيلي بأنه "تعمد تصعيد العنف في بداية الانتفاضة وقام بقتل عشرات المتظاهرين فيما كانت القيادة العسكرية الإسرائيلية نفسها تعلن أنها تريد خنق الانتفاضة في المهد".
ويشير المحلل زكريا الحق بمرارة إلى أن "الفلسطينيين يعون الآن تماما أن العنف لا يؤدي إلى شيء لكنهم في الوقت نفسه يعون أيضا أن اللاعنف لم يأت بنتيجة أفضل". ويضيف "أننا معجبون بما جرى في الهند لكن الوضع الآن مختلف لأن قوة الاحتلال لا تريد استغلال الشعب المحتل وإنما تريد طرده من أرضه".
ويعزو المحلل نفسه ضعف قوى السلام الفلسطينية إلى "ضراوة القمع" الإسرائيلي. لكن الناشط وعالم النفس الفلسطيني إياد سراج من غزة يرى أن هذا الضعف ناجم عن "غياب ثقافة اللاعنف في العالم العربي، هذه الثقافة التي تتعارض مع الموروث العاطفي عن الشرف والثأر والانتقام".
ويشير سراج إلى أن فشل الكفاح المسلح الذي ينظر إليه على أنه هزيمة لا يقود تلقائيا إلى شكل من أشكال الكفاح السلمي وإنما إلى اليأس والانكماش على النفس.
م ن ق ول
المصادر :العربية نت و أ ف ب
تعليق